|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مَنْ أُعْطِيَ كَثيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ الكَثِير قَالَ الرَّبُّ يِسُوع: «مَنْ تُرَاهُ ٱلوَكِيلُ ٱلأَمِينُ ٱلحَكِيمُ الَّذي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُم حِصَّتَهُم مِنَ الطَّعَامِ في حِينِهَا؟ طُوبَى لِذلِكَ العَبْدِ الَّذي، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُ، يَجِدُهُ فَاعِلاً هكذَا! حَقًّا أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُقْتَنَياتِهِ. أَمَّا إِذَا قَالَ ذلِكَ العَبْدُ في قَلْبِهِ: سَيَتَأَخَّرُ سَيِّدِي في مَجِيئِهِ، وَبَدأَ يَضْرِبُ الغِلْمَانَ وَالجَوَارِي، يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَر، يَجِيءُ سَيِّدُ ذلِكَ العَبْدِ في يَوْمٍ لا يَنْتَظِرُهُ، وَفي سَاعَةٍ لا يَعْرِفُها، فَيَفْصِلُهُ، وَيَجْعلُ نَصِيبَهُ مَعَ الكَافِرين. فَذلِكَ العَبْدُ الَّذي عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَمَا أَعَدَّ شَيْئًا، وَلا عَمِلَ بِمَشيئَةِ سَيِّدِهِ، يُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا. أَمَّا العَبْدُ الَّذي مَا عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَعَمِلَ مَا يَسْتَوجِبُ الضَّرْب، فَيُضْرَبُ ضَرْبًا قَلِيلاً. وَمَنْ أُعْطِيَ كَثيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ الكَثِير، وَمَنِ ٱئْتُمِنَ عَلَى الكَثِيرِ يُطالَبُ بِأَكْثَر. التأمل: “وَمَنْ أُعْطِيَ كَثيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ الكَثِير…” اذا تحدثنا مع أي ملتزم(ة) أو مكرس(ة) سنكتشف أن ما جذبه(ها) الى “ترك كل شيء” هو اختبارهم الحب والخير والجمال والقداسة بالعيش اليومي من خلال لقائهم بأشخاص أثروا في نوعية حياتهم وإرادتهم وعواطفهم ومواقفهم وخياراتهم والتزاماتهم فتركوا حقولا وكروما وأهلا وأولادا ومشاريعا وأصبحوا مصابين بداء الحب الذي يلد الرحمة وتكون ابنتهم، يزفونها عروسا على مذابح العالم لتلد الخير حفيدا لهم حينها يستوعبون سريعا منطق ” الحب الاعظم” من بدايته “من ضربك على الايمن در له الايسر” الى نهايته “بذل النفس في سبيل الاحباء”… لو أكملنا الاستطلاع سنجد أن عامة الناس يريدون من الكاهن أن يمد يده للجائع مقدما له كسرة خبز، ولمن جف حلقه “كأس ماء بارد” ولمن استوطن البرد في جلده “رداء الكرامة” ولمن اجتاحته الكآبة “كيلا طافحا معرما مهزوزا” من التعزية القلبية… في أيلول من العام 2000 التقيت كاهنا يعيش هذا “الحب” حتى الثمالة. وكانت بداية عودتي الى ذاتي، الى كياني الى الله… اتصال هاتفي من هذا الكاهن غير كل شيء. “أبونا آميل جعارة معك عالخط، الراهبات حبوك وبدي ياك بالمدرسة، لانك جامع بشخصيتك العلم والدين، بس طالب معاش كبير شو منبيع الدير تنقبضك، بدنا نتقاسم نحن وياك لقمة الفقير”. قد تجاوز عمري في “ثانوية فتاة لبنان” العشرين وما برح هذا الصوت أسمعه في داخلي وأنا استاذ أعلم الصفوف الثانوية مادتي الاقتصاد والاجتماع وتلك العبارة “لقمة الفقير” تقتلني برقتها وقوتها والآن أشهد وأنا كاهن أن “لقمة الفقير” هذه كانت “أبونا آميل شخصيا” الذي أشبع الجياع “خيرا” قبل الخبز والعطاش “تقوى” قبل الماء، والعراة “علما” قبل الثياب ومن قست عليهم الحياة “طهارة” قبل أي شيء ومن نبذهم المجتمع وهمشتهم الظروف وهشمت براءتهم الغرائز الانانية، فشفى عزتهم بالعزة وشرفهم بالشرف وكرامتهم بالكرامة… منذ قداسه الاول ، حين وضع بين يدي العذراء مريم طلبا يسأل فيه : ” ما هو ممكن أن يكون له أكثر فائدة لحياته الكهنوتية ولخلاص النفوس، في الحاضر وفي المستقبل؟” والجواب كان سريعا وهو نعمة تأسيس جمعية تعنى بالفتيات. ليستمر اعداد “لقمة الفقير” واطعامها للجائعين بعد رحيله عن هذه الدنيا. صرّح الخوري آميل في أكثر من مناسبة، أن أكثر ما كان يقلقه هو “مستقبل أخلاقيات وأدبيات الفتاة اللبنانية”. هو الذي اختبر شخصيا الواقع المرير للفتيات القرويات في تلك الحقبة خصوصا في بيروت. كانت العائلات البيروتية تستقدم الفتيات من الريف اللبناني للخدمة المنزلية، وأحيانا كان يتم استغلالهن. تعرف على حقيقة الكثير من شبان وشابات القرى الذين ينزحون للعمل في المدينة وما كانوا يلاقون من مآسي وحرمان في حياتهم أثناء عملهم خصوصا الفتيات اللواتي يقعن في حالات تمزق القلب وتفجر الدموع. فأراد أن “يجبرها قبل أن تنكسر” على مثال “دون بوسكو” الذي تميز بأسلوبه الاستباقي لحماية الشبيبة من الآفات. فكان يتساءل دائما عندما يلتقي بفتيات لوّثتهم المدينة: ” لو حظي هؤلاء الفتيات المخدوعات بالسهر بالوقاية مثل الفتيات المحظوظات من أذى الشر والاشرار هل كان حل بهن ما أصابهن من مصائب وخسائر لا تعوض للكنيسة والوطن؟؟” فنهض وباشر العمل مستهديا بصوت خفي يقول له:”يا آميل كاهني اني منذ اخترت فتاة من الارض أما لي، أصبحت كل فتاة صورة حية لأمي مريم وكل احتقار وامتهان يلحقها فكأنه موجه الى أمي” فأعد العدة لتمكين الفتاة وتحصينها بالعلم والمعرفة والاخلاق لتكون أما بالمستقبل طاهرة على مثال مريم النقية وتحب “الحب الاعظم” حتى البذل لتكون في حياتها العائلية “قربانا” تقدم لزوجها وأولادها يسوع “القرباني” نبع كل حب ومصدر كل فرح. كم مرة سمعته يردد أن “لبنان هو كنيسة الشرق” و”فتيات اليوم هن أمهات الغد” و”الشعوب تربى في أحضان الامهات” و “الذين يصوغون عقولهن وقلوبهن هم الذين يشيدون صروح الامة ويقدرون مصيرها” فاذا أردنا للبنان أن يبقى كنيسة الشرق فلنعد الى مربع أبونا آميل الذهبي ونتعلم منه ونعلم أجيالنا بالمثل المتواضع أن التقوى تولد الطهارة والعلم يولد العمل… أعطنا يا رب كهنة قديسين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|