ولما رأت أبيجايل داود أسرعت ونزلت عن الحمار وسقطت أمام داود على وجهها وسجدت إلى الأرض وسقطت على رجليه وقالت عليَّ أنا يا سيدي هذا الذنب(1صم-24-23:25)
مما لا شك فيه أن شهرة داود كانت قد وصلت إلى مسامع أبيجايل الواردة قصتها في 1صموئيل25. بلغها أعمال نعمته وقوته الفائقة. وآمنت أنه مسيح الله، مع أنه حتى تلك اللحظة كان طريداً وهارباً من وجه شاول. وأخبرها خَدَمها كيف وصلت رسالة السلام إلى بيتها ولكنها رُفضت من زوجها "نابال اسمه والحماقة عنده" (ع25). علمت أن الشر مُعّد على كل البيت. والآن ماذا تفعل؟ كان عليها أن تُسرع خائفة من هذا الشر، فقررت أن تذهب لمقابلة داود، وأن تسعى لخلاص نفسها وأهل بيتها. ويا له من قرار مملوء بالبركة !
وأسرعت أبيجايل، ونقرأ أنها أسرعت ثلاث مرات، لتصنع سلاماً مع داود بدون تأخير. فكل الاعتبارات الأخرى يجب أن توضع جانباً حتى يُستبعد الخطر وتضمن خلاصها ويستقر سلامها. وإذ "أسرعت أبيجايل" فقد أخذت مكانها الصحيح أمام داود في إنكار ذات كامل عند قدميه، وتحمّلت خطأ زوجها على نفسها، مُطالبة بالغفران، ومعترفة بداود أنه سيدها.
وكم كان حلواً وقع كلماتها "سيدي.." على مسامع ذلك المرفوض الطريد. وكم كان مُبهجاً ذلك الاعتراف الأكيد: "لأن سيدي يحارب حروب الرب ولم يوجد فيك شر كل أيامك.. وإذا أحسن الرب إلى سيدي فاذكر أمتك". وهي مثل اللص التائب، تطلعت إلى يوم المجد، ونالت الإجابة عن الطلب الذي تقدمت به: "اصعدي بسلام إلى بيتك، انظري، قد سمعت لصوتك ورفعتُ وجهك" ( ع 35).
يا لها من صورة عجيبة تُرينا طريق المسيح لقبول الخطاة! وكم هو حلو لقلبه الآن أن يطلبه ويسعى إليه الخطاة الفقراء مثلي ومثلك في يوم رفضه، فعندما قبلته السامرية الفقيرة المنبوذة قال: "أنا لي طعام لآكل لستم تعرفونه أنتم" ( يو 32:4).
تأمل أيضاً كلمات داود لأبيجايل: "مباركة أنتِ". لماذا؟ وما الذي جعلها تُبارك بسببه؟ لأنها أخذت مكانها الحقيقي في توسل واحتياج، ورأت فيه مُخلصاً لها. وبإيمانها عرفته كمسيح الله مهما كلفها ذلك. كما ألقت بنفسها عليه ليصبح نصيبها معه.
ولم ينس داود إيمان أبيجايل، ولم يقنع لها بأن تبقى بعيدة عنه، ولذلك فبعد موت نابال أرسل داود في طلبها لتصبح زوجته. وهو عين ما سيحدث معنا عن قريب.