|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإعلان المتدرج للكتاب المقدس أن كل من يأتي للكتاب المقدس بتوبة حقيقية وإيمان صادق طالباً انفتاح الذهن بالروح، معتمداً على الروح القدس طالباً الاستنارة، ستنفتح بصيرته الداخلية بإصبع الله: حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب (لوقا 24: 45)، فيرى ما لا يُرى في صفحات الكتاب المقدس، ويقوده الروح القدس عبر السطور مُعلناً له الأسرار الإلهية الفائقة كما قاد شعب إسرائيل قديماً بواسطة الأنبياء المختارين من الله والملهمين بالروح، لأن كلمة الله كُتبت بالروح القدس ولم تكتب بفكر وإرادة إنسان: لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بطرس 1: 21)، لذلك هو وحده (الروح القدس) الذي يعلن ويكشف الأسرار في كل قلب مفتوح بالحب باستنارة الذهن: [فيُعلَّن مجد الرب ويراه كل بشر جميعاً لأن فم الرب تكلم، كل شيء قد دفع إليَّ من أبي وليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يُعلن له؛ وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يُعلمكم كل شيء ويُذكركم بكل ما قلته لكم؛ فأعلنه الله لنا نحن بروحه لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله] (أشعياء 40: 5؛ متى 11: 27؛ يوحنا 14: 26؛ 1كورنثوس 2: 10)؛ لذلك فأن كل من يقرأ الكتاب المقدس ينبغي أن تكون آذانه رادار تلقط صوت الروح وإرشاده، وقلبه كبير متسع بالحب ليستقبل الله وإعلانه عن ذاته بالروح، بغرض أن ندخل في سرّ الشركة الإلهية لأنها هي الغاية المعلنة في الكتاب المقدس: كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. (1بطرس 1: 3 – 4)
سنصل للقناعة الداخلية بأن الكتاب المقدس ليس خليطاً غير متجانس، كما يدَّعي بعض النقاد من أطياف وأفكار وفلسفات وآراء مختلفة، ويقولون بأنه عبارة عن تاريخ قديم يحتوي البعض منه على حقائق تاريخيه حقيقية، وبعضها ممزوج بأساطير مختلفة مأخوذاً عن حضارات وشعوب متنوعة، وبه تصورات دينية عقائدية بعيدة عن أرض الواقع، أو أفكاراً دينية مُستقاه من شعوب أخرى وتم دمجها معاً، وأن بعضاً منه يحتوي على خرافات لا تُصدق؛ بل سوف يرونه بعيون الذهن المنفتح والقلب المتسع بإلهام الروح: أنه كشف متدرج لتدبير أزلي ظهر في الزمن بإعلانات ونبوات تتحقق في الوقت المعين لأجل خلاص الإنسان وشفاء قلبه ونقله من الموت للحياة ومن الدينونة لبرّ الإيمان، وأنه ارتقى بالإنسان من جيل لجيل وعصر لعصر في الإعلان والتعليم، حتى اكتمل في ملء الزمان بالتجسد الإلهي.
إلى آخر سفر في الكتاب المقدس وإعلان مجيئه وظهور مجده، فيجب أن نقرأه ككل ولا نفهمه بحكمتنا بل بما يُعمله الروح القدس: التي نتكلم بها أيضاً لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات (1 كورنثوس 2: 13)، ونربطه بروحه الواحد كوحده واحدة لا تنفك حتى نستطيع أن نكتسب الرؤية الصحيحة والسليمة ونستوعب أسرار الله ونستطيع ان نعلنها في شرح سليم واعٍ مُلهم بالروح للكتاب المقدس، لأن بسبب فصل الكتاب المقدس عن بعضه البعض وفهم نصوصه بانحياز لأفكار معينه يجعلنا نُخطئ في الشرح ونتحير في بعض النقاط إذ نفصل المواقف والآيات بعضها عن بعض وننطلق في الشرح من أساس مفهومنا الخاص عن الكتاب المقدس، ونؤيد نظريتنا من بعض الآباء أو بعض الخدام الذين شرحوا بعض النقاط حسب رأيهم الشخصي لظروف معينه، وذلك لكي يثبتوا شيئاً ما كرد على فيلسوف أو غيره، بعيداً عن المعنى المقصود في وحدة الكتاب المقدس والقصد الإلهي من وراء الأحداث أو المواقف:
وأن الله نظر إلى هابيل وقربانه لأنه قدَّم من أبكار (بكر) غنمه ومن سمانها، أما إلى قايين وقربانه الذي قدمه من ثمار الأرض فلم ينظر، فاغتاظ قايين وحمى غضبه وامتلأ حقداً وكراهية وقام وهم بقتل أخيه انتقاماً منه.
هل كما يقول كثير من الشُراح حسب اعتقادهم المبني على مضوع الذبائح، أنه قدم من ثمار الأرض ولم يُقدم ذبيحة دموية؟؛ ثم أمام هذه الفرضية نتساءل: من أين له الذبيحة إن لم يكن راعياً؟ وهل كان الرب في حاجة إلى أن يروي ظمأه بقطرات دم ذبيحة من هابيل؟ أم أنه – كما يقول البعض – ينتظر ذبيحة كفاريه عن قايين كما قبلها من هابيل، بالرغم من أن النص لم يتكلم نهائياً ولو حتى بالإشارة البعيدة عن أي تقدمة تخص خطايا ولا كفارة من الأساس، بل تكلم عن تقدمة شكر وتمجيد لله وهي موجوده في سفر اللاويين بعد ذلك بزمان طويل، وهي مقننه بتقديم البكور من كل شيء لأنها مكرسه ومخصصه لله كنوع من أنواع الشكر العملي المقدم لله، وهنا نفس ذات الموقف، فكل واحد فيهما قدم من بكر عمله، فالراعي قدم من أبكار غنمه وأفضلها، والزارع قدم من أبكار أرضه، بمعنى ان كل واحد قدَّم من بكر عمل يديه وتعبه ليمجد ويشكر الله على ما أعطاه معترفاً به رباً وسيداً.
في ضوء وحدة الكتاب المقدس يقول: أن الله لا ينظر للعينين بل ينظر إلى القلب (1صموئيل 16: 7)، ولا يُفرِّق بين إنسان وإنسان بحسب التقدمات؛ لذلك نجد الإجابة واضحة في الكتاب المقدس كشمس النهار، ولا تحتاج لأي جهد أو استنتاج، وهي أن الله قبِلَ ذبيحة هابيل ولم ينظر إلى قايين وقربانه، وذلك لأن هابيل قدمها بإيمان وشهد له أنه بار، لأن بدون إيمان قلبي واعي لا يُمكن إرضاء الله بأي حال من الأحوال ومهما ما كانت أنواع التقدمة وتفوقها وعظمتها، حتى لو الإنسان قدم ذبائح الدنيا كلها وما فيها متمماً كل الناموس والوصايا حسب الشكل القانوني لها: أن جعت فلا أقول لك لأن لي المسكونة وملأها. هل آكل لحم الثيران أو أشرب دم التيوس.. أذبح لله حمداً وأوفِ العلي نذورك (عهودك).. وادعني في يوم الضيق أنقذك فتُمجدني. (انظر مزمور 50)
ليبدأ الله به مع كل إنسان على وجه الأرض، وهو التعليم الصحيح الذي انطلق منه وبدأ يُعلِّم به الإنسان بعد موقف قايين وهابيل، وهو أن كل شيء يُقدم لله ينبغي أن يكون من أفضل ما عند الإنسان، مُقدَّم من قلب طاهر ونفس مستنيره بإيمان حي عامل بالمحبة، وهذا ما يكشفه هذا الحدث الجلل الذي منه أنطلق التعليم في الكتاب المقدس والذي شُرح على مدى أسفاره ليثبت هذه الحقيقية، وممكن الرجوع لهذه الآيات الهامة للغاية: [1صموئيل 16: 7 + 1صموئيل 15 + مزمور 5: 12 – 15 +مزمور 51: 16 – 19]
انطلاقاً من قبول أو تخصيص إعلان مُميز لحقيقة معينة يريدون إثباتها بأية طريقة ممكنة، وهي نية سليمة وليس المقصود بها الابتعاد عن النص، ولكن إثبات فكرة معينة أو إظهار حقيقة معينة، تجعل الشارح يربط آيات لا تتناسب مع بعضها البعض لكي يقنع سامعيه أو القارئ له بالفكرة التي يُريد أن يطرحها ويُرسخها في الأذهان، حتى تكون بذلك مقنعة جداً، وهنا يخرج عن القصد والتعليم الإلهي في الحدث نفسه، ويُعطي الحدث بُعداً آخر غير مقصود به على الإطلاق، مع أنه – في الأساس – يُريد أن يثبت فكرة صحيحة وليس خاطئة على الإطلاق تؤكدها مواقف ونصوص أُخرى مختلفة، ومع ذلك أخطأ في إعلان القصد الإلهي من وراء الحدث نفسه.
(في أجزاءه المختلفة ونصوصه المنفصلة، مهما ما كان هاماً، بل ويعلن أمور حقيقية لا غش فيها مؤكدة في مواضع أخرى ومواقف مختلفة)، أن يلحق الضرر بمعنى القيمة السامية لشهادة الكتاب الموحدة. أو يخرج عن القصد من الحدث أو الموقف أو الآية ويضفي عليها معنى آخر بعيداً تماماً عن القصد منها، وهذا ما يُسمى التأويل، أي تأويل ما ليس في النص نفسه بل وما لا يحتمله.
من وجهة نظر متحيزة أو حتى مما فهمناه واستنتجناه بمجهودنا وتفكيرنا الشخصي، تكون بالضرورة غير كاملة ولا تُظهر فكر الله الكامل والغرض من الحدث أو الموقف أو الآية، كما رأينا مثالاً في أول موقف وحدث في الكتاب المقدس وهو تقدمة هابيل وقايين، ومن هُنا نفهم لماذا يحدث خلافات في الشروحات، بعضها نستطيع ان نقبله والبعض الآخر غير مقبولاً بالمرة، لأن بعضاً من الشراح والمُعلمين لم يلتزموا بوحدة الكتاب المقدس، بل كان لهم تأملات شخصية مثبته بوحدة الآيات خارج معناها العام، مع أن تأملهم ليس فيه خروج عن الإيمان بل يعلن حقائق إيمانية هامة، ولكنها – بالرغم من ذلك – لا تتناسب مع الشرح السليم في وحدة الكتاب المقدس ككل، وهذا يختلف عن الشراح والمفسرين الملتزمين بوحدة النص بغرض إعلان قصد الله كما هو دون زيادة أو نُقصان، وهؤلاء هم الملهمون من الله بالروح القدس الذي يسوقهم للشرح حسب قصد الله وتدبيره الخلاصي للنفوس. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
استقبالك للكتاب المقدس |
هل شهد أحد من الملحدين للكتاب المقدس؟ |
استخدامك للكتاب المقدس |
رحلة للكتاب المقدس |
مخطوطات للكتاب المقدس |