السيناريو الأسود لجريمة الدير
جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس أسقف رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون هي جريمة استثنائية وغير عادية على الإطلاق ليس فقط لأنها أول جريمة تقع في هذا الدير أو لأن ضحيتها الأسقف الراحل هو عالم جليل وشخصية قبطية مرموقة وأيضا ليس فقط لأن الكنيسة تولي هذا الحادث اهتماما خاصًا يصل الى حد «التدويل» عن طريق ترجمة بياناتها الرسمية عنه الى عدة لغات أجنبية وهذا عمل غير مفهوم الأهداف.
لكنها جريمة استثنائية، نظرا لغموض الظروف والملابسات التي تحيط بها وخطورة السيناريوهات التي يمكن تصورها لكيفية تنفيذ الجريمة.
•• الرواية الرسمية تقول:
إن الأسقف تم العثور عليه فجرا غارقًا في دمائه وأظهرت التحريات الأولية للشرطة استخدام مرتكب الجريمة أداة حادة لقتل المجني عليه بضربه خلف رأسه وتهشيم جمجمته أثناء خروجه من سكنه ولم يتم العثور على أداة الجريمة ولم تصور كاميرات المراقبة أي حركة غير طبيعية أو اختراق من جانب شخص مجهول كما لم يتم العثور في نظام المراقبة على تسجيل لكيفية ارتكاب الجريمة.
هناك 3 سيناريوهات جرى طرحها للجريمة الأول: أن تكون تكون الجريمة جنائية بدافع السرقة مثلا والثاني: أن تكون جريمة إرهابية أي ارتكبها إرهابي (غير مسيحي) تسلل الى داخل الكنيسة في جنح الظلام والسيناريو الثالث: أن يكون القاتل هو أحد العمال الذين يعملون في المزارع داخل الدير.
•• لكن الغريب
أن كل هذه السيناريوهات تكاد تكون مستبعدة فرئيس الدير القتيل لا يمتلك شيئا يمكن سرقته منه شأنه شأن كل الرهبان ولا يوجد أي دليل على سرقة أي شىء من متعلقاته الشخصية ولذلك فإن فرضية السرقة مستبعدة وكذلك فرضية الدافع الإرهابي مستبعدة لأن الأسقف الضحية ليس شخصية عامة شهيرة وغير معروف لغير مرتادي الدير ولا يمكن تمييزه عن باقي الرهبان أيضا عمال المزرعة كلهم مسيحيون وليست لهم عداوات مع رئيس الدير فلماذا يقتلونه؟!
•• هنا تبرز حقيقة ساطعة
هي أن قتل الأنبا إبيفانيوس كان هدفا في حد ذاته وغالبا ليس من خارج الدير وهذا ما يطرح السيناريو الرابع «الأسود» للجريمة وهو أن يكون القاتل من بين الرهبان أنفسهم وهو ما رجحه أحد رهبان الدير في تصريح صحفي قال فيه: «إن القاتل هو أحد الموجودين بالدير وليس من خارجه لأنه يعرف ممرات الدير وأماكن كاميرات المراقبة التي لا توجد في مثل هذا الممر الذي وقعت فيه الجريمة كما أن القاتل يعرف رئيس الدير جيدا ولم يستهدف قتل أحد آخر».
•• لكن: لماذا يقتل راهب أسقفا في الدير؟
وهل يوجد بين الرهبان من يقتل؟ البعض يقول: إن الأسقف الضحية هو أحد التلاميذ المخلصين لمدرسة الأب متّى المسكين الفكرية التي تختلف مع الكنيسة أو «الكرازة» في بعض الأمور اللاهوتية إن الفترة الماضية شهدت صدامات وخلافات حول بعض التعليم الكنسي بين الدير والكنيسة وهذا الصدام ارتبط بشكل ما بـ«تسييم» الأنبا أبيفانيوس على الدير أو تعيينه رئيسا له بواسطة البابا تواضروس.
•• وفي رأينا الشخصي أنه لا يمكن تصور أن يكون ذلك مبررا للسيناريو الأسود للجريمة الذي أشرنا إليه وهو ما قد تفنده خلال الأيام القادمة التحقيقات الرسمية في هذه الجريمة الخطيرة التي لن يكون مقبولا أبدا أن يتم قيدها ـ كغيرها ـ ضد مجهول!!
الوفد