سؤال يقول: كيف اتخلص من الخطية لأني حاولت المستحيل ولم استطيع بل كل مرة أحاول أن أبطل الخطية بالصوم وتتميم كل الأمور الروحية تهتاج علي أكتر مما كانت فأقع فيها واصير أشر من البداية؟
_____ الإجابة _____
في الواقع العملي المُعاش
وعلى المستوى الشخصي لكل واحد، فأن البعض لا يستطيع أن يغلب شهوة قلبه الخاصة بشكل قاطع جذري، أو حينما يحاول أن ينهض من الخطية ينظر للخطية في ذاتها وأنه ينبغي أن يكف عنها ويتخلص منها أولاً ويبذل كل طاقته، ومن ثم يحاول أن يستمع إرشاد البعض في تقديم النصح بشكل طقسي آلي من جهة الصوم وتتميم الواجبات الروحية، وبالرغم من أن تتميم الأمور والواجبات الروحية ليس خطأ في حد ذاته، لكن ينبغي أن نعلم أن هذه المرحلة تأتي بعد الدخول في سر قوة التوبة وتطهير القلب والضمير، فقبل الدخول في سر التوبة ومحاولة العمل بواجبات روحية لازم يكون مصيرها الفشل، لأن من المستحيل أن يقوم ميت من قبره بذاته، أو ينمو الزرع ويثمر بدون أن توضع البذرة في الأرض الصالحة أولاً ثم تُروى ويتم تسميدها، وأيضاً لا يستطيع أحد أن يبدأ الطريق من نهايته.
يا إخوتي الخطية لها سلطان قوي على النفس
فمن تتسلط عليه يدخل في دائرتها المُظلمة، وسيصير كالأعمى لا يرى ولا يحس ولا يمس ولا يجس، لأنه سيصير في حالة من التشويش ولن يميز طريقه، لأن ليس عنده نور، بل هو جالس في الموت وظلاله ولن يعرف يمينه من يساره، وسيحيا متخبطاً، فحتى الواجبات الروحية لن يتممها بالروح ولا في النور، لأن الظلمة أعمت عينيه، والأعمى طبيعياً لن يرى الحفرة التي في الطريق فسيسقط حتماً مهما ما حاول أن يسير، لأنه وحيد في الظلمة ليس له من يُنير له طريقه.
لذلك فأن كل من يحاول أن يبطل شهوات قلبه
بمحاولة تتميم واجبات روحية لكي يطردها من قلبه، فأنه يفعل مثل من أحب أن يدخل النور لحجرته فبدأ في تفريغ الظلمة بكل جهد وأمانة وإخلاص، مع أنه لن يستطيع أن يُنهي الظلمة لو قضى عمره كله في التخلص منها بتفريغها للخارج، لأن الظلمة لا تفرع بل تتبدد عند دخول النور الحقيقي، وهكذا لن تتبدد الخطية وتفقد سلطانها في حياتنا إلا بنور شمس البرّ شخص ربنا يسوع حينما يشع في داخل القلب بنور محبته الفائق:
+ يا راعي إسرائيل إصغِ، يا قائد يوسف كالضان، يا جالساً على الكروبيم إشرق (مزمور 80: 1)
+ الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً، الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور (إشعياء 9: 2)
+ قومي استنيري لأنه قد جاء نورك، ومجد الرب أشرق عليكِ (إشعياء 60: 1)
عموماً ينبغي أن نعلم
أن سرّ عودتنا لله هو في المحبة، والهدف [حياة الشركة] وليس مجرد تبطيل خطية في حد ذاتها، لأن بالتوبة الحقيقية والتقدم لغرض الشركة مع الله وطلب نور وجه الله الحي أن يُشرق على النفس، كفيل أن يجعل جبال من الخطايا تنهار أمام نور الله الذي يسطع بقوة على القلب فتتبدد كل ظلمة الخطية وتتلاشى تماماً وتفقد سلطانها على النفس، لأن الله هو نور النفس الحقيقي.
فمثلاً لو أننا في حجرة مملوءة تراب عن آخرها
لو حاولنا أن نكنس التراب، فأنه سيهتاج ويرتفع في الهواء ويملأ الحجرة كلها فيحجب الرؤيا ويصير أكثر خطورة لأنه ممكن ان يتسبب في حالة الاختناق إلى الموت، لكن لو تم رش بعضاً من الماء لن يهتاج بل سيصير من السهل تنظيفه، فالخطية مثل ذلك التراب والماء مثل عمل النعمة التي تبطل قوة الخطية وتصلبها فيصير من السهل إزالتها، لكن بدون نعمة الله وتتميم الشكل الروحي فأنه مثل من ينظف التراب بدون ماء فيهتاج ويخنق المنظف نفسه.
أو مثلاً حسب المثال الذي ذكرناه سابقاً
فاقلب مثل حجرة مظلمة، نريد أن يدخل إليها النور، فأننا لا نحاول أن نفرغ الظلمة من المكان، لأن هذا لن يجعلنا قادرين أن نُلاشيها، بل علينا فقط أن نفتح للنور وندعه يدخل بنفسه، وفتح القلب للنور يكون بالتوبة والرجاء الحي بيسوع المسيح، فيشرق في داخل النفس فتتبدد الظلمة تلقائياً، فالله نور يشرق ويسطع فتهرب الظلمة لأنها حالة سلبية، وجودها حاصل بسبب غياب النور، والمسيح الرب هو شمس البر شافي النفس فعلاً: ولكم أيها المتقون إسمي تشرق شمس البرّ والشفاء في أجنحتها؛ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (ملاخي 4: 2؛ 2كورنثوس 4: 6)
أيها القراء الأعزاء
أن أراد أحد منكم أن يدخل في شركة مع الله، فليترك كل أفكاره كلها ويرجع للرب بكل قلبه، طالباً وملتمساً وجهه المُنير مصلياً: أرفع علينا نور وجهك يا رب (مزمور 4: 6)، فانتظر الرب ليتشدد وليتشجع قلبك وانتظر الرب، ولا تقل إني أُجازي شراً، انتظر الرب فيخلصك (مزمور 27: 14؛ أمثال 20: 22).
نعمة ربنا يسوع تشرق في قلوبكم جميعاً
بقوة الخلاص العظيم بروح القيامة آمين