|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الخلاص الثمين من جهة التذوق الاختباري
في واقع خبرة الخلاص العمليةلأن القصد من التجسد هو أن يغرس الله نفسه فينا باتحاد لا يقبل الافتراق، لأن هو نفسه حياة النفس: أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي؛ وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ (يوحنا 17: 23؛ 26) وطبعاً هذا لا يتم بالدراسة والفهم العقلي للأمور،ولا يحدث بشكل اتوماتيكي سحري، أو حسب ظنون الناس أو مجرد تصديق أن الكلمة صار جسداً وحل فينا ورأينا مجده، لأن المسيح الرب كشف لنا الطريق الوحيد للسكنى الإلهية فينا من الناحية التطبيقية العملية أي من ناحية الخبرة: [اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي؛ إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً] (يوحنا 14: 21، 23) وفي هذا الكلام يظهر مستويين من ناحية الخبرة، أولاً (أُظهر لهُ ذاتي) وثانياً (إليه نأتي وعنده نصع منزلاً)، وهذه هي الخبرة الروحية السليمة لمعرفة الله ومن ثمَّ سكناه وغرس حياته فينا ليكون ملكوت الله داخلنا كما قال الرب بنفسه للرسل: وَلاَ يَقُولُونَ هُوَذَا هَهُنَا أَوْ هُوَذَا هُنَاكَ لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ (لوقا 17: 21) لذلك يا إخوتي فأن حياتنا المسيحية هي دعوة للامتلاء من حياة اللهوالدخول في شركة حقيقية معهُ في النور: [ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً قَائِلاً: «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ»؛ أَنَا قَدْ جِئْتُ نُوراً إِلَى الْعَالَمِ حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ؛ إِنْ قُلْنَا إِنَّ لَنَا شَرِكَةً مَعَهُ وَسَلَكْنَا فِي الظُّلْمَةِ، نَكْذِبُ وَلَسْنَا نَعْمَلُ الْحَقّ]َ (يوحنا 8: 12؛ 12: 46؛1يوحنا 1: 6)، وذلك يحدث بالطبع دون حدوث اختلاط بين طبيعتنا الإنسانية وطبيعة الله اللاهوتية، ودون اختزال لحرية الإنسان، وبالطبع ليس هناك في شركتنا مع الله أو وجودنا فيه (باتحادنا بشخص الكلمة المتجسد الله الظاهر في الجسد) ما يُسمى بالفناء في الله أو الذوبان فيه، بل الإنسان يظل إنساناً والله هو الله بدون اختلاط في الطبائع، وإيماننا الحي (من جهة الخبرة) يقول: اللاهوت اتحد بالناسوت بطريقة ما ، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. فنحن لن نتحوَّل عن إنسانيتنا لنصير أقنوم في الله أو نتساوى معهُ في الجوهر،لأن هذا مستحيل في المُطلق، بل الإنسان في هذه الشركة الرائعة تتجلى إنسانيته كما قصدها الله أن تكون، إنسانية صحيحة القدرات والمواهب مكلَلة بهبة عدم الفساد، ولها حرية الإرادة، فنحن لا يتلاشى جوهرنا الإنساني بسبب اتحادنا بالله الذي يتم فينا بسبب تجسد الكلمة، وبالطبع فأننا لا نتداخل أو نختلط بالجوهر الإلهي، لذلك يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [ولكن مما لا شك فيه، أننا بنوالنا الروح لا يتلاشى جوهرنا الخاص. وهكذا حينما صار الرب من أجلنا إنساناً وحمل جسداً، ظل هو الله بالرغم من ذلك، لأنه لم ينحصر في نطاق الجسد، بل ألَّه هذا الجسد وجعله غير مائت ] (رسالة القديس أثناسيوس الرسولي عن مجمع نيقيه 14) عموما ينبغي أن نعي أن أصل الخلاص هو التجسد الإلهي – تجسد الكلمة – حسب التدبير،وجذر الخلاص هو في اتحاد اللاهوت بالناسوت، فقد ولد الرب من عذراء في بيت لحم لأجلنا نحن وليس لأجله هو !!! فقد صار الله الكلمة كواحد منا لكي نصير نحن البشر (مثله). فابن الله الحي نزل إلى عبوديتنا بالإخلاء، لا لكي ينال منها شيئاً، بل لكي – حسب صلاحه – يُعطي ذاته لنا لكي نغتني بفقره (2كورنثوس 8: 9) ولكي نُمَجَّد حسب مثاله ونصبح مثله حسب غنى صلاحه ونكون فيه أبناء الله بالإيمان، إذ بكونه بالطبيعة الابن والله الذي حلَّ بيننا، والذي يكون فينا حينما نحبه ونحفظ وصاياه، ولذلك السبب وحده، بروحه الذي سكن فينا نصرخ "أبّا أيها الآب" (رومية 8: 15)، ولذلك يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [إن الذين لا يوجد الابن في قلوبهم لا يملكون أن يدعوا الله أباً لهم] (ضد الأريوسيين 4: 22) ففي الواقع العملي – حسب التدبير الذي تم في ملء الزمان – لقد نزل (الابن) لكي يرفعنا إلى فوق،أي ينقلنا من مستوى الجسد لمستوى الروح، من المستوى الإنساني الساقط للمستوى الإلهي الفائق، من مستوى المتغربين عن الله الحي إلى مستوى القائمين في الله، لأننا مدعوين للالتصاق بالله والاتحاد به بشكل سري مُميز دون اختلاط أو تغيير في الطبائع. فقد نزل الله الكلمة إلى الفاسد،إذ أتخذ جسداً قابلاً للموت لكي يُلبس الإنسان الفاسد عدم الموت، إذ قد قبل أن يصير في شكل عبد تحت ضعف الجسد مثلنا من جهة قبول الموت والتعيير والصلب لأجلنا نحن لكي نقوم بقوته ونصعد معه إلى فوق حيث هو جالس: وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَاناً آتِي أَيْضاً وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً؛ أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ (يوحنا 14: 3؛ 17: 24) فقد نزل ابن الله الحي، مسيح الله، إلى الموتلكي يعطينا عدم الموت ويعطي الموتى الحياة، فقد تأنس لكي لا نموت – نحن الذين آمنا به – كسائر البشر الغرباء عن الله، بل لكي نحيا من جديد ولا يملك علينا الموت أبداً، وذلك بسببه هوَّ لا بسببنا نحن، لأنه هو بنفسه صار حياتنا كلنا ورجاءنا الحي وشفاء قلوبنا، لذلك فأن حياتنا كلها سعي دائم في أن نلبس المسيح: الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ (رومية 13: 14)، وبذلك فقط يلبس الفاسد عدم الفساد. لا بفكرة ولا نظرية ولا ببحث دراسي أو التعمق في الكتب، بل من جهة الخبرة العملية من جهة المحبة، لأن الإيمان الحي بطبيعته عامل بالمحبة، فمن المستحيل أن نعرف المسيح الرب بدون المحبة التي تعني حفظ وصاياه، لأنه لن يُظهر ذاته لنا إلا من خلال حفظ الوصية، وبالتالي يُستعلن لنا نحن التائبين طالبي اسمه وحافظي وصاياه ومن ثمَّ يسكن ويُقيم فينا مع أبيه الصالح، ويعمل بروحه على تغييرنا عن شكلنا بتجديد أذهاننا لنختبر إرادته الصالحة المرضية الكاملة، إذ يكلمنا بالتعليم الخارج من فمه لكي يُشكلنا على صورته، إذ يغرس كلمته فينا القادرة أن تُخلِّص نفوسنا وتنقي قلوبنا لنُعاين مجده.يا إخوتي علينا أن نُدرك حقيقة خلاصنا الثمين، عموما باختصار وتركيز،لقد تنازل الابن ونزل إلينا لكي يرفعنا إلى مقامه الإلهي العالي، فنحن الذين فسدنا وفقدت طبيعتنا بهائها الأول وتعرت من النعمة وسرى فيها الموت الذي يعمل بالفساد، لذلك أخذ صورة العبد رغم أنه بالطبيعة الرب والابن، وذلك لكي يحوَّل الذي هو بالطبيعة عبدٌ لمجد التبني حسب صورته ومثاله وبالشركة فيه، وكما أنه صار كواحد مثلنا، إنساناً، لكي يجعلنا مثله: (أبناء)، فلقد أخذ الذي لنا وأعطانا الذي لهُ، وهذا هو معنى الفداء (مبادلة) أخذ طبيعتنا الساقطة ليعطينا طبيعة مجده الخاص ليحفظنا لحياة أبدية مجيدة، لأن طبيعتنا تباركت فيه، إذ قدسها وروحنها ورفعها لعلو مجده، لأنه قام بالجسد عينه وتكلل بالمجد والكرامة، وصعد به وجلس به عن يمين الآب، ولذلك قال الرسول: وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (أفسس 2: 6) فعلينا إذاً أن ننتبه ونحيا بسر الخلاص الثمينعن طريق حفظ وصاياه، ووصاياه ليست ثقيلة، لأننا لا نعملها بقوتنا ولا قدرتنا الخاصة كأشخاص مستقلين عن الله، لأنه مكتوب: تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ، لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ، لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا. (فيلبي 2: 12، 13؛ أفسس 2: 10) |
17 - 03 - 2018, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: الخلاص الثمين من جهة التذوق الاختباري
ميرسى على مشاركتك المثمرة مرمر |
||||
19 - 03 - 2018, 06:53 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الخلاص الثمين من جهة التذوق الاختباري
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حاسة التذوق الروحية |
حاسة التذوق عند الطيور |
صلاة التكريس للدم الثمين ليسوع المسيح في بداية شهر تموز المخصص لعبادة دم يسوع الثمين للغاية |
لكل فرد عدد مختلف من براعم التذوق |
الخلاص الثمين |