طفل يقرع أبواب المدينة
كان الطقس شديد البرودة، وقد وقف الطفل على الطريق وعيناه تجولان هنا وهناك باندهاش شديد. فالشوارع مزدحمة جدّاً، والسيّارات تحمل الهدايا، وبعضها قد تزيّن بزينات عيد الميلاد المجيد. والكلّ سهران.
فأسرع إلى أقرب بيت إليه، وبدأ يقرع قرعات خفيفة، لعلّ أحداً ينقذه من هذا البرد وينجّيه. فتح ربّ البيت الباب، فرأى هذا الطفل فنظر إليه بازدراء، وأغلق الباب، وأمر الطفل بالخروج والابتعاد عن المنزل.
وعلى أبواب منزل آخر، وكان سكّانه يلبسون أفخر الملابس، وأمامهم أشهى المأكولات، قوبل الطفل مقابلة سيّئة مرّة أخرى حيث رفض صاحب المنزل استضافته، وأمره بالذهاب من حيث أتى.
وهكذا قوبل الطفل بالرفض من كلّ البيوت التي قرع أبوابها. ونتيجة لهذا الرفض بدأ جسم الطفل الصغير يتجمّد من شدّة البرد. ولكن فجأة شاهد أمامه كوخاً صغيراً، فلجأ إليه مسرعاً. وفور قرعه الباب فتحت له سيّدة عجوز. وإذ بها تفاجأ بالطفل وعلى جسمه ملابس خفيفة وممزّقة، وقد تجمّد جسمه من شدّة البرد. وبسرعة احتضنت السيّدة العجوز الطفل الصغير، وقابلته بحفاوة. وبدأت ربّة البيت تدلك يديه المتجمّدتين وكذلك رجليه. وبسرعة أحضرت له قطعة من الحلوى، وقدّمتها بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
في هذه الأثناء طلب ربّ الأسرة الكبيرة المقيمة في الغرفة الصغيرة من الجميع أن يجتمعوا لصلاة قصيرة. وأثناء الصلاة، أضاء نور أقوى من نور الشمس، واختفى الطفل الصغير فجأة.
فأدرك الجميع أنّه كان يسوع، وقد جاء إلى المدينة بصورة الطفل، وقرع أبوابها فوجدها كلّها مغلقَة أمامه. انشغل عنه سكّان المدينة بملابسهم الجديدة الفخمة بينما كانت قلوبهم لا زالت عتيقة. انشغلوا بذكرى الميلاد، ونسوا صاحب العيد نفسه.
وإن كان سكّان بيت لحم قديماً أغلقوا أبوابهم أمام الطفل، فاليوم لا يزال معظم سكّان الأرض لا يرحّبون بمولد الطفل في قلوبهم. ليتنا نفتح قلوبنا طالبين أن يولد الطفل يسوع مرّة أخرى، ولتكن هذه المرّة في القلب.
"يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي"