وائل الإبراشى أسعد بلقب حريقة
أكد الكاتب الصحفى خالد صلاح أن الإعلامى وائل الإبراشى مازال محافظًا على استقلاليته فى توقيت صعب، دون الاشتباك الكبير مع الخطوط الوطنية العامة، فهو يدرك جيدًا ما تمر به مصر فى اللحظة الحالية، ورغم ذلك لا نرى لدى «الإبراشى» التوازنات، التى ربما تشكل أعباء على برامج أخرى، وسجل «صلاح» إعجابه الشديد بهذه الاستقلالية الإعلامية.
وشدد «صلاح» خلال الندوة التى أقامتها «اليوم السابع» لمقدم برنامج «العاشرة مساء»، على أن صورة وائل الإبراشى لم تهتز، ولم يصنف على أنه من الأشخاص الذين مالوا على كل الجوانب، وأيضًا فى نفس التوقيت، حينما نرى خطابه، نرى خطابًا نقديًا، لكنه يظل خطابًا وطنيًا.
وكشف «الإبراشى» خلال الندوة عن كواليس عمله ببرنامج «العاشرة مساء»، وأزمة الإعلام والقنوات الفضائية حاليًا فى مصر، وسر الهجوم الذى يتعرض له دائمًا، واتهامه بإثارة الأزمات، وكيف يواجه هذا النقد، ورأيه فى الأوضاع الحالية لـ«ماسبيرو» وتليفزيون الدولة.
فى البداية، كيف ترى سوق الإعلام والميديا فى مصر، وأهم التحديات التى تواجهكم؟
صور ندوة وائل الابراشى باليوم السابع (7)- الإعلام فى مصر به مجموعة من الأدوات التى لابد أن يعمل بها، فأى وسيلة إعلامية، سواء مرئية أو مسموعة أو مقروءة، يهمها فى النهاية الحصول على المعلومات، فهناك مشكلة تواجه وسائل الإعلام، هى غياب قانون تداول المعلومات، فمعظم الجهات تفضل التكتم على هذه المعلومات، أو تتعامل معها على شكل البيانات التقليدية، التى أرى أنها ليست مفيدة على الإطلاق، الأمر الآخر يتعلق بالإعلام التليفزيونى تحديدًا، وهو أن الإعلام التليفزيونى أصبح هو المشكّل الأساسى لوعى الناس، فالصحافة المكتوبة- لظروف تتعلق بها- انخفض تأثيرها على عكس الماضى، وتمكنت الصحافة الإلكترونية أن تخطف الخبر، فلم يعد الخبر ملكًا للصحافة المكتوبة أو حتى للصحافة التليفزيونية، والنموذج المبهر بالنسبة لى فى صحافة الموقف هو الأستاذ حمدى قنديل، شفاه الله، فأنا تعلمت منه صحافة أو إعلام الموقف، لأن البعض يظهر ويقول إن الإعلام لابد أن يكون محايدًا، ولا يقول رأيه، وأعتقد أن هذا غير صحيح فى المطلق، فجميع الصحف والقنوات العالمية لها سياسات ومواقف، وليس معنى كلامى ألا أطبق المعايير الإعلامية الاتهام الآخر الموجه لنا، هو أننا زعماء على الشاشة، وأعتقد أن حرية الإعلام ستنتصر فى النهاية.
- وافقت على 3 عروض أفضل مادياً ولكننى أتراجع فى اللحظات الأخيرة لأن علاقتى بـ«دريم» علاقة «مرضية»
- حمدى قنديل هو نموذج لصحافة الموقف والصحافة الإلكترونية خطفت الخبر من المطبوعة
- محمود سعد أول صحفى بعد مفيد فوزى نجح فى تقديم الصحافة التليفزيونية ونجاحه مقدمة لنجاحنا
- إلى أى مدى تقود السوشيال ميديا الإعلامى فى قيادة برنامجه، لاسيما لو كان برنامجًا يوميًا؟
- أنا أنتمى لمدرسة صحفية مقتنع بها جدًا، ودائمًا ما أقول لمن يعملون معى «إوعى تتعامل مع الإنترنت على إنه مصدر معلومات»، ولكن تعامل معه على أنه وسيلة توصيل، بمعنى أننى أحصل على المعلومة وأتحقق منها، رغم أنه مشكّل أساسى لوعى الناس، مثل الصحافة التليفزيونية، فحينما طُلب منى رأى لإنقاذ الصحافة المكتوبة، قلت: «علشان ننقذ الصحافة لازم نرجع المدارس الصحفية تانى»، فمثلًا مدرسة «الأهرام» تتسم بالموضوعية الشديدة، والاهتمام بالمعلومات والأخبار، وهناك مدرسة «روز اليوسف» التى كانت دائمًا متهمة بالإثارة، واقتحام المناطق الشائكة، وتحطيم الممنوعات، وأنا أنتمى إليها، وهناك مدرسة «أخبار اليوم»، التى تعتمد على مقولة «ليس الخبر أن تقول عض الكلب رجلًا، لكن الخبر هو أن تقول إن رجلًا عض كلبًا»، وهى تمزج بين المدرستين، وأنا مخلص لمدرستى جدًا، وأؤمن دائمًا بأن الحوار «حبل مشدود» بين طرفين، ولابد أن يظل مشدودًا، وأن تكون الأسئلة محاصرة للضيف، وهناك طريقة أخرى مثل الأستاذ عماد الدين أديب، الذى يؤمن بأن الحوار الهادئ أفضل للخروج بأقصى معلومات من الضيف، وهو ما أتبعه فى برنامجى، فأنا أحاول تقديم الصحافة التليفزيونية بكل طريقة، فمثلًا فى الصحافة هناك الصفحة الأخيرة، وهى صفحة المنوعات، وأحيانًا يبدأ القارئ من الصفحة الأخيرة.
دائمًا ما تواجه اتهامات بالإثارة بموضوعاتك، وكذا بطريقتك فى إدارة الحوار؟- كما ذكرت هى مدارس صحفية مختلفة، وما يثير دهشتى فعلًا الهجوم علىّ من قبل بعض المشاهدين، لمناقشتى قضايا قد يراها غير مهمة، فما الذى يجبره على ذلك، كما أنه أيضًا لا يرى الموضوعات المهمة التى أناقشها، مثل استضافتى وزيرًا مهمًا أو مناقشة قضية مهمة، فهناك كاتب كبير وسيناريست اتصل بى بسبب حلقة «دكتورة الجامعة الشهيرة التى ترقص»، وأبلغنى أنه سيضع القصة فى فيلم جديد يحضّر له، وأذكر أيضًا أن أحد رؤساء التحرير انتقدنى بسبب حديثى عن ترشح سما المصرى لمجلس النواب، رغم أننى تابعت الصحيفة لديه ووجدت 39 خبرًا و12 تقريرًا، منها موضوع بالصفحة الأولى عنها، ومع ذلك يلومنى.
كيف تتقبل الانتقادات التى توجه لك، وكيف تتعامل معها؟
- لا أغضب من أى نقد، بدليل أن بعض الزملاء يستغلون شاشاتهم، لتوجيه الاتهامات لزملائهم، ومع ذلك أنا لم أوجه انتقادًا لزميل من شاشتى، وأحيانًا يوجه البعض إلينا شتائم، ومع ذلك لا أرد، ففكرة تحويل الشاشات إلى «دكاكين» لتبادل الاتهامات شىء مؤسف، ولم أقع فى هذا الفخ، فصديقى هو من يُهدى إلىّ عيوبى، والذى يسعى لإرضاء كل الناس لن ينجح، فأنا أحب سماع الانتقادات، وإلا لن نستحق أن نمتهن هذه المهنة، لأنها مهنة فى أساسها هى مهنة حرية الاختلاف، فالأستاذ وحيد حامد من أكثر الذين يوجهون لى انتقادات وأتقبلها، وبالمناسبة أسمع كثيرًا عنى لقب «وائل حريقة» بسبب هذه الطريقة، وهذا المصطلح يسعدنى وأتقبله، وأرد عليهم بأننا «برنامج إطفائى».
«العاشرة مساء» بدأ مع منى الشاذلى، فكيف استطعت وضع بصمتك بحيث أصبح لا ينفصل عنك؟
- حينما بدأت «العاشرة مساء» كانت الزميلة منى الشاذلى حققت نجاحات كبيرة به، وفى لحظة معينة توقفت وبتصميم، حتى أنهم عندما عرضوا علىّ رفضت فى البداية، لأننى كنت وقتها أقدم برنامج «الحقيقة»، وكان يعتمد على المدرسة التى أحبها فى الصحافة التليفزيونية، والدخول فى المناطق الشائكة، واتصلت بمنى الشاذلى وقلت لها إن «العاشرة مساء» أهم صحيفة تليفزيونية فى مصر، وأهم من «الأهرام»، كيف تتركينه، وهى وقتها كانت لديها أسبابها، فوافقت على «العاشرة»، وتعرضت وقتها لهجوم شرس وتحملنا، فوضعنا أمام امتحان، وأعتقد أن الجمهور هو من يحكم علينا، سواء نجحنا أو فشلنا، ورغم أن الادعاءات وقتها كانت أن البرنامج كان به 50 دقيقة إعلانات، ومع وجودنا قلّت، إلا أننى لا أقيس النجاح بالإعلانات، أو حجم ما ينشر عن البرنامج، ولكنى أقيسه بحجم التأثير، فأنا كنت صاحب اللقاء الوحيد مع نور المالكى، المهدد بإشعال الفتنة فى العراق.
بعض الإعلاميين يحملون هَم ضيوف بعينهم هل أنت من هذا النوع؟
- بالطبع، هناك بعض الضيوف لابد أن «أعمل حسابهم»، وأنا لا أدخل الحلقة بمنطق حلبة الملاكمة، أو أن أفوز بالضربة القاضية، ولكن كل ما أسعى إليه هو أن أنتصر بالحوار، هذا لا يمنع أن يكون منهج الضربة القاضية مطلوبًا فى بعض الحوارات مع الشخصيات السلبية، مثل الإرهابى، وهو من أصعب اللقاءات التى تواجهنا الشخص الفاسد إذا استطاع أن يقنع الناس والجمهور بأنه نقى وتقى، فأكون أسهمت فى الفساد، وهو انتصر فى الحوار .
علاقتك بقناة «دريم» طويلة وممتدة حدثنا عن هذه العلاقة؟
- علاقتى بـ«دريم» علاقة مرضية، على اعتبار أننى طيلة عملى فى القناة تأتينى عروض أفضل ماديًا، وأحيانًا كنت أوافق فى المساء، لكننى أعود وأرفض فى الصباح، فأنا أفضل العمل فيها دائمًا، لأنى حصلت على حريتى فيها، فلم يحدث أبدًا أن تدخل أحد فى البرنامج، فصاحب القناة رجل أعمال ومؤمن بالرأسمالية، وأنا مؤمن بالعدالة الاجتماعية، وأنه لابد من الأخذ من الغنى وإعطاء الفقير، والانحياز للفقراء، إلا فى لحظات عصيبة، وتحديدًا فى وقت الإخوان، وأيضًا كانت هناك ضغوط مختلفة فى عصر ما قبل ثورة يناير، وبعض الحلقات من «الحقيقة» مُنعت، فـ«دريم» هى الأكثر حرية، وهو أمر يهمنى أكثر من المادة، فأنا رفضت 3 عروض جدية، آخرها مع قناة «ten» للعودة لـ«البيت بيتك».
كيف ترى عودة إعلاميين مثل إبراهيم عيسى ومحمود سعد؟
- دائما أقول إن هناك سلطة تعبر عن مشروع وطنى، وهو مشروع 30 يونيو، وهو مشروع لابد أن يحتوى الجميع، ويستوعبهم، وفكرة أن يكون هناك ضيف ممنوع هى فكرة خاطئة، فإبراهيم عيسى شخصية وطنية، وواحد من أهم صناع الصحافة المكتوبة، فهو صديقى وأخى وتوأمى، وتشاركنا سويًا فى رئاسة تحرير «صوت الأمة»، وهو يعبر عن صحافة الموقف، فهو يقدم مقالًا تليفزيونيًا، وأقول له أن تكون موجودًا ومع الوقت تزداد مساحة الحرية، أفضل من الغياب التام، أما محمود سعد فهو أول شخص بعد مفيد فوزى نجح فى تقديم الصحافة التليفزيونية، ونجاحه كان مقدمة لنجاحنا.
كيف ترى الأوضاع فى قناة «الحياة» بعد تولى هالة سرحان رئاستها؟
- هالة سرحان صنعت قنوات فضائية ناجحة، وعليها أن تدرك أن المراحل تختلف، فأدوات العمل الإعلامى قديمًا تختلف عن الأدوات حاليًا، وأتمنى أن تحقق نجاحًا مع قناة «الحياة».
فيما يتعلق بماسبيرو، كيف تعلق على الأوضاع التى وصل إليها حاليًا؟
- ماسبيرو جزء من وجدان كل مصرى، وأنا مع الحفاظ عليه، متمثلًا فى المبنى وفى البشر، فهو بما فيه من كنوز وأرشيف واسم عملاق، يمكن أن يستعيد قوته ومجده من جديد، وأتمنى من كل القوى أن تتعاون مع بعضها البعض لإنجاحه، فماسبيرو يحتاج إلى حرية أكثر من المال، وأن تلغى عند الجمهور الصورة الذهنية أنه «صوت الحكومة»، فهو صوت الدولة وليس الحكومة، فالحكومة أكثر المستفيدين من أن يكون ماسبيرو صوت الناس كلها، وأعتقد أنه بهذه الطريقة سينجح ماسبيرو، فالنجاح سيعود بشكل تراكمى، ولكن بمزيد من الحرية، وأعتقد أن لديه الكثير من الكفاءات، وكذلك الرؤية.
هل ترى أن الحل فى عودة وزارة الإعلام مرة أخرى؟
- وزارة الإعلام هى وزارة ليست موجودة إلا فى الدول الفاشستية أو دول العالم الثالث، فليس هناك وزير إعلام فى إنجلترا أو فرنسا أو حتى فى الولايات المتحدة الأمريكية، فوزارة الإعلام مثلها مثل وزارة التموين، هما وزارات حرب، وبالتالى لسنا فى حاجة إلى وزير إعلام، والهيئة الوطنية إذا قامت بدورها ستكون معبرة عن إعلام قوى وناجح.
فى أيام إجازة البرنامج من الإعلاميون الذين تفضل مشاهدتهم؟
- لست من النوع الذى يقول إنه لا يتابع أى شخص منافس له، وأرى أن العكس هو الصحيح، فلابد من مشاهدة كل المنافسين حتى أتطلع لأكون الأفضل، وأعرف ما الذى فاتنا أو ماذا ينقصنا، وعلى سبيل المثال أحب خفة ظل عمرو أديب الممزوجة بالجدية، وأيضًا لميس الحديدى لديها قدرة فائقة فى الحوارات، ولديها أسئلة قوية، وبإمكانها الوصول لشخصيات مهمة، وأيضا رغم اختلافى مع أحمد موسى أشاهده، وتربطنا صداقة.
هذا الخبر منقول من : اليوم السابع