مقال عن أحداث الاغتيالات واستهداف الكنائس والمسيحين
منذ أحداث الاغتيالات واستهداف الكنائس والمسيحين وأخيرًا اغتيال أبونا سمعان، دأب أباؤنا الأكليروس على دغدغة مشاعر الأقباط ومحاولة ترسيخ مفهوم أننا نفرح بقبول الموت وأن المسيحى مخلوق لأجل ذلك ونستقبله وإن أمكن بالزغاريط (وقد حدث بالفعل) وهناك ترتيلة تستفزنى جدا تقول: (أصل أنا مش من هنا أنا ليا وطن ثانى) وكأن المسيحى وجِد لكى يُهان ويتعذب ويُقتل وعليه أن يستقبل كل ذلك بفرح وحبور.
آبائى عفوا هذا شىء لم يكن فى تفكير الله ولم يناد به السيد المسيح (طبعا سينبرى كثيرون ويمطروننى بآيات تؤيد مقولتهم)، ولكن الله خلقنا لنعمر الأرض وليس للاستعداد للموت وإلا ما هو الهدف من خلقتنا.
أول معجزة صنعها السيد المسيح كانت فى عرس قانا الجليل، أى مباركته لسر الزيجة الذى يدعو إلى الشركة والتناسل وتأسيس كنائس باسمه فى كل بيت (لم يقل أن الدم المسال منكم هو لتأسيس الكنيسة)، وعندما صنع معجزات الشفاء لكل محتاج كان يريد أن تستمر الحياة بصحة وراحة بال وإلا لكان يتركهم يستقبلون الموت بفرح ويشجعهم على بركة المرض لأنها سوف تؤهله للموت، وعندما دعا الأطفال وقال لهم دعوا الأطفال يأتون إلا لأن مثل هؤلاء ملكوت السموات، لم يدعوهم ليعدهم لاستقبال الموت بفرح ولكن لكى يوضح أن ملكوت السموات فى داخلكم ولن تحسوا به إلا إذا كانت أفكاركم مثل الأطفال مقبلة على الحياة بريئة مملوءة بالأمل خالية من هموم العالم وكما يطلق عليهم إكليمندس السكندرى (الخليقة الجديدة) السيد المسيح حتى وهو على الصليب كان يفكر فى والدته العذراء وكيف يضمن لها حياة كريمة فأوصى القديس يوحنا أن يأخذها عنده ولم يشجعها على التقدم والتضحية بنفسها.
آبائى الأكليروس عفوًا فرق كبير بين غرس مفهوم أننا ليس لنا وطن سوى السماء وبين أن نغرس فيهم قيمة الحياة وقيمة الوطن الذى نعيش فيه ونعمره ونحوله لملكوت كما نقول فى الصلاة الربانية (كما فى السماء كذلك على الأرض).
السيد المسيح عندما قال أنتم ملح الأرض وأنتم نور العالم كان يبث فينا روح التعايش والمشاركة والانتماء لأن الملح يعطى للحياة طعما ونُنير العالم بسلوكنا وتحضرنا وحماسنا لحياة متجددة يستنير العالم بوجودنا فيه وليس بتجهيز أكفاننا.
أرجوكم نحن نحتاج إلى تجديد الخطاب الدينى والدعوة إلى مطالبة كل المسيحيين بحقوقهم المشروعة فى وطن يمتلكون هويته يدافعون عنه ويدافعون عن تواجدهم فيه بكل كرامة المواطنة وبكل ما أقره الدستور والقانون والأعراف.
إن ترسيخ هذا الفكر هو الهدف الذى يسعى إليه أعداء الوطن وأعداء الإنسانية وأصحاب الفكر الإرهاربى الذى يحاول فرض حالة من اليأس والإحباط والانسحاب من المشاركة فى الوطن حتى يسهل لهم الانقضاض عليه وتمزيقه ونحن بدون أن نعلم نساعدهم ونمهد لهم الطريق لتنفيذ ذلك.
أبى القديس سمعان الشهيد كان محبًا للحياة يستمتع بالعزف على الناى ويستمتع بترديد الألحان والترانيم، محب للفنون محبوب من كل شعبه مقبل على الحياة.