كثير ما يحدث شر
نسأل هل موت او حادث او مصيبه من الله أم من الشيطان
هل الطوفان وحرق سدوم من الله أم من الطبيعة أم من الشيطان
اتمني أجد كتاب يشرح الشر والألم بمفهوم مسيحي حقيقي
سلام لشخصك العزيز والمحبوب من الله، صدقني الموضوع مش محتاج كتب ولا شرح كتير، لأن الفلسفة مصدرها الملحدين والمفكرين الذي اتعبوا الإنسانية وأبعدوها عن رؤية الحق وجعلوا الرؤيا الصحيحة ضبابية، والناس سارت ورائهم كقطيع يسير وراء راعيه، لكي يحوروا المعاني لتتكيف مع تفكيرهم لكي يجذبوهم للمسيحية، ولكي يدافعوا عن الكتاب المقدس حسب تصورهم أمام الآخرين الذين لا يؤمنون به، ويجعلونه محبوباً لديهم.
مع أن المشكلة تكمن في عدم وعي الإنسان وانفتاحه الحقيقي على الله في المسيح لذلك أظلم فكره وبدأ يحيا بالفلسفة مبتعداً عن إعلان كلمة الله فدخل في أزمنة التيه وضل وبدأ يغشى عقله غيوم عدم التوبة وتكريس الحياة لله بصدق وأمانة حقيقية وقد انفتح - بكامل وكل وعيه وإدراكه - على طريق معرفة الخير والشرّ في انفصال واضح عن الله توضحه الأيام وتزيده تعمق وتأصل، بسبب قلبه النجيس المخادع والذي هو أخدع من كل شيء، فالمشكلة الحقيقية ليست في الله بل في الإنسان نفسه، فمنذ البداية سقط، والسقوط وحده هو الذي يشرح الشرّ والموت الذي دخل إلى العالم لأن الإنسان تخلى عن الله، فالإنسان منذ الخلق كان رأس الخليقة وتاجها، والرب قال لآدم بعد سقوطة ملعونة الأرض بسببك، إذاً مين السبب لسقوط العالم كله والمرار الذي يحيا فيه عبر الأيام والعصور كلها، هو فقط ملكه ورأسه "أي الإنسان"، لأن بعد السقوط الطبيعة نفسها انقلبت على الإنسان وصار لا سلام ولا ضمان في كل شيء، بل هجر إلهي وشعور عميق بالانفصال عنه، والكل مال نحو الموت الذي تبعه الفساد.
فالإنسان بعد السقوط لم يقف عند حد بل بدأ يخترع الشرّ على كل شكل ولون وزاد عبر العصور والأيام، والشرّ نفسه نتيجته أُسقطت على الإنسان واستخدم وطوع لتأديب الإنسان لكي يتوب، فمكتوب في سفر الرؤيا:
+ وأما بقية الناس الذين لم يقتلوا بهذه الضربات فلم يتوبوا عن أعمال أيديهم حتى لا يسجدوا للشياطين وأصنام الذهب والفضة والنحاس والحجر والخشب التي لا تستطيع أن تُبصر ولا تسمع ولا تمشي (رؤيا 9: 20)
+ فاحترق الناس احتراقا عظيماً وجدفوا على اسم الله الذي له سلطان على هذه الضربات ولم يتوبوا ليعطوه مجداً (رؤيا 16: 9)
ونتيجة لعدم وعي الإنسان الذي صار في اتجاهين، الاتجاه الأول عدم وعي المؤمنين بطريق الآلام والضيقات والتألم مع العالم بسبب انقلاب الطبيعة نفسها وتغيرها أو كل الآلام التي تأتيه عن طريق المتمسكين بالشرّ، لأن المسيحي الحقيقي طريقه طريق المسيح الرب، طريق الآلام إلى الجلجثة حتى الموت، والإتجاه الآخر اتجاه الأشرار الذين بدورهم يزيدون شراً على شر وإثماً فوق إثم، مما يفسد الأرض، ومن ثمَّ يشعرون بغضب من الطبيعة نفسها التي تنقلب عليهم، لأن الله بيستخدم الطبيعة للتأديب والتربية، واحياناً يُظهر العقوبة التي تُظهر هلاك الخطية المدمرة للبشرية لكي تكون مثالاً وعبره، لكن الإنسان - للأسف - بدأ يحور الموضوع لكي لا يتوب لذلك خطئيته باقية، ولذلك مكتوب:
+ وجدفوا على إله السماء من أوجاعهم ومن قروحهم ولم يتوبوا عن أعمالهم (رؤيا 16: 11)
فالإنسان عنده إصرار عجيب على عدم التوبة، بل كل ما يفعله لكي يهرب أنه يجدف على اسم الله الحي ويُنسب له كل الأفعال الشريرة التي هو يرتكبها بحريته وإرادته، أو يهرب من موضوع انقلاب الطبيعة أو ظهور التأديب الإلهي بإعلان واضح في الكتاب المقدس وظاهر كشمس النهار، ويحور الكلام لمعاني أخرى، والسبب أنه أحب الظلمة أكثر من النور، وهو غير قابل للتأديب لأنه قلبه غلظ وتحجر بسبب عقله وفلسفته، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية والمعضلة التي ليس لها حل، وهيهات أن عرف الإنسان أن يتصالح مع الطبيعة أو يفهم الأحداث الطبيعية من حوله والتي سببها السقوط، وذلك بسبب انه بعناد ظل منعزلاً عن الله ولا يُريد أن يعود لله الحي.
+ لأن قلب هذا الشعب قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها وغمضوا عيونهم لئلا يبصروا بعيونهم ويسمعوا بآذانهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأُشفيهم (متى 13: 15)
ودعني أسألك سؤال إيه اللي خلى مثلاً شعب إسرائيل يُسبى قديماً، اليست هي خطاياهم، ولذلك أدبهم الله وسلملهم لأعدائهم لأنه تخلى عن حمايتهم، فهنا مصيبة السبي هل هي من الله أم من الشيطان أم من الناس، أليست بدأت من الناس أولاً بالخضوع للغواية مع أن عندهم الوصية ومع ذلك لم يحيوا بالإيمان وعصوا وتمردوا على الله ونسوا شريعته، ثم بسبب ذلك تخلى الله عنهم، فاستلمهم أعدائهم وسبوهم، والهدف من ترك الله هو التأديب، لأن من بعد التخلي تبدأ كل مصيبة ليحصد الإنسان نتيجة أعمال شره وفساده وعناد قلبه القاسي.+ يَا رَبُّ أَلَيْسَتْ عَيْنَاكَ عَلَى الْحَقِّ؟ ضَرَبْتَهُمْ فَلَمْ يَتَوَجَّعُوا. أَفْنَيْتَهُمْ وَأَبُوا قُبُولَ التَّأْدِيبِ. صَلَّبُوا وُجُوهَهُمْ أَكْثَرَ مِنَ الصَّخْرِ. أَبُوا الرُّجُوعَ (إرميا 5: 3)
+ فما أتعس الذين يحتقرون الحكمة والتأديب، يكون رجاؤهم باطلاً وأتعابهم عقيمة وأعمالهم لا فائدة فيها (الحكمة 3: 11)
+ وغاية التأديب محبة الحكمة والعمل بشرائعها ومراعاتها مراعاة تؤمن الخلود (الحكمة 6: 18)
+ إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ (عبرانيين 12: 7)