|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الاعلان والتفسير “فماذا إن خان بعضهم؟ أتبطل خيانته وفاء الله”؟ (رو 3: 3) رسالة وشهادة: ما هو الكتاب المقدس؟ هل هو كتاب كالكتب الأخرى المعدَّة للقارئ العادي الذي ننتظر منه أن يستوعب معناه مباشرة؟ إنه بالأحرى كتاب شريف موجَّه إلى المؤمنين أولاً. وممَّا لا شك فيه أن المرء يقدر أن يقرأ أي سفر مقدَّس كما يقرأ “النصوص الأدبية” عادة. لكن هذه القراءة لا علاقة لها بهدفنا المباشر، فنحن لا نهتم بالحرف بل بالرسالة. هذا ما عبَّر عنه بقوة القديس إيلاريون في قوله: “الكتاب المقدس ليس بقراءته، بل بفهمه” (Scriptura est non in legendo, sed in intelligendo). هل نجد في الكتاب المقدَّس، مأخوذاً كلاًّ، وكتاباً واحداً، رسالة معيَّنة؟ إذا كان الجواب بالإيجاب فإلى من تكن هذه الرسالة موجَّهة بشكل خاص؟ أ إلى أشخاص مؤهَّلين لفهم الكتاب وتفسير رسالته؟ أم إلى الجماعة والأشخاص بصفة كونهم أعضاء في هذه الجماعة؟ |
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
مهما كان أصل النصوص التي يشتمل عليها الكتاب المقدس فمن الواضح أنه في مجمله من خلق الجماعة في التدبير القديم والكنيسة المسيحية على حد سواء. فهو لا يشتمل على كلِّ النصوص التاريخية والتشريعية والتعبّدية الموجودة، بل على نخبة منها. وهذه النخبة أصبحت ذات سلطان من خلال استعمالها -وعلى الأخص في الليتورجيا- وفي وسط الجماعة ومن خلال القيمة التي أعطتها لها الكنيسة. لقد كان هناك هدف واضح يحدِّد هذه “النخبة” ويعيِّنها: “وصنع يسوع أمام تلاميذه آيات أخرى غير مدوَّنة في هذا الكتاب. أمَّا الآيات المدوَّنة هنا، فهي لتؤمنوا بأن يسوع هو المسيح ابن الله. فإذا آمنتم نلتم باسمه الحياة” (يوحنا 20: 30-31). ينطبق هذه الهدف على الكتاب كلِّه. فما حصل هو أن بعضاً من الكتابات اختير وجُمع وسُلِّم بعد ذلك إلى المؤمنين ليكون نسخة عن الرسالة الإلهية يجد اعتمادها. إن الرسالة إلهية وآتية من الله، بل إنها كلمته، لكن المؤمنة هي التي سلَّمت بصحة الكلمة التي قيلت وهي التي شهدت لحقيقتها. لذلك فإننا نؤكد الصفة المقدسة للكتاب بواسطة الإيمان. ولأن الكتاب أُلِّف ضمن الجماعة بهدف بنيانها، فلا نقدر أن نفصل الكنيسة عن الكتاب المقدس. فالكتاب والعهد متصلان اتصلاً وثيقاً، والعهد يفترض وجود شعب، ولذلك ائتُمن الشعب على كلمة الله (رو3: 2) في التدبير القديم. أمَّا في التدبير الجديد فائتُمنت كنيسة الكلمة المتجسد على رسالة الملكوت. فالكتاب هو حقاً كلمة الله، لكنه يستند إلى شهادة الكنيسة التي وضعت قانون الكتاب وثبتته. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
على المرء ألاَّ يغفل الخلفية التبشيرية للعهد الجديد الذي تجسَّدت ودُوِّنت فيه “البشارة الرسولية” بهدفيها: بنيان المؤمنين وهدي العالم. إذن، العهد الجديد ليس كتاب الجماعة حصراً كما كان العهد القديم. فهو ما زال كتاباً تبشيرياً، لكنَّه يبقى مع ذلك في حمىً عن الغرباء. كان موقف ترتليان من الكتاب المقدس نموذجياً، لأنه لم يكن مستعداً للبحث مع الهراطقة على أسس كتابية في المواضيع الإيمانية التي لم يكونوا على اتفاق فيها. فالكتاب يخصّ الكنيسة، ولذلك كان احتكام الهراطقة إليه غير شرعي، إذ لا حقّ لهم في ملك غريب. هذه الحجَّة الرئيسة نجدها في مبحثه الشهير “معارضة الهراطقة” (De praescriptione haereticorum) حيث يؤكد أن غير المؤمن لا يحقّ له لمس الرسالة، لأنه لم “يستلمها”. فلا “رسالة” له في الكتاب المقدس. لم يكن مصادفةً إعتبار منتخبات متعدَّدة ومدوَّنة في أوقات مختلفة وعلى يد مؤلفين عديدين كتاباً واحداً. فلفظة ta biblia بصيغة الجمع، في حين أن لفظة Bible (الكتاب) بصيغة المفرد. وهذا دليل على أن هذه الأسفار تؤلف كتاباً مقدساً واحداً، ذا موضوع رئيسي واحد ورسالة واحدة، بل تؤلف رواية العلاقات بين الله وشعبه المختار، ومدوَّناً يودر أفعال الله وعظائمه (Magnalia Dei). فالله ابتدأ بالمسيرة، إذ هناك بداءة ونهاية تكون الهدف والغاية، أي هناك نقطة إنطلاق كامنة في كلام الله “في البدء” (تكوين 1: 1) ونهاية يشير إليها كلام الرؤيا الختامي: “تعالي أيها الرب يسوع” (رؤيا 22: 20). إذن، هناك قصة كاملة تبتدئ من سفر التكوين وتنتهي بسفر الرؤيا، وهذه القصة هي تاريخ، ومسيرة تتحرك بين هاتين النقطتين. ولهذه المسيرة إتجاه معيَّن. وهناك هدف أساسي ورجاء إكتمال سيتحقق في آخر الأزمنة. فهذه القصة ذات مراحل وكل مرحلة ترتبط بطرفي المسيرة ولها مكانة صحيحة وفريدة في القصة كلِّها. لذلك تُفهم كلّ مرحلة من السياق كلِّه والمنظور كلِّه. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
كلَّم الله آباءنا “مرَّات كثيرة وبمختلف الوسائل” (عبر 1: 1) وكشف عن نفسه خلال العصور باستمرار قائداً شعبه من حقيقة إلى حقيقة. فهناك مراحل في إعلانه واستزادة (per incrementa). وهذا التنوع يجب ألا يُهمل أو يُغفل. ولكن يبقى الله في هذا الإعلان المتعدِّد الأنواع هو هو ورسالته السامية هي هي. فتماثل الرسالة هو الذي يعطي الكتابات المختلفة وحدتها الحقيقية، رغم تنوع أساليبها. لقد أُدرجت في الكتاب روايات مختلفة دون أن تُغيَّر، حتى أن الكنيسة عارضت كلّ المحاولات لاستبدال الأناجيل الأربعة بإنجيل واحد يؤلِّف بينها، أي عارضت تحويل “الأناجيل الأربعة” (Tetraevangelion) إلى “الإنجيل الرباعي” (Diatessaron)، رغم الصعوبات الناجمة عن “الاختلافات بين الإنجيليين” (التي تصارع معها المغبوط أوغسطين). والسبب هو أن الأناجيل الأربعة تثبّت وحدة الرسالة تثبيتاً تاماً، ربما بشكل أكثر تماسكاً من أي جامع يجمعها. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
إن الكتاب المقدس سِفر عن الله، لكّن إله الكتاب ليس مخفيّاً (Deus absconditus) بل معلن (Deus revelatus) يكشف عن ذاته ويفعل في صميم الحياة الإنسانية. فما الكتاب مجرّد مدوَّن إنساني عن أعمال الله وأفعاله، بنوع من التدخل الإلهي نفسه. فالكتاب يحمل في طيّاته الرسالة الإلهية. وبما أن أعمال الله تؤلّف رسالة، فإننا لا نحتاج إلى تجاوز الزمان أو التاريخ حتى نلاقي الله. فهو يلاقي الإنسان في التاريخ، أي في العنصر الإنساني، في وسط وجود الإنسان اليومي. فالتاريخ ينتسب إلى الله، والله يدخل التاريخ الإنساني. إن الكتاب المقدس في جوهره مرلَّف تاريخي يدوّن أعمال الله، من غير أن يكشف أسراره الأزلية، لأن هذه الأسرار لا تُدرك إلاّ عن طريق التاريخ: “ما من أحد رأى الله. الابن الأوحد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه” (يوحنا 1: 18). وأخبرنا عنه بدخوله التاريخ، أي بتجسده المقدّس. ولذلك يجب ألاّ نتخلّص من الإطار التاريخي للإعلان، لأننا لا نحتاج إلى تجريد الحقيقة المعلَنة لنا عن الإطار الذي حصلت فيه الإعلانات. فتجريد كهذا يلغي الحقيقة ذاتها التي ليست فكرة بل شخص هو الرب المتجسد. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
ما يستوقفنا في الكتاب هو تلك العلاقة الخالصة بين الله والإنسان، فهي أُلفة العهد، أُلفة اختيار وتبنٍّ. وهي تبلغ أوجها في التجسد عندما “أرسل الله ابنه مولوداً لامرأة، مولوداً في حكم الشريعة” (غلاطية 4: 4). في الكتاب لا نرى الله وحده، إذ نرى الإنسان أيضاً. إنه إعلان الله، لكن ما أُعلن هو اهتمام الله بالإنسان. فالله يعلن للإنسان عن نفسه ويظهر له ويكلّمه، ويكشف له عن المعنى الخفي لوجوده وعن الهدف الأسمى لحياته. إننا نرى الله آتياً ليعلن عن نفسه ونرى الإنسان يلاقيه ويسمع صوته ويجيبه، أي إننا لا نسمع صوت الله فقط، بل صوت الإنسان مجيباً بكلام الصلاة والشكر والعبادة والرهبة والمحبة والحزن والنم والتهليل والأمل واليأس. ففي العهد شريكان، الله والإنسان، يجتمعان في سرّ اللقاء الإلهي – الإنساني الحقيقي، الموصوف والمدوَّن في قصة العهد، حتى إن الإجابة الإنسانية تندمج في سرّ كلمة الله. في الكتاب حوار يشترك فيه الله والإنسان، لأنه ليس مونولوجاً إلهياً. فهما يتكلمان، ولكن تكون صلوات كاتب المزامير وتضرعاته، مع ذلك، “كلمة الله”. فالله يريد ويتوقع ويطلب هذا الجواب أو الاستجابة من الإنسان، لأنه يكشف له عن نفسه ويحاوره ويقيم العهد مع أبناء الناس، من دون أن تعرَّض هذه المودة والأُلفة تعالي الله للخطر. “فمسكنه نور لا يُقترب منه” (1 تيمو 6: 16). لكن هذا النور “حاء العالم لينير كلّ إنسان” (يوحنا 1: 9). هذا هو سرّ الإعلان و”غرابته”. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
ولأن الإعلان تاريخ للعهد، فالإعلان المدوَّن -الكتاب المقدَّس- هو قبل كلّ شيء تاريخ. فالشريعة والأنبياء والمزامير والنبوءات أمور محبوكة في النسيج التاريخي الحيّ. إن الإعلان الإلهي ليس مجموعة أقوال إلهية وحسب بل هو في الأساس بيان عن الأعمال الإلهية وممرّ لله إلى التاريخ. وهذا الإعلان بلغ أوْجَه عندما تجسَّد كلمة الله وتأنَّس. لكنَّ كتاب الإعلان مصنَّف عن المصير الإنساني أيضاً، لأنه يقص حوادث خلق الإنسان وسقوطه وخلاصه. وبما أن الكتاب يقصّ تاريخ الخلاص فالإنسان ينتمي عضوياً إلى هذه القصة، فيظهره لنا الكتاب في طاعته وثورته العنيدة وفي سقوطه ونهوضه. ويتلخَّص المصير الإنساني كلّه في مصير إسرائيل القديم والجديد الذي هو شعب الله المختار. إن لحدث الاختيار أهميَّة بالغة، لأن شعباً قد اختير وفٌرز عن الأمم الأخرى وصار واحة مقدسة وسط الفوضى الإنسانية. فالله أقام عهده مع شعب واحد وأعطاه شريعته المقدسة. ومن هذا الشعب برز كهنوت حقيقي وإنْ كان كهنوتاً مؤقتاً، ومنه ظهر أنبياء حقيقيون نطقوا بكلمات ملهمَة من روح الله. فكان هذا الشعب مركزاً مقدَّساً وإن كان مركزاً خفيّاً للعالم كلّه، وواحة حبْتنا بها رحمة الله في عالم ساقط وخاطئ وضال وغير مخلَّص. كل هذه الأمور لا تشكِّل حرف الرسالة الكتابية، بل قلبها، فهي لم تكن عملاً بشرياً، بل أتت من الله. لكنها كانت “من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا”. إن الميزات التي أُعطيت لإسرائيل القديم خضعت لهدف أسمى وهو الخلاص الكوني “لأن الخلاص يجيء من اليهود” (يوحنا 4: 22). كونيٌّ هدف الخلاص، لكنه يتمّ عن طريق الفرز والاختيار، عندما يُوجِد الله في وسط السقوط والدمار الإنسانيين واحة مقدَّسة. فالكنيسة أيضاً هي واحة مفروزة لكنها غير منفصلة عن العالم، لأنها ليست ملجأ وحمى فقط، بل حصن أماميّ وطليعة جيش الله. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
في الكتاب المقدس هناك خط الأحداث الزمنية مركز أو نقطة حاسمة تكوِّن بداءة جديدة، لكنها لا تقسم المسيرة إلى مرحلتين، بل تزيدها تماسكاً واتحاداً، حتى إن التمييز بين العهدين ينتمي إلى وحدة الإعلان الكتابي. يجب أن نميِّز بين العهدين تمييزاً واضحاً دون أن نخلط بينهما، رغم ارتباطهما العضوي. وهذا الإرتباط لا يقوم فقط على كونهما منهجين، بل أساساً على شخص يسوع المسيح. إن يسوع المسيح ينتمي إلى العهدين كليهما. فهو يُتمّ التدبير القديم ويكمل “الشريعة والأنبياء” ويدشِّن العهد الجديد، وبالتالي يكمل العهدين، أي الكل. هو مركز الكتاب المقدس نفسه لأنه هو البدء (arche) والنهاية (to telos). هذه الوحدة السرِّية بين البدء والمركز والنهاية تعطي المسيرة الزمنية بشكل غير متوقَّع واقعيتها الأصيلة ومعناها التام، من دون أن تهدم الحقيقة الوجودية للزمن. فلا يوجد مجرَّد أحداث تعبر، بل وقائع ومآثر وأمور جديدة تبرز دوماً إلى الوجود: “ها أنا أجعل كلّ شيء جديداً” (رؤيا 21: 5). |
||||
30 - 06 - 2016, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
في النهاية يجب أن نعتبر العهد القديم “كتاباً لميلاد يسوع المسيح، ابن داود، ابن إبراهيم” (متى 1: 1)، لأنه كان فترة وعود وانتظار وزمن عهود وتنبوءات. فلم يكن الأنبياء وحدهم الذين يتكلَّمون بالنبوءات، بل الأحداث. كان التاريخ كلّه نبوياً و”نموذجياً” وعلامة نبوية تشير إلى الاكتمال المستقبلي. أمَّا الآن فقد انتهت فترة الانتظار وتحقَّق الوعد وجاء الرب ليقيم مع شعبه إلى الأبد. انتهى تاريخ اللحم والدم وظهر تاريخ الروح: “وأمَّا بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق” (يوحنا 1: 17). إنه إكمال للقديم وتحقيق له وليس هدماً. “إن العهد القديم يمتد إلى العهد الجديد” (Vetus Testamentum in Novo patet). والفعل “patet” يعني “أُعلن” و”أُكمل”. وهكذا تبقى أسفار العبرانيين مقدَّسة حتى عند إسرائيل المسيح الجديد، ويجب ألاَّ نتخلَّى عنها أو نهملها، لأنها ما زالت تروي لنا قصة الخلاص وعظائم الله (Mangnalia)، وتشهد للمسيح. ولذلك يجب أن تُقرأ في الكنيسة ككتاب تاريخ مقدَّس، من دون أن تتحوّل إلى مجموعة من النصوص الإثباتية والشواهد أو المواقع اللاهوتية (Loci theologie) أو إلى كتاب أمثال وحِكَم. فالنبوءات تحققت والنعمة حلَّت محلّ الشريعة، لكن لم يزُل أيّ شيء، لأن “الماضي” في التاريخ المقدَّس لا يعني ما “انقضى” أو “زال”، بل أساساً ما أُنجز وأُكمل. “والإكمال” هو المقولة الأساسية في الإعلان الإلهي. فكلّ ما تقدَّس يبقى مكرَّساً إلى الأبد وحاملاً ختم الروح القدس الذي ما زال ينفخ في الكلمات التي أوحى بها. وقد يصح أن نقول إن العهد القديم ليس أكثر من كتاب عندنا وعند الكنيسة، لأن الإنجيل أخذ مكان الشريعة والأنبياء. أمَّا العهد الجديد فهو أكثر من كتاب، لأننا ننتمي إليه، مؤلِّفين شعب الميثاق الجديد. ولذلك نحن نفهم الإعلان في العهد القديم ككلمة الله “ونشهد للروح الذي تكلَّم بواسطة الأنبياء”. لأن الله تكلَّم بواسطة ابنه في العهد الجديد، ونحن نُدعى لا لأن نسمع فقط، بل لأن ننظر إليه: “الذي رأيناه وسمعناه نبشِّركم به” (1 يوحنا 1: 3). فنحن نُدعى لأن نكون “في المسيح”. |
||||
30 - 06 - 2016, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الاعلان والتفسير
إن ملء الإعلان الإلهي هو يسوع المسيح، والعهد الجديد هو تاريخٌ كالعهد القديم. فهو التاريخ الإنجيلي عن الكلمة المتجسد وبدء التاريخ الكنسي، وهو التنبؤ الإعلاني (apocalyptic) أيضاً. الإنجيل تاريخ والأحداث التاريخية هي أساس الإيمان ومصدره وقاعدة الرجاء المسيحي، لأن العهد الجديد يقوم على وقائع وأحداث وأعمال وليس على تعاليم ووصايا وكلمات فقط. منذ البدء، في يوم الخمسين، عندما شهد القديس بطرس، بصفته شاهد عيان، على أن ملء الخلاص قد تمَّ بالرب الناهض قائلاً: “ونحن كلُّنا شهود (martyres) على ذلك” (أعمال 2: 32)، كانت للبشارة الرسولية صفة تاريخية أكيدة. وعلى أساس هذا الشاهد التاريخي تقوم الكنيسة. إن للعقائد المسيحية بنية تاريخية أيضاً، لأنها ترجع دائماً إلى الأحداث والواقع التي تشكّل التاريخ المقدس. وفي سرّ المسيح “يحل ملء الألوهية كلّه حلولاً جسدياً” (كولوسي 2: 9). هذا السرّ لا يُفهم على الصعيد الأرضي فقط، لأن له بعداً آخر، لكنَّ الحدود الأرضية لا تُلغى، بل تظهر بعض العوامل التاريخية بجلاء في صورة المسيح المقدسة. كان التبشير الرسولي دوماً سرداً لما حصل، هنا وفي هذه اللحظة (Hic et nunc)، وما حصل كان جديداً وجوهرياً، لأن “الكلمة صار بشراً” (يوحنا 1: 14). فالتجسد والقيامة والصعود هي أحداث تاريخية، لكنَّها لا تحمل معنى أحداث حياتنا اليومية نفسها ولا تكون على المستوى نفسه. لكنَّها لم تكن أقل تاريخية وواقعية، لأنها كانت تزخر بالواقعية أكثر من تلك. من الطبيعي ألا نستطيع تأكيدها إلاَّ عن طريق الإيمان. لكن هذا التأكيد لا يبعدها عن إطارها التاريخي. فالإيمان يكتفي بالكشف عن بعد جديد ويفهمنا المعطى التاريخي في عمقه وحقيقته الكاملة. إن الإنجيليين والرسل لم يكونوا مؤرخين عاديين حتى حتى يوردوا كل أعمال يسوع وأفعاله يوماً فيوماً وسنة فسنة.
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الخدمة في ثلاث كلمات والتفسير في سفر الأعمال |
مزمور 53 - الإطار العام والتفسير |
مزمور 53 - الإطار العام والتفسير |
جورج هيغل والتفسير الديالكتيكي الثلاثي |
مامعنى ان البشر ابناء لله والتفسير |