الاحتداد الخاطئ
ويكون الاحتداد خاطئاً في حالتين:
(أ) احتداد بسبب لا يستحق الاحتداد:
قال المسيح في موعظته على الجبل: « كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ » (متى 5: 22). فالذي يغضب ويحتد على أخيه باطلاً يستوجب حكم محكمة السماء، وربما من محاكم الأرض أيضاً. قد نحتد لمجرد أن شخصاً يختلف معنا من وُجهة نظرنا. وأحياناً لأن إنساناً يعاكس مصالحنا الشخصية البسيطة التي قد لا تكون تافهة، فنفقد أعصابنا، وتخرج من أفواهنا الكلمات التي لا تليق.
وقد نحتد على أقرب الناس إلينا وأحبهم إلى قلوبنا، لأننا لم نسمع دفاعهم عن أنفسهم، أو لأننا لم نعطهم فرصة للدفاع عن وجهة نظرهم. وقد نحتد عليهم لأننا نطلب منهم أن يكونوا مجرد أتباع لنا ولأفكارنا بدون مناقشة. ومن أشد الأمور إيلاماً للنفس الخناقات الزوجية، والعراك بين أبٍ أو أمٍ مع أولادهما، مع أن الأبناء أحب الناس إلى قلوب آبائهم. لكنها المحبة العاطفية الغريزية فقط. وهي في هذه الحالة تحتاج إلى تهذيب وإصلاح سماويين لتكون على مثال محبة المسيح.
ولكن هناك من يغضب بحق، ويطيع الوصية: « اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ، وَلاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَاناً» (أفسس 4: 26، 27).
(ب) الاحتداد الخاطئ هو الممزوج بالرغبة في الانتقام:
قال الرسول بولس لأعضاء كنيسة رومية: « لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ» (رومية 12: 19)، والمعنى أن نعطي الغضب مكاناً فنُفسح له الطريق لينصرف دون أن يصبح عاصفة تكتسح الأخضر واليابس! فإذا غضبنا على الخطأ لا ننتقم، فالخطأ في الاحتداد هو الميل للانتقام من الشخص الذي أخطأ.
ويوصي الرسول بولس أهل أفسس: « لِيُرْفَعْ مِنْ بَيْنِكُمْ كُلُّ مَرَارَةٍ وَسَخَطٍ وَغَضَبٍ وَصِيَاحٍ وَتَجْدِيفٍ مَعَ كُلِّ خُبْثٍ. وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ» (أفسس 4: 31، 32). فالمحبة الحقيقية لا تغضب لسبب لا يستحق. فإذا غضبت لسببٍ يستحق فهي لا تلجأ أبداً للانتقام.