|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مرحلة اللاعودة لا يسر الرب هلاك إنسان هلاكا أبديا لأن الإنسان هو تاج خليقته: ". . .حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. . ." (حِزْقِيَالَ 33: 11). يدعو الرب الإله الإنسان ليأتي إلى السيد المسيح بتوبة حقيقية لأنه يحبه: "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يُوحَنَّا 3: 16). الإنسان الذي يصر باستمرار على رفض دعوة الرب يصل في النهاية إلى حالة اللاعودة حيث ينصب عليه غضب الله: "لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ نَسِيتِنِي وَطَرَحْتِنِي وَرَاءَ ظَهْرِكِ فَتَحْمِلِي أَيْضاً رَذِيلَتَكِ وَزِنَاك" (حِزْقِيَالَ 23: 35؛ إِرْمِيَا 2: 27؛ الْمُلُوكِ الأَوَّلُ 14: 9)؛ "لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ" (رُومِيَةَ 1: 18)؛ "مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ" (الْعِبْرَانِيِّينَ 10: 31). توضح الآيات التالية مبدأ مرحلة اللاعودة: بعد أن بني نوح الفلك كما أمره الله حدث الآتي قبل أن يبدأ الطوفان: "وَالدَّاخِلاَتُ دَخَلَتْ (الفلك) ذَكَراً وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ. وَأَغْلَقَ الرَّبُّ عَلَيْهِ (باب الفلك)" (التَّكْوِينِ 7: 16). في حادثة أخرى، تجمع رجال مدينة سدوم خارج بيت لوط وألحوا عليه طالبين أن يخرج الرجلين الغريبين الذين كانا في ضيافته لكي يغتصباهما جنسيا. حاول لوط أن يثنيهم عن نيتهم بدون جدوى. فحدث الآتي: "فَمَدَّ الرَّجُلاَنِ (الْمَلاَكَانِ) أَيْدِيَهُمَا وَأَدْخَلاَ لُوطاً إِلَيْهِمَا إِلَى الْبَيْتِ وَأَغْلَقَا الْبَابَ" (التَّكْوِينِ 19: 10). الحقائق الروحية التي تبينها هذين الآيتين على غاية الأهمية. إغلاق باب فلك نوح وإغلاق باب بيت لوط يشيرا إلى لحظة الوصول إلى مرحلة اللاعودة بالنسبة للأشرار الذين كانوا في الخارج، وبالنسبة لغضب الله ودينونته لهم. من الهام أن نلاحظ أنه في كلا الحالتين كان الأشرار أناسا مازالوا على قيد الحياة في الجسد. لكنهم كانوا منفصلين عن الرب الإله روحيا (موتى روحيا). فعلى الرغم من أنهم كانوا مازالوا يعيشون بحسب الجسد، فقد وصلوا إلى حالة الانفصال النهائي من حياة الشركة مع الرب حيث طُردوا من مجال رحمة الله إلى الظلمة الخارجية (الجحيم الأبدي). ذلك لأن خطاياهم الكثيرة ورفضهم المتكرر لإحثاث الروح القدس لهم بالتوبة وترك طرقهم الشريرة قست قلوبهم لدرجة أنهم فقدوا المقدرة على سماع هذه الإحثاثات والاستجابة لها: "الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ" (الْعِبْرَانِيِّينَ 3: 15). يتبلور الشر في حياة الشخص الذي يستمر في حياة الخطايا، ويرفض قبول المسيح والتوبة رغم معرفته بالحق. تمام الشر في حياته يدمر ضميره، ويجعله يفقد مقدرته على قبول المسيح والتوبة: "لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ . . ." (رُومِيَةَ 6: 23). إذ أنه قد بلغ نقطة اللاعودة—اللحظة التي يبدأ فيها انفصاله الأبدي عن رب المجد. تعلمنا الأمثال المقدمة هنا من الكتاب المقدس أن هذه اللحظة قد لا تكون لحظة الموت الجسدي. بل قد تكون لحظة في حياته الأرضية الزمنية قبل موته الجسدي بسنين كثيرة. الحالة الثابتة النهائية لعدم التوبة التي تنتج من التجاهل المستمر لصوت الروح القدس وعمله في الإنسان هي خطيئة التجديف على الروح القدس التي لا غفران لها: "مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي" (مَتَّى 12: 32ب). أستمر الفريسيون الذين ارتكبوا هذه الخطية في حياتهم الزمنية الجسدية لمدة سنين بعد ذلك في انفصال أبدي من رب المجد. عند لحظة اللاعودة يترك الروح القدس الشخص الشرير. يشبه هذا ما حدث في رؤية حزقيال النبي المسجلة في حِزْقِيَالَ 10؛ 11: 22-23 حيث غادر مجد الرب على مضض معبد أورشليم (القدس) الذي يرمز إلى النفس البشرية: "أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟" (كُورِنْثُوسَ الأُولَى 6: 19). كان مغادرة مجد الرب لمعبد أورشليم (القدس) هو النتيجة المباشرة للخطايا والشرور الكثيرة لشعب مملكة يهوذا الجنوبية قبل أن يدمره جيش الإمبراطورية البابلية في 587 ق.م. لقد سكن مجد الرب معبد سليمان بأورشليم منذ تكريسه (الْمُلُوكِ الأَوَّلُ 8: 11). يعطينا قضاة 19: 22-28 مثلا آخرا عن حالة اللاعودة. حاول بني بليعال، رجال مدينة جبعة الأشرار، أن يغتصبوا رجلا لاويا مسافرا كان يقضي الليل في مدينتهم. أعطاهم امرأته لكي يصرفهم عنه، ثم أغلق باب المنزل الذي كان يقيم به (قضاة 19: 25، 27). كانت هذه لحظة اللاعودة لرجال المدينة الفاسدين. وقد أهلكهم بعد ذلك بنو إسرائيل وأحرقوا مدينتهم بأكملها تنفيذا لغضب الله عليهم (قضاة 20: 37-40). يخبرنا يوحنا 13: 21-30 عن رجل قد بلغ مرحلة اللاعودة. بعدما أكل يهوذا الاسخريوطي اللقمة في العشاء الأخير، خرج من المنزل ليلا حيث كان التلاميذ مجتمعين مع السيد المسيح ليخونه ويسلمه (يوحنا 13: 30). طبعا، انغلق باب المنزل بعد خروجه منه، بينما هو في الظلمة الخارجية. إنتحر يهوذا في النهاية في يأس أبدي لما فعله (متى 27: 5). ملك هيرودس على منطقة الجليل من 4 ق.م. إلى 39 م. عاش حياة فاسدة وكان تأثيره الأخلاقي على مواطنيه تأثيرا سيئا (مرقس 8: 15). وبخه يوحنا المعمدان لمخالفته شريعة موسى (لاويين 18: 16) بزواجه من هيروديا، زوجة أخيه فيلبس. لذلك طرحه هيرودس في السجن ثم أمر بقطع رأسه (متى 14: 1-12). أرسل بيلاطس البنطي، الحاكم الروماني لليهودية، يسوع مقيدا إلى هيرودس (لوقا 23: 7-12). علم السيد المسيح أن هيرودس قد بلغ حالة اللاعودة بسبب عصيانه المستمر وعدم توبته. لذلك لم يتحدث إليه ولم يجيبه بشيء على أسئلته الكثيرة. إذ كان الحديث إليه عن الخلاص لا يجدي نفعا (متى 7: 6). نُفي هيرودس إلى ليون في منطقة جول (جنوب فرنسا) حيث مات في بؤس. رثا السيد المسيح أورشليم لبلوغها مرحلة اللاعودة قائلا: "يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً!" (مَتَّى 23: 37-38). ولقد تحققت هذه النبوة عندما دمر الجيش الروماني مدينة أورشليم ومعبدها اليهودي في سنة 70م. بالإضافة إلى ذلك، إذا سقط مسيحي وترك مسيحه ونبذ الإيمان به عمدا وبشكل قاطع مستمر دون التفكير في العودة إليه قد فقد مقدرته على التوبة، وبلغ مرحلة اللاعودة. "لأَنَّ الَّذِينَ اسْتُنِيرُوا مَرَّةً، وَذَاقُوا الْمَوْهِبَةَ السَّمَاوِيَّةَ وَصَارُوا شُرَكَاءَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَذَاقُوا كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي، وَسَقَطُوا، لاَ يُمْكِنُ تَجْدِيدُهُمْ أَيْضاً لِلتَّوْبَةِ، إِذْ هُمْ يَصْلِبُونَ لأَنْفُسِهِمُ ابْنَ اللهِ ثَانِيَةً وَيُشَهِّرُونَهُ" (العبرانيين 6: 4-6؛ متى 13: 20-22). يشبه هذا بنوا اسرائيل الذين تمردوا على الله في البرية بعد أن فداهم من عبودية مصر، وحررهم من طغيان فرعون. لذلك منعهم الرب من دخول أرض الميعاد. ماتوا جميعا في البرية (عدد 14؛ 26: 65). من الهام جدا أن نشير إلى أن السيد المسيح هو الوحيد الذي يعلم حقيقة قلب الإنسان وحالته الروحية: ". . . أَنْتَ وَحْدَكَ قَدْ عَرَفْتَ قُلُوبَ كُلِّ بَنِي الْبَشَرِ" (الْمُلُوكِ الأَوَّلُ 8: 39)؛ "وَالرَّبُّ وَازِنُ الْقُلُوبِ" (الأَمْثَالِ 21: 2 ب). لا يعلم أحد من البشر يقينا من بلغ هذه الحالة النهائية التي لا يمكن تغييرها. لا يسر الله الهلاك الأبدي لأي أنسان. لهذا فهو يدعو الجميع إلى الإيمان بالمسيح والتوبة: "لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. فَـارْجِعُوا وَاحْيُوا" (حِزْقِيَالَ 18: 32). لقد دعى الرب الإله نوحا إلى دخول الفلك (تكوين 7: 1) في وقت دينونة وهلاك. يرمز الفلك إلى السيد المسيح. كما كان الفلك مأوى لنوح وأسرته (جماعة المؤمنين) وأنقذهم من هلاك دينونة الطوفان (العبرانيين 11: 7)، السيد المسيح يخلص المؤمنين به من الهلاك الأبدي. كما ترمز جماعة الناس (نوح وعائلته) الذين كانوا في الفلك وتم خلاصهم من هلاك دينونة الطوفان إلى الكنيسة (جماعة المؤمنين). ومن الواضح أن الطوفان يرمز إلى المعمودية (بطرس الأولى 3: 20-21). كانت الطريقة الوحيدة للخلاص من هلاك الطوفان هي دخول الفلك (تكوين 6: 18). فقد هلك كل من بقى خارج الفلك في دينونة الطوفان. بالمثل، طريقة الخلاص الوحيدة هي قبول السيد المسيح بالعهد الجديد: "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" (يُوحَنَّا 14: 6؛ 10: 9؛ 3: 16). تتكرر هذه الدعوة الكريمة للرب الإله في كافة الكتاب المقدس حتى آخر صفحة به: "وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً" (رُؤْيَا 22: 17 ب). يدعو الله الإنسان باستمرار (إشعياء 1: 18-20؛ متى 22: 1-14؛ 28: 19)، ويحثه على أن يقبل الخلاص الكامل الذي أعده له في المسيح الرب. لا يجرد الله الأشرار من حريتهم في اختيار الخير أو الشر. لكن جميع اختياراتهم شريرة وفاسدة. إساءة استخدام إرادتهم الحرة على مدى فترة طويلة من الزمن تتأصل في نفوسهم فلا يستطيعون التغيير. لم يكف الله عن محبتهم، والكفارة التي قدمها السيد المسيح على الصليب كافية لمغفرة كل خطايا التوبة. لكنهم أصبحوا عاجزين عن الإستجابة إيجابيا إلى الحب الإلهي. أنهم غير قادرين على الحصول على الغفران بإغلاق أنفسهم لحث الروح القدس لله الحي القدير. ألئك الذين يستمرون في رفضهم لقبول المسيح كربهم ومخلصهم، وألئك الذين يرفضون التوبة هم في خطورة بلوغ مرحلة اللاعودة بسبب قسوة قلوبهم. لا تؤجل قبولك للمسيح. لا تؤجل توبتك. فربما تبلغ الليلة مرحلة اللاعودة؟ وربما لا يأتي الغد: ". . . الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ . . ." (المَزَامير 95: 7-8)؛ قال السيد المسيح: "هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي" (رُؤْيَا 3: 20). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|