|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من واقع إعلان الحق في الكتاب المقدس، أن أبسط تعريف للإنسان هو: "إنسان الحضرة الإلهية"، لأن الإنسان في بداية وجوده عينيه انفتحت على نور وجه الله الحي، لأن الله خلق الإنسان على صورته في حضرته، فأول انفتاح للإنسان كطفل بسيط في طبيعته كان على المجد الإلهي، لأنه أول منظر وأول مشاهدة للإنسان كان هو الله النور والحياة، لذلك حياة الإنسان الطبيعية هي في الجو الإلهي الخاص، أي في حضرة الله ومعيته، وخارج هذه الحضرة الإلهية يظل الإنسان في قلق واضطراب عظيم وعدم راحة أو سلام، لأنه خرج خارج مكانه الطبيعي وبيته ومنزله الخاص، لأن لا يرتاح المثيل إلا على مثيله، والإنسان كان صورة الله ومثاله قبل السقوط، وبعد السقوط ضاع المثال وتشوهت الصورة، ولكن مع ذلك ظلت هناك ملامح من تلك الصورة مدفونة عميقاً في الإنسان، لأن الملامح الإلهية المزروعة فيه لن تضيع نهائياً، لذلك يظل الإنسان على مر سنين حياته يُفتش تلقائياً على الراحة المفقودة التي في الله مقرّ سكناه ومصدر حياته ووجوده، لذلك يظل هناك حنين في النفس وشوق عظيم إلى الحضرة الإلهية، وهذا يُعَبَّر عنه بالعطش إلى الله الحي: + عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي، متى أجيء واتراءى قدام الله (مزمور 42: 2) + يا الله إلهي أنت، إليك أُبكر، عطشت إليك نفسي، يشتاق إليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء (مزمور 63: 1) عموماً هناك سؤال مطروح على أنفسنا وعلى الآخرين وهو: لماذا أُصلي، او لماذا أحتاج للصلاة، وهل الله لا يعرف احتياجاتي قبل أن أطلبها، فلماذا أُصلي إذاً !!!! هذا السؤال يدل على عدم خبرة الحضرة الإلهية ولا تذوق قوة الصلاة وفاعليتها الحقيقية، أي أن السؤال يُعبَّر عن تغرُّب الإنسان عن الله، أي أن الإنسان لازال مشرداً بعيداً عن بيته ومكانه الطبيعي، أي أنه غريب عن رعية الله، وأن أتى إلى الله يأتي نزيل وغريب كعبد يمد يده متسولاً، يسأل معجزة أو يرجو أن يُعطيه شيئاً يسد به حاجته، ثم يتركه ويمضي لحال سبيله، لذلك في موقف عجيب يشرح الرب نفسه ويؤكد على هذا المعنى في (يوحنا 6: 24 – 50) كالتالي: + [ فلما رأى الجمع أن يسوع ليس هو هناك ولا تلاميذه دخلوا هم أيضاً السفن وجاءوا إلى كفرناحوم يطلبون يسوع. ولما وجدوه في عبر البحر قالوا له يا معلم متى صرت هنا. أجابهم يسوع وقال: الحق الحق أقول لكم أنتم تطلبونني ليس لأنكم رأيتم آيات، بل لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم. أعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يُعطيكم ابن الانسان لأن هذا الله الآب قد ختمه. ] فهذا هو الحال، حينما نطلب الخبز المادي لنأكل ونشبع، لأن لو سألنا الناس لماذا تصلوا، فأن الغالبية العظمى سيقول: لكي يبارك الله بيتي وأسرتي وأولادي: [ يحمينا من المرض والشدة ويسدد كل حاجتنا المادية ]، وهذا الكلام ليس فيه خطأ بالطبع، لأن فعلاً الله يراعنا كلنا على كل المستويات، الروحية والجسدية، لكن العيب كل العيب في أن تكون محور صلاتنا وعلاقتنا مع الله محصورة في أننا أكلنا وشبعنا، أو صلاتنا تكون في الأساس من أجل الحياة في العالم فقط... + [ فقالوا له: ماذا نفعل حتى نعمل أعمال الله !!! أجاب يسوع و قال لهم: هذا هو عمل الله ان "تؤمنوا" بالذي هو أرسله. + فقالوا له فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك، ماذا تعمل !!! آباؤنا أكلوا المن في البرية كما هو مكتوب أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا ] هذا أكبر عيب يا إخوتي نسقط فيه كمسيحيين، وهو البحث عن الآيات والمعجزات ونفتخر بها، لأن كل هذه يطلبها الأمم الغرباء عن الله، لكننا نحن أبناء الله الحي في المسيح يسوع: [ فلستم إذاً بعد غرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ] (أفسس 2: 19) فالغريب والنزيل في فندق، يأتي للمدينة ويحيا فيها مؤقتاً لأنها ليست وطنه ولا مكانه لأنه سيرحل في كل الأحوال عنها مهما ما طابت لهُ وطالت مدة أقامته فيها، فهو يا إما يأتي ساعياً لأجل عمل ما ليأخذ أجره ثم يرحل، أو من أجل أن يزور الأماكن كمجرد سائح ثم يمضي لوطنه مرة أخرى ويحمل معه مجرد ذكريات، وهكذا يتعامل البعض مع الحضرة الإلهية وعلاقته مع القديسين، لأنه يأتي يطلب منهم أن يصلوا من أجله أمام الله ويستجدى عطية ما، ثم بعد أن يأخذها (بكون أن هدفه تحقق وانتهى) يذهب بعيداً، فكل شركته هي شركة غرباء ونُزلاً، غريب عن الموعد وليس من أهل بيت الله، لذلك لا تستقر قدماه وسط القديسين فيُحرم من شركتهم في النور مع الله الحي، لذلك الصلاة عند الكثيرين ليس لها طعم وتذوق مفرح للقلب ولا قوة للنفس، لأنه لم يحيا كابن بعد في شركة القداسة في نور إشراق وجه الله المُنير، لذلك لا يستنير في الصلاة ولا يأخذ منها قوة وشفاء لنفسه قط... |
09 - 12 - 2015, 11:33 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: لماذا أحتاج للصلاة ولماذا أُصلي
ميرسى على مشاركتك الجميلة جدا
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|