|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سر بكاء الملك على كهربائي القصر «أنا في غاية الحزن لأن بوللي لم يسافر معي، فأنا أحس كأنني فقدت قطعة من قلبي، أنا لا أعرف ماذا أفعل بدونه»، كلمات قالها الملك فاروق والدموع في عينيه يوم رحيله من مصر بعد قيام يوليو 1952، عن كهربائي إيطالي يعمل بالقصر لديه. ومازالت أسطورة ملك مصر والسودان الملك فاروق الأول تتردد حتى الآن، خاصة مع الحنين على أيام الملكية بفخامتها ومكانتها المعهودة، كما كثرت الأقاويل عن الحاشية الملكية التي كانت تحيط بالملك فاروق وعن كونها أحد الأسباب الهامة التي لعبت دورا كبيرا في إفساد الملك، وكانت الحاشية الملكية تضم مصريين وغير مصريين، ومع تردد اسم الملك يظهر بقوة اسم أحد أفراد حاشيته، الذي اتهم بعد 23 يوليو 1952 بإفساد الملك وبالإضرار بمصالح البلاد، إنه الإيطالي أنطوان بوللي. وفي مجلة «المصور»، بتاريخ ١٦ يونيو ١٩٣٩، كتب الكاتب فكري أباظة مقالا عن قال فيه: «هي تلك الفئة التي تكتنف الحاكم والتي تحاصره وتحيط به في أوقات الفراغ وأوقات السمر وترويح النفس في معزل عن العمل الرسمي، تنقل إليه الأخبار وتدبر له الحفلات وتنشر له الإشاعات، ولما كان فاروق عاش طفولة مغلقة فقد وجدت فيه الحاشية العجينة التي تشكلها وفق رؤيتها ومصالحها». و«بوللي» من مواليد أحد أحياء ميلانو الفقيرة في عام 1908، وكان ترتيبه الثالث بين 7 أشقاء، وعندما بلغ الـ15 من عمره التحق بالمدرسة البحرية الإيطالية لكنه غادرها بعد أن عارض شقيقه الضابط البحري، لأنه مازال صغيرًا لا يمكنه تحمل أهوال البحار، فعمل بعدها بإحدى شركات الكهرباء لمدة عامين. وفي عام 1930، قرر الإيطالي الطامح الرحيل إلى مصر سعيًا وراء الامتيازات التي ينالها الأجانب تحت سطوة الاحتلال الإنجليزي، وبمعاونة بعض الأصدقاء وجد عملًا في إحدى شركات الكهرباء، كلفته بأعمال كهربائية بسراي المنتزه الملكية، وهناك تقرب من كبار رجال القصر، الذين عينوه براتب 15 جنيه شهريًا. وخلال فترة قصيرة استطاع مصادقة ولي العهد الأمير فاروق، والاستيلاء على عقله بألعاب كهربائية مسلية، وتعليمه الكهرباء واللاسلكي، فارتفع راتبه إلى 25 جنيه شهريًا دفعة واحدة، وكاد أن يطرد من القصر بعد سفر فاروق إلى لندن للتعلُم، لكن وساطة الأميرة فايزة شقيقة الملك فاروق، حالت دون ذلك. بعد عودة فاروق من الخارج ملكًا على مصر، توسعت مهام صديقه الإيطالي في القصر وأصبح مسئولًا عن توزيع التدفئة ونقل النجف وتغييرها وتصليح «الأباجورات»، وتوطدت علاقتهما كثيرًا بعد زواج فاروق من الملكة فريدة، بعد أن نجح «بوللي» في كسر ملل الملك بسهراته الخاصة، وأدى وظيفته بنجاح كبير، وكان ينادي فاروق باسم «شيري» وفاروق يناديه «بلبل». كسب «بوللي» ثقة فاروق، حتى أصبح مديرًا لأعماله وأنعم عليه برتبة البكوية، وأصبح يقيم في الغرفة المجاورة له في القصر. وكان «بوللي» يلازم فاروق كظله حتى أن السفير البريطاني «لورد كيلرن» استاء من مصاحبة «بوللي» للملك حتى عندما خرج لمشاهدة مناورات الأسطول البريطاني، ورغم ذلك ظل «بوللي» هو الملك غير المتوج. تم اتهام «بوللي» في قضية الأسلحة الفاسدة عام ١٩٤٨ وكان من الطبيعي أن يبرأ، وأصبح مركزه في القصر وكأنه دويلة صغيرة ضمت الأسرار الملكية. وبعد 1952، تقرر خروج فاروق من مصر ورفض مجلس قيادة الثورة، كما كتب الرئيس الراحل أنور السادات، طلب فاروق باصطحاب «بوللي» معه إلى الخارج، فغادر البلاد حزينًا بدون «بوللي»، ووقتها قال فاروق للأميرالاي جلال علوبة قائد يخت المحروسة: «أنا في غاية الحزن لأن بوللي لم يسافر معي، فأنا أحس كأنني فقدت قطعة من قلبي ولا أعرف ماذا أفعل دونه»، وقال ذلك والدموع في عينيه. وقال الصحفي محمد حسنين هيكل لقناة «الجزيرة» إن الملكة ناريمان زوجة الملك فاروق ذكرت أن «الملك فاروق كان يرفض أن يطلع المركب بدون بوللي وكان يريد الاطمئنان على صحته، لدرجة أن ذلك ضايقها هي شخصيا»، وأضافت: «قلت له (إن هذا الرجل أضر بك وأنت في مصر وهيضرك وأنت بره)، لكن الملك كان متمسكا أن يأخذ معه بوللي». وتابعت «ناريمان» وفقا لـ«هيكل»: «بوللي في هذه الفترة هرب أو بعد عن نظر الملك وعن القصر وتسلل خارجا من القصر»، مؤكدة أنها في واقع الأمر «هي اللي ساعدت على تهريبه لأنها لم تكن ترغب أن يسافر مع الملك، وطلبت من أحد الضباط الحرس، التي شعرت أنه كان متعاطفا مع الملك، أن يسلم بوللي بأي شكل للقوات المتواجدة خارج القصر لمحاصرته». وقال «هيكل» إنه يعلم أن «بوللي» طلب من ضباط الحرس مقابلة اللواء محمد نجيب بحجة أنه يملك معلومات بالغة الأهمية يريد أن يقولها، وبالفعل في صباح 27 يوليو 1952، في الوقت الذي كان فاروق يبكي فيه على فراق «بوللي»، كان «بوللي» ينوي خيانته. وأضاف «هيكل»: «أنا بنفسي رأيت بوللي يدخل غرفة ومعه اللواء محمد نجيب، وزكريا محيي الدين، وتقريبا صلاح نصر، وبدأ بوللي يحكي تفاصيل مروعة عن اللي كان بيعمله الملك وعن تصرفاته وأسوأ من كدا عن كميات الذهب اللي هربها معه، رغم أن في واقع الأمر فاروق لم يهرب أي ذهبا». وتابع «هيكل»: «الملك فاروق لما عرف اللي حصل وإن بوللي هو من أرشد عنه أظن أصيب بصدمة شديدة». وحُكم على «فاروق الثاني»، كما كانوا يلقبون «بوللي»، بالسجن بتهمة التوسط في أمور مخلة قام بها الملك، وبهذا طويت صفحة الكهربائي الإيطالي البارع في العزف على آلة «المندولين»، والطامح في السلطة والشهرة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|