|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سلسلة مخافة الله (13) محبة الله ومخافته: المخافة تسبق المحبة وتستمر معها بقلم قداسة:البابا شنودة الثالث كثيرون ينفرون من مخافة الله, ويتمسكون بالمحبة, دون أن يدركوا ما هي المخافة؟ وما هي المحبة؟ وما العلاقة بينهما. وأود أن أقول لكل منهم: حسن أن تتمسك بمحبة الله, ولكن لكي تصل إلي هذه المحبة, لابد أن تبدأ بالمخافة. مخافة الله هي بدء الطريق ونهايته هي المحبة وأنت لا تستطيع أن تبدأ الطريق من نهايته!!. لذلك أسلك حسب المنهج الطبيعي الذي شرحه الكتاب فقال: بدء الحكمة مخافة الرب (أم9:10). رأس الحكمة مخافة الله (مز111:10). بمخافة الله تتعود طاعة الوصية. أما محبة الله فهي نهاية الطريق وقمة العمل الروحي, بها يتعلق الناموس كله والأنبياء (مت22:40)!! والذي يصل إليها, لا يحتاج معها إلي وصية أخري. فهي تشمل كل الفضائل داخلها. والإنسان الحكيم يبدأ الطريق من أوله بالمخافة, ومخافة الله توصله إلي المحبة. فكيف ذلك؟ ما دام الإنسان يفعل الخطية, أو يشتهي الخطية, إذن فمخافة الله ليست في قلبه, إذن يبدأ بالمخافة فيتوب, ويبعد عن الخطية مهما كانت محبتها لا تزال في قلبه, وينفذ الوصايا ولو بالتغصب, ويسلك في وسائط النعمة من صلاة وقراءة وتسبيح.. ولو من أجل الطاعة مادام لم يصل بعد إلي الحب, ذلك لأنه في مرحلة يشتهي فيها الجسد ضد الروح والروح ضد الجسد, وهذان يقاوم أحدهما الآخر.. (غل5:17). والمبتدئ في حياة الروح لم يصل بعد إلي التحرر من الخطية, فلا يغصب نفسه علي تركها, خوفا من أن يغضب الله. وخوفا من أن يسقط, ويحزن روح الله, ويتعرض لعقوبته.. ولكن الأمر لا يستمر هكذا. يجد أن وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد وأنها تصير الجاهل حكيما (مز19).. فيفرح بها كمن وجد غنائم كثيرة (مز119). ويبدأ في محبة الخير, ويحب الوصية التي أرشدته والتي قادته إلي حياة النقاوة, وإلي حياة القداسة, وإلي الروحيات, التي تذوقها فأحبها. وبمحبة الخير, يحب الله, وهكذا تكون المخافة جسرا قد أوصله إلي محبة الله. ويخطئ من يظن أنه يصل إلي محبة الله, دون العبور علي مخافته. فالمخافة هي التي تنقي القلب, وتؤهله لأن يكون مسكنا للروح القدس. والروح القدس هو الذي يسكب فيه محبة الله (رو5:5). وهكذا ينتقل من المخافة إلي الحب.. ولكن هذا التطور لا يأتي دفعة واحدة. إنما قد يصل إليه بعد فترة طويلة من الجهاد ومن عمل النعمة فيه. وهو بهذا الجهاد وبهذا التغصب إنما يثبت للرب مدي تمسكه به وتعبه من أجله, وإذ يري الله جدية هذا الإنسان, يقول له: كفاك تعبا. ويسكب محبته في قلبه, ويريحه من كفاح الخطية ومن خوف السقوط. وعلي الرغم من وضوح هذا الطريق, إلا أن البعض يتمسكون في فهم خاطئ يقول القديس يوحنا الرسول: لا خوف في المحبة, بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلي خارج (1يو4:18). ونحن نود أن نتأمل هذه العبارة ونحللها معا, ونري علي أية درجة روحية تتكلم؟ وهل تتنافي مع البداية بمخافة الله.. ولعل الرسول يتكلم عن الخوف بمعني الرعب في يوم الدينونة, لأنه يقول بعدها مباشرة لأن الخوف له عذاب.. كما قال القديس بولس الرسول: مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي (عب10:31). ومع ذلك يليق بنا أن نسأل. من الذي وصل إلي المحبة الكاملة التي تطرح الخوف إلي خارج؟ وما هي هذه المحبة الكاملة؟ قد يدعي إنسان أنه يحب الله, بينما يكون بعيدا جدا عن محبته أما الاختيار الصحيح لمحبته, فهو هذا: هل هو يحفظ وصايا الله أم يكسرها ويخطئ؟ هوذا السيد الرب يقول: إن حفظتم وصاياي, تثبتون في محبتي.. الذي عنده وصاياي ويحفظها, فهو الذي يحبني (يو15:10) (يو14:21).. لذلك فمن غير المعقول أن يدعي إنسان أنه يحب الله, بينما يخالفه ويكسر وصاياه, ولا تكون له شركة معه!. ها هي عبارة واضحة يقولها القديس يوحنا الرسول: فإن هذه هي محبة الله: أن نحفظ وصاياه (1يو5:3). ويقول الرسول أيضا: من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه, فهو كاذب وليس الحق فيه. وأما من حفظ كلمته, فحقا في هذا قد تكملت محبة الله (1يو2:4, 5). إذن علينا أن نسعي أولا إلي حفظ الوصايا. وهنا تلزمنا مخافة الله التي تمنعنا من ارتكاب الخطية. وتدفعنا إلي حفظ الوصية.. ولا نخدع أنفسنا ونقول إننا وصلنا إلي محبة الله, بينما نحن نخطئ, ونحزن روح الله داخلنا (أف4:30). إن الذي يخطئ, لا هو في درجة المحبة, ولا هو في درجة المخافة. إنه لم يبدأ الطريق الروحي بعد..! مادام يخاف الله, فهو لا يخالفه ولا يحبه.. وهو لا يزال يعيش في الظلمة. بعيدا عن نور الله.. والرسول يقول في صراحة: إن قلنا إن لنا شركة معه, وسلكنا في الظلمة, نكذب ولسنا نعمل الحق (1يو1:6).. والسلوك في الظلمة لابد يستدعي الخوف. إذن إن كانت محبة الله, أن نحفظ وصاياه, فما هي إذن (المحبة الكاملة) التي تطرح الخوف خارجا؟ الذي يصل إلي المحبة الكاملة, يكون مشتعلا بمحبة الله. وهذه المحبة تحرق في داخله كل شعور نحو الخطية, بل إنه لا يستطيع أن يخطئ (1يو3:9).. ومن الناحية الإيجابية نري محبة الله تسيطر علي كيانه كله, علي قلبه, وعلي فكره وعلي وقته أيضا. فيحب الله من كل قلبه ومن كل فكره, ومن كل نفسه, ومن كل قدرته (تث6:5) (مت22:37). ويتعلق فكره بالله فيفكر فيه النهار والليل.. هذا شئ من المحبة الكاملة. والذي وصل إليه, طبيعي أنه لا يخاف. لا داعي لأن يستخدم البعض عبارة القديس أنطونيوس الكبير حينما قال لتلاميذه: يا أولادي أنا لا أخاف الله.. فلما قالوا له: هذا الكلام صعب يا أبانا, أجابهم: ذلك لأني أحبه, والمحبة تطرح الخوف إلي خارج.. وهنا أسأل: من منا وصل إلي درجة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس في محبة الله؟!. هؤلاء القديسون العظام وصلوا إلي درجة عظيمة في عشرة الله والدالة معه, وفي دوام الحديث معه, وتفريغ القلب من كل شئ لكي لا يبقي فيه سوي الله وحده.. فهل ندعي لأنفسنا درجات القديسين التي ليست لنا؟! ونردد أقوالهم, ونحن لسنا في مستواهم؟!. هل نحن قد وصلنا إلي الدرجة التي تحرق كل ما في القلب من شهوات الجسد والمادة, والتي فيها تتضاءل بل تختفي كل محبة أخري تنافس محبة الله, حيث يزهد القلب كل شئ, ويحسب كل شئ نفاية إلي جوار محبة المسيح.. الدرجة التي قال فيها القديس أوغسطينوس: جلست علي قمة العالم حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئا, ولا أخاف شيئا. هل أنت كذلك؟!. فأنت أما إن كان لايزال في قلبك شئ من محبة العالم وشهواته, لم تصل بعد إلي المحبة الكاملة نحو الله التي تطرح الخوف إلي خارج.. وإن كان القديس الأنبا أنطونيوس قد قال عبارته المشهورة, بعد عشرات السنوات من الخلوة في عشرة الله ومناجاته, فهل تضع نفسك في مستواه؟!. ومع ذلك فالقديس أنطونيوس تكلم عن مخافة الله. قال القديس الأنبا أنطونيوس: كما أن الضوء إذا دخل إلي بيت مظلم, طرد ظلمته وأناره, كذلك خوف الله إذا دخل إلي قلب إنسان, طرد عنه الجهل, وعلمه كل الفضائل والحكمة. وقال أيضا: في كل موضع تمضي إليه, اجعل مخافة الله بين عينيك. وكل عمل تعمله ليكن لك عليه شاهد من الكبت. وهكذا نصح القديس تلاميذه بمخافة الله. لا تقل إذن إنك قد وصلت إلي المحبة الكاملة التي تطرح الخوف خارجا, إنما قل: أنا أريد أن أحبك, ولكني لم أصل بعد إلي هذه المحبة الكاملة. امنحني إياها.. أنا أسلك في المخافة, وأنت تمنحني المحبة. ألم تقل: كنت أمينا في القليل, فسأقيمك علي الكثير (مت25:21). ليتني إذن أكون أمينا في القليل الذي هو المخافة, لكي تقيمني علي الكثير الذي هو المحبة أنا علي أن أسلك في المخافة, ولا أعصي وصاياك وأنت تدربني علي الحب, بل تسكبه في قلبي بروحك القدوس.. وحتي المخافة لا أستطيع أن أصل إليها بدونك. ألست أنت القائل: بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئا (يو15:5).. نعم, لا نقدر أن نعمل القليل ولا الكثير, بدونك. إذن علمني يارب أن أبدأ الطريق معك. ساعدني أن أصل إلي مخافتك, فأحيا في طاعتك. وأكون أمينا في هذه الطاعة وفي هذه المخافة. وحينئذ سوف تعطيني المحبة, كعطية مجانية من عندك. والمخافة هي الأساس المتين الذي تبني عليه المحبة. وهو الذي يحفظها من السقوط والنكسة. لأن الرب يقول لملاك كنيسة أفسس: عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي (رؤ2:4). والرسول القديس بولس ذكر أن أهل غلاطية: بعد أن بدأوا بالروح, كملوا بالجسد (غل3:3).. ولماذا كملوا بالجسد, إلا لأن مخافة الله لم تكن أمامهم!. المخافة إذن هي الأساس القوي الذي يحمي من النكسة ولذلك فإن ملاك كنيسة أفسس الذي ترك محبته الأولي, عالجه الرب بالمخافة, فقال له: وإلا فأني آتيك عن قريب, وأزحزح منارتك من مكانها, إن لم تتب (رؤ2:5). إن المحبة هي الموضع الأصلي, يمكن أن نفقده بالخطية, ولكن تعيدنا إليه المخافة.. إذن هي وقايةوعلاج. هي وقاية من الخطية تمنعنا من ارتكابها فإن كانت شهوة الخطية فينا أقوي من مخافة الله وسقطنا, وبالتالي بعدنا عن المحبة.. تأتي مخافة الله مرة أخري فتقيمنا من سقطتنا بالتوبة. وبنفس المخافة نسعي إلي مصالحة الله لنعود إلي محبته.. يبقي بعد ذلك كله سؤال مهم وهو: هل إذا وصلنا إلي المحبة. تنتهي علاقتنا بالمخافة تماما؟ كلا.. وكيف ذلك؟ هذا ما أريد أن أحدثك عنه في العدد المقبل, إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
13 - 05 - 2012, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
ميرسي كتير لموضوعك الجميل ربنا يباركك |
||||
24 - 08 - 2016, 11:35 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: سلسلة مخافة الله (13)
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
سلسلة مخافة الله (4) |
سلسلة مخافة الله (8) |
سلسلة مخافة الله (7) |
سلسلة مخافة الله-6 يمكنك الحصول علي مخافة الله |
سلسلة مخافة الله (9) |