![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قيامة الأموات _ أغسطينوس ![]() قيامة الأموات القديس أغسطينوس ماذا ستكون عليه أجساد القديسين؟ وما هي طبيعة حياتهم بعد القيامة؟ الكثير يظنون أن القيامة ستكون للأرواح وليس للأجساد. كلا، نحن نؤمن أن الأجساد لها قيامة أيضاً وهذا ما أستوفيناه شرحاً في العظة السابقة، وهنا نسأل سؤالاً من نوع آخر: إن كان لنا أجساد في الحياة الآتية فما هي مواصفات تلك الأجساد؟ هل هي نفس أجسادنا التي لنا الآن أم هي من نوع آخر؟ وإن كانت من نوع آخر فما هو هذا النوع؟ وإن كانت هي نفس الأجساد فهل ستقوم بنفس الأعمال الغريزية الملتصقة بطبيعتها الآن؟ لم نجد فيما علم به الرب والرسل في الكتاب المقدس ما يشير إلى أن الأجساد ستفعل هناك ما تفعله هنا، فليس عليها غرائز تسعى لإشباعها كتلك التي لها على الأرض. أجساد القيامة ليس لها ضرورات وحاجات فاسدة وزائلة، كتلك التي تخدمها الآن، ولا يكون لها نفس الملذات اللحمية الفانية ولا الشهوات الجسدية المهلكة. فإن كانت أجساد القيامة لا تخدم نفس وظائف الجسد الترابي، ترى هل سيكون الجسد هو هو نفسه؟ وإذا لم يكن نفس الجسد فبأي شكل سيقوم الجسد مرة أخرى؟ نحن نعترف بقيامة الجسد في قانون إيماننا، وحين نعترف به ننال سر العماد. وكل ما نعترف به في قانون الإيمان قبل المعمودية، فنحن نعترف به عن حق. وفي هذا الحق نحن نحيا ونتحرك ونوجد (أع 17). لأن أموراً معينة تجري في حياتنا الحاضرة هي التي تؤهلنا للحياة الأبدية. لأن كل ما حدث هو أننا سمعنا مناداة معينة تدعونا للخلاص. سمعنا عن معجزات حدثت فربنا ولد تحت الزمان، وعطش وجاع، وقبض عليه كفاعل إثم، وشُتم وضُرب وجُلد، وصُلب ومات ودُفن، ثم قام وصعد إلى السماء. كل هذا قد تم ومضى، وهذا ما يُكرز به للخلاص. كل هذا حدث تحت الزمان وعبر، ولكنها هي إيماننا الذي نصدقه ونكرز به ويزداد ترسخاً جيلاً وراء جيل. لقد قام ربنا يسوع المسيح من الأموات. هذا حدث منذ سنين، وكذلك صعوده إلى السماء، حدث قد تم ولا يتكرر، لأنه ليس مستمراً في الصعود إلى الآن. لقد دخل المسيح إلى الحياة التي لا يذوق فيها الموت مرة أخرى، "لا يسود عليه الموت بعد" (رو 6). المسيح حي في السماء إلى الأبد بعدما أخذ الطبيعة البشرية عينها، التي دبر أن يتخذها في ذاته، والتي فيها ولد، وفيها مات، وفيها دُفن. هذا قد جرى وتم، وهو باق فيه إلى الأبد. كل الأحداث التي مرت بالمسيح قد مضت، لأن المسيح لا يُحبل به في البطن البتولي مرة أخرى، ولا يعود الآن ليولد من العذراء مريم، ولا يظل مصلوباً أو مدفوناً إلى الأبد. كلا، لأن كل هذه التدابير قد حدثت وُتبت في ملء الأزمنة حتى من خلالها يُبنى ما سيبقى إلى الأبد (أي الطبيعة البشرية التي إتخذها المسيح، تعيش في مجدها الأبدي في ملكوت السموات وإلى الأبد)، فقيامة ربنا يسوع المسيح بالجسد قد وضعت كأساس في السماء لكل المؤمنين به. أتوسل إلى محبتكم، ركزوا أفكاركم على صرح بناء إيماننا العجيب. فكل مباني الأرض ترتكز على أساسها الذي في الأرض. أما بناء إيماننا المسيحي فهو يرتكز على أساس في السماء! معروف أنهم يضعون كتلاً ضخمة من أحجار غير متحركة أسفل الأرض كأساس، يبنون عليه بعد ذلك بأمان، لأن المبنى منجذب بكل ثقله على الأساس، وإن لم يكن المبنى مرتبط بأساس متين له، يتشقق ويتمايل ويغوص منهاراً على الأرض. لذلك، بحسب قوة الأساس وتماسكه وصلابته يتوقف كل البناء المنشأ عليه. هذا بالنسبة للبناء فوق الأرض. أما أورشليمنا العليا فهي مبنية في السماء، ومركز ثقلها كله منجذب إلى السماء وليس إلى الأرض. لقد صعد المسيح أمامنا إلى السماء، جاعلاً من نفسه أساساً لأورشليم العليا، حيث هو الباكورة كرأس للكنيسة، فهو أساس وهو أيضاً رأس أي بناء سماوي. البداية والنهاية، فالأساس هو الذي يبدأ منه البناء، والرأس هو الذي ينتهي به كل البناء. لقد سبقنا المسيح إلى السماء، وهو الآن جالس عن يمين الآب كأساس يستقر عليه بناء الكنيسة الروحي. الناس لا يضعون في الأساس إلا ما سيبقى راسخاً، كي يضمنوا سلامة الصرح الذي سيستقر عليه، هكذا المسيح بكل الأحداث التي مرت في حياته على الأرض، قد صار قاعدة راسخة صلبة، أُخذت إلى السماء إلى فوق لتُستخدم كأساس سمائي لنا. إننا نأمل ونترجى وننتظر قيامة الأموات، تلك التي أُستعلنت لنا في المسيح الذي هو رأسنا، حيث قام بجسده الذي ولد وعاش ومات ودفن به. من ترجى في غير هذا، فهو لا يبني على الأساس الذي لنا، لا ذهباً ولا فضة ولا حجارة كريمة، ولا حتى قشاً. كل ما يبنيه ليس له أساس، لأنه لم يبن على المسيح. لقد قام ربنا بالجسد الذي دفن به كما قلت لكم، وهو يَعد المسيحيين المؤمنين به بقيامة مثله. فلنأمل إذن في قيامة كالتي حدثت لربنا، فهذه عقيدة تتقدم كل إيماننا، من أجل هذا صعد إلى السماء كسابق لنا، لكي ما يبني إيماننا. وماذا بعد؟ هل سنقوم بنفس أجسادنا؟ لقد قام ربنا يسوع المسيح بنفس جسده، وبهذا الجسد أيضاً صعد إلى السماء. ولقد تمم بجسده كل الأفعال البشرية المعتادة، كي يقنعنا أن الذي قام هو هو الذي دفن. هل في السماء طعام كالذي نأكله؟ لأننا نقرأ أن ملائكة اكملوا أعمالاً بشرية على الأرض. لقد أتوا إلى إبراهيم وأكلوا. وذهب ملاك مع طوبيا وكان يأكل. هل علينا أن نقول أن هذا الأكل كان ظاهرياً فقط؟ ألم يكن من الواضح أن إبراهيم ذبح عجلاً رخصاً وصنع فطائر ووضع طعاماً أمامهم، وكان يخدم بين أيدي الملائكة وهم يأكلون (تك 18)؟ فمن الواضح أن كل هذه الأمور قد حدثت، وقد سجلت بكل التفاصيل. ماذا قال الملاك في سفر طوبيا: "كنتما ترونني آكل ولم يكن ذلك إلا رؤية تريانها" (طو 12: 19) فهل كان لا يأكل ويظهر فقط أنه يأكل؟ ترى ماذا يعني بقوله: كان يتراءى لكم؟ أرجو من قداستكم أن تفكروا بدقة فيما أقول. وليتنا بالأحرى أن نتوجه للصلاة كي ما نفهم، ماذا يقصد الله في إنجيله، وأيضاً كي ما نقول ما يناسبكم لتسمعوا وتفهموا. أجسادنا فاسدة، ومحكوم عليها بالموت. وتتحكم الغرائز في الجسد كي يستمر على قيد الحياة، إنه يتغذى لكي يعيش، وإن لم يشبع غريزة الطعام يعاني الإنسان من الجوع والعطش. وإذا نحن أطلنا فترة جوعنا وعطشنا دون ان نأكل ونشرب، أكثر مما يحتمله الجسد، فهذا يؤدي إلى فقدان طاقة الجسم الحيوية إلى حد الهزال والنحافة. وقد تذهب قوة الجسد تماماً، ولا تعود، إن إستمر الجوع والعطش سيتبع الموت لا محالة. لأن الطاقة المخزنة في الجسم تتسرب عنه بلا إنقطاع كالينبوع الفائض دون أن يشعر الإنسان. ومن أجل ذلك يحتاج الإنسان تجديد قواه الجسدية بالطعام والشراب. ولكن الطاقة المتولدة عن الطعام في الجسم، تتركه شيئاً فشيئاً، ولهذا نشعر بعد فترة وجيزة أننا نحتاج إلى تغذية جديدة. هذه هي طبيعة أجسادنا على الأرض، حيث الموت محفوظ للجسد، لأن الجسد مدين للموت. والجلود التي تغطى بها آدم وحواء عندما طرداً من الجنة بعد السقوط، هي رمز لهذا الفناء (تك 3)، لأن الجلود التي يسلخها الناس، يسلخونها من حيوانات ميتة رمزاً للموت الذي أكتسى به آدم وحواء. وعليه، فإننا نحمل معنا وعلينا جسداً واهناً خافقاً، سائراً حتماً نحو موته. ومهما كان الجسد في حالة عافية وعنفوان، وحتى ولو عاش طويلاً، إلا أنه وبتوالي السنين، سيأتي وقت لا يجد أمامه بعد، ما يمتد إليه، سوى الموت. فطالما نحمل أجساداً بهذا الطراز، سنحتاج أن نأكل طعاماً، لنخرج من الهزل والوهن إلى أن نصل إلى الشيخوخة والكهولة والعجز، حيث لا يزيل الطعام ضعفاً، وبعدها نموت. أما الملاك فهو إن أكل لا يأكل عن غريزة طبيعية مثلنا. وهناك فرق بين أن تفعل شيئاً عن غريزة حتمية، وبين أن تفعلها ويمكنك الإستغناء عنها. الإنسان يأكل كي لا يموت، أما الملاك فهو يأكل ليكون ودوداً ومتآلفاً مع المائتين. لأنه إن كان الملاك ليس لديه أي خوف من موت، ولا يحتاج أن يجدد قواه، لأنه أصلاً لا يعاني من الوهن على الإطلاق، فهو لا يأكل عن ضرورة. أما الذين رأوا ملاكاً يأكل، فقد ظنوا أنه يأكل لأنه كان جائعاً. لذلك قال لهم: وكان يظهر لكم أني آكل وأنا معكم (طو 12). يعني، "لقد كنت آكل، ليس كما ظننتم أنتم أنني جائع، لأن الملاك لا يعاني من أي غريزة، يلتمس إشباعها بالأكل المعتاد، ولكني آكلت كي تأنسوا لي فقط". هكذا المسيح أيضاً الذي قال الرسول بولس عنه: "عالمين أن المسيح بعد ما أقيم من الأموات، لا يموت أيضاً، لا يسود عليه الموت بعد. لأن الموت الذي ماته قد ماته للخطية مرة واحدة. والحياة التي يحياها فيحياها لله" (رو 6). فإن كان المسيح لا يموت بعد، ولا سلطان للموت عليه بعد، فلننتظر نحن أيضاً أن نرقى إلى هذه الحالة مثله بعد قيامتنا من الموت. لأننا سنتغير في طبيعتنا الجسدية لنكون على صورة مجده. القدرة على الأكل والشرب ستستمر ولكن غريزة الطعام سوف لا تكون بعد. هذا هو السبب الذي من أجله أكل الرب بعد قامته، لأنه أراد أن يأنس له تلاميذه الأحياء الذين ظنوه روحاً ... بل وشاء أيضاً أن يريهم جراحاته، مع كونه كان قادراً أن يقوم من الموت بدون آثار لجراحاته، وهو الذي أستطاع أن يعطي بصراً لعيني أعمى، لم يكن له عينان أصلاً من بطن أمه. إنه هو الإله ابن الإله القادر على كل شيء الذي ظهر في الجسد. لأنه حتى قبل الموت، غيَّر جسده حسب ما أراد، وعندما كان على جبل التجلي مع تلاميذه أضاء وجهه كالشمس (مت 17) هذا فعله بقوته هو وحده، مريداً أن يُظهر للتلاميذ أن في إستطاعته أن يغير جسده كيفما شاء. ولو أراد، لأبقى جسده بلا موت، لأنه قال "ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضععها ولي سلطان أن آخذها أيضاً" (يو 10). يا لعظمة تلك القدرة التي لربنا يسوع المسيح التي بها يستطيع أن لا يموت لو أراد. ولكن رحمته قد عظمت بالأكثر، التي بها أراد أن يموت! إنه من أجل رحمته وتحننه ذهب إلى الموت الذي يستطيع لو أراد أن لا يذوقه، ولكنه ذاق الموت بالجسد، لكي يضع أساس قيامتنا. فبهذا الجسد الذي أخذه وتحمله من أجلنا، أمكنه أن يموت، لأننا سنموت، ثم قام به مرة أخرى إلى الخلود، كي ما نترجى قيامتنا بدورنا وننتظر الخلود. قبل أن يموت كان يجوع ويعطش، فيأكل ويشرب كما كُتب عنه، ولكن بعد قيامته لم يجع ولم يعطش، لأنه لا يموت بعد، ولم يعد فيه الإحتياج السابق الذي ينشأ من إستهلاك الطاقة كما لنا الآن. فقدرة يسوع على الأكل باقية بعد القيامة رغم كونه ليس في حاجة للأكل، ولكنه فعل هذا بعد قيامته لكي يقنعنا بحقيقة قيامته، وليس بأن ننظر بعين الرضى للغرائز الجسدية. دعونا نواصل ما قاله الرسول: "الإنسان الأول من الأرض ترابي، الإنسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضاً، وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضاً. وكما لبسنا صورة الترابي سنلبس أيضاً صورة السماوي. فأقول هذا أيها الأخوة إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ولا يرث الفساد عدم فساد" (1 كو 15). كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضاً (أي أن الجميع سيموتون)، وكما هو السماوي هكذاالسماويون أيضاً (أي أن جميعهم سيقومون مرة أخرى)، لأن السماوي أي الرب يسوع المسيح قد قام فعلاً وصعد إلى السماء، ونحن مرتبطون به بالإيمان إلى جسد واحد. هو رأسنا ولابد للأعضاء أن يتبعوا رأسهم في كل التدابير. فكل ما أستعلن من قبل في الرأس، سيتكرر في الوقت المعين للأعضاء. نحن الآن نحمل جسد القيامة بالإيمان سرياً، حتى زمان مجئ المسيح رأسنا، ستستعلن هذه الحقيقة الصادقة للعيان. لأنه هكذا قال في موضع آخر: "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله. أهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كو 3)، فبالرغم من أننا لم نقم بعد كما قام المسيح في الجسد، إلا أنه قيل عنا أننا قد قمنا مع المسيح بالإيمان. وعليه فالمسيح يأمرنا، ونحن مازلنا في هذه الحياة الحاضرة، أن نحمل بالإيمان صورة الإنسان السماوي، أي صورته هو، ذاك الذي هو الآن في السماء ... فحين يرتبط إنسان بالمسيح بالإيمان والمحبة والرجاء، وأعتمد على اسمه، يدخل في علاقة سرية عظيمة به، وهي علاقة المسيح بالكنيسة، فكما أن المسيح في السماء هكذا كنيسته. لأنه مكتوب "يكون الأثنان جسداً واحداً" (أف 5). وعن هذه العلاقة أيضاً قال الرب "لذلك ليسا بعد أثنين بل جسد واحد، هذا السر عظيم" (مت 19). وهكذا نحن، كما لبسنا صورة الترابي، هكذا سنلبس أيضاً صورة السماوي. ويمكن القول أننا لابسوه منذ الآن بالإيمان، وبه سنقوم مع المسيح. هذا ما يجعل قلوبنا ترتفع إلى فوق بإستمرار، حيث المسيح جالس عن يمين الله، لا نطلب إلا ما هو فوق، ولا نفكر إلا في السمائيات، لا فيما على الأرض (كو 3). يطرح الرسول السؤال هكذا: "ولكن يقول قائل، كيف يُقام الأموات وبأي جسد يأتون؟" فهنا هو يتكلم عن قيامة الجسد. ومن أجل هذا قال "الإنسان الأول من الأرض ترابي، والإنسان الثاني الرب من السماء. كما هو الترابي هكذا الترابيون أيضاً، وكما هو السماوي هكذا السماويون أيضاً"، كي ما نتوقع أن كل ما جرى في جسد المسيح سيحدث أيضاً في جسدنا. وحيث أننا لم نعاين هذه الحقيقة بعد، فلنتمسك بها الآن بالإيمان. وكي لا نظن أننا بعد أن نقوم من الأموات سنؤدي نفس الأفعال التي كنا نفعلها بالإنسان الأول الطبيعي، أضاف على الفور: "فأقول هذا أيها الأخوة، إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله"، فحينما يقول اللحم والدم لا يقصد الجسد المنظور، بل يقصد فساد هذا الجسد الذي سوف لا يكون بعد. فليس من الصواب أن نسمي الجسد الذي بلا فساد "لحماً ودماً" رغم كونه مازال جسداً. "اللحم والدم" يعني الجسد القابل للفساد والزوال، أما جسد القيامة فلم يعد فاسداً، ولا يذوق الموت بعد. في المظهر سيبقى الجسد على ما هو عليه إلا أنه غير فاسد وغير قابل للفساد. من الخطأ تسميته "لحماً ودماً". هل أجساد الملائكة الذين ظهروا على شكل رجال، هي لحم ودم؟ كلا طبعاً لأن الشهوة التي هي جذر الفساد ليست فيهم. جسد القيامة يتشابه مع الجسد الطبيعي في الهيئة الخارجية، وكأنه من لحم ودم، رغم كونه لم يعد فاسداً مثله. ولأن الرسول بولس كان مهتماً بأن يحدد بالضبط ما عناه باللحم والدم أضاف على الفور: "ولا يرث الفاسد عدم فساد"، وكأنه يشرح: "عندما أقول، إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله، فأني أقصد بالتحديد إن الفاسد لا يقدر أن يرث عدم فساد". عندما أتى الصدوقيون، وطرحوا سؤالهم على الرب يسوع المسيح الذي هو الحق، رد بالقول: "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله، لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء" (مت 22)، يا لعظمة القدرة الإلهية! لماذا لا يزوجون ولا يتزوجون؟ لأنهم دخلوا في حالة اللاموت، فالخلف لا يوجد إلا حيث يوجد سلف زائل. أما في السماء لا يوجد هناك فساد ولا زوال. حينما أخذ المسيح جسداً، كان ينمو قليلاً قليلاً كمثل البشر من الطفولة إلى الصبى، وإلى الشباب، قم إلى مرحلة الرجولة. فهل بعد ما قام من الأموات وهو في السماء مازال ينمو حتى الآن؟ طبعاً هذا غير معقول، لذلك قال: يكونون كملائكة الله. فرد يسوع على الصدوقيين ضحض إستخفافهم بالقيامة، وفي الوقت نفسه صحح أراء اليهود الخاطئة عنها. المسيح له المجد يتكلم هنا أيضاً على قدرة الله على تحويل الأجساد الترابية الزائلة إلى أجساد ملائكية خالدة، حيث يستشهد من الأسفار المقدسة قائلاً: "أما من جهة قيامة الأموات، أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الرب القائل. أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب، ليس الله إله أموات بل إله أحياء" (مت 22) هنا حقيقتان يعلنهما الرب عن معرفة، وعلينا أن نصدقهما بالإيمان، لأنهما نطق الحق ذاته. الحقيقة الأولى هي أننا سنقوم مرة أخرى من الأموات. والحقيقة الثانية، هي أننا سنقوم إلى حياة ملائكية. ولقد أرانا بقيامته هو نفسه الهيئة المنظورة التي سنقوم بها. إنها هيئة لا يشوبها أي فساد. بعد هذا، عندما نعود إلى كلمات الرسول بولس: "فأقول هذا أيها الأخوة إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله، ولا يرث الفساد عدم فساد، يظهر بوضوح أن مفهوم اللحم والدم عنده هو الفساد الذي سيزول (أي النشاط البيولوجي للأجسام الحيوانية) الموجود الآن في أجسادنا. "هوذا سر أقوله لك. لا نرقد كلنا ولكننا كلنا نتغيَّر. في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير" (1 كو 15)، فمن قول بولس الرسول الجدير بكل ثقة، نتعلم أن الجميع بلا إستثناء، صالحين وأشرار سيقومون من الأموات. ولكن من هم الذين سيتغيرون؟ الصالحون وحدهم يتغيرون إلى الأفضل أما الأشرار فإلى الأسوأ. ولنتابع وصف هذا التغيير من أقوال الرسول بولس: "في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير. فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي الفساد ونحن نتغير". التغيير الحادث في الأبرار والقديسين الذين منهم الرسول بولس نفسه، لابد وأن يكون وإلى الأفضل، وليس إلى الأسوأ حيث أنه يقول، نحن نتغير. ثم بعد ذلك يخبرنا الرسول عن طبيعة التغيير الذي سيحدث فيقول: "لأن هذا الفاسد لابد أن يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت"، فحين يتسربل الجسد الفاسد بعد الفساد يتآكل الفساد من الجسد، وحين يلبس الجسد المائت عدم موت يُبتلع الموت منه. "لأننا نعلم أنه إن نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السموات بناء من الله، بيت غير مصنوع بيد أبدي. فإننا في هذه أيضاً نئن مشتاقين أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء. وأن كنا لابسين لا نوجد عراة فإننا نحن الذين في الخيمة نئن مثقلين إذ لسنا نريد أن نخلعها بل أن نلبس فوقها لكي يُبتلع المائت من الحياة" (2 كو 5) ... لا يحاول أحد أيها الأخوة بفضول كثير زائغ أن يكشف ماذا ستكون عليه أجسادنا بالنسبة للشكل والطول والحركة ... إلخ، بعد قيامة الأموات. يكفي لك أن تعرف أن جسمك سيقوم مرة أخرى في الهيئة الخارجية التي ظهر فيها الرب يسوع المسيح وهو في هيئة إنسان. تأكد أن جسدك في القيامة سوف لا يعتريه أي فساد. وما دمت لا تخاف من أي فساد، فإنك قد تخلصت من اللحم والدم الفاسدين، وبالتالي سترث ملكوت السموات. أيضاً سوف لا تقع في مصيدة الصدوقين التي لا يستطيع تجنبها كل من ظن أن البشر سيقومون مرة أخرى للزواج وولادة الأطفال، ويعملون الأعمال الخاصة بالحياة الزائلة. إن كنت تبحث لتعرف ماذا ستكون عليه حياة المستقبل، فإن بشرياً لا يستطيع أن يخبرك، لأنها ستكون حياة ملائكية، فالذي يستطيع أن يصف حياة الملائكة هو القادر أن يصف لك حياة الأبرار المغبوطين في الأبدية. لأنهم كما قيل "سيكونون مثل ملائكة الله". ولأن حياة الملائكة مخفية عنا، فلا يبحث أحد أكثر، خوفاً لئلا من خلال الخداع الذاتي، لا يصل إلى الحقيقة، بل ما يصوره خياله هو لنفسه. لا يجب أن نبحث لنعرف عن شيء قبل الوقت. ولكن أقول لك نصيحة: إن أردت أن تصل سر في الطريق وستصل إلى بيتك إن كنت لم تترك الطريق. تمسكوا إذاً بالمسيح أيها الأخوة، فهو الذي قال: "أنا هو الطريق". تمسكوا بالإيمان، تمسكوا بالطريق فإنه سيؤدي بكم إلى ما لا تقدرون أن تروه الآن. لأنه قد أستعلن في المسيح الذي هو رأسنا، ما ننتظر أن يحدق لنا نحن أعضاء جسمه. لقد بينا أنه على هذا الأساس (قيامة المسيح) ينبغي أن نبني صرح إيماننا، كي ما يُكلل هذا الإيمان في النهاية برؤى العيان، وحتى إن ظهرت أمامكم رؤى الآن، فأعلموا أنها زائفة. عليكم أن لا تعتدوا بما ترون، حتى وإن بدت مصدقة، لأن مثل هذه الرؤى الزائفة قد تجعلكم تهجرون الطريق. لقد أنحرفتم خطأ عن المسار، ومن إنحرف عن المسار لا يصل أبداً إلى البيت الذي يقوده إليه الطريق، ولا تصلون أبداً إلى ذاك العيان الذي يقودكم إليه الإيمان. السؤال الآن: كيف تعيش الملائكة؟ يكفيكم أن تعرفوا أنهم لا يعيشون حياة فانية، وأقول لكم إنه من الأسهل علينا أن نخبركم عن ما لا يوجد هناك أكثر مما نقدر أن نخبركم عن ما يوجد هناك. قد يمكنني تأكيد أمور سوف لا تكون موجودة هناك، فهذا نقدر أن نفعله،لأننا نعرف بالفعل هذه الأشاياء، أما ماذا سيكون هناك، هذا لا نعلمه بعد: "لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان، ونحن مادمنا في الجسد فنحن متغربون عن الرب" (2 كو 5). ماذا إذن سوف لا يكون هناك؟ سوف لا يوجد زواج لولادة الأطفال، لأن هناك لا موت ولا نمو. لا يشيخ أحد هناك ولا يصل أحد إلى العجز. أيضاً سوف لا يكون هناك غذاء وطعام وأكل، لأنه لا يوجد هناك جوع. كذلك سوف لا يكون هناك بيع ولا شراء، لأن الجميع لا يحتاجون لأي شيء من أحد، بل حتى المعاملات الممتازة العادلة بين الكاملين الذي هم بلا عيب، تلك التي تتطلبها الحياة الحاضرة. أيضاً لا يوجد هناك عمليات سرقة أو أقتراض من الآخرين. بل وحتى أعمال البر والرحمة والإحسان التي يفعلها الصديقون هنا على الأرض من أجل الإحتياج البشري سوف لا تكون هناك أيضاً. السبت يوم الراحة سوف لا يُكسر، بل هو احتفال عيد دائم. وما كان يشدد عليه العهد القديم لفترة من الزمن، سوف نحتفل به طوال الأبدية. سيكون هناك راحة لا ينطق بها، ولا يمكن وصفها في كلمات، ولا يمكن شرحها بنفس الطريقة التي نتكلم بها عن ما لا سيكون هناك، نعم نحن نتقدم نحو هذه الراحة، التي من أجلها قد ولدنا في الروح، لأنه كما أننا قد ولدنا في الجسد للمشقة نولد ثانية في الروح للراحة، المسيح يدعونا قائلاً: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11). المسيح ونحن على الأرض يعولنا ويرعانا، وهناك في السماء هو يُكملنا. هنا هو يُعدّنا، هناك هو يمنحنا. هنا يبشرنا فنؤمن، وهناك يرينا الحقائق عياناً. وعندما نكون في طمأنية وقد تكملنا في الروح والجسد، في نطاق تلك الغبطة، فإن أمور هذا العالم سوف لا تكون بعد، حيث أنها سوف لا تكون هناك، حتى تلك الأعما لالصالحة المطوبة التي يعملها المسيحيون على الأرض. لأنه من الذي لا يمدح المسيحي وهو يعطي خبزاً للجائع، ورياً للعطشان، وكساءً للعريان، ومأوى للغريب، ويصنع سلاماً بين المتشاجرين، ويفتقد المرضى، ويدفن الموتى، ويعزي المتضايقين؟ أنها أعمال عظيمة، مملوءة رحمة ومستحقة كل مدح وثناء، لكن حتى هذه الأعمال سوف لا تكون هناك، لأنها إحتياجات البؤساء. لأنك ستطعم من حيث لا يوجد جائع؟ وستروي من حيث لا يكون هناك عطشان؟ هل تستطيع أن تكسو عرياناً والجميع قد تسربلوا بحلة الخلود؟! منذ قليل سمعنا الرسول يتكلم عن حُلل القديسين إذ يقول: "هذا الفاسد يلبس عد فساد". عندما نسمع "يلبس" فنحن نفهم أن القصد هو حُلة. هذه الحُلة الأولى التي رُدت إلى الابن الضال (لو 15)، تلك التي كان آدم قد فقدها، حتى أنه بدأ يستر نفسه بجلود. كيف يمكنك أن تأوي غريباً بينما الجميع يسكنون في بيتهم الأبدي؟ هل تزور مريضاً والجميع بلا إستثناء يرفلون في الصحة والقوة وعدم الفساد؟ هل ستدفن ميتاً والجميع يعيشون إلى الأبد؟ وهل تستطيع أن تصنع سلاماً بين متخاصمين حيث كل شيء كائن في سلام؟ هل تعزي متضايق حيث الجميع فرحان إلى حد الشبع إلى الأبد؟ إذن فقد تلاشى البؤس والشقاء، هناك سوف لا تكون بعد أعمال الرحمة. ثم ماذا سيفعل المغبوطون الأبرار بعد القيامة؟ ألم أقل أنه من السهل عليَّ أن أقول ما سوف لا يكون هناك، أكثر مما أقوله عن ما سيكون؟ ولكنني أعرف هذا يا أخوتي أننا سوف لا ننام في كسل، لأن النوم قد وضع لنا ونحن على الرض، كي يستريح الجسد من وهنه والنفس من تعبها. فالنوم هنا يجدد قوانا ويريح حواسنا، لأننا لا نستطيع مواصلة اليقظة بدون تلف عصبي وخوار جسدي. النوم واليقظة هما رمز للموت الآتي ثم للقيامة، وحيث بطل الموت يبطل أيضاً رمز الموت في القيامة. سوف لا يكون هناك موت ويالتالي لا يكون هناك نوم. لا تدع الخوف من الضجر يتسلل إلى عقلك أيها الإنسان، لأجل ما أُخبرت به بأنك ستظل يقظاً بصورة دائمة. وأن الإنسان لا يكون محتاجاً لعمل أي شيء في المستقبل. دعني أقول هنا شيئاً، ليس إفتراضاً أستنتاجياً من الخيال، بل بما تتكلم به الأسفار المقدسة عن ما سيكون نشاطنا في المستقبل. كل نشاطنا في المستقبل سيتركز في كلمتين: "آمين" و"هلليلويا"! ماذا تقولون عن هذا يا أخوتي؟ أرى أنكم سمعتموني مبتسمين متعجبين. ولكن أرجو من جهة أخرى أن لا تقلقوا، حين تفتكروا بفكر أرضي عن هذا العمل. لأنه إن وقف أحدكم طوال اليوم قائلاً: "آمين هلليلويا"، لا شك أنه سيتململ على الفور من الضجر الشديد، وهذا إن لم يغط في النوم من التكرار مشتاقاً إلى الصمت. ومن هذا يصل بأن الحياة في السماء مملة وغير سعيدة قائلاً في نفسه: هل سأترنم بآمين هلليلويا إلى الأبد؟ من الذي يحتمل هذا؟ دعني إذن أقول لك أننا سنقول أمين هلليلويا ليس بحناجر جسدية وأصوات تروح وتجيئ بل بحب جياش في نفوسنا. ولنرى الآن ماذا تعني كلمة "آمين" وماذا تعني كلمة "هلليلويا". "آمين" تعني "ليكن هكذا"، وهلليلويا تعني "المجد لله". لأن الله هو الحق غير المتغير قط، بدون زيادة ولا نقصان، بدون فقد ولا أخذ. الله هو الحق الذي لا يشوبه زيف، لا يتغير أبداً، ثابت، يبقى أبدياً بلا فناء. إن كل ما نعمله نحن وكل الخلائق في هذه الحياة على الأرض يبدو وكأنها ظلال وأشباه لأشياء. إنها ماكيتات تجسيمية لأمور حقيقية أخرى. أمور نسلك فيها بالإيمان. ولكن عندما ننظر حينئذ "وجهاً لوجه" تلك الأمور التي نراها الآن "كما في مرآة في لغز" (1 كو 13) حينئذ سنهتف – ولكن بطريقة مغايرة جداً عن الآن وبحب لا يُعبّر عنه، ويختلف عن كل ما نسميه حب الآن – "ليكن هكذا" أو "آمين"، ولكن عن ملء متأجج من الحب لا يهدأ. لأنه حيث لا يعوزنا شيء، فهناك سيكون ملء كل شيء، ملء السرور وملء الفرح، مستمر وفائض بلا إنقطاع. سيكون هناك أيضاً، إن كان لي أن أقول: ملء متأجج من الحق لا يهدأ. كلما أنت إمتلأت من الحق المتأجج الذي لا يهدأ، كلما صرخت بآمين، تأميناً على هذا الحق الجوهري المتأجج الذي لا يهدأ. من الذي له القدرة أن يتكلم عن "ما لم تره عين ولم تسمع أذن وم يخطر على بال إنسان" (1 كو 2). أكيد أننا سنكون بلا أي ضجر أو ملل، بل في بهجة لا تنقطع. هناك نرى الحق ونتأمل فيه في بريق متلألئ. وإذ نضطرم حباً لهذا الحق، ونتعانق معه عناق العذوبة والطهارة، عناقاً معنوياً لا حسياً، نمجده بصوت لا حسي أيضاً قائلين "هلليلويا". حاثين بعضنا بعضاً على التسبيح والتمجيد، وبأقصى حب متأجج نحو بعضنا البعض ونحو الله، كل القائمني في المدينة السمائية المقدسة سيترنمون بهلليلويا، وهم يقولون آمين. حياة المطوبين المليئة بالخلود، ستُنعش أجسادهم أيضاً. تلك الأجساد التي تغيرت إلى أجساد سماوية، وفي حالة ملائكية، بحيث لا يشعرون بأي حرمان أو نقص يجعلهم يتوقفون عن ذاك التسبيح المبارك، والتأمل في الحق. لذلك فإن الله الذي هو الحق هفسه سوف يكون هو طعامهم، والإتكاء على مائدته هو راحتهم وعيدهم الأبدي، كما يقول الرب: "كثيرون سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السموات" (مت 8). يقصد بهذا أنهم في سلام عميق، يُعيّدون بطعام الحق. هذا الطعام يجدد الحياة دون أن يضمحل أبداً. الكل يمتلئ ويشبع منه دون أن ينقض. أنت قد تُبتلع (من الدهش في السمائيات) ولكنه لا يُبتلع. ذاك الطعام المعنوي، ليس كطعام الأرض الذي يفنى ليجدد قوة آخرين. الأسفار المقدسة تشهد بأن حياة التأمل في الحق ستستمر بصور فائقة إلى الأبد في جو من الإبتهاج والدهش والفرح والذهول والشرور. نورد بعضاً منها فيما يلي: + من فم الرب نفسه: "الذي يحبني يحفظ وصاياي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يو 14). عندما نحفظ وصاياه، فإننا نأخذ منه الفرح والمجازاة. يقول "أظهر له ذاتي" لأن قمة أبتهاجنا هي أننا نعرفه كما هو. + ومنها أيضاً الآية: "أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله، ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو" (1 يو 3). + وأيضاً في مكان آخر: "نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح" (2 كو 3). + وعندما ينتهي الفساد وإلحاح الغرائز من جسد القيامة، حتى أنه لا يبقى شيء للإنشغال من أجله، فإن الرب يحقق قوله الذي وعد به عبيده الأمناء: " الحق الحق أقول لكم أنه يتمنطق ويتكئهم ويقوم ويخدمهم" (لو 12) + وقد قيل لنا في سفر المزامير: "تأملوا وأعلموا أني أنا هو الله" (مز 46)، فالله الممجد سيُرى رؤى كاملة، لكل من أعطى نفسه له بالتمام، وتكرس للتأمل فيه. طوبى لمن إدخرمن أيام الشقاء والتعب التي نحن مربوطون بها الآن، واستخدمها للتأمل فالإنسان هنا لا يأكل خبزه إلا بعرق جبينه، والأرض لا تخرج له إلا شوكاً وحسكاً، أما حينما تنتهي أيام "الإنسان الترابي" ويُستكمل التغيير إلى "الإنسان السمائي"، سنرى الرب تماماً، لأننا آنذاك سوف لا يشغلنا شيء عن التأمل الدائم فيه. "تأملوا وأعلموا أني أنا هو الله". نحن آنذاك سنكون ثابتين في النظر إلى الرب، معاينين إياه كما هو، وفي رؤيتنا لله سنسبح الله. وهذه ستكون حياة المغبوطين. هذا سيكون نشاط العائشين في السلام الأبدي. إننا سنسبح الله بلا إنقطاع، تسبحة لا ليوم بل كما في يوم لا نهاية له، هكذا سنسبحه كل الدهور وإلى دهر الدهور. + هنا أيضاً صوت الكتاب المقدس يترنم لله الذي هو كل شهوتنا: "طوبى للساكنين في بيتك أبداً يسبحونك" (مز 84). ولنتحول الآن إلى الرب إلهنا ونتضرع إليه من أجل أنفسنا، ومن أجل كل شعبه، القائمين معنا في ديار بيته، كي ما يتنازل ويحرسنا ويحمينا بابنه يسوع المسيح ربنا الحي معه والمالك إلى أبد الأبدين آمين. |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أولئك الأموات الذين أحياهم المسيح أكبر شاهد على قيامة الأموات |
قيامة الأموات |
قيامة الأموات |
قيامة الأموات |
1كورنثوس 15 : 1 - 28 1corinthians قيامة المسيح ، قيامة الأموات |