|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صنع يسوع المعجزات الكثيرة
التي تنبّأ عنها أَشَعيا النَّبي نصّ الإنجيل وأخبَرَ يوحنَّا تلاميذُهُ بهَذِهِ الأمورِ كلِّها، فدعا اثنَيْنِ مِنْ تلاميذِهِ وأوفَدَهُما إلى الربِّ ليَقولا لَهُ : " أأنتَ الآتي ؟ أم نَنتَظرُ آخَرَ ؟ " فلَمَّا مَثَلَ الرجُلانِ بينَ يدَيْهِ قالا لَـهُ : " إنّ يوحنَّا المَعْمَدان أوفَدَنا إليكَ لنقولَ : أأنتَ الآتي ؟ أمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ ؟ ". فشَفى يسوع في ذَلِكَ الحينِ أُناساً كثيرينَ مِنَ الأمْراضِ والعِلَلِ والأرواحِ الخَبيثَةِ، ورَدَّ البَصَرَ لكثيرٍ مِنَ العُميان، ثُمَّ أجابَهُما : " اذهَبا فأخْبِرا يوحنَّا بِما سَمِعْتُما ورأيْتُما : فإنَّ العُميَ يُبصِرون، والكُسْحانَ يَمْشون، والبُرْصَ يَبْرأَون، والصُمَّ يَسْمَعون، والمَوتى يَقومون، والفُقَراءَ يُبَشَّرون. وطوبى لِمَنْ لا يَشُكُّ فيَّ ". (لوقا 7/18-23) انعزال يوحنَّا المعمدان في السجن كان يوحنَّا المعمدان سجيناً في مغارةٍ حُفِرت تحت قصر هيرودس الملك. وكان سجنه قاسياً جدّاً فقطعه عن العالم الخارجي. ومع ذلك كان تلاميذه يأتون إليه في بعض الأوقات وينقلون إليه الأخبار عن يسوع وعن معجزاته ومواعظه، وعن إقبال الناس إلى الاستماع إليه. إنّ الانعزال الشديد الذي فُرِض على يوحنَّا وهو مقيّدٌ في المغارة المُظلِمة قد أثّر في ذهنه تأثيراً سيّئاً. لقد عمَّد يسوع، ورأى روح الله ينزل عليه، وسمع صوت الله الآب يشهد لـه بأنّه ابنه الحبيب، وأعلن أمام الجميع، وهو يعظ على ضفّة نهر الأردن، أنّ يسوع حملُ الله، وأنّه المسيحُ عريسُ الكنيسة. كان إيمانه آنذاك كالصّخر لا يتزعزع. ومع ذلك، فإنّ الوحدة الموحِشة التي كان يعيشها أنشأت في قلبه الاضطراب، وزرعت في عقله الشكَّ برسالة يسوع. وأراد أن يتخلّص من وخز هذا الشكّ المؤلم، فاختار اثنين من تلاميذه وأرسلهما إلى يسوع ليطرحا عليه هذا السؤال الخطير: " أأنتَ الآتي أم ننتظرُ آخرَ ؟ " أيْ، هل أنتَ المسيحُ الذي تنبَّأَ عنه الأنبياء، أم ننتظر رجلاً آخر يكون هو المسيح ؟ رسولا يوحنَّا شاهدا معجزات يسوع وانطلق الرسولان من السجن وجاءا إلى يسوع ليطرحا عليه سؤال يوحنَّا المعمدان. فلمّا وصلا إليه رأيا جمهوراً غفيراً يحيط به ويزحمُهُ، وبينهم كثيرون من المرضى وذوي العاهات والممسوسين، وهم يسترحمونه ويسألونه الشفاء من أمراضهم وعاهاتهم وأوضاعهم البائسة. فلم يتمكّنا من التحدّث إليه بسبب الازدحام، فوقفا يشاهدان المعجزات التي كانت تتدفّق من يدَيْه الإلهيتَيْن وتشفي جميع المعذَّبين. ولمّا انتهى يسوع من صنع مئات المعجزات، وخفّ الضغط عليه من قِبَلِ الجمع، أقبلا إليه وقالا له : " أرسلَنا إليك يوحنَّا المعمدان السجين، وهو يطرح عليك هذا السؤال : أأنتَ الآتي أم ننتظر آخر ؟ " جواب يسوع استند إلى معجزاته لم يُجب يسوع عن سؤال يوحنَّا مباشرةً بقوله : " بلى ! أنا الآتي، أنا المسيحُ الموعود، وقد جئتُ إلى العالم "، بل أشار إلى نبوءة أشعيا النَّبي التي ذكرت معجزات المسيح الكثيرة. إنّ هذه المعجزات تقول لِمَنْ يريد أن يفهم معناها : " إنّ من يصنعها هو المسيح الموعود ". لذلك قال يسوع للرَسولَيْن : اذهبا واخبرا يوحنَّا بما سمعتما ورأيتما. فإنّ العميَ يبصرون، والكسحانَ يمشون، والبُرْصَ يبرأُون، والصُمَّ يسمعون، والموتى يقومون، والفقراء يُبَشَّرون. وطوبى لمن لا يشكُّ فيَّ " . إنَّ المُعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، كما تنبّأَ عنها أشعيا النّبي، أزالت عن قلب يوحنَّا المعمدان كلَّ شك، وأعادت إليه الإيمان الوطيد الذي كان يتأجّج فيه يومَ عمَّدَهُ في الأردن. طوبى لمن لا يشكُّ في يسوع المسيح إنّ الشكَّ يهدم الإيمان، ويُدمّر المحبَّة، ويُبعد المسيحي عن يسوع. لقد شكَّ يوحنَّا بيسوع لا لأنّه تخلّى عن الإيمان به والمحبَّة لـه، بل لأنّه ابتعد عنه بُعداً ماديّاً في سجنه العميق، فلم يعد يشعر في نفسه، بسبب هذا الانعزال الرهيب، بحرارة القرابة الروحيّة التي كانت تشدّه إلى يسوع، وتُنعش إيمانه ومحبّته. هكذا كلُّ من ابتعد عن يسوع بُعداً روحيّاً، غزا الشكّ قلبه فتزعزعَ إيمانُهُ وانطفأَ فيه لهيب المحبَّة. إنّ المسيحي يبتعد عن يسوع متى أهمل الصلاة اليوميّة، والقيام بواجباته الدينيّة، وأعرض عن سلوك حياة التقشّف، والخدمة، وتقديم المثل الصالح والمحافظة على وصايا الله، ولا سيّما وصايا العدل والمحبّة والأخلاق السليمة. وهنأَ يسوع كلّ مسيحي لا يشكّ فيه، بل يتمسّك بإيمانه وإخلاصه لـه. فمن تغلّب على الشكّ كان من أخصّاء يسوع وأحبّاءه : "وطوبى لِمَن لا يشكُّّ فيَّ ". التطبيق العملي 1- إنّ أسباباً كثيرة تُنشئ الشكّ في قلبك، أيّها المسيحي، أهمُّها القراءاتُ التي تحارب الإيمان المسيحي، والابتعادُ عن سماع كلام الله، وعدمُ التأمّل في أقوال الإنجيل، ومعاشرةُ الرفاق المُلحدين واللاَّمبالين بشؤون الدين. فأحذرْ هذه الأخطار التي تهدّ أركان إيمانكَ بيسوع، وتُبعدكَ عنه بُعداً روحيّاً، وتُزيل عن قلبك المحبّة له. 2- إنّ بعض المسيحيّين يشكّون في معتقدات الدين المسيحي لأنّهم لا يفهمونها. إنّ هذه المعتقدات تعبّر عن حياة الله الداخليّة، وعن مخطّطه الإلهي في سبيل خلاص الإنسان، وعن شخصيّة يسوع الفائقة الوصف، وهي حقائق روحيّة أسمى من أن يستوعبها عقل الإنسان المحدود. إن الموقف الديني الصحيح هو أن نؤمن بها وإنْ كانت تفوق إدراك عقولنا لأنّها تعبّر عن الوحي السماوي الذي أطلعنا عليه يسوع المسيح. فهو الإله الصادق الذي لا يغشّ ولا يتسرّب إليه الغشّ. فنحن نؤمن بالوحي الإلهي الذي جاءَ به يسوع، لا لأنّه على مستوى عقولِنا الضعيفة، بل لأنّه كلامُ الله والحقيقة الكامِلة النازلة من السماء. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|