|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا أكثر قيمة من حياتي
قال شاب حُكم عليه بالإعدام عند موته: «أنا أكثر قيمة من حياتي». وتعني هذه العبارة المذهلة أنَّ هذا الشاب، الذي ارتكب جميع أنواع الجرائم والآثام، لاحظ ساعة موته أنَّ هذا كلَّه لا يعبِّر عن حياته الحقيقيَّة، وعن "أناه" الحقيقي. فبالنسبة إلى العدالة الصرفة، هو مذنب. ولكنَّه في عمق كيانه كان يقول: «كلُّ هذا ليس أنا». مَن منَّا لم يشعر بعد ارتكابه خطيئة أنَّ ما فعله ليس جوهر ذاته؟ فالندم الحقيقي ليس في أن ننكر الشرَّ الذي اقترفناه، بل في أن نضع أنفسنا أعلى من الشر. وان نقول: «نعم، هذا صحيح، لقد خطئت، ولكنَّ هذه الخطيئة لا تعبِّر عن عمق حياتي، وانا أرفض أن أنسب ذاتي إليها، فأنا أكثر قيمة من خطيئتي. لقد أردتها وفي الوقت نفسه لم أردها». كيف أمكن للصِّ اليمين أن يمحو آثام حياة بكاملها بفعل واحد؟? لقد تمكَّن من هذا لأنَّه دخل عميقاً في ذاته بفعل الندامة الوحيد، واستطاع أن يجدِّد كلَّ حياته وأن يفتدي ماضيه. وأمام هذا الصفح الذي منحه المسيح مجَّاناً وفجأةً، قد نصرخ ونقول معارضين: «هذا ظلم»، فيجيب المسيح: «كلا، هذا عدل». لأنَّه وإن عجز الإنسان عن محو جميع أفعاله وجرائمه، فهو قادر على مستوى نيَّته العميقة وكيانه الجوهري أن يريد شيئاً آخر، وأن يختار مرَّة أخرى، وأن يُضفي على حياته بُعداً جديداً. هذه هي التوبة: أن يختار الإنسان مرَّة أخرى، ويريد لنفسه صورة جديدة. وهذا هو الرجاء. وبتعبير آخر، لا أنكر ماضيَّ حين أرفض تحمُّل تبعته، بل حين أقول: «أنا أكثر قيمة من حياتي، ولا أريد نفسي كما كنت عليها. لا أريد أن أكون كما كنت عليه». فالتوبة هي العودة إلى الـ"أنا" الأصليَّة، إلى شخصي في جذوره، والتوبة هي تجاوز الشريعة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|