|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التقليد وخبرة الإيمان لم يوضع التقليد بطريقةٍ عشوائيّة، ولا بدافع نزوةٍ استولت على بعض آباء الكنيسة. بل هو ثمرة نضجٍ وحياةٍ روحيّة، وتأمّلٍ عميق بكلام الكتاب المقدّس وتعاليم السيّد المسيح. فنقل التقليد، مع التعديلات الّتي تطرأ عليه من جرّاء هذا النقل، والّتي رأينا أنّه لا بدّ منها إذا كان الناقل حيّاً روحانيّاً، يتطلّب خبرةً إيمانيّة. والتعديل فيه يتطلّب هذه الخبرة بإلحاحٍ أشد، بحيث يجعلنا التعديل أقرب إلى الحقيقة الملهمة، ويساعدنا على استيعابها بوجهٍ أفضل. وعلى هذا أضرب مثَلَين من التاريخ: لوثر، الّذي أطلق شرارة الإصلاح البروتستانتي، كان راهباً صالحاً. لكنّ سؤالاً هامّاً كان يعتريه: ما الّذي يبرهن لي أنّني سأخلص؟ وظلّ يبحث في هذا السؤال حتّى وجد الجواب في الرسالة إلى أهل رومة: الإيمان هو الّذي يخلّص لا الأعمال. لقد وجد قناعته بعيداً عن التقليد، لكنّ اختباره يعتمد على الكتاب المقدّس. فاكتشف جانباً من الحقيقة، كان غامضاً عن عيون التقليديّين المقلّدين. لكنّه ارتكب خطأً فادحاً في طرح التقليد جانباً، ومناداته بالكتاب المقدّس وحده. وفي العصر نفسه، وجد إغناطيوس دي لويولا جواباً آخر. ففي خبرته الروحيّة، اكتشف أنّ مفتاح الحياة المسيحيّة الحقيقيّة يكمن في اختبار العلاقة مع الله اختباراً شخصيّاً. فسعى إلى مساعدة النفوس بجعلها تختبر الله بوساطة الرياضات الروحيّة الّتي اقترحها. ومن خلال هذه الرياضات، إكتشف غنى التقليد وجوهره، فمدح فيه وقال إنّ الجماعة لا تستطيع أن تعيش من دون الاستناد إلى تاريخ. لكنّه مثل لوثر، آمن أنّ الإيمان يتكوّن وينمو انطلاقاً من الخبرة لا النقل. لذلك دعا إلى الاختيار في ممارسة الأصوام والعبادات التقويّة، والتحفّظ في البتّ بأمور الإيمان ما لم يكن المرء متواضعاً وملمّاً بالمسألة وتاريخها وتطوّرها. إنّ التقليد لا ينفي العقل بل يتطلّبه. وناقل التقليد الّذي لا يستعمل عقله في عمليّة النقل يشوّه ما ينقله ويحرّفه. فآباء الكنيسة، الّذين وضعوا لنا هذا التقليد، اعتمدوا في بحثهم وجدالاتهم على ثلاثة أسس: الكتاب المقدّس، العقل والحياة الروحيّة الّتي كانوا يعيشونها. إلاّ أنّ الكنيسة، ويا للأسف، مرّت بفترات انحطاطٍ فكري، فكانت غالبيّة المؤلّفات تكراراً لما قيل من قبل، ومن هؤلاء ورثنا الخوف من تشغيل العقل، والحرص على عدم المساس بأبعاد التقليد البشريّة، معتبرين إيّاها إلهيّة. فتجمّدت الحياة الروحيّة، وابتعدت عن الإنسان، ودعته في بعض الأحيان إلى أن يتنكّر لإنسانيّته كي يتبعها. وقُدِّمَ التقليد للناس بصورةٍ مخالفة تماماً لصورة تجسّد الابن الّذي كان على التقليد أن يعكسها. بالعقل نستطيع أن نعيد صياغة لغة إيماننا من دون أن نمسّ بالجوهر. بالعقل نستطيع أن نجعل البشارة الجديدة تُظهِر البشارة القديمة بأحلى تعابيرها. والعقل لا يعني عدم قبول أيّ شيء ما لم يُستوعَب، ولا يعني نفي الإيمان، بل يعني السعي الحثيث والدؤوب لتفحّص الكتب والنهل منها وإغناء تراث الكنيسة وتقليدها. لقد عنونّا حديثنا بـ "إيمان الكنيسة بين التقليد والتحديث". وبين التقليد والتحديث يكمن الإيمان الّذي يتجلّى في الحياة الروحيّة الملتزمة، والعقل المنار بوحي الروح القدس، والتواضع في خدمة الكلمة |
10 - 09 - 2014, 12:40 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: التقليد وخبرة الإيمان
شكرا مارى
ربنا يبارك خدمتك |
||||
11 - 09 - 2014, 09:41 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التقليد وخبرة الإيمان
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|