|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عظة عيد القديس نيقولاوس
القديس ديمتري روستوفسكي نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد بإقامتنا الآن تذكار أبينا القديس نيقولاوس رئيس أساقفة ميراليكيا العجائبي، لنفكرّ أيها الأحباء في لقبه، لأن عجائبه كثيرة مدهشة. وهي مطابقة لاسمه الشريف الذي يعني نصر الأمة، في اللغة اليونانية، أو الغلبة على البشر. فهل هذا المعنى ينطبق على اسم هذا القديس وحياته؟ إننا إذا نظرنا إلى طفولة القديس نيقولاوس نرى أنه كان منذ الولادة متغلّباً على الطبيعة البشرية. فقد انتصب، وهو طفل، في جرن المعمودية المقدسة، ثلاث ساعات، دون مساعدة أحد، ممجداً الثالوث بينما الكثيرون من الأشداء يحجمون عن الوقوف في بيت الله، بخوف وتقوى وانتباه، مدة ساعة واحدة. وإن وقفوا كالصنم، لا شعور فيهم مطلقاً. لهم آذان، ولا يفهمون ما يُقرأ أو يُرتَّل في الكنيسة. لهم عقول ولا يفكرون بالأمور الإلهية. يقفون جسدياً في الهيكل المقدس وقلوبهم ملأى بالأفكار الشريرة. ماذا تكرّر أفكارهم في هيكل الله؟ أطالت الصلاة أم قصُرت، يتحدثون عن الأعمال العالمية، هناك الشراء والبيع، هناك الهذر المتبادل. أيها البشر! أنظروا إلى القديس نيقولاوس، الذي منذ الطفولة سبّح الثالوث القدوس وهو منتصب ثلاث ساعات. تأمّلوا أو اخجلوا من طفل صغير يظهر أقوى منكم في التقوى. في بداية طفولته غلب الطبيعة البشرية. تعوّد الصوم قبل أن يتعوّد الأكل. صام أيام الصيامات المعينة منقطعاً عن ثدي أمه. أليس هذا من خوارق الطبيعة البشرية؟ فما قول المسيحيين الأرثوذكسيين الذين يعتبرون الأربعاء والجمعة كالأحد والسبت، ويتشبّهون بغير المسيحيين، وينقضون الأصوام بلا خجل؟ أهكذا يتصرّف أبناء الكنيسة مع أمّهم الحنون التي تغذّيهم بتعاليمها وإرشاداتها، وقد ولدتهم بالماء والروح؟! يا له من خجل، الأولاد يعلّمون الرجال، والأطفال والشيوخ! ولما بلغ القديس نيقولاوس أشدّه، كان يحضر إلى بيت الله دائماً وقبل الجميع. لم ينتظر صدّيق الله قرع جرس الكنيسة، بل كان يبادر إلى الهيكل مبكراً. لقد أخذ من أبواب الكنيسة يوم تكريسه، وكان قد حضر إليها في منتصف الليل قبل التراتيل العمومية. وهذا لعمري يخجل النوّامين المتقاعسين. فكم من الأجراس تُقرَع منادية أتباع المسيح إلى هيكل الله للاستماع للقداس الإلهي! ورغم ذلك، لا يستيقظ المستسلمون للرقاد. وإذا ما استيقظوا فلا يتمكنون من التغلّب على النعاس، ولا يفكّرون بالذهاب إلى الكنيسة، ولا يودّون أن يسهروا ساعة واحدة. وكم من المسيحيين يقيمون أجراساً للكنائس على نفقتهم ولا يسمعونها، ويضحّون من أموالهم لتزيين الكنائس بالأيقونات ويتقاعسون عن الصلاة أمامها، وكثيرون يبنون الكنائس لله ولا يهتمون بزينتهم الروحية. فإذا التفتنا إلى اهتمام القديس نيقولاوس بخلاص النفوس البشرية نجد ما يستحقّ الإعجاب والإكبار في حياته وسيرته. فقد رأى رجلاً فقيراً لا يكاد يسد عوزه بما لديه، بل كان يفكر في أن يضحّي ببناته الثلاث لمساكنة غير شرعية، لحاجته الملحّة إلى القوت. فناوله القديس نيقولاوس سراً ثلاثة أكياس ذهباً، من النافذة، وهكذا أنقذه مع عائلته من مخالب الفقر والجوع والهلاك الأبدي. فما قول القادرين الذين لا يساعدون الفقير والعاجز، بل يجتهدون أن يسلبوه الفلس الأخير؟ وما قول الذين لا يردعون الفتيان عن الخطيئة بل يقودونهم ويجذبونهم إليها؟ الحق أن مثل هؤلاء يجب أن يخجلوا ويتمثلوا بحياة القديس نيقولاوس. فلنصلِّ أيها الأحباء بنشاط إلى هذا القديس العجائبي، لكي يعطينا قوة وثباتاً فنتغلّب على الشهوات والأفكار الشريرة، ونقهر أعداءنا المنظورين. إنه منتصب أمام عرش الله في السماء مع الرؤساء الروحيين العظام، ينظر من علاه إلينا نحن الخطأة، وليس هذا فحسب بل يزورنا بصورة غير منظورة. فإن آمنّا ووثقنا به يكون بلا شك في وسطنا نحن المقيمين تذكاره. إن القديس نيقولاوس يرى إيماننا ونشاطنا، ويقتبّل منا تكريمه، ويقدم للعلي صلواتنا نحن الخطأة، وينقذنا من الشدائد والشرور بصلواته الحارّة، ويسأل لنا من فوق الخيرات الحاضرة والآتية. حقاً! إنه راعينا الصالح ومساعدنا ومناصرنا وحامينا بنعمة سيدنا يسوع المسيح الذي له المجد والملك والشرف والسجود الآن والى دهر الداهرين آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس نيقولاوس |
صور القديس نيقولاوس |
صور القديس نيقولاوس |
القديس نيقولاوس |
صور القديس نيقولاوس |