فما هي العقيدة التي حسب الحق وما هي أساس قاعدتها !!!
إذن العقيدة الحقيقية في الكنيسة ليست صورة ورمز تُعبِّر عن الشعور الشخصي أو المشاعر الدينية أو تأملات الأشخاص الذين يؤلفون الكنيسة من شعب وشمامسة وكهنة وأساقفة ومطارنة وبطاركة، لأنها لو كانت مشاعر وأحاسيس وتأملات ومجرد عظات وأفكار لفقدت طبعها الدائم والمتين وأمكن تعديلها حسب ثقافة كل عصر ومتطلباته، وتختلف من شرح لشرح آخر ومن فكر لفكر آخر، بل وتدخل في صراع العقل الغير مستنير فتفقد قوتها عند الجميع وتخضع للتغيير وبالتالي تخرج عن كونها إعلان الحق، لأن الحق ثابت لا يتغير، أو ينكمش أو ينحصر حتى في فكرة ولفظة، إنما لكونه حق هو يزداد إعلان وكشف عن ذاته بلا توقف، بل يزداد اتساع وإشراق كلما مر الزمان عبر الدهور والأيام إلى أن يستعلن في كماله عند مجيء مخلصنا الصالح يسوع....
يقول القديس هيلاري أسقف بواتيه (المشهور بأثناسيوس الغرب، وهو من الآباء المعتبرين أعمدة في الكنيسة) وهو من القرن الرابع وقد اشترك في أعمال المجمع المسكوني الأول (325): [ إن شرّ الهراطقة والمجدفين يُرغمنا على القيام بأمور مُحرمة: أن نتسلق القمم المحظور تسلقها، أن نتكلم في مواضيع لا يُنطق بها، وأن نُقدم تفاسير ممنوعة. كان علينا أن نكتفي بأن نُتمم بالإيمان وحده ما أُمرنا به، أعني أن نسجد للآب وأن نُكرم الابن معه وأن نمتلئ من الروح القدس. ولكننا مُرغمون على أن نُطبق كلماتنا المتواضعة على الأسرار الأبعد من الوصف. إن خطيئة الآخرين تقودنا إلى خطيئة أعظم (وهي): التعبير عن الأسرار التي كان يجب أن نحويها في ديانة قلوبنا بقصور اللغة البشرية ] (في الثالوث 2: 2)