|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"إخوتي الأحباء، كنت قد بدأت بالفعل في كتابة مقال عن موضوع آخر، ولكن عندما عدت لأكمله بعد أن توقفت عن الكتابة فيه لفترة وجدت نفسي غير قادر على تكملته. وعندما صليت بعض الوقت، شعرت أن الرب يريدني أن أكتب عن موضوع آخر يشغلني كثيراً هذه الأيام وهو "النهضة". ولهذا أنا أثق أن هذه المقالة تحمل رسالة حقيقية لنا من الرب لهذه الأيام التي نحيا فيها. أصلي أن تلمس هذه المقالة حياتنا لتجعلنا نحيا حسب مشيئته وفكر قلبه، لنُفرح قلب الرب ونحقق مقاصده". العودة إلى النهضة أحبائي، كثيراُ ما نظن أو نتخيل هذه الأيام أن النهضة هي الحالة الغير عادية التي نريد أن نحياها ونصل إليها، وكأنه من المفروض أن تكون النهضة حالة مؤقتة نصل إليها بين الحين والآخر. بكل تأكيد ليس هذا هو قصد الرب ولا مشيئته لشعبه وكنيسته. فعندما نعود إلى كتابنا المقدس ولاسيما للعهد الجديد- سواء في حياة الرب يسوع مع مجموعة تلاميذه أو في حياة شعب الرب وكنيسته عبر سفر الأعمال- سنجد أن النهضة الروحية كانت هي الواقع المستمر الذي يعيشه شعب الله. إخوتي الأحباء، أريد أن أذكركم أن الكتاب المقدس هو المقياس الحقيقي الذي نحيا به؛ فهو الذي يكشف لنا فكر الله تجاه حياتنا. إن ما يذكره الكتاب المقدس عن الكنيسة وشعب الله هو الحالة الطبيعية التي يريد الله لشعبه أن يحياها عبر العصور. نعم إن النهضة ليست هي الحالة التي قد نصل إليها ونحياها لبعض الحين.. ليست هي زيارة روحية مؤقتة يصنعها الروح القدس في كنيسةٍ ما أو بلدٍ ما لفترة ثم تخفت أو تضعف.. ليست مجرد حملة كرازية تستمر لفترة من الزمن في مكانٍ ما. بكل تأكيد كلا. النهضة هي الحالة الطبيعية للكنيسة حسب ما يذكر الكتاب المقدس. صديقي، أليس كل ما كُتب كُتب لأجل تعليمنا؟ أليس سفر العمال هو سفر أعمال الروح القدس من خلال الكنيسة؟ أليس ما ذُكرفي سفر الأعمال المجيد هو ما يريد الرب أن نتعلمه ونفهمه عن حالة وحياة الكنيسة بحسب فكر الله؟ أليست هذه الصورة الكتابية هي المقياس الحقيقي الطبيعي الذي ينبغي للمؤمنين أن يعيشوا به؟ وأليست هذه الصورة هي الحالة الروحية التي يريدنا روح الله أن نحياها؟ أذكر معي ماذا حدث عندما أصابت الأمراض الروحية بعض الكنائس. ألم يرسل روح الله رسائل واضحة لكي تشتعل هذه الكنائس من جديد وتنهض من ضعفها؟ ألم يستخدم روح الله الرسول بولس ليُنهض شعب كنيسة كورنثوس الجسديين لكي يستيقظوا من الحالة الجسدية المستسلمين لها ويرجعوا إلى الغيرة والإجتهاد والحياة المقدسة؟ ألم يعلن الرب يسوع ذاته للرسول يوحنا وهويقف وسط كنائسه (المنائر) ويمسك في يمينه بخدامها ورعاتها معلناً أنها كنائسه التي إقتناها بدمه ويغار عليها ويريد أن يحميها؟ ألم يعطها- بين ما أعطاه من إعلانات ثمينة- رسائل واضحة كاشفاً لكل منها أخطائها ونقاط ضعفها، ومعلناً أيضاً لها كيف تقوم مما هي فيه لتنتعش من جديد؟ هل تكشف لنا هذه الرسائل أن الرب يسوع كان متقبلاً حالة الضعف في بعض الكنائس أو كان راضياً عنها وكأن هذا هو الواقع الذي تقبله؟ هل كان متقبلاً برودة المحبة في كنيسة أفسس أو الخطية والتلوث في كنائس برغامس وثياتيرا؟ هل إحتمل حالة الموت في ساردس أو الفتور والخمول في كنيسة لاودكية؟ أحبائي، تُرى ما هي رسالة الرب يسوع لكنيسته وقادتها وشعبها هذه الأيام؟ تُرى ما هي أفكار قلبه وتوجيهاته لنا؟ هل تشبعه كنائسنا؟ وهل تفرحه عبادتنا وخدمتنا أم يوجد فينا ما يحزنه ويريد أن يغيره بالروح؟ صديقي وصديقتي، تعالوا نتذكر معاً حالة التوهج الروحي الذي عاشته الكنيسة في سفر الأعمال. تعالوا نترك روح الله يلهبنا من جديد ونحن نسترجع ذكريات الكنيسة المشتعلة في العبادة والخدمة.. تلك الكنيسة المُرسلة إلى أقصى الأرض. تعالوا نشتاق من جديد لآيات وعجائب لا تتوقف تشهد وتخبر العالم عن إله عجيب أحبهم إلى المنتهى ويهتم بهم بل ومات لأجلهم. أحبائي، أعلم أننا بدأنا نرى لمحات من هذه النهضة بين الحين والآخر، وأننا بالتأكيد نشكر الله كثيراً لأجل ما بدأنا نختبره. لكن مؤكد أننا لا نريد أن نتوقف عند هذا الحد، بل دعونا ننسى ما وراء ونمتد إلى قدام.. نسعى نحو الغرض. لا نكتفي بما قد تحقق بل نسعى لنختبر كل ما في قلب الله ومقاصده لنا ولشعبنا ولبلادنا من حولنا في اسم المسيح. إننا نريد أن تكون النهضة هي الحالة اليومية المعتادة لكل شعب الرب وكنيسته في بلادنا لكي نكون قادرين بالفعل أن نحقق إرساليته لنا بالذهاب إلى الجميع.. من أورشليم واليهودية وإلى أقصى الأرض، فيرجع الكثيرون له. ولهذا الآن، قبل أن نكمل هذه المقالة، تعالوا بإتضاع وأشواق نصلي معاً أن ينهض الرب كنيسته وشعبه. نصلي أن يزورنا الرب زيارة خاصة ويغير حياتنا ويلهبنا من جديد أنت وكنيستك بكل خدامها وقادتها.. أن يعيد الرب لنا كل رؤيا وأشواق روحية مفقودة لنستردها من جديد ونحيا لها. ونصلي ان يستخدم الرب هذا المقال ليشعل حياة الكثيرين بأشواق النهضة. مظاهر النهضة في اللحظات التالية نريد أن نعود إلى كلمة الله لنرى هذا التوهج الروحي ومظاهره، كيف كان وكيف ينبغي نحن أن نكون.. 1- كنيسة ممتلئة بالروح: لقد وُلدت الكنيسة يوم الخمسين، يوم هبت الرياح العاصفة واستقرت ألسنة النار على الجماعة المجتمعة في العلية. فماذا يعني هذا؟ كان يسوع قد علّم تلاميذه الكثير ورأوه يصنع الأكثر، ولكن اليوم صار لهم التكليف أن يحملوا هم أنفسهم المسؤولية، ويذهبوا إلى العالم أجمع ليكرزوا بالإنجيل، ويقدموا المسيح كما رأوه واختبروه. وهنا شعروا بضعفهم أمام المسؤولية، فمَنْ هو كفء لهذه الأمور؟ ومَنْ يستطيع أن يتمم هذه الإرسالية؟ أدركوا أهمية تمسكهم بوعد الرب أنهم سينالون قوة من الأعالي متى حل الروح القدس عليهم، وحينئذٍ فقط ستكون لهم القوة والإمكانية أن يصيروا شهوداً مؤثرين يحملون كلمة الحياة للآخرين. لهذا لم يذهب التلاميذ أولاً إلى العالم ليكرزوا بالإنجيل ويتمموا الإرسالية، بل صعدوا إلى العلية يجتمعون معاً وينتظرون تحقيق وعد الرب للامتلاء بالروح القدس. ويا له من تغيير قد حدث في حياتهم! فحينما إمتلأوا بالروح، تحولوا من الضعف إلى القوة، وانطلقوا يؤدون الشهادة بقيامة الرب بقوة ويربحون اللآلاف للمسيح. أحبائي، عَلِم التلاميذ ضعفهم أمام الإرسالية فامتلئوا بالروح، وإستمروا يوماً بعد يوم مدركين إحتياجهم المُلح أن يظلوا دائماً مملوئين من الروح القدس والقوة. لهذا كانوا يجتمعون دائماً للصلاة لأجل إمتلاء متكرر ومستمر يجعلهم مرسلين إلى العالم في قوة الروح (أع 1:2-4، أع 23:4-31؛ أع 1:13-3). نعم كانوا يعلمون أن الجسد ضعيف وثقيل، أما الروح فحار ونشيط ومشتعل(مر38:14). إنتظر التلاميذ موعد الروح القدس فاختبروا ألسنة النار تستقر على كلٍ منهم، تشعلهم وتلهب حياتهم.. هكذا بدأت النهضة وإستمرت. فالنهضة هي الحياة المشتعلة بنيران الروح القدس. النهضة هي الكنيسة عندما تتوهج بعمل الروح فتحيا في حرارة الروح، منتصرة على التكاسل، مندفعة لعبادة وخدمة الرب. لهذا قال الرسول بولس"غير متكاسلين في الإجتهاد حارين (متوهجين وملتهبين) بالروح عابدين (خادمين) الرب" رو11:12. نعم يا أحبائي، إن الحياة الممتلئة والمشتعلة بالروح هي النهضة. فإذا أردنا النهضة يجب أن نعطي المجال لروح الله أن يملأنا من جديد، ليجعل حياتنا تتوهج حباً وحماساً ويملأنا غيرة وقوة لنحيا لمجد الرب. 2- محبة ملتهبة وحارة: هل تتذكر معي المرأة الخاطئة التي كانت تغسل قدمي يسوع بدموعها وتمسحهما بشعر رأسها!! (لو7: 36-50)؟ وهل تتذكر مريم التي كسرت قارورة طيب ناردين خالص الثمن عند قدمي يسوع غير مبالية بآراء الآخرين، ولا تعطلها حكمة بشرية تتساءل عن الهدف من كسر القارورة، وكأنها أغلى من أن تُسكب على أقدام الرب الذي بذل نفسه لأجلنا (يو12: 3-7)؟ هكذا كان شعب الله مشتعلاً بنيران المحبة للذي أحبهم ومات لأجلهم. هكذا كانت محبتهم تلقائية، حارة ملتهبة، صادقة وحقيقية لا تحسب التكلفة. هكذا خرجت مريم المجدلية في الصباح باكراً جداً تبحث عن جسد ميت (ولا تعلم أنه قد قام)، ولم يجذبها أو يلفت إنتباهها ملائكة مبهرة (يو20: 1-18). فلم يكن يكفيها سوى أن تجد مَنْ تحبه وتبحث عنه. نعم هذا ما نراه عبر صفحات العهد الجديد المختلفة؛ لقد كانوا بالحق يحبونه. فالرسول يوحنا الذي صرخ "أية محبة أعطانا الله.." هو أيضاً الذي صرخ " نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً " 1يو3: 1 ؛ 4: 19. 3- حياة مكرسة للرب وللإرسالية: "لأننا إن عشنا فاللرب نعيش وإن متنا فاللرب نموت. فإن عشنا وإن مُتنا فاللرب نحن" رو8:14. هكذا عبّر الرسول بولس عن رؤيته لحياة شعب الرب.. إنه شعب مخصص للرب وينشغل بالرب فقط،.. إنه شعب يعيش للرب وإن مات يموت أيضاً لأجل الرب. لم يكن الرب هو أحد الإنشغالات بل كان هو كل شيء لهم. اقرأ صفحات الكتاب.. انظر كيف عاشوا للرب من كل قلوبهم. نعم لم يكن لإبن الإنسان أين يسند رأسه، لكن شعب الرب كان مستعداً أن يتبعه بالفعل أينما يمضي. هكذا قال يسوع من أضاع حياته من اجلي يجدها (مت10: 39).. وقال الرسول بولس إني أنفِق وأُنفَق لأجل ملكوت الله (كو15:12).. وكانت شهادة مجمع الكنيسة في اورشليم عن برنابا وسيلا أنهما "رجلين قد بذلا أنفسهما لأجل اسم ربنا يسوع المسيح" أع 26:15. لم تحب الكنيسة الأولى الرب بالكلام فقط، إنما أحبته بالحياة المخصصة له والمنشغلة به. ولأنهم عاشوا لمشيئة الرب ومقاصده، إئتمنهم الرب على خطته وسلمهم الإرسالية والتكليف، فجالوا مثل سيدهم في كل مكان يقدمون الكرازة والشهادة بإنجيل المسيح والخلاص، غير مبالين بالمقاومة أو التكلفة والأتعاب. نعم أحبوا الرب وعاشوا له فشعروا أنهم مديونين للجميع- أمماً ويهوداً- لتبشيرهم برسالة الخلاص. وقال الرسول بولس" ولكنني لست أحتسب لشيء ولا نفسي ثمينة عندي حتى أتمم بفرح سعيي والخدمة التي أخذتها من الرب يسوع لأشهد ببشارة نعمة الله" أع24:20. ومدَّ الرسول بطرس يديه لكي يحمله آخر(الروح القدس) ويذهب به إلى كل مكان، وربما حيث لا يشاء، ليتمم دعوة الرب له أن يرعى ويشبع خرافه.. وفي النهاية مات مثل سيده (يو21: 15-19). لم يكن الرسل فقط هم الذين كانوا يعيشون بهذا الحماس لخدمة الرب، بل جيلاً وراء جيل من شعب الرب، كانت الإرسالية هي الهدف الأساسي وإمتداد الملكوت هو الشغل الشاغل. فنقرأ عن أبفرودتس المكرَّم لأنه من أجل عمل المسيح قارب الموت مخاطراً بنفسه (في29:2-30).. وأبفراس المجاهد كل حين بالصلوات لأجل شعبه وكنيسته لكي تثبت في مشيئة الرب (كو12:4). أما كنيسة تسالونيكي حديثة التكوين فمن قِبَلها أذيعت كلمة الرب في مقاطعات كاملة بل وفي كل مكان حولها (1تس8:1). فالنهضة الحقيقية لا تبقي الكنيسة خداماً يعملون.. وشعباً يتبعون، بل يصير كل شعب الله متوهجاً كجسد واحد يعملون معاً كل حسب دوره ودعوته لخدمة السيد. 4- إنتصار على الإحتياجات وهموم الحياة: توجد دائماً احتياجات شخصية وتحديات عملية. ولكن من مظاهر النهضة الحقيقية أن يظل شعب الله في كل ظروف الحياة منحصراً في دعوته وإرساليته.. مُضحياً بذاته.. منشغلاً بالرب أولاً.. عالماً أن احتياجاته هي مسؤولية الرب. تعرضت الكنيسة للإضطهاد فتشتت الجميع عدا الرسل. فماذا فعل الذين تشتتوا؟! جالوا مبشرين بالكلمة في كل منطقة وصلوا إليها! لم ينحصروا في ظروف الحياة وبيوتهم التي إضطروا أن يتركوها، بل كانت حياتهم الحارة المنشغلة بالرب أكثر قوة من أن تطفئها أوتشغلها هموم الحياة. وعوضاً عن أن تضعف الكنيسة والإرسالية من المقاومة، إنتشرت الكرازة وزرعت الكنائس في كل مدينة حولهم (أع 1:8-5، أع 19:11-21). كانت كنيسة مكدونية معرضة لإحتياجات مادية كثيرة. ولكن رغم فقرهم، فاض فرحهم بالرب ففاض إنشغالهم وعطاءهم المادي له ولخدمته. لقد أعطوا ليس فقط حسب الطاقة، بل فوق الطاقة (2كو1:8-5) وكانوا يعلمون أنهم مكلفون بالعطاء المادي لإنتشار الكرازة، فلم يتراجعوا أمام أية إحتياجات أو تحديات. كان شعب الله يعلم وعد الرب له أن يملأ كل إحتياجاتهم بحسب غناه في المجد، لكنهم لم يعيشوا منشغلين أو منحصرين فيها بل وثقوا في القدير الذي وعد".. اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم" مت 33:6. 5- حياة نقية ومقدسة: ".. ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً.. فماذا نقول. أنبقى في الخطية لكي تكثر النعمة. حاشا. نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها" رو 20:5، رو 2:6. كان هذا هو شعار الكنيسة الأولى.. نعم يكرزون بنعمة الرب التي تغفر الخطايا، ولكن لم يعطهم هذا فرصة للتساهل مع الخطية، بل عاشوا أمواتاً منفصلين عن الخطية بالموت مع المسيح وبقوة الروح القدس. لهذا إستمر الرسول بولس يعلن".. كونوا كارهين الشر.." رو9:12 وحذرهم ".. ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تخمِّر العجين كله.. إذاً لنُعيِّد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق" 1كو6:5-8. كما شجع الرسول بطرس المؤمنين أن يكونوا ".. قديسين في كل سيرة" 1بط15:1. كانت الكنيسة تحيا في مخافة الله تنمو في القداسة والحياة في بر المسيح.. يزداد كل يوم تغربها وإنفصالها عن العالم الذي وُضع في الشرير.. فصارت لا تحب العالم ولا الأشياء التي في العالم لأنها كانت تعلم أنه إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب (1يو3: 15-17). لهذا ففي وسط هذه الأجواء النقية لم يكن غريباً أن يسقط حنانيا وزوجته سفيرة أمواتاً تحت تأديب الرب. لأنهم وتحت تأثير جاذبية المال وإغراءه حاولوا خداع الآخرين وكذبوا على الروح القدس مستهترين بقداسة الرب ومخافته. صديقي وأخي من المؤكد أن أحد مظاهر النهضة هو الحياة النقية والمقدسة لأننا نحيا في مخافة الله بقوة الروح القدس. 6- الوحدة والمحبة الأخوية: لست أحتاج أن أذكرك كَمْ كان الرب يسوع يهتم بتعليم تلاميذه عن الوحدة والمحبة الأخوية، وعن أهميتها وتأثيرها. لقد قام يسوع عن العشاء وغسل أقدام تلاميذه المتسخة معطياً إياهم مثالاًً لكي يغسلوا أقدام بعضهم البعض وليكون لهم روح الخادم تجاه الواحد للآخر. ثم إستطرد في نفس الإصحاح يقول لهم أن يحبوا بعضهم بعضاً كما أحبهم هو لأنه بهذا الحب يعرف الجميع أنهم تلاميذه (يو1:13-17، 34-35). وعندما هاجم العدو تلاميذ يسوع بالصراعات الجسدية فيمن الأعظم فيهم، واجههم بقوة ليكشف ويوقف هذا المرض الروحي الخطير، وعلمِّهم أن مَنْ يريد أن يكون أولاً عليه أن يكون آخر الكل وخادماً للكل (مر33:9-37). وليس أجمل من صلاة الرب يسوع لأجل وحدة تلاميذه وشعبه وهو يقول للآب أن يحفظهم من الشرير وطلب قائلاً "ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني" يو21:17. نعم يا أحبائي.. إن الوحدة والمحبة الأخوية هما أحد المظاهر الحقيقية للنهضة وفي ذات الوقت هما إحدى مفاتيح النهضة، وغيابهما يكشف عن شيء مفقود. وإذا لم يتم علاجه سريعاً، قد تفقد الكنيسة قوتها وتأثيرها لأنها فقدت النهضة. إن النهضة الحقيقية بقوة الروح القدس يصاحبها دائماً محبة ووحدة غير عادية بين أعضاء الجسد. فكيف لكنيسة ممتلئة بالروح تكون غير ممتلئة بالمحبة المتبادلة بين الأعضاء؟! فعندما إمتلأت الكنيسة بالروح وولدت يوم الخمسين، إمتلأت في ذات الوقت بمحبة فوق طبيعية.. إنها في الواقع محبة الرب المنسكبة فينا بالروح القدس. فكان كل الآلاف الذين آمنوا معاً وكان عندهم كل شئ مشتركاً ولم يكن لأحد إحتياج لأن النفوس كانت تبيع ما لديها ليعطوا مَنْ له إحتياج.. كانوا يكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بإبتهاج وبساطة قلب (أع44:-46). وعندما تعرضت الكيسة للتهديد وقفوا معاً بنفس واحدة يرفعون صوتاً واحداً إلى الله، فامتلأ الجميع من جديد بالروح (أع23:4-31)!! وعندما كان بطرس مسجوناً إجتمعت الكنيسة لتصلي بلجاجة لأجله (اع5:12). وعندما رُجم بولس وظن الجميع أنه قد مات، أحاط به الإخوة، فتفجرت فيه قوة القيامة والشفاء والحياة ليقوم ويدخل المدينة، وفي الغد مباشرة يكمل التبشير ويتلمذ الكثيرين (أع19:14-21). أحبائي، مَنْ منا لا يعلم أن أعظمهن المحبة.. وأن إيماننا وحماسنا بل وعطاءنا بدون محبة حقيقية ليس شيء؟ فعندما يعمل الروح القدس نهضة حقيقية، فمن المؤكد أنها ستكون ممتلئة بالمحبة والوحدة. 7- قوة وسلطان.. آيات وعجائب: إن أي متابع حقيقي للأناجيل وسفر الأعمال سيرى بوضوح كيف كانت الكنيسة تتحرك في قوة روح الله بتأييد من الأعالي، وكيف كانت الآيات والعجائب جزءاً واضحاً لا يتجزأ من مظاهر النهضة الحقيقية. لقد إستخدم الرسول بطرس آيات يوئيل النبي عن آخر الأيام وهو يشرح للجموع ما كان يحدث يوم الخمسين من سكيب للروح القدس.. وتفجر للمواهب الروحية.. وخداماً يظهرون كأنهم سكارى (أع 14:2-21).. وصديقي بكل تأكيد أنت تتحد معي أننا اليوم في آخر آخر الأيام نحتاج من جديد نفس السكيب الهائل وقوة الروح القدس لنحيا في نهضة حقيقية تعلن مجد الرب وتخبر الجموع بل والملايين عن إلهنا القدير. بالحق لم تكن المواهب والقوات والشفاءات الإلهية في سفر العمال شيئاً ترفيهياً أو تكميلياً إحتاجته الكنيسة لبعض الوقت كما يظن ويقول البعض. لقد كانت الشفاءات والقوات هما إحدى المظاهر الحقيقية للنهضة وإحدى الوسائل الهامة لتحقيق الدعوة ومجد الرب. انظر إلى الأعداد المتزايدة من المؤمنين مع كل إستعلان جديد لقوة الله في الشفاء والتحرير. انظر تزايد الأعداد مع شفاء مقعد باب الجميل (أع1:3- أع4:4). انظر إلى فيلبس الشماس وهو ينحدر على مدينة للسامرة يبشرهم عن المسيح. وماذا تقول الكلمة؟ "وكان الجميع يصغون بنفس واحدة إلى ما يقوله فيلبس عند استماعهم ونظرهم الآيات التي صنعها.. وكثيرون من المفلوجين والعرج شفوا. فكان فرح عظيم في تلك المدينة" أع 6:8-8. يا لروعة ما يقوله كاتب العبرانيين"شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته" عب 4:2! ويا روعة ما قاله الرسول بولس عن خدمته "وأنا لما أتيت إليكم أيها الإخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة منادياً لكم بشهادة الله.. وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان (إظهارات) الروح والقوة. لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله" 1كو1:2-5! إن النهضة القيقية هي عمل الروح القدس. وعندما يعمل روح الله، فمن المؤكد اننا سنرى برهان (إظهارات) الروح القدس وقوته معلناً محبة الرب للجموع بشفاء للمرضى وتحرير للمقيدين، وتدخلات الله المعجزية في حياة شعبه للحماية وتسديد الإحتياجات. ألم نمل جميعاً من سمو الكلام والحكمة؟! ألم نمل ونكل من الكلمات الرنانة بلا قوة التي جعلت الكنائس خاوية، وجاذبية الإنجيل ضعيفة؟! أليس هذا هو الوقت لنعود ونعترف بضعفنا ونطلب نهضة بطريقة الله ومقاييسه، ونعطي روح الله الفرصة ليعمل بنا ومن خلالنا ما نعجز عنه نحن. أليس هاماً أن نعترف بأننا نريد أن يعود إنجيلنا الذي نكرز به ليس بالكلام فقط بل بالقوة أيضاً وبالروح القدس وبيقين (إقناع وتأثير) شديد (1تس5:1)؟ يارب نحن نطلب نهضة بطريقتك أنت وليس بطريقتنا نحن. ارجع أيها الرب وأرجٍع كنيستك إلى حالة النهضة الحقيقية. هز كنائسنا وإجتماعاتنا وإكسر الروتينية والملل والتعود. إشغل خدامنا وقادتنا ورعاتنا، وإلهب حياة شعبك ليعود الجميع عاملين معاً كأعضاء جسدك. نريد نهضة عارمة تنهض حياة كل شعبك.. وتجعل المؤمنين معتادي وجالسي الصفوف وحاضري الإجتماعات يعودون إلى حرارة الحب وحماسة الغيرة والإشتياق لمجدك. أبي نريد نهضة بقوة وعمل روحك.. نهضة تمتلئ بالحب وتمتلئ بالقوة والآيات والعجائب. نهضة تمتلئ باختبارات التكريس وبذل الحياة لتفوح رائحة الطيب من جديد.. وتمتلئ بتبعية حب صادقة لا تحسب التكلفة من أجل مجدك. نهضة تعلنك للعالم لا بقوة الكلام والحكمة بل ببرهان الروح من تاثيرات حقيقية في حياة النفوس.. وتغييرات جذرية في إتجاهات الحياة.. وشفاءات وآيات وعجائب تبشر عنك. أبي السماوي اجمعنا حولك في العلية من جديد لكي نمتلئ بالروح ونستقبل ألسنة نارية تستقر في حياتنا.. أبي السماوي أعطنا إرسالية جديدة لنخرج للعالم مرة أخرى وتتحقق فينا كلمتك " وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة." مر16: 20. أبي استخدم هذه الكلمات لتشعل حياة شعبك وتعيد نيران النهضة إلى قلوبنا.. أمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|