|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يجعل الزناة بتوليين _ يعقوب السروجي رسالة مار يعقوب إلى إمرأتين زانيتين اصبحتا حبيستين إلى الطاهرتين اللتين طهرهما الصليب: السيدة لانطيا والسيدة ماريا. يعقوب الناقص المحتاج إلى مراحم الله، وإلى عون صلواتكما بيسوع الذي يكمّل بآلام صليبه. سلام. دعتكما نعمة الله الفاعلة كل القوات، والحالّة كل العقد، والغنية بكل الخيرات، لتأتيا من وادي الخطيئة إلى موضع الرؤى، لتعملا فيه الجهاد الحس،ن وتظفرا ببطولة الصلاح وتأخذا الأكاليل بمحاربة صبركما. إذاً يجب عليكما أيتها الطاهرتين أن تعرفا بوضوح من أي موضع أتيتما وفي أي درجة تقفان. وتقول في نفسها كل واحدة منكما: "لن أعطي النوم لعيني ولا النعاس لجبيني إلى أن أغسل ثيابي الوسخة بدموع توبتي، لأنجو من ذلك البحر الناري الذي أعده لي عدوي لألقى فيه بدون رحمة". لما يشاهدكما السالب الذي سباكما منه الصليب، في درجة التوبة ينظر ويغضب ويصّر اسنانه ويقلق لأنه فقدكما من سبيه، وخرجتهما من عداد فاعلي إرادته. وعليه يقول لجميع قوات الظلمة التي تتبعه مثلما قيل بواسطة ملك الآدوميين بخصوص آخاب في حرب راماث جلعاد. كان يقول ذلك الآدومي لعساكره: "لا تحاربوا لا مع الكبير ولا مع الصغير، لكن مع ملك إسرائيل" (1 مل 22). هكذا الآن أيضاً يأمر قائد عساكر اليسار المؤذية، بسبب عدائه لكما: لا تحاربوا لا مع الطاهرين ولا مع الكاملين ولا مع أحد أعدائي الأقوياء، لكن مع هاتين اللتين هما خاصتي، واحتقرتاني وسخرتا مني، وها انهما قائمتان في درجة القديسين. اجلبوا عليهما قطع الرجاء. املأوهما الكسل. ازرعوا فيهما الحسد لبعضهما بعضاً ليخضعا للضعف. ويحترقا بشهوة الأطعمة. ايقظوا أفكارهما ليحبّا أعمالهما الأولى. اقلقوهما بأفكار الزنى. عرقلوا صلاتهما، لئلا تكون قوية فتكمّلا عهودهما. ما لي وهؤلاء القديسين الذين لم يتبعوا إرادتي أبداً؟ أنا أطلب هؤلاء الذين فقدتهم. إن غلبتاني هاتان فإنهما يتركان فراغاً في اليسار، وتفسحان المجال للدنسات أمثالهما ليتملصن من فخاخي. ولهذا السبب لتشنّ الحرب ضدهما فقط لتنزلا وتقفا في درجاتهما الأولى. لو منعهما الخجل لتقبلا إلى الزنى، فهناك فخاخ أخرى لتسقطا فيها. انفخهما بالكبرياء وأوقفهما على جرف العظمة. واربطهما بمحبة المجد. شوّقهما لتظهرا للبشر. احملهما على الظن أنهما صارتا صالحتين. ارسل عندهما المرضى لتصليا عليهم واحمل الآخرين على القول: "أننا شفينا بصلواتكما". واخدعهما بإنهما ليستا تائبتين بل فاضلتين. وبهذه الاغراءات احملهما على الافتخار، فتنسيا تنهدات التائبين التي بها تصفى جروح الإثم. وافرحهما بالصلاح الذي يفرح قلب الكاملين. وابطل طلباتهما ودموعهما بأمل كاذب. وعندما اتمكن منهما بواسطة ما لا يليق بالتائبين اخضعهما للزنى الخفي بينما يظهر لهما كأنه سيرة فاضلة. وأقتنيهما ثانية، لتصيرا بدل زانيات فاسقتين. واصفّهما في جهة اليسار حيث كانتا تقيمان في السابق. هذا هو فكر العدو المحتال والماكر بخصوصكما يا خادمتي الصليب الجديدتين. تعرف حكمتكما أن محاربتكما ليست مع الدم واللحم لكن مع رئيس الإثم، مع المتسلط الذي يحرس الهواء ومع المتسلطين على الظلمة. ولأجل هذا، كونّا مستيقظتين واعلما أنكما خُطبتما لذلك الذي يقدر أن يجعل من الزانيات بتولات ومن الدنسات قديسات ومن الذئاب المفترسة حملانا وديعة. لا تستسلما للاندحار لأنه لا يقدر أن يغصبكما بالإكراه ولا يستطيع أن يسلبكما من الصليب. إن حريتكما لا تُغصب فهي المتسلطة على ذاتها وهي أقوى من حارس الهواء هذا، ما لم تسلمه هي إرادتها لتُعَّد بين فاعلي إرادته. لتكرر نفسكما هذه العبارة ضد كل أفكار هذا المتسلط الأثيم: "إذا كان الله معنا من هو ضدنا؟" (رو 8). إن الذي خطبنا لنفسه جبار، وسبي الجبار لا يُنهَب، ولا تُنهَّب غنائم القوي. كنّا على ثقة من أن قائداً قوياً ينازل العدو بدلكما. لا يغلب عدوكما بقوتكما لكن بقوة ذلك الذي عرق في الجهاد بدلكما. اتكلا على الصليب وكونا واثقين من أن غلبتكما توجد بغلبته على غرار من يدخل إلى محاربة العدو وهو متشح بالدرع. انه واثق لو أنه رمي بسهم العدو لا يصيب جسمه الأذى لأن الفولاذ يتكبد الضربات بدل جسمه. هكذا من هو متكل على الصليب، له الثقة بانه ليس محتاجاً ليقارع العدو، لأن الصليب بآلامه يخمد ويطفئ سطوة العدو. لكن حذار من أن يرتخي اتكالكما. ولا تستوليّن عليكما الرهبة لأن القابض على سلطة الظلمة لا يقدر أن يغصبكما قسراً. في حوزتكما غلبة النور: الحارس الذي لا يمل: "لا ينام ولا ينعس حارس إسرائيل" (مز 120). من لا ينام لا يُنهَّب. كلما كان حارسكما مستيقظاً لا يقدر السارق أن يسرق منه مقتناه. سلّما حياتكما للصليب، وكونا على ثقة من أن غلبتكما لا تسقط. خروجكما من العالم يحتاج إلى عدة حسنات حتى يكمل وتدخلا إلى خدر القديسين. انكما لم تصبحا فقط صالحتين لكونكما تركتما سوق البغاة، لكنكما فررتما من الزنى وكتبتما صكا كبيراً في ذلك، وها أنه موضوع في يد ابن البتول. كونا متأكدتين يا اختيَّ الحبيبتين أنَّ صككما لن يخرج من يديه إلى أن تذهبا عنده. أما إذا تكاسلتما ووقفتما عاطلتين عن الطلب وعن البكاء وعن الدموع وعن التنهدات التي لا توصف، فإنه لا يرضى أن يسلم الصك الذي حررته العدالة في عرس الدنسات. إذا ثبتما في مقصد التوبة إلى أن تعبرا من عالم إلى عالم، فالعريس حاضر أمامكما وهو لابس النور ومتشح البهاء، وذراعاه مبسوطتا،ن وباب خدره مفتوح، وصكوكما ممزقة، ودينكما قد اوفى، ودنسكما مقدس وزناكما مسجل في البتولية، فتدخلان عنده مع اللواتي ظفرن بنور مشاعلهن. عليكما أن تشتهيا تلك الساعة التي يلزم فيها إنكشاف الوجه (1 كو 3: 18). وكونا بهيَّتين في خفايكما وخائفتين من الظن المفرط. وتساميا على المظاهر الكاذبة والمناظر التي تخجل من يحبونها، لأنه "ليس شيء مخفياً إلاّ ويظهر، ولا مستتر إلاّ ويُعلن" (مت 26:10). ازرعا خفية الحسنات أمام الله وافتخرا بالخفايا عندما لا يراها الناس. إن كان التراخي من الداخل والاسم المستعار من الخارج، فالبنيان ينهار ويتلاشى ويُذم مُشيدوه. أما الله فلا يُسخَّر منه (غلا 7:6). أنه يحب أعمال النور. لذا جدير بكما يا تلميذتي النور أن تستنيروا بالرب من الداخل وتثبتا في وعدكما في التوبة الكاملة التي لا تميل إلى الارتخاء. أنا الضعيف والحقير أخوكما، اذكركما في كل وقت في صلواتي، واتوسل إلى ربنا، لتصبحا رائحة لذيذة وقدوة حسنة، وأن تؤول تلمذتكما لمجد يسوع، بلا فساد آمين. المرجع: رسائل مار يعقوب السروجي الملفان، ترجمة الدكتور الأب بهنام سوني. موسوعة "عظماء المسيحية في التاريخ، رقم 4. الرهبنة الأنطونية لبنان. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|