|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثمن التبعية الثلاثاء 08 يوليو 2014 القس بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي نقرأ فى إنجيل لوقا 14: (25-33) " وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ، فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا " هذا الإنجيل يتحدث عن موضوع هام، و هو ثمن تبعية المخلص - لمن يريد حقاً أن يتبعه. فالبعض يتبع المسيح حقاً من كل القلب، كما تقول التسبحة " نتبعك بكل قلوبنا و نخافك و نطلب وجهك يا الله لا تخزنا – تين أويه إنثوك" بلحنها الجميل و الذى يصليه الرهبان كل يوم فى الدير لكى ما يعيد حسابات قلبه و أمانة تعهداته أنه قد ترك العالم و ذهب للدير لكى ما يتبع الرب بإخلاص و أمانة. و لكن يا أحبائى هذا اللحن لم يوضع لصلاة الرهبان فقط، بل لكل إنسان يريد بالحق أن يتبع المخلص فى طريقه.. و يحدثنا النص المكتوب عن أمرين هامين جداً أولهما أن لهذه التبعية ثمن، بل و ثمن باهظ، على كل منا أن يدركه جيداً، فالمسيح لم يهتم أن جموعاً كثيرة كانت تتبعه و لكنه إهتم أن يلفت نظر هذا الجمع لحقيقة طريقه هو، السائر فيه و الذى ينبغى أن يدركه جيداً كل من يفكر أن يتبعه فى هذا الطريق، لئلا يضيع وقته و حياته فيتبع المسيح وهو مبهور بشفاء المرضى وفتح أعين العميان و الأكل من السمك و الخبز، ولكن عندما تجىء اللحظة الهامة فى طريق المخلص، يتركه تابع من أتباعه وكأنه يقول له "لم نتفق على ذلك". أراد رب المجد - و هو الحق المطلق الأليسيا الوحيد فى هذا العالم، فكل حق آخر نسبى أما هو فهو الحق الوحيد المطلق - أن يكون صريحاً و واضحاً لكل من يريد أن يتبعه، فوضع شرطين هامين جداً لكى ما يكون الطريق واضحاً من أولِه لكل من يريد المضى وراءه فى هذا الطريق.. أولاً يجب على تابع المسيح أن يبغض أباه و أمه و إمرأته وأولاده وإخوته وأخواته حتى نفسه وإلا فلا يقدر أن يكون تلميذاً لهذا المخلص.. أما الشرط الثانى فهو أن يحمل الصليب لكى ما يقدر أن يتبع هذا المخلص الذى أتى إلى عالم البشر المخلوقين به لأن به كان كل شىء و بغيره لم يكن شىء مما كان (يو1)، أتى لكى يُصلب عن كل إنسان لكى ما يفدى و يخلص كل إنسان لكى ما يحضر كل إنسان إلى ملء الحياة. فإن موت الرب عنا حياة حقيقية لنا يتمجد بها ربُنا كما يقول القديس إيرينيؤس أن مجد الله هو فى الإنسان المحي و قد أتى بها من مطلع إنجيل يوحنا إصحاح 17 فى صلاة المسيح الشفاعية عن البشرية إذ قال: " أَيُّهَا الآبُ، قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضًا، إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ" آه يا رب ماذا تريد منى أنا الإنسان الضعيف الذى قبل قلبى أن يتبعك؟ تريد منى أن أبغض أهلى و أحبائى حتى نفسى بل و تضع هذا شرطاً أساسياً لكى استطيع أن أتبعك؟ تريدنى أن أبغض يا رب؟ ألم تطالبنى أنت بالمحبة حتى لمن يعادينى و يبغضنى؟ يا أحبائى الرب يتكلم هنا عن المحبات الخارجة عن محبة الله، فمحبة الرب يجب أن تكون من كل القلب فكانت هذه أولى وصايا العهد القديم " إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى." (مر 12) فمحبة الرب من كل القلب هى فقط ما ينبغى أن يكون محور إهتمام الإنسان و محبة الرب تأتى عندما يكشف الروح القدس للإنسان أسرار محبة الرب له "لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" (رو5) و عندما ينفتح قلب الإنسان على أسرار و أعماق محبة الرب التى أحبه بها فى الصليب يتبادل الرب حباً بحب كما تقول عروس النشيد فى آخر السفر " فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلاَ يُخْزُونَنِي " (نش 8 ) و هنا فقط سيحب الإنسان نفسه و سيحب أهله محبة صحية و صحيحة.. فكم من محبات مريضة نحب بها أهلنا و نفوسنا محبات قوامها الأنانية والذاتية و الرغبة فى الأخذ و التحكم، و كلها عكس المحبة الحقيقة التى نستطيع أن نحب بها، فقط عندما تتحول هذه المحبات المريضة إلى العدم فى داخلنا و نحب فقط بطاقات المحبة المنسكبة داخل قلوبنا بروح الله. أما الشرط الثانى هو حمل الصليب، فكل منا فى حياته صليب فإما أن نقبله بمسرة و فرح كما قبل الرب صليبه عنا بمسرة " أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ، وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ (أش 53: 10). و هكذا كل من يريد أن يتبع المسيح لقيامة الحياة الأبدية ينبغى أن يجوز معه طريق الصليب بمسرة و فرح و بلا تذمر و لا دمدمة لكى ما يستطيع أن يتمجد مع الرب.. فكم من صليب فى حياة كل منا يتذمر عليه أو يتراءى أمام الرب فى كل قداس طالباً رفع هذا الصليب و فى هذا عدم إدراك أن هذا الصليب إنما يحوى فى حمله التبعية للمخلص و التى سيتبعها مجد كما يقول الرسول بولس "إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا " (رو 8 ). و هنا يأتى مثل حساب النفقة، فهو ليس مقصود فيه أبداً أن ننفذ هذا المثل فى حياتنا فنحسب النفقة فى مشروعاتنا لأن الرب بالعكس تماماً يبارك فى القليل الذى عندنا لنكمل مشروعاتنا.. و أنا متأكد أنه لو راجع كل منا حياته لوجد الرب دائماً يبارك فى القليل الذى لنا ليكمل لنا ما نريد سواء فى مشروعات حياتنا الشخصية فى العمل أو الزواج أو فى مشروعات الكنيسة التى يبارك الرب فى القليل الموجود دائماً ليكملها. و لكن يقصد الرب و هو يكلم جموع التابعين له أن يلتفتوا إلى ثمن التبعية قبل أن يكملوا الطريق لئلا يضيع أحداً وقته فيتبع المسيح صانع العجائب و المعجزات و مشبع الجسد و هو ما طالما يصنع معنا فى حياتنا، ثم يرفض حمل الصليب أو ترك المحبات المريضة و الأنانية و إنكار الذات.. فهذه سمات طريق الرب سلكها الرب عنى و عنك أولاً ويطالبنا أن نسلك نفس الطريق وراءه إن أردنا أن نتبعه راغبين في خلاص نفوسنا. |
08 - 07 - 2014, 10:21 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: ثمن التبعية
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التبعية |
سمات التبعية |
شرط التبعية حسب الإنجيل |
شرط التبعية حسب الإنجيل |
التلمذة هى التبعية |