|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النعمة الحاضرة على الدوام «أَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ» (1بط1: 13)، تلك هي الدعوة المتجدّدة التي يُقدِّمها الروح على لسان القديس بطرس في رسالته الأولى، لنا ولكلّ من هم في تضييق من الشرّ. النعمة تحمل الضعيف، وتقوّي الخائر، وتثبت المرتعش، وتميت الخوف، وتُحيي الرجاء، وتفتح البصيرة، وتشير للمجد، بل وتسكنه في قلوبنا، كعربون. ليس شيء قط يوازي تألق النفس التي حُسبت أهلاً لأن تتألم من أجل يسوع المسيح، مهما كانت الشرور التي تأتي وتنصبُّ عليها (القديس يوحنّا الذهبي الفم) النعمة تهمس في آذاننا على الدوام: أنتم غرباء ونزلاء، فلا تستوطنوا الأرض ولا تجعلوها تستوطن قلوبكم، لا تلقوا بجذوركم فيها، فتُقتلع مع رياح الشرّ التي تضرب الأرض ليل نهار، لا تخافوا إن ذرَّت رماد قسوتها في أعينكم لأن موطنكم هو السماء.. موطنكم هو الأبد. إنّ النعمة قادرة على معونتنا لا من خلال وقف سيل الاضطهاد ولكن برفع الروح إلى العُلى، لرؤية موطنها الأبدي. «أَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً» (في1: 23)؛ هذا لسان حال الروح التي تلهبها النعمة بشوق الملكوت وسط نيران الضيقة. الألم يفقد قدرته على غربلة قلوبنا إن كنّا نئن مشتاقين لكيما يُبْتَلَع الموت من الحياة، ليلبس الفاسد عدم فساد. اشتياق الانحلال من الجسد والسكنَى في الربّ هي مشورة النعمة لنا وكلماتها التي تحفرها في قلوبنا، وقتها نهتف مع القديس بولس بملء القوّة التي ترتعش لها قوى الظلام: مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ. وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً. وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا (رو8: 35-39) قد يرفضنا الناس ويضايقوننا ويهينوننا ويضطهدوننا بل ويسعون لإبادتنا ولكن الروح يقول لنا: إن كنتم حجرًا مرفوضًا من الناس، لكنكم حجرٌ مختار وكريم في عين الله. الله هو مقياسنا لا العالم. وَلِذَلِكَ يَنْتَظِرُ الرَّبُّ لِيَتَرَأَّفَ عَلَيْكُمْ وَلِذَلِكَ يَقُومُ لِيَرْحَمَكُمْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهُ حَقٍّ طُوبَى لِجَمِيعِ مُنْتَظِرِيهِ .. لاَ تَبْكِي بُكَاءً يَتَرَأَّفُ عَلَيْكَ عِنْدَ صَوْتِ صُرَاخِكَ حِينَمَا يَسْمَعُ يَسْتَجِيبُ لَكَ وَيُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ خُبْزاً فِي الضِّيقِ وَمَاءً فِي الشِّدَّةِ لاَ يَخْتَبِئُ مُعَلِّمُوكَ بَعْدُ بَلْ تَرَى عَيْنَاكَ مُعَلِّمِيكَ وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: هَذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا (إش30: 18-21) ولكن النعمة لا تأتي إلاّ بنداءٍ.. ونداؤنا للنعمة هو صلاة.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|