|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقداسة البابا شنودة الثالث
" ... قد كرسوا كل حياتهم لله فكانت كل دقيقة من اعمارهم تنفق فى الخدمة ... وهكذا كانوا يعتبرون الخدمة الروحية عملهم الرئيسى ويرون باقى أعمال العالم أمورا ثانوية " فى تلك الليلة أننى كنت وحيدا فى غرفتى الخاصة متمددا على مقعدى وناظرا الى لا شئ ، واذ بابتسامة خاطئة تمر على شفتى – لعلنى كنت أفكر فى نفسى كخادم – وهنا حدث غريب : هل ثقلت رأسى فنمت أم اشتطت أفكارى فتحولت الى أحلام ؟ أم أشهر الله لى احدى الرؤى ؟ لست أدرى ، ولكننى أدرى شيئا واحدا وهو أننى نظرت فاذا أمامى جماعة من الملائكة النورانيين ، واذا بهم يحملوننى على أجنحتهم ويصعدون بى الى فوق ، وأنا أنظر الى الدنيا من تحتى فاذا هى تصغر شيئا فشيئا حتى تتحول الى نقطة صغيرة مضيئة فى فضاء الكون ، وأنصت الى أصوات العالم وضوضائه فاذا هى تأخذ فى الخفوت حتى تتحول الى سكون ، وأتامل نفسى فاذا بجسمى يخف ويخف حتى أحس كأننى روح من غير جسد – فأتلفت فى حيرة لارى أرواحا كثيرة سابحة مثلى فى الفضاء اللانهائى وأرى من الملائكة الوفا وربوات ربوات – ها هم الشاروبيم ذوو الستة الاجنحة والساروفيم الممتلئون أعينا – وها هى أصوات الجميع ترتفع فى نغم واحد موسيقى عجيب " قدوس ، قدوس ، قدوس " ولا اتمالك نفسى فأنشد معهم دون أن أحس " قدوس الله الاب ... قدوس ابنه الوحيد ... قدوس الروح القدس " واستيقظ عن انشادى لأسمع نغمة قدسية خافتة لم تسمعها أذن من قبل ، فاتجه فى شوق شديد نحو مصدر الصوت ، فاذا أمامى على بعد مدينة جميلة نورانية معلقة فى ملك الله ، تموج بالتسبيح والترتيل ، كلما أسمع منها نغما يمتلئ قلبى فرحا ، وتهتز نفسى اشتياقا ، ثم أنا أنظر فأرى فى المدينة على بعد أشباحا أجمل من الملائكة : هوذا موسى ومعه ايليا وجميع الانبياء ، هوذا أنبا أنطونيوس وأنبا أثناسيوس وجميع القديسين ، ها هم ابائى الاساقفة وابائى الكهنة – وها هو أب اعترافى – ثم ها هم بعض زملائى مدرسى مدارس الاحد ... ولم أستطع ان أتامل أكثر من ذلك بل اندفعت فى قوة نحو تلك المدينة النورانية ، ولكن عجبا – اننى لا استطيع التقدم ، فهناك ملاك جبار كله هيبة وجلال ووقار يعترض سبيلى قائلا : - " مكانك قف ! الى أين أنت ذاهب ؟ " فأجبيبه : - " الى تلك المدينة العظيمة يا سيدى الملاك – الى حيث زملائى واخوتى وابائى القديسون " ولكن الملاك ينظر الى فى دهشة ويقول : - " ولكنها مدينة الخدام فهل أنت خادم ؟ " فلما أجبته بالايجاب قال لى : انك مخطئ يا صديقى فاسمك ليس فى سجل الخدام " وعصفت بى الدهشة فصرخت فى هذا الملاك حارس المدينة : - " كيف هذا ؟ لعلك لا تعرفنى يا سيدى الملاك . اسأل عنى مدارس الاحد واجتماعات الشباب واسال عنى الكنائس والجمعيات . بل اسال عنى أيضا فى مدينة الخدام اذ يعرفنى هناك كثير من زملائى مدرسى مدارس الأحد ... " وأجابنى الملاك فى صرامة وصراحة : " اننى أعرفك جيدا ، وهم أيضا يعرفونك ، ولكنك مع ذلك لست بخادم فهذا حكم الله " ولم أحتمل تلك الكلمات ، فوقعت على قدمى أبكى فى مرارة ولكن ملاكا أخر أتى ومسح كل دمعة من عينى ، وقال لى فى رفق : - " انك يا أخى فى المكان الذى هرب منه الحزن والكابة فلماذا تكتئب ؟ - تعال معى ولنتفاهم " - وجلسنا منفردين نتناقش فقال لى : - " ان أولئك الذين تراهم فى مدينة الخدام قد كرسوا كل حياتهم لله ، فكانت كل دقيقة من أعمارهم تنفق فى الخدمة . اليست هكذا كانت حياة بولس وباقى الرسل ؟ أليست هكذا كانت حياة موسى والانبياء ؟ أليست هكذا كانت حياة القديسين ؟ اما أنت يا صديقى فلم تكن مكرسا بل كنت تخدم العالم وكل ما لك من خدمة روحية هو ساعة واحدة فى الاسبوع تقضيها فى المدارس الاحد ، واحيانا كانت خدماتك الاخرى تجعلك تعطى الله ساعة ثانية ، فهل من أجل ساعتين فى الاسبوع تريد ان تجلس الى جانب الرسل والانبياء والكهنة فى مدينة الخدام ؟ " . وكنت مطرقا خجلا أثناء ذلك الحديث كله ، غير أننى قاومت خجلى وتجرأت وسألت الملاك : " ولكننى أرى فى مدينة الخدام بعضا من زملائى مدرسى مدارس الاحد وهم مثلى فى خدمتى " فأجابنى الملاك : - " كلا ! انهم ليسوا مثلك . حقيقة انهم كانوا يخدمون ساعة أو أكثر فى مدارس الاحد ولكنهم كانوا يقضون الاسبوع كله تمهيدا لتلك الساعة ، فكانوا يصرفون وقتا كبيرا فى تحضير الدروس ووسائل الايضاح ، وطرق التشويق ، والصلاة من أجل كل ذلك ، وبحث حالات التلاميذ واحدا واحدا والتفكير فى طريقة لاصلاح كل فرد على حدة ، يضاف الى ذلك انشغالهم فى الافتقاد ، وفى ابتكار طرق نافعة لشغل أوقات تلاميذهم أثناء الاسبوع – ثم كانت لهم خدمات أخرى مختفية لا تعرفها ، وهكذا كانوا يعتبرون الخدمة الروحية عملهم الرئيسى ، ويرون باقى أعمال العالم أمورا ثانوية – لا أعنى أنهم أهملوا مسئولياتهم وواجباتهم العالمية بل كانوا مخلصين لها جدا وناجحين فيها للغاية وان كان عملهم العالمى أيضا لا يخلو من الخدمة ، وهكذا حسبهم الله مكرسين " وعجب من هذه العبارة فسألت : " وكيف أستطيع ان أكون خادما وانا مشغول بعملى العالمى ؟ " فأجابنى الملاك : " لعلك نسيت يا أخى عمومية الخدمة ! يجب ان تخدم الله فى كل وقت وفى كل مكان : فى الكنيسة وفى الطريق وفى منزلك وفى مكان عملك وأينما حللت أو تنقلت . " لا يجب اذن الفصل بين المهنة والخدمة ، فعندما فى مدينة الخدام مدرسون استطاعوا ان يجذبوا كل تلاميذهم المسيحيين الى مدارس الاحد ، وان يصلحوهم ويتعهدوهم بالعناية المستمرة وعندنا فى مدينة الخدام أطباء لم يتخذوا الطب تجارة وانما اهتموا قبل كل شئ بصحة مرضاهم مهما كانت حالتهم المالية ، فكانوا فى أحيان كثيرة يداوون المريض ويرسلون له الدواء – كل ذلك بدون أجر ، بل كانوا يقومون بتأسيس المستشفيات والمستوصفات المجانية ، وعندنا فى مدينة الخدام موظفون استطاعوا ان يقودوا كل زملائهم فى العمل الى الكنيسة للاعتراف والتناول من الاسرار المقدسة . وهناك أيضا مهندسون ومحامون وفنانون وتجار وصناع : كل أولئك كانوا خداما فى مهنهم ، فهل كنت أنت كذلك ؟ " فخجلت من نفسى ولم أجب ولكن الملاك قال لى فى تأنيب مؤلم : - " هذا عن الخدمة فى مكان عملك : ثم ماذا عن خدمتك فى أسرتك ! – ان يشوع الذى تراه فى مدينة الخدام كان يقول " أما انا وبيتى فنعبد الرب " أما أنت فلم تخدم بيتك بل كنت على العكس فى نزاع مستمر مع أفراد أسراتك ، بل فشلت فى ان تكون قدوة لهم وان تجعلهم يقتدرون بك . ثم ماذا عن أصدقائك وزملائك وجيرانك ومعارفك ؟ كنت تزورهم فى عيدى الميلاد والقيامة دون ان تحدثهم بل تفرح معهم فرحا عالميا ، وأتيحت لك فرص كثيرة لخدمتهم بل تفرح معهم فرحا عالميا ، وأتيحت لك فرص كثيرة لخدمتهم ولم تستغلها ، فهل تعتبر نفسك بعد كل ذلك خادما ؟ " وطأطأت راسى خجلا للمرة الثالثة ، ولكنى مع ذلك احتلت على الاجابة فقلت - " ولكنك تعلم يا سيدى الملاك أننى شخص ضعيف المواهب ولم أكن مستطيعا أن أقوم بكل تلك الخدمة . واندهش الملاك ، وكأنما سمع هذا الرأى لأول مرة ، فقال فى وحدة : - " مواهب ؟ ومن قال انك بدون المواهب لا تستطيع ان تخدم ! هناك يا أخى ما يسمونه العظة الصامتة : لم يكن مطلوبا منك ان تكون واعظا وانما ان تكون عظة ... ينظر الناس الى وجهك فيتعلمون الوداعة والبشاشة والبساطة ، ويسمعون حديثك فيتعلمون الطهارة والصدق والامانة ، ويعاملونك فيرون فيك التسامح والاخلاص والتضحية ومحبة الاخرين فيحبوك ويقلدوك ويصيروا بواسطتك أتقياء دون أن تعظ أو تقف على منبر ثم هناك صلاتك من أجلهم وقد تجدى صلاتك أكثر من عظاتك " . وللمرة الرابعة تولانى الخجل والاتباك ، فلم أحر جوابا – واستطرد الملاك فى قوله : - " وكان يجب عليك أيضا – كعظة صامتة – أن تبتعد عن العثرات فلا تتصرف تصرفا مهما كان بريئا فى مظهره ان كان يفهمه الاخرون على غير حقيقته فيعثرهم – وهكذا تكون ( بلا لوم ) أمام الله والناس كما يقول الكتاب : جاعلا أمام عينيك كخادم قول بولس الرسول : " كل الاشياء تحل لى ، ولكن ليست كل الاشياء توافق " 1كو 12:6 وتأملت حياتى فوجدت أننى فى أحوال كثيرة جعلت الاخرين يخطئون ولو عن غير قصد . وقطع على الملاك حبل تأملاتى قائلا فى رفق : - " ولكن ليس هذا هو كل شئ . اننى أشفق عليك كثيرا يا صديقى الانسان . وقد كنت أشفق عليك أثناء وجودك فى العالم ، وخاصة فى تلك اللحظات التى كنت تتألم فيها من ( البر الذاتى ) كنت تنظر الى خدماتك الكثيرة فتحسب أنك مثال للخدمة بينما لم تكن محسوبا خادما على الاطلاق . ولعلك قد اقترفت أخطاء كثيرة أخرى ، منها ان خدمتك كانت خدمة رسميات ، فقد كنت تذهب الى مدارس الاحد كعادة أسبوعية ، وكعادة أيضا كنت تصلى بالاولاد ، وكنت ترصد الغياب والحضور ، فتعطى للمواظب جائزة ، وتهمل الغائب كأنك غير مسئول عنه . وهكذا خلت خدمتك من الروح ومن المحبة ، ولم تستطع ان تصل الى أعماق قلوب الاولاد ، لان كلماتك وتصرفاتك لم تكن خارجة من أعماق قلبك . ولم يكن فى الترتيل الذى تعلمهم اياه روح البهجة ، ولم تكن فى صلاتك معهم روح الانسحاق او التامل او التضرع . ولم تكن فى أوامرك لهم روح المحبة . وهكذا لم تحدث فى خدمتك تاثيرا ، وكذلك كنت فى عظاتك فى الكنائس أيضا : تعظ لان الكاهن طلب منك ذلك فوعدته وعليك ان تنفذ ، فكنت تهتم بتقسيم الموضوع وتنسيقه ، واخراجه فى صورة تجذب الاعجاب أكثر مما تهتم بخلاص النفوس ، وكان صوتك رغم علوه وايقاعه ووضوحه باردا خاليا من الحياة ، وكنت تبتهج – ولو داخليا فقط – بمن يقرظ موضوعك دون ان تهتم هل جدد الموضوع حياة ذلك الشخص أم لا . الا ترى معى يا صديقى انك كنت تخدم نفسك ولم تكن تخدم الله ولا الناس . ولعل من دلائل ذلك ايضا انك كنت ترحب بالخدمة الله ولا الناس . ولعل من دلائل ذلك أيضا انك كنت ترحب بالخدمة فى الكنائس الكبيرة المشهورة الوافرة العدد دون الكنائس الصغيرة غير المعروفة كثيرا . " ثم انه نقص من خدمتك فى هذه الناحية أمران هما : حب الخدمة وحب المخدومين ... أما عن حب الخدمة فيتجلى فى قول السيد المسيح :" طوبى للجياع والعطاش الى البر " فهل كنت جوعانا وعطشانا الى خلاص النفوس ؟ هل كنت طول الاسبوع تحلم بالساعة التى تقضيها وسط أولادك فى مدارس الاحد ؟ هل كنت تشعر بألم اذا غاب أحدهم ، وبشوق كبير الى رؤية ذلك الغائب فلا تهدأ حتى تجده وتعيد عليه شرح الدرس ! – ثم الامر الاخر وهو حب المخدومين : هل كنت تحب من تخدمهم ، وتحبهم الى المنتهى مثلما كان السيد المسيح يحب تلاميذه ؟ هل كنت تعطف عليهم فتغمرهم بالحنان ؟ وهل أحبك تلاميذك ايضا ؟ ام كنت تقضى الوقت كله فى انتهارهم ومعاقبتهم بالحرمان من الصور والجوائز . من قال لك ان تلك الطريقة صالحة لمعالجة الاولاد ؟ ان المحبة يا صديقى الانسان هى الدعامة الاولى للخدمة ان لم تحب مخدوميك لا تستطيع ان تخدمهم ، وان لم يحبوك لا يمكن ان يستفيدوا منك " واطرقت فى خجل مرير وقد تكشفت لى حقيقتى بينما نظر الى الملاك نظرة كلها عطف ومحبة وقال : - " أريد ان أصارحك بحقيقة هامة وهى انه كان يجب ان تقضى فترة طويلة فى الاستعداد والامتلاء قبل ان تبدأ الخدمة لانك وقد بدأت مبكرا ولم تكن لك اختبارات روحية كافية ، وقعت فى أخطاء كثيرة " ونظرت اليه فى تساؤل وكأنما شق على ان اخطى وقد كلفت باصلاح أخطاء الاخرين ، فاجاب الملاك على نظرتى بقوله : - " هناك ولد طردته من مدارس الاحد لعصيانه وعدم نظامه – فأوجد هذا الطرد عنده لونا من العناد وقذف به الى أحضان الشارع والصحبة الشريرة ، فأصبح أسوا من ذى قبل ، وحاقت به من تصرفك أضرار جسيمة ، خاصة وأنه فى حالته الجديدة فقد المرشد والعناية ، ولابد انك مسئول عن هذا لانه فى حدود عملك " فأجبت ( ولكنه يا سيدى الملاك كان يفسد على الدرس بل كان قدوة سيئة لغيره ) . فاجاب الملاك فى مرارة : - " وهل من أجل ذلك طردته ؟ يا لك من مسكين : هل أرسلك السيد المسيح لتدعو أبرارا ام خطاة الى التوبة ؟؟ ان تلاميذك القديسين الذين كنت بسببهم تحارب نفسك بالبر الذاتى ، ترجع قداستهم الى عمل الله فيهم ، أما ذلك المشاكس فهو الذى كان يجب ان تتناوله بالرعاية . لمثل هذا النوع دعاك الله . ولو انك كرست جهودك كلها لاصلاح هذا الولد فقط ولم يكن لك فى حياة الخدمة غير هذا العمل ، لكان هذا وحده كافيا لدخولك مدينة الخدمة ... كان يجب ان تقدر قيمة النفس وان يكون لك الكثير من طول الاناة . فخادم مدارس الاحد الذى تخلو مؤهلاته من هاتين الصفتين . لا يستحق ان يكون خادما . فقلت للملاك فى رجاء :" وماذا كنت تريدنى ان اعمل مع هذا الولد ؟" فاجاب : - " تخدمه بقدر ما تستطيع ، وتختبر نفسيته وتعالجه بحسب ظروفه ، وتصلى كثيرا من اجله – فاذا ما فشلت فلا نطرده وانما حوله الى فصل اخر ، فقد ينجح زميل لك من المدرسين فيما فشلت انت فيه – فاذا لم ينفع هذا ايضا يمكنكم ان تخصصوا فصلا او اكثر من مدارس الاحد وفق طبائعهم – ويمكن ان تكثروا من افتقادهم ومن تقريبهم الى قلوبكم على الا يطرد واحد منهم مهما أدى الامر . انهم ليسوا باكثر شرا من الحالة الاولى لزكا او المراة السامرية او مدينة نينوى . وخادم الله لا يعرف الياس مطلقا ما دامت له الصلاة المنسحقة والقلب المحب " وشعرت بندم على تصرفاتى القديمة ، ولكن الملاك استطرد - " ثم هناك ولد اخر غاب عن فصلك اسبوعا ثم اسبوعين فلم تفتقده وكل ما فعلته كموظف رسمى فى مدارس الاحد (!!!) انك رصدته فى سجلك ضمن الغائبين ، واستغل الولد عدم افتقادك فاستمر فى غيابه ، وانتهزت انت فرصة غيابه المستمر : فشطبت اسمه من قائمتك " ونظر الى الملاك فى صرامة وقال : " لماذا لم تفقده ؟" وضعفت أمام حدة صوته ونظرته ، فصمت خوفا ، بينما كرر سؤاله مرة أخرى فى عنف " لماذا لم تفتقده ؟" وشعرت بعاصفة تجتاح رأسى ولم أجب ، بينما ارتعش الملاك وقال فى اضطراب : - " ان حالته الروحية تدعو الان الى الرثا ، ولو استمر على هذه الحالة فانه سوف ...) واختلج صوت الملاك وصمت قليلا ثم قال : - " اننى وكثير من الملائكة نصلى من أجله حتى ينقذه الله ... وعندما يستجيب الله صلاتنا ويرسل اليه خادما اخر امينا فى خدمته ، وعندما ينقذ الولد ، فان انقاذه سوف لا يخليك من المسئولية ". وكان صوته خافتا متألما لم أحتمل سماعه ، فشعرت بالمناظر تدور أمام عينى ثم وقعت مغشيا على ....... وعندما أفقت كان الملاك ينظر الى فى اشفاق ، وساعدتنى نظرته على التكلم فقلت : " سامحنى يا سيدى الملاك فقد كان فى فصلى ثلاثون ولدا لم استطع ان افتقدهم جميعهم " فأجابنى :" وحتى انت وقعت فى هذه التجربة ؟ فى اغراء العدد ؟ ان الله لا يقيس االخدمة بعدد التلاميذ / وانما بعدد المتجددين الخالصين منهم ... انا اعرف انه كان صعبا عليك ان تهتم بثلاثين ولدا من ناحية النظام والافتقاد والرعاية والتعليم ، بل كان من الصعب عليك ان تحفظ مجرد اسمائهم ، فلم تستطع ان تقول مع المسيح " خرافى تعرفنى وأنا أعرفها " ولكن لماذا لم تقتصر فى خدمتك على عشرة أولاد مثلا ؟ ..." وفضلت الصمت لانى لم أجد جوابا . أما الملاك فانه قال فى اشفاق : - " هل تعلم ما هو أهم سبب فى فشلك غير ما قلناه ؟ انه اعتمادك على نفسك . وهكذا نسيت ان تصلى وتصوم من أجل الخدمة . ان زملاءك مدرسى مدارس الاحد الذين فى المدينة الخدام كانوا يقيمون صلاة وصوما خصيصا من أجل فصولهم ، وكانوا فى كل يوم من أيام الاسبوع يذكرون أولادهم واحدا واحدا أمام الله طالبين طلبة خاصة من أجل كل واحد ، بل كانوا يطلبون من أبائهم الكهنة اقامة قداسات خاصة من أجل الاولاد فهل كنت كذلك ؟ " هذا كله عن الخدمة الروحية ، ثم ماذا عن خدمتك المادية ؟ هل ظننتها أمرا ثانويا ؟ ألم تعلم ان الغنى الذى عاصر اليعازر هلك لانه لم يشفق على اليعازر المسكين ؟ ألم تسمع المسيح يقول للهالكين ( كنت جوعانا فلم تطعمونى ، كنت عطشانا ... كنت عريانا ... كنت مريضا ... ) فماذا فعلت أنت ؟ ألم تتمسك ببعض الكماليات بينما كان اخوتك محتاجين الى الضروريات ؟ لم ... " ولم أحتمل اكثر من ذلك فصرخت فى ألم " كفى ياسيدى الملاك ، الان عرفت اننى غير مستحق مطلقا لدخول مدينة الخدام - فقد كنت مغرورا يا سيدى ومغرورا جدا – أما الان وقد عرفت كل شئ فانى أطلب فرصة أخرى أعمل فيها كخادم حقيقى " فقال لى الملاك : ( لقد أعطيت لك الفرصة ولم تستغلها ثم انتهت أيامك على الارض ...) فألححت عليه وظللت أبكى وارجوه ، أما هو فنظر الى فى اشفاق ومحبة وتركنى ومضى وأنا ما أزال أصرخ " أريد فرصة أخرى – اريد فرصة اخرى ) فلما اختفى عن بصرى وقعت على قدمى وانا اصرخ ( اريد فرصة اخرى ) ثم دار الفضاء أمامى ولم احس بشئ ... ومرت على مدة وانا فى غيبوبة طويلة ، ثم استفقت اخيرا وفتحت عينى ولكنى دهشت ، وازدادت دهشتى جدا .. وظللت انظر حولى وانا لا اصدق ، ثم دققت النظر الى نفسى فاذا بى ما أزال وحيدا فى غرفتى الخاصة متمددا على مقعدى ... يالرحمة الله .. احقا اعطيت لى فرصة اخرى لاكون خادما صالحا ؟... وقمت فقدمت لله صلاة شكر عميقة . ثم عزمت ان اخبر اخوتى بكل شئ ليستحقوا هم ايضا الدخول الى مدينة الخدام . وهكذا امسكت بعض اوراق بيضاء ، وأخذت اكتب " حدث فى تلك الليلة ... ) |
22 - 05 - 2014, 08:38 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: انطلاق الروح
|
||||
22 - 05 - 2014, 08:52 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
..::| VIP |::..
|
رد: انطلاق الروح
مشاركة جميلة
ربنا يباركك |
|||
22 - 05 - 2014, 09:57 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: انطلاق الروح
شكراااااااااااااااااااا
|
||||
22 - 05 - 2014, 05:35 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
| غالى على قلب الفرح المسيحى |
|
رد: انطلاق الروح
موضوع جميل جدا
ربنا يعوض تعب محبتك وتعب خدمتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أما في انطلاق الروح، فتكون لها معرفة أوسع |
لحظة انطلاق الروح |
انطلاق الروح.pdf |
كتاب انطلاق الروح للموبيل |
كتاب انطلاق الروح للموبيل |