عودة الجدال اللاهوتي حول شخص المسيح
في المجمع المسكونى الثالث بأفسس عام 341 م. عزل نسطور من كرسيه وحرم كما أدينت تعاليمه، وثبت قانون إيمان نيقية، وصدرت موافقة رسمية على لقب "ثيؤتوكوس". لكن هذه القرارات واجهت هجوما من أصحاب الفكر الأنطاكي، إذ حضر يوحنا الأنطاكي وفى صحبته ثيؤدورت أسقف قورش وأساقفة آخرون كانوا متأخرين، فعقدوا مجمعا منافسا تقرر فيه حرمان القديس كيرلس وميمنون أسقف أفسس وعزلهما عن كرسيهما بتهمة استخدام العنف مع الهراطقة. وكان لكل فريق من يناصره في البلاط. فكان الإمبراطور في حيرة لم يعرف أي الفريقين يناصر، لذلك وضع القديس كيرلس في السجن لمدة شهرين، ثم سمح له بعد ذلك بالعودة إلى كرسيه، أما نسطور فنفي في مصر حيث مات في صعيد مصر.
تمت مصالحة نهائية بين يوحنا وكيرلس سنة 443، حيث أرسل الأول بولس أسقف الرها إلى الإسكندرية يحمل "اعتراف إيمان" لكيرلس، وبعث كيرلس برسالته الشهيرة إلى أنطاكية.
أي "صيغة إعادة الاتحاد". وقد فهم كل طرف هذه الصيغة بطريقته الخاصة لمجرد إيجاد مصالحة. هذه الصيغة قبلها القديس كيرلس حتى يقبل الأنطاكيون مجمع أفسس دون شروط، أما الأنطاكيون لم يرضهم إعادة الاتحاد تمامًا وكانوا في ثورة بسبب نفى نسطور.
إذ لم يكن "إعادة الاتحاد" مشبعًا للطرفين، اللاهوت الإسكندري واللاهوت الأنطاكي، إذ سنحت الظروف للجدال عاد بصورة عنيفة انتهى بالانشقاق المر الذي حدث في مجمع خلقيدونية، يمكننا في إيجاد تلخيص أهم الأحداث:
في سنة 435 م. انتخب هيبا أسقفا للرها الذي تحول إلى تلميذ غيور لثيؤدور أسقف الميصة القائد الأنطاكي، فبدأ الجدال العقيدي من جديد يرتكز على كتابات تيؤدور. وفى سنة 443 احتل دومنيوس الأسقفية عوض يوحنا الأنطاكي وكان يسترشد بثيؤدورت أسقف قورش. وفى سنة 444 تنيح القديس كيرلس ليخلفه البابا ديسقورس على كرسي الإسكندرية. وفى سنة 446 م. رسم فلفيان على القسطنطينية ويبدو أنه كان يؤمن بـ"الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة من طبيعتين" لكن تيؤدورت أسقف قورش غير ذهنه.
أرسل البابا ديسقورس رسائل لأخوته الأساقفة حسب التقليد الكنسي، وكان رد ثيؤدورت رقيقًا للغاية يمتدح فيه اتضاعه ورقته، لكن الأخير دخل في عداوة مرة ضد البابا ديسقورس، لأن ديسقورس لام دمنيوس برقة على تشجيعه للثنائية النسطورية من جهة شخص المسيح، واستهانته بمجمع أفسس، وإعلانه أن نسطور ليس هرطوقيا، وقد أجابه دمنيوس برسالة رقيقة، جاء منها أنه سر بخطابه بسبب محبته وانفتاحه.