الوثيقة الموراتورية | المخطوطة الموراتورية
(3) الوثيقة الموراتورية (170م):
وجدت هذه الوثيقة الموراتورية أو المخطوطة الموراتورية في المكتبة الامبروسية Ambrosian - بميلان سنة 1740م ونشرها العالم الإيطالي موراتوري Muratori فدعيت باسمه. وكانت مكتوبة باللاتينية. وترجع نصوص هذه المخطوطة، التي كتبت أصلًا باليونانية، كما تؤكد هي نفسها، في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي حيث تقول الوثيقة "كتب هرماس (كتابه) الراعي حديثًا جدًا في زماننا في مدينة روما عندما كان يجلس شقيقه الأسقف بيوس Pius على كرسي الكنيسة في روما" (26). وكانت سطورها الأولى مفقودة وتبدأ بعبارة عن الإنجيل الثاني الذي للقديس مرقس وتقول "الذي فيه كان حاضرًا وقد دونه"، ثم تتحدث عن الإنجيل الثالث الذي للقديس لوقا مما يؤكد أنها تحدثت في السطور المفقودة عن الإنجيل للقديس متى ثم الإنجيل للقديس مرقس والذي تبقى منه هذا السطر المذكور أعلاه.
"كتاب الإنجيل الثالث، الذي بحسب لوقا، هذا الطبيب لوقا بعد صعود المسيح (قيامته)؟ أخذه بولس معه كخبير في الطريق (التعليم)، دونه باسمه حسب فكره، مع أنه لم ير الرب في الجسد، ولأنه كان قادرًا على التحقق منه، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا.
رابع الأناجيل هو الذي ليوحنا (أحد) الرسل. الذي عندما حثه تلاميذه وأساقفته قال: صوموا معي من اليوم ولمدة ثلاثة أيام وما يعلن لكل واحد فلنقله بعضنا لبعض. وفي نفس الوقت كُشف لأندراوس، أحد الرسل، أن ما ينجح (يفحص) الكل فيه يجب أن يدون يوحنا كل شيء باسمه. ولذا فعلى الرغم من وجود أفكار متنوعة تعلم في الإنجيل ككل (أي الأناجيل الأربعة) إلا أن هذه الأمور لا تسبب اختلافًا لإيمان المؤمنين، لأن كل ما فيها أُعلن بالروح الواحد.
فكل شيء معلن في الكل: ما يختص بالميلاد وما يختص بالآلام وما يختص بالقيامة وما يختص بالأحاديث مع التلاميذ، ما يختص بمجيئه الأول محتقر في تواضع، والثاني ممجد في قوة ملوكية. فما العجيب إذا في أن يورد يوحنا نقاطًا خاصة في رسائله أيضًا، فهو دائمًا صادق مع نفسه، إذ يقول هو نفسه "الذي رأيناه بعيوننا وسمعناه بآذاننا ولمسته أيدينا نكتبه لكم". فهو يعترف هكذا أنه ليس شاهد عيان فقط بل كاتب أيضًا لكل عجائب الرب بالترتيب.
ولكن أعمال الرسل مكتوبة في كتاب واحد. فقد لخص لوقا للعزيز ثاوفيلس الأمور العديدة التي حدثت في حضوره..".
وتتحدث الوثيقة أو المخطوطة بعد ذلك عن كل رسائل القديس بولس عدا الرسالة إلى العبرانيين، وتتكلم عن رؤيا يوحنا ورسالة يهوذا ورسالتين للقديس يوحنا. ثم تتحدث عن بعض الكتب الأبوكريفية، أي المزيفة، كالآتي: "ويوجد أيضًا رسالة إلى الاوديكيين وأخرى إلى السكندريين، زيفتا باسم بولس لهرطقة مركيون، وكتب أخرى عديدة لا يمكن أن تكون قد سُلمت في الكنيسة الجامعة. لأنه لن يخلط العسل مع الخل. وفي أخر الوثيقة تقول: "ونحن لا نقبل أي شيء من أرسينوس أو فالنتينوس وميليتادس الذي ألف مزمور جدي لمركيون مع باسيليدس في آسيا الصغرى" (27).
وتؤكد لنا هذه الوثيقة ثلاث حقائق جوهرية هي:
(1) إيمان الكنيسة في القرن الثاني للميلاد بوحي أسفار العهد الجديد، السبعة والعشرين، وكتابتها وتدوينها بالروح القدس.
(2) وأنها، وحدها، أسفار مقدسة وذات سلطان إلهي.
(3) كما تميز تمامًا بين هذه الأسفار المقدسة وبين الكتب المزيفة التي قالت عنها أنه "لا يمكن أن تقبل (الكتب الأبوكريفية، المزيفة) في الكنيسة الجامعة. لأنه لن يخلط الخل مع العسل".
وعلى الرغم من أن هذه الوثيقة لا تذكر الرسالة إلى العبرانيين وكذلك الرسالة الثالثة للقديس يوحنا ورسالة يعقوب ورسالتي بطرس فهذا لا يدل على عدم الإيمان بوحيها وقداستها أو إنكارها لأن هذه المخطوطة لم تذكر هذه الرسائل لا بين الأسفار المقدسة الموحى بها ولا بين الأسفار المزيفة فقد ذكرت هذه الرسائل في كثير من كتابات الكثير من آباء القرن الثاني الميلادي الذين استشهدوا بآياتها واقتبسوا نصوصها وشهدوا لها، يقول العلامة الإنجليزي وستكوت أن عدم ذكر هذه الرسائل قد يرجع لوجود فجوة أو شق في المخطوطة نفسها. وعلى أية حال فهذه الرسائل مستشهد بها جيدًا وبدرجة كافية في مصادر أخرى(28).