|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فى الغضب الخاطئ يوجد نوعان: غضب داخلي مستتر، وغضب واضح ظاهر. والغضب الداخلي هو غضب الفكر والقلب. فأنت قد لا تسئ باللسان إلى من أغضبك، وقد لا تجرحه بأية كلمة. وربما تبدو صامتًا لا ترد الإهانة بإهانة. ومع ذلك هناك ثورة في داخلك ولكنها مكبوتة. وهنا لا تستطيع أن تقول إنك لم تغضب. ففي الواقع إنك غضبت ولكنك كتمت غضبك. وربما كبتك لغضبك يكون لأسباب روحية أو غير روحية. أما السبب الروحي فهو ضبط النفس ومنعها من الخطأ، وتهدئتها ريثما تجد حلًا لتصريف الغضب من داخلك. وفي هذه الحالة نقول إنك لم تحتمل، وفي نفس الوقت لم تثر. انفعلت في داخلك، ولكنك وقفت عند هذا الحد حتى لا تخطئ بلسانك، ولا تخطئ بتصرفك، ولا تنتقم لنفسك. وهذا طبعًا أفضل من النرفزة والحدّة... وربما يكون كبت الغضب بسبب الخوف: أعنى الخوف من الشخص الذي أخطأ إليك، لأنه أقوى منك، أو أنك خاضع لإدارته، وتخشى نتائج الغضب، فربما تؤدى إلى حالة أسوأ. وقد يكون خوفك هو أن يأخذ الناس فكرة سيئة عنك إذا ثرت وانتقمت... وقد يكون سبب سكوتك هو الانتظار ريثما ترد أو تنتقم لنفسك فيما بعد. فأنت إذن صامت، لا لأنك قد غفرت للمسيء، وإنما لأن الفرصة الآن غير مواتية للرد، والغضب الظاهر قد يكشف نواياك، ومن الحكمة أن تظل هذه النوايا في الكتمان إلى أن يحين الوقت الذي تنتقم فيه لنفسك، وبقوة، وبدون أن تقع في مسؤولية! وكل هذه خطايا مكتومة مع الغضب المكبوت... وفى كل ذلك يكون الفكر منشغلًا بالخطية، والقلب كذلك. ويكون الغضب مالكًا على كل المشاعر. ويظل الذهن يُشبع مقاصده بأفكار الرد والانتقام، ومحاولة أخذ حقه بأنواع وطرق شتى، ومجازاة من أغضبه بأساليب متنوعة وبصور يريدها أن تحدث، ويتخيل حدوثها كما لو كانت واقفة. وبهذا يبرهن على أنه لم يحتمل ولم يصفح، وأن الغضب يشتعل في داخله... أمثال هذا النوع من الناس، وإن كانوا قد بعدوا عن الغضب الظاهر، إلا أنهم يغذون في داخلهم الغيظ والسخط، وإذ هم متعكرون في الداخل، لا يقابلون المسيء باللطف المعتاد. وقد يتحول السخط الذي في قلوبهم إلى لون من الحقد. وإن كان ذلك لا يؤذى الآخرين، لكنه يضر صاحبه ويفقده نقاوته. على إننا نقول إنه ليس كل الصامتين في مجال الغضب هم أنقياء، فهناك نوع من الصمت يمكن أن نسميه الصمت المثير. فقد يوجد شخص أعصابه قوية جدًا، يقف في منتهى البرود والجو يغلى، دون أن يغضب. ويستطيع بصمته وبروده أن يثير الطرف الآخر، ويجعله يغضب ويخطئ بالأكثر. وفي ذلك يظن أنه برئ لم يرتكب أي خطأ! بينما هو السبب في خطأ غيره. وكان يمكنه بكلمة لطيفة أو عبارة هادئة أن يهدئ هذا الذي يتكلم معه. وهو مسئول عمن أثاره وأغضبه ببروده... إن المطلوب منك، ليس فقط أنك لا تغضب ولا تثور، وإنما أيضًا أنك لا تتسبب في غضب غيرك... بل انك بهذا الصمت المثير تكون أكثر ذنبًا، لأنك تحاول أن تحصل على فخر أو مديح بصمتك عن طريق السبب في خطأ غيرك!! لقد قال الآباء الروحيون إنه توجد ثلاثة أنواع من الغضب: أ- نوع من الغضب يثور في الداخل. ب- ونوع آخر ينفجر في الكلمات والعمل والتصرف. ج- ونوع ثالث، وهو ليس مثل النوعين السابقين يغلى ويعمل في ساعة. بل هو يستمر أيامًا وفترات طويلة... وهذا النوع يتحول من غضب إلى بغضة أو كراهية. إذ ليس فقط يستسلم الشخص للانفعال، بل يستمر حانقًا، ويظل يغذى في داخله شعورًا ضد الآخر، ويلتصق ذهنه بأفكار ضده.. إذا استمر الشخص يفكر: "ما الذي قاله لي هذا الشخص؟ وماذا يقصد؟ وهل من كرامتي أن أسكت على شيء من هذا؟ أنا أيضًا لابد أن أقول له... ولابد أن أعطيه درسًا لن ينساه..". إن فكّر هكذا، يصل إلى الانفعال والى التهيج والى الغضب والاضطراب. وإذا استمر الغضب يتحول إلى حقد، والى رغبة في الانتقام، سواء تمت أو لم تتم... والرغبة في الانتقام، أو الرد على الإساءة بمثلها، تمر في درجات: فقد يمكن لشخص أن يرد بالكلام، أو بالتعبير. بعبارة أو بإشارة أو بنظرة يُفهم منها أنه أوقفه عند حدة... وقد لا يفعل ذلك، ولكن تبقى في قلبه مرارة من نحوه. وشخص آخر يحاول أن لا تكون في قلبه أية مرارة أو حقد. ولكنه إن سمع شخصًا يسب ذلك الشخص أو ينتقده أو يقلل من شأنه، فإنه يبتهج بذلك. (انظر ستجد المزيد من مقالات البابا شنوده الثالث هنا فى منتدى أم السمائيين والأرضيين) . وهكذا يدل على أن قلبه ليس نقيًا إذ يفرح بإهانة غيره..! إنسان آخر لا يبتهج بسماع تحقير من أساء إليه. ولكنه علي الرغم من هذا لا يفرح بنجاحه. بل انه يتضايق إذا ما مدحه أحد أو أكرمه، شاعرًا في نفسه انه لا يستحق. وفي هذا كله لا يكون القلب نقيًا. مستوى آخر وهو أن شخصين أساء أحدهما إلى الآخر، ولكنهما تصالحا وعاشا فترة في سلام. ولا يكون في قلب أحداهما أية ضغينة نحو من أساء إليه. غير أنه يحدث بعد مضي بعض الوقت، أن يقول ذلك المسيء كلمة جارحة. فيبدأ المساء إليه أن يتذكر القديم كله. ويضطرب ليس فقط من أجل الإساءة الثانية، بل من السابقة أيضًا. ذلك لأنه لم ينسها، ومازالت في عقله الباطن. مثل ذلك الإنسان يشبه من اشتكي من جرح، ثم التأم ذلك الجرح ولكن بقي مكانه حساسًا. بحيث إذا اصطدم بشيء، يشعر بالألم أو قد يدمى الجرح بعد إلتآمه..! **هناك فرق بين التصرف والترسيب. تصريف الغضب معناه إنهاءه وعدم بقاء شيء مترسب من ذكراه. أما الترسيب فيشبه زجاجه بها دواء سائل، ومكتوب عليها "رج الزجاجة قبل الاستعمال" فالسائل من فوق يبقي رائقًا. ولكن ان رجرجت الزجاجة تجد أنه قد تعكر كله بسبب ما كان مترسبًا في القاع. **إذن في علاج الغضب والمتهيج، لا يكفي فقط أن تصفح، وإنما بالأكثر أن تنسى. وكما يقول المثل الإنجليزي. Not only to forgive, but rather to forget. إننا لا نهدف فقط إلى أن يتخلص الشخص من الاضطراب والتهيج والانفعال الذي يضره، وليس فقط أن يزيل من قلبه كل حقد وغيظ. وإنما بالأكثر القلب الواسع والطبع الحليم الحكيم، الذي يكون أكبر وأسمى من أن تؤثر فيه إساءات الناس. يحضرني في هذا المجال مثال السفينة القوية السليمة التي تخوض البحر بكل أمواجه دون أن تضرها المياه والأمواج، ذلك لأنها محصنة. لا يوجد فيها ثقب يدخل منه الماء إلى السفينة، كما لا تستطيع المياه أن تغطيها وتتلفها... كذلك أمامي مثال الجنادل الستة في مجري النيل التي سُميت خطأ بالشلالات: تعصف بها المياه من كل ناحية وبقوة، وهي ثابتة في مكانها لا تتزعزع. هكذا الشخص القوى الذي مهما سمع من إساءة أو إهانة، لا تنال من أعصابه أو هدوئه. بل كما قال الشاعر عن المسيء: كناطحٍ صخرةً يومًا ليوهنها فلم يُضِرها وأوهى قرنه الصخرُ |
04 - 05 - 2014, 09:19 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: الغضب الخاطيء.. أنواعه ودرجاته
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
04 - 05 - 2014, 10:13 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: الغضب الخاطيء.. أنواعه ودرجاته
شكراً أختى العزيزة على مشاركتك
ربنا يبارك حياتك |
||||
04 - 05 - 2014, 10:30 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: الغضب الخاطيء.. أنواعه ودرجاته
ميرسى يا مارى
ميرسى يا مجدى على مروركم الغالى |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قداسة البابا شنودة الثالث | الخوف وأنواعه ودرجاته |
فلنتأمل إذن أنواع الإيمان ودرجاته |
أقوال القديس أوغسطينوس عن تحول الغضب إلى حقد | درجات الغضب |
ما هو قصر النظر ودرجاته |
وظائف وألقاب الكهنوت ودرجاته |