الإنجيل للقديس مرقس هو أكثر الأناجيل الأربعة الذي ركز عليه علماء الكتاب المقدس لاعتقاد غالبيتهم أنه أقدم الأناجيل لبساطه أسلوبه وقوته وحيويته وقدم لغته ولأنه يسجل أعمال السيد المسيح بصورة مكثفة وسريعة وقوية بدرجة كبيرة على روايات آلام السيد المسيح وصلبه وقيامته، ولأنه يقدم صورة حيه للإنجيل الشفوي كما جاء في كرازة القديس بطرس لكرنيليوس وقد شهد جميع آباء الكنيسة لصحته. وفيما يلي شهادتهم عنه:
(1) بابياس: "إن مرقس إذ كان هو اللسان الناطق لبطرس كتب بدقه، ولو من غير ترتيب، كل ما تذكره عما قاله المسيح أو فعله.. ولذلك لم يرتكب أي خطأ إذ كتب –على هذا الوجه- ما تذكره. لأنه كان يحرص على أمر واحد: إن لا يحذف شيئًا مما سمعه، وأن لا يقرر أي شيء خطأ".
(2) يوستينوس الشهيد: "وعندما يقال إنه (المسيح) أعطى أسم بطرس لأحد الرسل وعندما يكتب في مذكراته أيضًا أن هذا حدث بعد أن أعطى أثنين آخرين من الرسل، ابني زبدى، أسم بوانرجس، أي ابني الرعد.." (128). وهذا اللقب لم يذكر ألا في الإنجيل للقديس مرقس (17:3) فقط.
(3) وقد ضم تاتيان السوري وتلميذ يوستينوس الإنجيل بالكامل في كتابه الدياتسرون، أما الوثيقة الموراتورية فقد جاءت مبتورة وذكرت هذا الإنجيل في سطر واحد هو الذي تبقى مما ذكرته عنه ويقول "الذي فيه كان حاضرًا وهكذا دونه".
(4) إيريناؤس "سلم لنا مرقس، تلميذ بطرس ومترجمه، كتابه ما بشر به بطرس".
(5) أكليمندس الأسكندرى: "لما كرز بطرس بالكلمة جهارًا في روما. وأعلن الإنجيل بالروح طلب كثيرون من الحاضرين إلى مرقس أن يدون أقواله لأنه لازمه وقتًا طويلًا وكان يتذكرهاوبعد أن دون الإنجيل سلمه لمن طلبوه".
ولم تخرج شهادة الآباء مثل العلامة أوريجانوس ويوسايبوس القيصري وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص (350 م.) وجيروم عن ذلك كثيرًا بل كلها تدور في هذا الإطار. ويجمع غالبيتهم على أن القديس مرقس دون الإنجيل في حياة القديس بطرس أي قبل سنه 67م ولا يخرج عن ذلك سوى إيريناؤس الذي يقول إنه دونه بعد وفاته. ولكن الدليل الداخلى وشهادة العلماء تؤكد إنه كُتب قبل انتقاله بكثير.