|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نبوات من سفر دانيال النبي، وحقيقة ملكوت السموات قال بعض الكتاب من الأخوة المسلمين أنَّ ما جاء في (دانيال 2) هو نبوّة عن ظهور الإسلام وامتداده، وقالوا أنَّ الممالك الأربع المذكورة في هذا الفصل هي الكلدانيون والمديانيون والفرس واليونان وأنَّ الإسكندر الكبير هزم الفرس وفرق شملها إلا أنها عادت على سابق مجدها فيما بعد وأخذت تضعف تارة ونقوى أخرى إلي زمن كسرى أنوشروان وبعد موت نبي المسلمين قصد إليها جيوش المسلمين وفتحوها، وفتحوا ما بين النهرين وفلسطين وعليه فمملكة الإسلام هي المقصودة بالمملكة التي خلفت الممالك الأربع وسادت على كل الأرض (دانيال2/44-45)(1).كما قالوا أيضًا: أنَّ نبوة دانيال المزدوجة: صورة التمثال كناية عن الشرك الذي أربعة ممالك وفي زمن الرابعة ينقطع حجر من جبل بغير يد قطعته فيسحق التمثال والممالك الوثنية التي تحمله. وأنَّ هذا الحجر الذي ضرب تمثال الشرك هو نبي المسلمين وملكوت الله هو الدولة الإسلامية المُقامة علي أنقاض الفرس والروم. وقالوا أيضًا أنَّ ابن الإنسان الآتي على السحاب في رؤيا دانيال النبي (دانيال7/13-14) يُشير إلى ملكوت نبي الإسلام الذي تأسّس في فلسطين عقب زوال دولة الروم!! يقول الأستاذ على الجوهري " واسأل نفسك ما المراد بابن الإنسان؟ وما هو المراد الملائكة القدّيسين؟ ألا تعتقد أنَّه تكلم عن محمد (صلعم)..." (2). استخدموا بعض أمثلة المسيح مثل مَثَل الكرمة والكرامين الأردياء(متّي21/23-46). (1) إظهار الحق: ج2،ص 227و228؛ " محمد في التوراة والإنجيل والقرآن" خليل أحمد إبراهيم ص39و40؛ أنظر أيضًا " حقيقة النصرانية من الكتب المقدّسة " علي الجوهري ص195. (2) حقيقة النصرانية من الكتب المقدّسة " علي الجوهري ص27و28. وحديث الرب يسوع المسيح عن حجر الزاوية (3)، وقالوا أنَّ هدا المثل يُشير إلى انتقال المُلك من بني إسرائيل إلى أمّة أخرى، هي أمّة بني إسماعيل!! بل وقال المستشار الطهطاوي " فالكرم كناية عن الأرض المقدسة – والكرامون هم بنو إسرائيل. فلما أرسل الله أنبياءه إليهم قتلوا بعضهم وخالفوا بعضًا آخر وعاندوا إلى أنْ أرسل الله سيدنا محمد عليه السلام الابن الوارث ليعقوب بن اسحق في الأرض المقدسة ليكون بنو إسرائيل معه ليؤمنوا به ويتبعوه لكنهم أخذوه خارج الكرم وقتلوه بحسب فهمهم أنهم قتلوا المسيح" (4)!! واستخدم مؤلّف كتاب إظهار الحق هذا المثل وعددًا آخر من أمثلة المسيح التي بها عبارة " يشبه ملكوت السموات"، وتبعه في ذلك البعض أيضًا، وقال أنَّها نبوّات عن دولة الإسلام ونبي المسلمين(5)!! وما قدمه هؤلاء الكتاب هنا مبنيّ على الهوي وبعيد عن فكر الكتاب المقدّس ومليء بالأخطاء الدينيّة والتاريخيّة!! وفيما يلي نقدّم التفسير الدقيق لهذه النبوّات. (3) يقول هذا المثل:" اِسْمَعُوا مَثَلًا آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْمًا وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجًا وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. فَأَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلًا: يَهَابُونَ ابْنِي! وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟، قَالُوا لَهُ: أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكًا رَدِيًّا وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ" (متي21/33-44). (4) محمد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل، ص34. (5) أنظر الجزء الأخير من الفصل السادس. (6) أنظر كتابنا إعجاز الوحي والنبوّة في سفر دانيال، الفصل السادس. أساسية هي الذهب والفضة والنحاس والحديد " رَأْسُ هَذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/32-35) وقد أوضح الله لدانيال النبي ومن خلاله لنبوخذ نصر أنه قد رمز في هذا الحلم وهذه الرؤيا بالمعادن الأربعة لأربع ممالك، إمبراطوريات، ستقوم على الأرض بالتتابع إلى أن يأتي في الأيام الأخيرة، وليس بعدها كما يظنّ البعض، ملكوت المسيح، والموصوف بالحجر الذي قطع بدون يدين. وقد رمز إلى كلّ إمبراطورية بمعدن خاص يبيّن جوهرها ويخلع عليها بعض الصفات التي ستكون السمة المعروفة بها ورمز للمسيح بحجر قطع بدون يدين. الإمبراطوريّة الأولى (بايل 626-539 ق.م.). قال دانيال في تفسيره لنبوخذ نصر " أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ لأَنَّ إِلَهَ السَّمَاوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً وَاقْتِدَارًا وَسُلْطَانًا وَفَخْرًا. وَحَيْثُمَا يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هَذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ" (دانيال2/37-38)، وكما يقول دانيال النبي أنَّ الله " يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ. يَعْزِلُ مُلُوكًا وَيُنَصِّبُ مُلُوكًا" (دانيال2/21). وكما يقول موسى النبي أيضًا بالروح " حِينَ قَسَمَ اَلعَلِيُّ لِلأُمَمِ حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُومًا لِشُعُوبٍ" (تثنية32/8). يؤكّد الكتاب أيضًا أنَّ الله بحسب إرادته الإلهية وتدبيره الأزلي وعلمه السابق هو الذي أعطى نبوخذ نصر هذا السلطان. الإمبراطورية الثانية (مادي وفارس 539-331 ق م). " وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ" (الآية39) هذه المملكة، كما أجمع التقليد اليهودي والتقليد المسيحي هى مملكة " مادي وفارس". وليست مملكة الماديين كما زعم هؤلاء الكتاب والسفر نفسه يؤكد ذلك، إذ يقول لبيلشاصر ابن نبونيدس آخر ملوكها "قُسِمَتْ مَمْلَكَتُكَ وَأُعْطِيَتْ لِمَادِي وَفَارِسَ" (دانيال5/28). وقد وصفت في رؤيا دانيال الثانية بكبش ذو قرنين قال له الملاك " أَمَّا الْكَبْشُ الَّذِي رَأَيْتَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَهُوَ مُلُوكُ مَادِي وَفَارِسَ" (دانيال8/20). وهذا ما جاء بتفسيره كل من القديس جيروم(7) والقديس هيبوايتوس (8) وما قاله المؤرّخ والكاهن اليهودي يوسيفوس. ويصفها البعض بالمملكة الفارسية نظرًا لسيادة الفرس، كما جاء في سفر الأخبار " إلى أن ملكت مملكة فارس" (2أخبار36/20)، وكما يقول القديس هيبوليتوس أيضًا(9). الإمبراطورية الثالثة (اليونان 331-323 ق.م.): " وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ" (دانيال2/39). هذه المملكة أو الإمبراطورية الثالثة مذكورة بالاسم في سفر دانيال النبي وأنها ستخلف مادى وفارس " والتيس العافي " الذي هزم الكبش الذي يرمز إلى مادي وفارس " ملك اليونان" (دانيال8/21)، وهذا ما قال به القديس هيبوليتوس(10)، والقديس جيروم وغيره من المفسّرين(11). الإمبراطرية الرابعة (روما 58 ق.م. -476 م.): " وَتَكُونُ مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلِبَةٌ كَالْحَدِيدِ لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ كُلَّ هَؤُلاَءِ" (دانيال2/40)، ويشير الحديد إلى القوة الصلبة الجبارة التي لا تُقهر، وهو يسحق ويفنى كل ماعداه من معادن أخرى، كما يشير إلى السيادة والتسلط (12). وقد رُمز بالحديد هنا إلى المملكة الرومانية لقوتها الشديدة التي سحقت بها كل إمبراطوريات التي سبقتها. وقد قارن أحد الكتاب القدماء الإمبراطورية الرومانية بإمبراطوريات العالم العظيمة التي سبقتها، وقد برهن على أنَّ الإمبراطورية الرومانية كانت أكثر قوةوأكثر سيادة من كل الممالك التي سبقتها(13). (7) Chr> Wordworth Vol. 6P.7 (8) Dan. 178. (9) ANF, Vol6 P.186. (10) Dan. 178. (11) Chr. Words. Dan p.8. فقد سحقت هذه الإمبراطورية بغزواتها الكثيفة في أوربا وآسيا وأفربقيا وكسرت كل الأمم التي كانت ما تزال محتفظة بعناصر السلالات الآشورية البابلية والمادية الفارسية واليونانية الماضية. وقد عُرفت الجيوش الرومانية بالجيوش الحديدية، واستخدم دانيال النبي كلمة " حديد " في وصف هذه الإمبراطورية 14 مرة. ومن ثمّ اعتقدت الكنيسة منذ فجرها بأنَّ هذه الإمبراطورية هي الإمبراطورية الرومانية، وكان هذا هو رأى أقدم الآباء الذين وصلتنا كتاباتهم عن سفر دانيال؛ مثل القديس إيريناؤس في القرن الثاني الميلادي والقديس هيبوليتوس في القرن الثالث والقديس جيروم في القرن الرابع وذهبي الفم في القرن الرابع أيضًا (347-403م)، ويقول أحد المفسّرين ويُدعى جوزيف ميدى Joseph Mede " اعتقدت الكنيسة اليهودية قبل زمن مخلصنا أنّض الإمبراطورية الرابعة في سفر دانيال هي الإمبراطورية الرومانية، وهذا المعتقد تسلّمه تلاميذ الرسل وكل الكنيسة المسيحية لمدة 300سنة" (14). المملكة الخامسة، مملكة القدّيسين: ثم جاءث المملكة الخامسة، في أيام الرابعة وليس بعدها، وهي مملكة غزت جميع هذه الإمبراطوريات وسادت عليها، ولكن روحيًا!! فلم تدمر هذه الإمبراطوريات وتلغي حكوماتها وسيطرتها كما فعلت كل إمبراطورية مع سابقتها، بل غزتهم جميعًا روحيًا. إنها مملكة المسيّا، المسيح المنتظر، والتي بدأت في أيام الإمبراطورية الرابعة واستمرّت في وجودها أيضًا، إذ تقول النبوّة في الحلم والرؤيا " وَفِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَمَالِكِ وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ" (دانيال2/44). أنها مملكة المسيح الروحية التي انتشرت بالكرازة بالإنجيل للخليقة كلها وليس بقوّة السيف والجيوش "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (متي26/52). وليست مثل الممالك الأخرى التي انتشرث بالغزوات والمعارك الحربية وقوه الجيوش!! (13) Chr. Words. Dan p.8. (14) Ibid. وكانت الإمبراطورية الرومانية أكثر استمرارية من الإمبراطوريات التي سبقتها، فقد دامت واستمرّت 500سنة كإمبراطورية موحّدة وغير منقسمة، سواء عندما كانت وثنية أو بعدما تحولت إلى المسيحية، واستمرت بقسميها الشرقي والغربي إلى سنة 1453م عندما استولى الأتراك على القسطنطينية، واستمر القسم الغربي المسيحي منها من خلال بقية دول أوربا حتى اليوم، وهذه الدول نقلت حضارتها وديانتها المسيحية وجزء كبير من شعبها إلى الأمريكتين واستراليا بعد اكتشافها، حتى صاروا كجزء منها، بل ونقلوا حضارتهم وديانتهم المسيحية إلى كل المسكونة.ولم تتوقف المسيحية عن الانتشار بظهور الإسلام حتى يمكن أن يقال أنه حل محلها، بل العكس تمامًا حيث ينضم إلى المسيحية في كل بلاد العالم، حاليًا، مئات الألوف في اليوم الواحد، كما أن نسبة نمو المسيحية في العالم اليوم هي 6.9%، بما يعادل نسبة نمو السكان ثلاثة أضعاف. 2- الحجر الذي قطع بدون يدين والحجر الذي رفضه البناؤون: قال دانيال النبى في إعلانه لما جاء برؤياه وحلم نبوخذ نصر " كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعًا وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/34-35). وقال في التفسير " وَفِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَمَالِكِ وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. 45لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ مِنْ جَبَلٍ لاَ بِيَدَيْنِ فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ" (دانيال2/44-45). هذا الحجر الذي قطع بدون يدين وسحق كل هذه الممالك وملأ ملكوته الأرض كلها، كما يؤكد الكتاب المقدس هو المسيح وليس نبي الإسلام كما قال بعض هؤلاء الكُتاب!!! فقد وصف في نبوّات داود بحجر الزاوية "الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا" (مزمور118/22-23)، وفي نبوات إشعياء النبي بحجر الامتحان " لِذَلِكَ هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ امْتِحَانٍ حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيمًا أَسَاسًا مُؤَسَّسًا. مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ" (إشعياء28/16)، وقال القديس بطرس في خطابه لرؤساء اليهود أن هذا الحجر هو الرب يسوع المسيح " فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا. هَذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ" (أعمال4/10-11)، وقال في رسالته الأولى "الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ،" (1بطرس2/4). وهذا كان إيمان اليهود قبل المسيح إذ أجمعوا على أنَّ الحجر الذي قُطع بدون يدين في سفر دانيال النبي هو المسيح المنتظر، يقول توماس سكوت " وقد أجمع اليهود بدون لإستثناء أنَّ المقصود بهذا الحجر هنا هو المسيا" (15). وقال كاندلر الذي أيد رأيه باقتباسات من كتابات كثيرة للربيين اليهود: [ أسأل اليهود، ما المقصود بالحجر؟ فيجيبون كرجل واحد؛ المسيا. أسأل عن التمثال الذي حطمه الحجر على أصابعه، فيقولون بالإجماع: إنَّها الإمبراطورية الرومانية. أطلب المعنى المقصود بمملكة الجبل؛ فيتفقون على إنها مملكة المسيا التي ستمتد بنفسها، وتُخضع كل الممالك وتكون مملكة أبدية. فهكذا تعلم الشعب، وكان مُعدّ أنْ يسمع من يوحنا المعمدان ومن ربنا المبارك يسوع المسيح، الحديث عن " ملكوت السموات " ](16). وهذا كان أيضًا إيمان الكنيسة الذي استلمته من رسل المسيح وتلاميذهم. وقد أجمع آباء الكنيسة علي أنَّ عبارة "قُطِعَ بغير يدٍ" تعني ولادة الرب يسوع المسيح بدون زرع بشر، إنَّه الحجر الذي قطع بغير يدين لأنه لم يولد كسائر مواليد البشر إنَّما ولد من الروح القدس، بعمل الروح القدس، كما يقول: القديس إريناؤس(17) والقديس يوستينوس (18) والقديس جيروم(19) والقديس أغسطينوس(20). وقد رأوا في قوله " أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلًا كبيرًا وملأ الأرض كلها " إعلان عن ملكوت المسيح الذي يمتد من مجيئه الأول إلى مجيئه الثاني وقيامة الأبرار، فيقول القديس إريناؤس: "المسيح هو الحجر الذي قطع بغير (15) Scott P. Dan. V. 34,35. (16) Chr. Words. Dan p.8. (17) Ag. Her. 3:28. (18) Dial. Tryph. 70, 76. (19) Chr. Words. Dan p.8. (20) Augst. Lect. 9 on Joann.. 3- من هو ابن الإنسان؟ قال دانيال النبي " كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دانيال7/13-14). فمن هو ابن الإنسان هذا؟، هل هو المسيح أم هو نبي المسلمين كما زعم هؤلاء الكتاب؟. يقول لنا الكتاب أنَّه الرب يسوع المسيح الذي سوف يأتي على السحاب كما قال مشيرًا إلى نفسه عندما سأله رئيس الكهنة قائلًا "أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنْتَ قُلْتَ... أَنَا هُوَ وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ" (متي26/63-64؛ مرقس14/62)، وأما عن السلطان الذي أعطي يقول الرب يسوع المسيح عن نفسه" كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي" (متي11/27)، وأيضًا "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متي28/18)، "اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ" (يوحنا3/35). وقد ورد لقب " ابن الإنسان " في العهد الجديد حوالي 83 مرة، فقد ورد في الإنجيل بحسب للقديس متى 30 مرة، وفي الإنجيل بحسب القديس مرقس 13 مرة، وفي الإنجيل بحسب القدس لوقا 15مرة، وفي الإنجيل بحسب القدس يوحنا 11 مرة 0ومرة واحدة فقط في سفر أعمال الرسل، (21) ANF vol. 5:187. عندما سأل تلاميذه ماذا يقول الناس عنه قال لهم " مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟" (متي16/13). " وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ" (مرقس8/31)، " لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مرقس10/45)، وقال ليهوذا عندما جاء ليسلّمه " يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟" (لو22/48)، كما قال للجموع " لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لو19/10)، وأيضًا " فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلًا" (يوحنا6/62)، وقال لنيقوديموس "وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ" (يوحنا3/13)، وقال عن مجيئه على السحاب " وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ" (متي24/30)، "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ" (متي25/31-32)، وعند استشهاد القديس إستيفانوس يقول الكتاب " وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ فَرَأَى مَجْدَ اللهِ وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، فَقَالَ: هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ" (أعمال7/55-56). هل، بعد كل ما ذُكر، يوجد أي لبس فيمن هو " ابن الإنسان"؟!! 4- ما هو ملكوت السموات (ملكوت الله)؟ قال بعض الكتاب من الإخوة المسلمين أنَّ يوحنا المعمدان نادى بملكوت السموات قائلًا " تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (متي3/2). و قالوا أنَّ هذا إعلان واضح عن الدوله الإسلامية التي أسّسها نبي المسلمين إذْ أنَّ يوحنا والمسيح والحواريين والتلاميذ جميعهم قد بشّروا بملكوت السموات، وهذا يدل أنَّ هذا الملكوت لم يكنْ ظاهرًا في عهد يوحنا أو المسيح أو التلاميذ أو الحواريّين، وهم لم يكونوا سوى مبشّرين به. ويعنى ذلك أنَّ الملكوت لم يكنْ هو طريقة النجاة التي جاء بها المسيح، بل هو طريقة نبي المسلمين وملكوته، يعنى السلطة التي له(22)!! ونسأل هؤلاء ونقول لهم: ما هو ملكوت السموات في المسيحية والإسلام؟ وهل يعني مملكة عالمية أم مملكه روحية؟ وهل هو ملكوت يقوم على الأرض أم هو ملكوت سماوي؟: أولًا: ملكوت السموات في الإسلام:لا يعنى ملكوت السموات في الإسلام، سواء في القرآن أو الحديث، أي مملكة عالمية، إنما يعنى ملك الله باعتباره ملك السموات والأرض وملك الملكوت. يقول القرآن " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" (الأنعام75)، "أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ" (الأعراف185)، "وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ" (النور42)، " لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الحديد2)(23). (22) إظهار الحق: ج2، ص231-235. (23) وجاء في كتب الحديث والعلوم الإسلامية: (ملكوت) هو الملك العظيم والسلطان القاهر، وملكوت السموات والأرض: ما فيهما من آيات وعجائب (صحيح البخاري/تفسي سورة الأنعام) قارئ "الحديد" و "إذا وقعت" و "الرحمن" يدعى في ملكوت السموات والأرض ساكن الفردوس التخريج،عن فاطمة التخريج (مفصلا): البيهقي في شعب الإيمان والديلمي في مسند الفردوس عن فاطمة" (6001 الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي) و " قالَ: سَمِعتُ أَبَا عَمّارٍ الْحُسَيْنَ بنَ حُرَيْثٍ الْخُزَاعِيّ يَقُولُ سَمِعْتُ الفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: عَالِمٌ عَامِلٌ مُعَلّمُ يُدْعَى كَبِيرًا في مَلَكُوتِ السّمَوَاتِ" (سنن الترمذي) حديث "لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات" أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بنحوه.(تخريج أحاديث الإحياء للحلفظ العراقي) وحديث ابن عباس "لا يدخل ملكوت السموات من ملأ بطنه" (تخريج أحاديث الإحياء للحلفظ العراقي) قال القاضي -رحمه اللَّه-: وفي علوِّ منزلة نبيِّنا – ص - وارتفاعه فوق منازل سائر الأنبياء – ص - عليهم أجمعين- وبلوغه حيث بلغ من ملكوت السَّموات دليل على علوِّ درجته وإبانة فضله.(صحيح مسلم بشرح النووي/باب الإسراء) من تعلم لله وعلم لله كتب في ملكوت السماوات عظيما. رواه الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.(كشف السماء للإمام الجعلونى/2776)، من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ومن مد عينه إلى زينة المترفين كان مهينا في ملكوت السماء والأرض ومن صبر على القوت الشديد صبرا جميلا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء. وابن صصرى في أماليه وحسنه عن البراء قال هب: تفرد به إسماعيل بن عمرو البجلي.(كنز العمال للمتقي الهندي/6277)، وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله – ص – " من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين كان مهينًا في ملكوت السماوات، ومن صبر على القوت الشديد صبرًا جميلًا أسكنه الله من الفردوس حيث شاء".رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور، وبقية رجاله رجال الصحيح.(مجع الزوائد/17820)، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن سفيان بن عيينة عن رقبة بن مصقلة قال لما حضر بنفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه (معجم الطبراني الكبير3/ 71) ثانيًا: ملكوت السموات في المسيحية: يعني ملكوت السموات أو ملكوت الله في المسيحية مملكة الله الروحية وملكها هو الرب يسوع " مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ" (رؤيا19/16)، ولا يقصد به أي مملكة عالمية علي الإطلاق كما قال هو " مملكتي ليست من هذا العالم " أي العالم المادي، وقال عن الذين يدخلون هذا الملكوت "طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ... فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ" (متي5/10و19-20)، "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متي7/21)، وأيضًا "لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ" (متي13/11)، وقال لتلميذه بطرس الرسول "وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ" (متي16/19)، وقال للجموع "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (متي18/3)، " فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (متي 18/4)، ووبخ علماء اليهود قائلًا "لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ" (متي23/13). كما قال لتلاميذه "وَقَالَ لَهُمُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللَّهِ قَدْ أَتَى بِقُوَّةٍ" (مرقس9/1)، وقال لنيقوديموس الفريسي "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ... الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يوحنا3/3و5). ويقول القديس بولس بالروح: " لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ" (رومية14/17)، وأيضًا " فَأَقُولُ هَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ" (1كورونثوس15/50). هذا هو ملكوت الله أو ملكوت السموات فهل يجرؤ أحد بعد ذلك ويقول أنه مملكة عالمية، سواء كانت الإسلام أو غير الإسلام؟!! ثالثًا: ملكوت الله كما جاء في سفر دانيال والعهد الجديد: مما سبق يتضح لنا أنَّ ملكوت الله، هو ملكوت المسيح، ويتصف في نبوة دانيال النبي بالصفات التالية (24): أن ملكها هو الرب يسوع المسيح، ملك الملوك ورب الأرباب (رؤيا19/16)، والذي قال عن نفسه أنَّه " رّئِيس ملوك الأرض" (رؤيا1/5)، والذي لن يحكم بالسيف أو القوة كما قال هو، بل بالروح والحق "مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ" (يوحنا18/36). هذه المملكة لم تؤسّس بالقوة ولم يُؤسّسها بشر، بل مؤسسها هو إله السموات " مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا"، وملكها وحاكمها هو ابن الإنسان الآتي على سحاب السماء كما رآه دانيال في رؤياه والذي " كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ" (دانيال7/13-14). إذًا فالمملكة أصلها سمائي وحاكمها هو الآتي من فوق "اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ" (يوحنا3/31). كما أنها مملكة روحية، كما قال الرب يسوع المسيح " هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ" (لوقا17/20-21)، إنَّها " مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ"، ولن تستطيع أي قوة سواء مادية أو روحية على هزيمتها، كما قال الرب يسوع نفسه "وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (متي16/18). فهي لن تُهزممثل الإمبراطوريات العالمية السابقة ولن تضمحل ولن تزول، لأنَّها مملكة روحية " ليست من هذا العالم " وملكها هو ملك الملوك ورب الأرباب والذي تجثوا له كل ركبة سواء في السماء أو علي الأرض. إنها مملكة إلهية بمعنى الكلمة أصلها من السماء وقد تأسست على الروحيات والآيات والمعجزات والنبوّات وقائدها هو المسيح من السماء بروحه القدوس. (24) Cf M. Henery: Vol. 4:1023 & Clarkes: Vol. 3:573. هذه المملكة والملكوت الذي تنبأ عنها دانيال النبي هو " مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ " في العهد الجديد. فقوله " يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا " تحول في تعبير علماء اليهود إلى " ملكوت الله " أو " ملكوت السموات"، إذ أنَّ كل مواصفات هذه المملكه، كما بينا تؤكد أن أصلها سماوي وأنَّ مؤسّسها هو الله. ومن ثم، ما جاء يوحنا المعمدان ونادى قائلًا " تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ" (متي3/2)، وكذلك كانت أول كلمات الرب يسوع المسيح من تلاميذه أيضًا "وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ" (متي10/17). كان اليهود وعلماؤهم يفهمون المعنى جيدًا. فقد عرفوا وآمنو أنه الملكوت الذي تنبأ عنه دانيال النبي، كما بينا في الصفحات السابقة، وأنه ملكوت المسيا الآتي. وأخيرًا تقول النبوّة أنَّ هذه المملكة التي سيقيمها الله، أو ملكوت السموات، أو ملكوت المسيح، ستعم كل الأرض " أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلًا كَبِيرًا وَمَلأَ الأَرْضَ كُلَّهَا" (دانيال2/35)، كما قال الرب يسوع السيح "وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ"(متي24/14)، وكما طلب من تلاميذه "اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (مرقس16/15). وقد تحققت نبوّة دانيال النبي بكل دقة وتم إعلان المسيح بالحرف الواحد، إذ انتشر الإنجبل في كل المسكونة، في كل بلاد العالم، وترجم إلى جميع اللغات ومعظم اللهجات. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|