مرقس وبابل
* "تُسلم عليكم التي في بابل المختارة معكم ومرقس إبنى" (1بط5: 3).
قد إختلف المؤرخون في تعيين محل بابل المذكورة هنا. فمنهم من قال أنها بابل آشور، ومنهم من قال أنها رومية. أطلقت لفظة بابل عليها مجازًا إلا أنه يستبعد كثيرًا إستعمال لفظة بلدة مجازًا لأخرى إلا إذا كان ذلك الاستعمال صار مشهورًا. ولم يرد في كل الإنجيل ما يؤيد هذا القول، وليس هناك من داع على الإطلاق لأن يستعمل بطرس لفظة بابل على رومية مع علمه بوجود بلدة شهيرة أخرى في وقته بهذا الاسم عينه، ولا يرجح أيضًا أنه أراد بذلك مقابلتها مع بابل آشور لعدم الإشارة إلى شىء. من هذا القبيل فضلًا عن أن الأية التي وردت في نهاية الكلام حيث يؤثر عدم استعمال المجازات والألغاز، وما هو مشهور من اقتفاء بطرس الرسول خصوصًا في كتابته أثر الألفاظ البسيطة، ويستبعد إستعمال هذا المجاز.
ولما كانت بابل آشور في ذلك الوقت قرية صغيرة ضاع مجدها السابق فليس هناك ما يلجىء بطرس الرسول إلى الذهاب إليها وجعلها مركزًا يكتب منه رسائله، فيحتمل كثيرًا أن يكون المقصود بها هذه بابل مصر لأنها كانت في ذلك الوقت بلدة كبيرة آهلة بالسكان. فضلًا عن أن وجود مرقس معه في هذا الزمن يوافق زمن بشارته في مصر... وفى ختام هذه الأية يدعو بطرس مرقس بأنه إبنه دلالة على شدة الإلتصاق بينهما، وربما استعملت لفظة الإبن للتعبير عن شدة الارتباط مع مراعاة تفاوت السن.