|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عندما مشى الرب يسوع على أرضنا، آلاف الناس لُمسوا من خلال حياته وخدمته. اسمه أصبح مألوفاً عند الكثيرين، بسبب انتشار أخبار معجزاته. وكلّ شخص كان يحاول جاهداً لكي يكون في اجتماعاته، لأن المعجزات والشفاء كانا يحدثان في كل مكان ذهب إليه. في إنجيل لوقا 17 نجد هذه القصة المعبّرة عن شفاء البرص العشرة: " وفي ذهابه إلى أورشليم اجتاز في وسط السامرة والجليل، وفيما هو داخل إلى قرية، استقبله عشرة رجال برص فوقفوا من بعيد، ورفعوا صوتاً قائلين: يا يسوع يا معلّم ارحمنا. فنظر وقال لهم: اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة. وفيما هم منطلقون طهروا، فواحد منهم لما رأى أنّه شفي رجع يمجّد الله بصوت عظيم، وخرّ على وجهه عند رجليه شاكراً له، وكان سامرياً، فأجاب يسوع وقال: أليس العشرة قد طهروا؟ فأين التسعة؟ ألم يوجد من يرجع ليعطي مجداً لله غير هذا الغريب الجنس؟ ثم قال له: قم وامضِ. إيمانك خلصك " (لوقا 17 : 11 – 19). أولئك البرص سمعوا عن شفاءات ومعجزات الرب يسوع كما سمع غيرهم، ولم يكن لهم خيار آخر لينالوا الشفاء، كونه لا يوجد دواء في ذلك العصر يستطيع أن يشفيهم ويخرجهم من محنتهم تلك. وأدركوا على ما أعتقد، أنه إن كان لديهم أي فرصة لحياة جديدة خالية من البرص، فلن تكون سوى لقاء الرب. وتسنت الفرصة لهم لكي يقابلوا الرب يسوع، فهو كان مجتازاً في قريتهم.. وهنا أحاول أن أتخايل مشاعر أولئك البرص لحظتها، كم كانوا قلقين ومتوترين، وكأنهم يقولون: والآن ها هو أمامنا، مصدر الشفاء والحل لمشكلتنا المميتة، لكن هل من الممكن أن يحصل هذا الأمر؟ أو بالأحرى هل ممكن أن يحصل لنا نحن بالتحديد؟ هل سيكون هذا اليوم يوم نصرة عظيمة لنا، أم يوم للفشل والإحباط؟ ولأنهم كانوا نجسين وفقاً للشريعة حينها، فقد كان ممنوعاً عليهم الاقتراب من الناس الذين كانوا يرافقون ويتبعون الرب، لكنهم بدأوا يصرخون للرب بصوت عالٍ: يا يسوع يا معلّم ارحمنا !!! وعندما سمع الرب صراخهم ورأى حالتهم قال لهم: اذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة، كما كانت تطلب الشريعة. فذهبوا كما طلب منهم الرب، وفيما هم منطلقين طهروا وشفوا من برصهم. وأيضاً هل تستطيع أن تتخايل معي ماذا كان يعني ذلك الأمر للبرص العشرة، وهم بدأوا يشعرون بقوة الله تسري في أجسادهم، وعندما بدأوا يشاهدون خلايا جسدهم تتغير وتبرأ من المرض، وعندما بدأ جلدهم المقرّح يتغيّر ويعود جلداً طبيعياً، لقد أُنقذت حياتهم مـن الموت، وبدأ مستقبل جديد وحياة جديدة تُشرق لهم، عائلاتهم وأصدقائهم سيعودون لهم بعد إبعادهم عنهم بسبب البرص، كل شيء في حياتهم سيتغيّر بسبب معجزة الرب الشافية لهم. لكن بالرغم من ذلك، فإنّ كلمة الله تقول: أن واحداً منهم فقط، وكان سامرياً، رجع إلى الرب، وبصوت عظيم مجّد الرب، وخرّ على وجهه عند رجليه، شاكراً إياه. استقبل الرب شكر وامتنان ذلك الرجل، لكنه سأل سؤالاً معبّراً: أليس العشرة قد طهروا؟ فأين التسعة؟ ألم يوجد من يرجع ليعطي مجداً لله غير هذا الغريب الجنس، ثم قال له: قم وامضِ. إيمانك خلصك. إنها معجزة رائعة، لكنها في الوقت نفسه وللآسف، تكشف صفة مشتركة في الطبيعة البشرية، ألا وهي: قلة الشكر والامتنان لبركات الرب علينا. فالعديد منّا يكونون متلهفين أن يلتقوا بالرب عند تعرضهم لمشاكل معينة، لكي ينالوا معجزة شفاء لمرضهم أو حل لمشاكلهم، وجميعنا نُطلق الوعود للرب بأننا سنفعل هذا الأمر أو ذلك، وبأننا سنسلك كما يريدنا، أو أننا سنتخلّى عن هذه أو تلك... إن هوَ شفانا أو حلّ لنا مشكلتنا، لكن أغلبنا قد تكون قلوبنا مشابهة لقلب أولئك البرص التسعة، فنحن سنصرخ طالبين رحمة الرب ومساعدته، مطلقين لقب: " السيد " على الرب، لكن عندما ننال رحمة الرب وشفائه وإحساناته، قد نذهب في طريقنا وكأننا لا ندين بشيء لمن شفانا وأنقذنا، يجعلنا نعود إليه لكي نعطيه الشكر على الأقل. وكلمة " السيد " التي أطلقناها على الرب، هل كنّا نعنيها؟ وهل سيستمر " السيد " على حياتنا فيما بعد؟ ولكلمة " السيد " معنى ضخم: أي أن يكون له السيادة والملك على كل أمر في حياتي، وكما يقول أحد الأمثال: أن يكون الآمر والناهي في كل شيء.. أن يأخذ دائماً الأولوية في حياتي.. أن يكون محور عبادتي وشكري وامتناني الدائمين... نعم هذا ما حصل مع البرص التسعة، وهذا ما وجده الرب في قلوبهم حينها. لكن واحداً بينهم كان مختلفاً، والملفت للنظر أنه كان سامرياً، أي من الذين كانوا أعداء شعب الرب حينها، فعندما أدرك أنّه شفي من ذلك البرص الذي كان مزمعاً أن يُنهي حياته، عاد إلى الرب وبصوت عظيم أعطاه المجد والشكر اللذين يستحقهما. لقد نادى الرب بلقب " السيد " قبل أن ينال معجزة الشفاء، لكنه عاد لكي يعبده ويمجده ويشكره كسيد بعد نواله معجزة الشفاء. كثير من الناس يدعون الرب " السيد " عندما يحتاجون إليه أو يحتاجون شيء ما منه، لكن كم من هؤلاء الناس يستمرون بالتعامل معه " كسيد " من خلال عبادتهم الصادقة له وشكرهم الدائم له، والخضوع والتسليم الكاملين له بعدما ينالون ما يريدونه؟ لقد كان هناك عشرة مرضى، لُمسوا بقوة الله وشفيوا من برصهم، لكنني أعتقد أنّ واحداً منهم فقط قد تغيّر تغييراً جذرياً وحقيقياً، وهو ذلك السامري الذي عاد لكي يُعطي الشكر بتمجيد الله من خلال سجوده وتسليمه له، باعتباره السيد الحقيقي على حياته. لذلك الرجل فقط قال الرب: إيمانك خلّصك !!! فالشكر الذي يكون في قلوبنا له نفس قوة التغيير والتحوّل، التي تكون للمسة الرب التي تشفي البرص، والقلب الذي يتحوّل ويتغيّر بسبب لمسة الرب هو معجزة أعظم من معجزة شفاء الجسد. كان هناك العديد مـن الناس أثناء وجـود الـرب علـى أرضنا، وهـم رأوا واختبروا قوة الله ومعجزاته، لكن قلوبهم لم تتغيّر أبداً. وهذا الأمر تُظهره لنا بوضوح كلمة الرب. فالاجتماعات الأعظم التي أقامها الرب كانت في مدن بيت صيدا وكفرناحوم وكورزين (متى 11)، وأهل تلك المدن الثلاث تبعت الرب إلى البرية حيث ذهب لكي يرتاح، لأنهم كانوا جياعاً لقوته وللمسته. والرب تحنّن وشفق عليهم إذ رآهم كغنم بلا راعٍ، فعلّمهم، وشفاهم من كل أمراضهم، وبطريقة معجزية أطعم الآلاف منهم من خلال سمكتين وخمسة أرغفة. لكن رغم ذلك، فأولئك الناس هم أنفسهم الذين ذكرهم متى في إنجيله (11 : 20 – 22) حيث نقرأ: " حينئذ ابتدأ يوبّخ المدن التي صُنعت فيها أكثر قواته لأنها لم تتب. ويل لك يا كورزين. ويل لك يا بيت صيدا... وأنت يا كفرناحوم المرتفعة إلى السماء ستهبطين إلى الهاوية ". وأضاف الرب قائلاً: لأنه لو صُنعت في سدوم وعمورة القوات المصنوعة في تلك المدن، لتابتا وبقيتا إلى اليوم. في الواقع، ولو بدا الأمر صعباً، فقد يبدو أن كثيرين، إن لم يكن أغلب الناس الذين نالوا أو شهدوا معجزات الرب، هم اليوم في الجحيم، لأن القلب لم يتغيّر !!! كيف يمكن أن يحصل ذلك قد نسأل؟ وببساطة أقول أنه يحصل !!! إن أي معجزة شفاء ستنتج تغييراً في الجسد، والذي قد يدوم طيلة العمر، لكن معجزة تغيير القلب الذي تجعله يحيا حياة الشكر والامتنان والعبادة للرب، من أجل ما صنعه معنا من معجزات وإحسانات، هي معجزة ستدوم وسترافقنا كل الأبدية. عشرة برص لُمسوا وبوركوا ونالوا الشفاء، لكن على ما يبدو أن واحداً منهم فقط تحوّل وتغيّر بسبب القوة العظمى للشكر الذي كان موجوداً في قلبه. والآن ما هي رسالة الرب لنا اليوم؟ " اشكروا في كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم " (1 تس 5 : 18). في كل شيء.. نعم.. تطلب منا كلمة الله أن نشكر في كل شيء وعلى كل شيء.. تسعة من أصل عشرة لم يشكروا الرب على ما صنع بهم.. فماذا عنّا؟ والوحيد الذي عاد وشكر الرب كان غريب الجنس كما سمّاه الرب.. فماذا عن أهل البيت؟ هل يشكرون؟ كثيراً ما نرى أُناساً لم يختبروا خلاص الرب، يشكرون الرب على الصغيرة وعلى الكبيرة، يشكرونه وهم يمرون في أوقات صعبة ويتعرضون لضيقات وأمراض.. ونحن أغلب الأحيان وفي أوقات الراحة والشبع لا نشكر بالمعنى الحقيقي لكلمة الشكر.. بل يملأ التذمر أغلب أحاديثنا وكلماتنا، وكلمة الله حذرتنا من التذمّر ونتائجه عندما قالت: " ولا تتذمّروا كما تذمّر أيضاً أُناس منهم فأهلكهم المهلك، فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً وكُتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور " (1 كورنثوس 10 : 10 – 11). أحبائي: كم من المعجزات والإحسانات صنعها الرب مع كل واحد منّا أو مع أولادنا وعائلاتنا أو مع من صلينا من أجلهم.. حاول الآن وأنت تقرأ هذا التأمل أن تتذكّر البعض منها لكي لا أقول كلّها.. وتذكر كم كنت متلهفاً للحصول على كل واحدة منها، وربما تكون قد طلبت بعضها بدموع.. وأطلقت الوعود والتعهدات أمام الرب بأنك ستسلك أمامه بأمانة وبطاعة كاملتين، وتجعله السيد الوحيد على حياتك دوماً.. ثمّ اسأل نفسك اليوم هل أن ممتن للرب وتشكره على الدوام من أجل كل ما فعل معك؟ هل تقدّم له العبادة التي يستحقها، وتحيا له بالكامل؟ هل هو الأول في حياتك؟ هل هو السيد الحقيقي على حياتك؟ أم أنّك بعد نوالك ما تريد، تمضي وتنسى كما فعل البرص التسعة؟ ولا تحيا حياة الشكر الدائم للرب، ولا تحيا حسب قلب الرب وحسب ما تطلبه منّا كلمة الله بالتحديد؟ على كل شيء وفي كل شيء ينبغي أن نشكره.. وقد تسألني: هل أشكر الرب على الضيقات والأمراض عندما أعاني منهما؟ بالطبع لا.. لا تشكر على الرب على الضيقات والأمراض.. بل اشكر الرب الذي سيخرجك من الضيقات ويشفيك من الأمراض.. أشكره لأنّه سيرفع إيمانك ويدربك وأنت تجتاز في الضيقات والأمراض.. واشكر الرب إن كان قد سمح بضيقة معينة أو مرض ما، لكي يؤدبك على أمر ما لن تتخلى عنه سوى بهذه الطريقة، اشكره لأنه فعل ذلك لكي يحميك مما هو أخطر.. نعم هكذا نستطيع أن نشكر الرب في كل شيء وعلى كل شيء. أحبائي: لنقرر أن نكون شاكرين، لكي تتدفّق قوة الله فينا وعلينا بطريقة لم نختبرها من قبل، وتخلق في قلوبنا شكر وامتنان مقدسين، سينتجان تحوّلاً عظيماً في حياتنا، لكي نعيش في حالة شكر مستمر للرب يسوع، من أجل كل ما فعله في حياتنا. ليتنا لا نعود أبداً نسأل الرب لكي يلمسنا في أوقات الحاجة والضيق ثم نمضي بعدها، دون أن نقدّم له العبادة والشكر والامتنان وأفضل ما لدينا. فعندما نعود للرب كذلك الأبرص الوحيد لكي نشكره ونعبده ونقدم له امتنان قلبنا، عندها فقط سنكتشف الكنوز الحقيقية لملكوت الله. فالشكر اليومي الحقيقي، وحده يجعل الرب السيد على حياتنا. وأخيراً سأختم بهذه القصة المعبّرة، وليت كل واحد منّا يعطي الفرصة للروح القدس لكي يكلمه من خلالها: في ليلة رأس السنة، جلس المؤلف الكبير أمام مكتبه، وأمسك بقلمه، وكتب: " في السنة الماضية، أجريت عملية إزالة المرارة ولازمت الفراش عدة شهور، وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتي المهمة في دار النشر الكبرى التي ظللت أعمل فيها ثلاثين عاماً، وتوفي والدي، ورسب ابني في بكالوريوس كلية الطب لتعطّله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة ". وفى نهاية الصفحة كتب: " يا لها من سنة سيئة ! " ودخلت زوجته غرفة مكتبه، ولاحظت شروده، فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب، فتركت الغرفة بهدوء. وبعد دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها. وتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ فيها: " في السنة الماضية، شفيت من الآم المرارة التي عذبتك سنوات طويلة. وبلغت الستين وأنت في تمام الصحة وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم. وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين من غير أن يسبب لأحد أي متاعب، وتوفي في هدوء من غير أن يتألم. ونجا ابنك من الموت في حادث السيارة، وشفي من غير أية عاهات أو مضاعفات ". وختمت الزوجة عبارتها قائلة: يا لها من سنة تغلب فيها الخير على الشر.. باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته. للرب كل المجد والشكر !!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أسكرنا يا رب بكلامك |
أشكر: (أشكروا في كل شئ) |
أشكروا الرب في كل حين |
زوّادة اليوم: أشكروا أشكروا أشكروا ... |
أشكروا فى كل شئ .. |