|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 122 (121 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير الفرح ببيت الربهذا هو المزمور الثالث من مزامير المصاعد التي كان يترنم بها القادمون إلى أورشليم، رمز المدينة السماوية، فرح كل الأرض (مز 48: 2)، التي اختارها الله مصدر السلام مسكنًا له (مز 132: 13). في المزمور 120 سمعنا صرخة البشرية إلى الله، تعلن عن حاجتها إلى المخلص القادر أن ينقذها من ضيقها الداخلي والخارجي، كما يقر القادم إلى بيت الرب أنه غريب في هذا العالم. وفي المزمور 121 يقدم لنا المرتل سمات هذا المخلص الفريد. كما يتطلع القادم إلى الجبال الإلهية، جبال الأسفار الإلهية حيث يصعد عليها بروح الفرح والتسبيح طالبًا حماية الله. وأما في هذا المزمور 122 فيقدم لنا صورة رائعة للنفس المتهللة بالاقتراب إلى بيت الرب الأبدي بفرحٍ عظيم. إذ يبلغ القادم إلى المدينة المقدسة بعد رحلة طويلة شاقة، يرى الأسباط تندفع معًا نحو بيت الرب لتسَجد لله وتكرم "بيت داود". في بيت الرب يختبر المؤمن وحدة الجميع معًا في السلام مع الله، فينعم بالفرح السماوي. جاء عنوان هذا المزمور في الترجمة السبعينية: "رحلة إلى بيت الرب". 1. دعوة ملائكية للعبور إلى بيت الرب 1-2. 2. دعوة كنسية جماعية 3-4. 3. دعوة ملوكية 5. 4. سلام وراحة وفرح وصلاح 6-9. من وحي المزمور 122 [FONT=""]1. دعوة ملائكية للعبور إلى بيت الرب[/FONT] هنا نهاية رحلتنا السعيدة مع المخلص، ينطلق بنا من هذا العالم، أرض الغربة، إلى بيت أبينا حيث الفرح الحقيقي. ما أن تقف أرجلنا على أعتاب أبواب السماء حتى نختبر فرحًا لا يُعبر عنه: "ما لم ترَه عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسانٍ، ما أعده الله للذين يحبونه" (1 كو 2: 9). يرى المؤمن أن نفسه قد انطلقت إلى أورشليم العليا، مترنمة: "تقف أرجلنا في أبوابك يا أورشليم". هكذا يسبح المؤمن، ممجدًا الله الذي يحفظه طوال الطريق من السقوط، ويحضره بلا لوم أمام حضرة مجده بفرحٍ (يه 24). فَرِحْتُ بِالْقَائِلِينَ لِي: إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ نَذْهَبُ [1]. من هم الذين يفرحون بانطلاقنا إلى بيت الرب السماوي سوى الملائكة، الذين يسكنون السماء، ويشتهون سكنانا معهم؟! إنهم رفقاء لنا في رحلتنا، هم يعيشون في السماء، ويحثوننا على الصعود لنعيش معهم، ونجري إليها بفرحٍ. * إننا نئن في رحلتنا، وسنفرح في المدينة. لكننا نجد لنا رفقاء في رحلتنا، هؤلاء قد رأوا تلك المدينة عينها. هؤلاء يحثوننا أن نجري نحوها. يفرح (المرتل) بهؤلاء أيضًا، قائلًا: "فرحت بالقائلين لي إلى بيت الرب نذهب" [1][1]. القديس أغسطينوس * كان جمع كبير من العبرانيين قبل سبيهم يزدرون بالهيكل حتى صاروا يقدمون ذبائح للأوثان على الجبال والتلال. ولكن بعد أن كابدوا الأحزان والشدائد تزايد شوقهم نحو هيكل الله. ولما بشروهم بالعتق من رق العبودية والانطلاق إلى أورشليم فرحوا فرحًا عظيمًا، وصاروا يخبرون بعضهم بعضًا، قائلين: "إلى بيت الرب نذهب". هذا هو الربح الحاصل من الأحزان. الأب أنثيموس (أنسيمُس) الأورشليمي * لقد صاروا في حالٍ أفضل خلال السبي. خلال هذه الخبرة، أولئك الذين كانوا فاترين ومتجاهلين للهيكل والاستماع للأقوال الإلهية، وكرسوا أنفسهم للجبال والوديان المنعزلة والهضاب الصغيرة (في العبادة الوثنية) والشر العظيم، ثارت فيهم رغبتهم في تلك العبادة القديمة، وصاروا مؤمنين غيورين في الوعد (الإلهي) ذاته، وصار لهم التجول اللائق والمستقيم والمتهلل في القلب. صاروا جائعين وعطشى، ليسوا جائعين للخبز وعطشى للماء، وإنما للاستماع لكلمة الله (عا 8: 11)[2]. * وجودنا في الكنيسة ما هو إلا استغاثة للعزة الإلهية، وإظهار عبوديتنا له، وشكرنا للنعمة المجانية التي أسبغها علينا حال كوننا أعداء له ومضادين وغير خاضعين لعزته، إذ أرسل ابنه الوحيد من السماء سافكًا دمه الزكي، وباذلًا جسده الكريم الطاهر فداءً عنا، ذاكرين هذه الآلام المجيدة، وصانعين هذه التذكارات الجليلة المحجوبة تحت ستار طبيعتي الخبز والخمر اللذين هما سرّ الجسد المبذول والدم الزكي المسفوك، ومشتركين في هذه النعم الفريدة، متحدين في هذه الأمجاد الإلهية. القديس يوحنا الذهبي الفم من الجانب الحرفي قد تحقق هذا الفرح ببيت الرب لدى بعض المسبيين في بابل عندما أصدر كورش مرسومًا بالسماح لهم بالعودة إلى أورشليم وبناء الهيكل. وأما من الجانب الروحي فقد تحقق هذا المزمور بمجيء السيد المسيح، وفتح لنا أبواب السماء لنذهب إلى بيتنا السماوي. وكما يقول الرسول بولس: "هذه الأمور جميعها أصابتهم مثالًا، وكُتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور" (1 كو 10: 11). تَقِفُ أَرْجُلُنَا فِي أَبْوَابِكِ يَا أُورُشَلِيمُ [2]. مع ما لرحلتنا في هذا العالم من بهجة لصحبة المسيح معنا وسط آلامنا، لكن بهجتنا تتحقق في أروع صورة حين نقف في أبواب أورشليم العليا، وقد تم بالفعل عتقنا من سبي الخطية، ولا مجال للدخول في معركة معها بعد. إذ نثق في مراحم الله وعمله معنا، وإذ يرى المرتل بروح النبوة ما سيتحقق معنا يتكلم بصيغة الماضي "وقفت أرجلنا"، مع أنه حديث خاص بالمستقبل. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الإنسان الذي يلتهب قلبه بالشوق إلى كلمة الله، يجد شبعه العميق ولو بالوقوف على أبواب بيت الله، أو في دار البيت، يقرعها بيديه، ملتصقًا بمدينة الله والهيكل، شاعرًا بدينه العظيم لهما لتمتعه بوطنه السماوي. * لاحظوا ما سيكون هناك... ولو أن هؤلاء لم يزالوا في الطريق إلى المدينة إلا أنهم كانوا في عمق الرجاء للوصول إلى هناك والاجتماع مع إخوتهم. * بالرغم من أنك لا تزال على الطريق، ضع نصب عينيك كما لو كنت بالفعل واقفًا، كما لو كنت بالفعل فرحًا بلا توقف مع الملائكة، كما لو أن المكتوب قد تحقق فيك: "طوبى للساكنين في بيتك، دائمًا يسبحونك"[3]. القديس أغسطينوس [FONT=""]2. دعوة كنسية جماعية [/FONT] إذ يحملنا مخلصنا إلى حضن الآب فتنهل نفوسنا مما أعده الله لنا كمحبوبيه، فإن لقاءنا يهبنا نظرة جديدة نحو وحدتنا مع بعضنا البعض، وحبنا لبعضنا البعض، كأعضاء في جسدٍ واحدٍ مجيدٍ. أُورُشَلِيمُ الْمَبْنِيَّةُ كَمَدِينَةٍ مُتَّصِلَةٍ كُلِّهَا [3]. انقسم اليهود في أيام رحبعام بن سليمان إلى مملكتين (مملكة إسرائيل ومملكة يهوذا)، لكن بعد العودة من السبي لم يعد هناك انقسام بينهم، وهذه إحدى ثمار السبي. هكذا فإن المؤمنين بحق سيجتمعون في أورشليم العليا ككنيسة واحدة متصلة بعضها ببعض. إن كانت قلوب المؤمنين ملتهبة بالوقوف على أبواب أورشليم لتسمع كلمات الرب، وتشترك في العبادة الروحية، فإنهم كحجارة حيَّة يتصلون بعضهم ببعض بروح الحب، فيقيم منهم روح الله القدوس هيكلًا للرب، ومدينة الله المقدسة، أورشليم الروحية. يرى القديس أغسطينوس أن المرتل كان يترنم وهو يرى من بعيد أورشليم الأرضية قد صارت مدينة الله، جمعت القادمين من مساكن متفرقة، هكذا نرى نحن بعين الإيمان أورشليم العليا تُبنى عبر الأجيال، حيث تكتمل عند مجيء الرب. وكما يقول بطرس الرسول: "كونوا أنتم مبنيين كحجارة حية، بيتًا روحيًا" (1 بط 2: 5). جاء في سفر الأعمال، أن الكنيسة تضم كل يوم الذين يخلصون، هذه هي الحجارة الحية التي تُقطع من الجبال بأيدي الكارزين بالحق، وتتشكل في مياه المعمودية، وتتنسق معها بعمل روح الله القدوس خلا ل جهاد الكنيسة حتى يكمل البناء. * ويل لذاك الذي يغتني من خلال الخداع، ويبني بالدم مدينته، أي نفسه his soul . فإنها تٌبنى هكذا مثل مدينة (مز 122: 3 LXX). أما الطمع فلا يبقيها، بل يشعل فيها نارًا ويحرقها. أتريد أن تبني مدينتك حسنًا؟ "القليل مع مخافة الرب، خير من كنوز عظيمة بدون مخافة" (راجع أم 15: 16). لتعمل ثروات الإنسان لأجل خلاص نفسه، لا دمارها. الثروة فيها خلاص إن اُستخدمت حسنًا، هكذا تكون أيضًا فخًا إن لم يعرف الإنسان كيف يستخدمها (أم 13: 8). فما هو نفع مال الشخص ما لم يكون عونًا له في رحلته[4]. القديس أمبروسيوس يرى القديس أغسطينوسأن أورشليم ليست مدينة بل "كمدينة"، فهي مدينة روحية، وحجارتها حية، وأساسها يسوع المسيح ليس في القاع، وإنما في الأعالي. * إنه يتحدث عن مدينة تُبنى الآن، تجري إليها حجارة حيَّة بالإيمان، يقول عنها بطرس: "مبنيين كحجارة حية، بيتًا روحيًا" (1 بط 2: 5)، أي هيكل الله المقدس. ماذا يعني: "مبنين كحجارة حية"؟ إنك تعيش إن كنت تؤمن، وإن كنت تؤمن فإنك تصير هيكل الله، إذ يقول بولس الرسول: "هيكل الله مقدس الذي أنتم هو" (1 كو 3: 17). هذه المدينة الآن في دور البناء، والحجارة تُقطع من التلال بأيادي الذين يكرزون بالحق. إنها تُقطع مكعبات لكي تدخل في الإنشاءات الأبدية. لا تزال توجد حجارة كثيرة في يدي البنَّاء (الله). ليتها لا تسقط من يديه حتى تُبنى بطريقة كاملة في إنشاءات الهيكل. هذه إذن هي أورشليم المبنية كمدينة. المسيح هو أساسها. يقول الرسول بولس: "لا يستطيع أحد أن يضع أساسًا آخر غير الذي وُضع، الذي هو يسوع المسيح" (1 كو 3: 11). عندما يوضع أساس على الأرض تُبنى الحوائط عليه من فوق، وثقلها يسقط على الأماكن السفلية، لأن الأساس موضوع في القاع. أما أساسنا نحن ففي السماء... وإذ نحن نُبنى روحيًا فقد وُضع الأساس في الأعالي، ليتنا إذن نجري إلى هناك حيث نُبنى[5]. القديس أغسطينوس يؤكد المرتل أن الأسباط المجتمعة في مدينة الله هي "أسباط الرب". نعم إنها أسباط متمايزة، لكل سبطٍ سماته الخاصة (تك 29، تث 33)، لكنها إذ اتحدت معًا في الرب صارت مع تمايز مواهبها إلا أنها منتسبة للرب، ليس ما يربطها هو قرابة الدم، وإنما روح الله واهب الوحدة. جاء الكل يحمدون الرب ويسبحونه [4]، فيصير الكل فرقة موسيقية واحدة تعزف سيمفونية الحب والوحدة بقيادة روح الرب. حَيْثُ صَعِدَتِ الأَسْبَاطُ، أَسْبَاطُ الرَّبِّ شَهَادَةً لإِسْرَائِيلَ، لِيَحْمَدُوا اسْمَ الرَّبِّ [4]. الساكنون فيها أسباط صاعدة نحو الأساس الذي هو يسوع المسيح السماوي. ويحملون "شهادة لإسرائيل"، أي لا غش فيهم، كما قال السيد لنثنائيل: "هوذا إسرائيلي حقًا لا غش فيه" (يو 1: 47). كان الشعب من كل الأسباط يصعد إلى أورشليم سنويًا في أعياد الفصح والمظال والأسابيع، ومن لا يصعد يُحسب مقطوعًا من الشعب. هذه الصورة الرمزية تشير إلى صعود المؤمنين، لا من كل الأسباط، بل من كل الأمم لتحتفل بالمسيح المخلص عيدنا، وتدخل به إلى أورشليم العليا. جمال أورشليم وزينتها هو الحب الذي يضم الأسباط معها بكونها "أسباط الرب". هذا الحب الذي يجمع الكل معًا في الرب يعلن مجد اسم الرب. [FONT=""]3. دعوة ملوكية[/FONT] لأَنَّهُ هُنَاكَ اسْتَوَتِ الْكَرَاسِيُّ لِلْقَضَاءِ كَرَاسِيُّ بَيْتِ دَاوُدَ [5]. كان كرسي الملك كقاضٍ في أورشليم، يحكم في الأمور الخطيرة لينهي الظلم ويحقق العدالة والسلام. كان الكل يبتهجون بصعودهم إلى أورشليم مقر الحكم والقضاء. الآن ونحن نصعد كل يوم نحو أورشليم العليا تتهلل نفوسنا أننا سنتراءى أمام كرسي السيد المسيح الذي ليس لملكه نهاية (لو1: 33). والعجيب أن المرتل يرى كراسي القضاء تستوي أو تجلس في أورشليم، إذ يقيم كراسي للقضاء ضد إبليس وقواته، يدينونةم على عصيانهم له، خلال تمتع التلاميذ والرسل بكرامات سماوية عظيمة. ماذا يرى المرتل في بيت الرب، أورشليم العليا؟ كراسي للقضاء، كراسي بيت داود، ارتبط الكل بالسيد المسيح رئيس الكهنة السماوي، ملك الملوك ورب الأرباب، فصاروا فيه ملوكًا وكهنة لله أبيه (رؤ 1: 6)، لهم مسحة ملوكية فائقة، إذ غلبوا إبليس، وتُوجِّوا بإكليل الملوكية الأبدي. يرى القديس أغسطينوسأن هذه الكراسي جاءت في اليونانية "عروش"؛ وهي عرش النفس الذي هو الحكمة والبرّ. يتعجب القديس أغسطينوس من تعبير المرتل أن الكراسي استوت أو جلست، فيقول: [توجد عروش للحكمة، لذلك قال الرب: "تجلسون أنتم أيضًا على اثني عشر كرسيًا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" (مت 19: 28). هكذا هم أيضًا يجلسون على اثني عشر كرسيًا، وهم أنفسهم كراسي (عروش) الله، فعنهم يُقال: "لأن هناك استوت الكراسي" من الذي جلس؟ "الكراسي". ومن هم الكراسي؟ هؤلاء الذين قيل عنهم: "نفس البار كرسي الحكمة"؟ ومن هم الكراسي؟ "السماوات". وما هي السموات؟ تلك التي يقول عنها الرب: "السموات هي كرسيَّ" (إش 66: 1). إذن الأبرار هم أنفسهم كراسي، ولهم كراسي، وتستوي الكراسي في أورشليم هذه[6].] [FONT=""]4. سلام وراحة وفرح وصلاح [/FONT] ينتهي المزمور بصلاة سلام بديعة ومنظومة حيث يستعيد المرتل إحساسه بالأمان، إذ صار وسط إخوته يتمتع بسلام إلهه الفائق للعقل. إن كان المرتل يطلب من المؤمنين أن يصلوا لأجل سلام أورشليم الأرضية، فإنه يدعوهم كمحبين لأورشليم أن يتمتعوا بأورشليم العليا بسلام أبراجها العلوية وراحتها الأبدية وخيراتها السماوية. اسْأَلُوا سَلاَمَةَ أُورُشَلِيمَ. لِيَسْتَرِحْ مُحِبُّوكِ [6]. إذ تُنصب كراسي القضاء في أورشليم لا يوجد نزاع، وإنما سلام فائق وراحة وحب. كيف يسألون ما هو لسلامة أورشليم؟ يجيب القديس أغسطينوس: بممارسة الحب! لِيَكُنْ سَلاَمٌ فِي أَبْرَاجِكِ، رَاحَةٌ فِي قُصُورِكِ [7]. ما هي أبراج أورشليم العليا سوى الأنبياء والرسل والتلاميذ والقديسين الذين يسودهم السلام. أما قصورها فهم المؤمنون الحقيقيون الذين صاروا هيكلًا مقدسًا للرب. * قوة المحبة لا يمكن التعبير عنها في تعبيرات أسمى من هذه: "المحبة قوية كالموت" (نش 8: 6). فمن يقدر أن يقاوم الموت يا إخوة؟ لاحظوا يا إخوتي، النار، الأمواج، السيف هذه يمكن مقاومتها. نحن نُقاوم الرئاسات، نقاوم الملوك، أما الموت فيأتي بمفرده، من يقدر أن يقاومه؟ لا يوجد ما هو أقوى منه[7]. القديس أغسطينوس * كما أن الحرب تسبب كارثة في آثارها، فتخرب المدينة، لهذا يصلي لأجل سلامها... إنه يتنبأ عنهم، ليس فقط أن يتحرروا من الشرور، وإنما أن يتمتعوا بخيرات لا حصر لها وسلام وفيض وخصوبة[8]. القديس يوحنا الذهبي الفم * إن كانت الخلافات والانشقاق والانقسامات حدثت بسببي، فإني أرحل وأبتعد عنكم، رضيتم أو لم ترضوا... فقط ليعيش قطيع المسيح في سلامٍ مع الكهنة المعينين عليهم. من يفعل هذا يجلب لنفسه مجدًا عظيمًا في الرب، ويُرحب به في كل موضع. "للرب الأرض وملؤها". (مز 24: 1)[9] القديس إكليمنضس الرومانيمِنْ أَجْلِ إِخْوَتِي وَأَصْحَابِي لأَقُولَنَّ: سَلاَمٌ بِكِ [8]. يطلب المرتل لأجل إخوته وجيرانه أن يتمتعوا بهذه البركات السماوية، من قوة (أبراج) وخيرات (قصور)، لا لفضل فيهم، وإنما من أجل مجد الله، ومن أجل بيته السماوي المقدس. * يقول النبي هذا لئلا يظن اليهود أن انطلاقهم إلى أورشليم كان لسبب صلاح صائر منهم، إنما يطلب لهم السلام والطمأنينة لأجل الأنبياء والفضلاء الذين كانوا معهم ويدعوهم إخوته، كما لأجل شرف بيت الله الذي هو الهيكل. وأيضًا يكون هذا القول كمن من قبل ربنا الذي أعطانا نحن المسيحيين السلام، بواسطة تلاميذه الذين دعاهم إخوته وأقرباءه. الأب أنثيموس (أنسيمُس) الأورشليمي * إنه يقول: "لأقولن سلام بك" لكن لأجل من؟ "من أجل إخوتي وأصحابي"، وليس لأجل كرامتي، أو أموالي، ولا لأجل حياتي[10]. القديس أغسطينوس مِنْ أَجْلِ بَيْتِ الرَّبِّ إِلَهِنَا، أَلْتَمِسُ لَكِ خَيْرًا [9]. * ليس لصالحي أنا ألتمس الخير، لئلا أطلب ما هو لنفسي، وليس ما هو لكِ... ألتمس الخير من أجل بيت الرب إلهي، من أجل الكنيسة، من أجل القديسين، من أجل المهاجرين، من أجل الفقراء، حتى يصعد هؤلاء إلى بيت الرب[11]. القديس أغسطينوس من وحي المزمور 122 فرح وراحة وسلام في بيت إلهي * أعماقي تتهلل، إذ اقترب من بيت إلهي. أسمع صوت ملائكي عذب ينادني: "إلى بيت الرب نذهب". في طريقي ترافقني الملائكة، تعلن شوقها أن تنطلق البشرية إلى بيت الرب السماوي، ليختبروا ما تتمتع هي به. * ما أن عبر الشعب القديم بحر سوف، حتى سبحوا الله الذي خلصهم من العدو المقاوم. صارت أرجلهم وكأنها في أبواب أورشليم. عبرت بنا خلال مياه المعمودية كما إلى البنوة لله. وهبتنا حق الدخول إلى السماء، وسحق رؤوس التنين وكل قواته. صرنا بالرجاء في أبواب أورشليم العليا. * لن يستريح قلبي حتى تستريح قلوب إخوتي بك. أحسب نفسي في أورشليم العليا، حين يتمتع كل المختارين بها. كم تشتهي نفسي أن تقف البشرية كلها على أبوابها! * مخلصي، أنت أساس أورشليم، موضعك لا في الأعماق بل في الأعالي. لتجتذبنا كحجارةٍ حيةٍ لا تسقط، بل تصعد وتتحد بك! هب لنا أن نجري إليك! * بعد السبي اتحدت إسرائيل مع يهوذا. انطلق الكل بروح الوحدة يسبحونك. عاد الكل كهيكلٍ واحدٍ لك أيها القدوس وحده! اذكر وحدة الكنيسة من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها. اذكر كنيستك الممتدة من آدم إلى آخر الدهور. تأتي من كل الأمم والشعوب والألسنة! * تدعونا كأبناء لك يا ملك الملوك. تهبنا روح الملوكية. نجلس كما على عروش، ندين إبليس وكل قواته. نحن الترابيين نُحسب مع السمائيين. والسماوي انحدر ليدينه التراب! * تقيم من أنبيائك ورسلك أبراجًا لأورشليم، ومن المؤمنين قصورًا لها. يسودها السلام والراحة والفرح والصلاح! أنت هو سلامها وراحتها وبهجتها وصلاحها! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|