لا شك أن السبب الرئيسي والمباشر لظهور الطوائف اليهودية المختلفة، كان الحضارة الأغريقية (الهلينية) والتي كانت أكبر خطر يهدد اليهود، فكما كانت عبادة الأوثان هي حجر العثرة بالنسبة لليهود على مدار قرون طويلة، هكذا كانت الهيلينية هي المحاولة الجديدة - إن لم نقل الحرب الجديدة - لإضعاف إيمان اليهود بالله.
وبانتشار تلك الثقافة بدأ ظهور الصراع بين القديم والحديث، لاسيما وقد كان لتلك الحضارة اتجاهات دينية أيضًا، وبينما ناصر بعض اليهود هذه الحضارة فاتخذوا لهم أسماء يونانية وتعلموا الفلسفة على أيدي فلاسفتها، فإن الآخرين رفضوها - لاسيما سكان فلسطين - إذ رأوا فيها تهديدًا للشريعة وتراث الآباء، فثارت حفيظتهم واتخذوا مواقفًا تتصف بالعنف، إذ كانت الملاعب المتحررة والعبادات الوثنية في الهيكل وترك الطقوس وانصراف الجيل الثاني (الناشئ) إلى تلك المظاهر إيذانا بالخطر.
وقد سمى اليهود الذين قاوموا ذلك التأغرق ب الحسيديين Hasidenians أو "حزب التقاة" وهم الذين تفرع عنهم الفريسيين والأسينيين، بينما كان الصدوقيين يمثلون الاتجاه الهلينيى. وقد دافع الحسيديين عن الشريعة والطقوس حتى الموت، وهم الذين ناصروا المكابيين حتى حصلوا على الحرية الدينية، بينما رفضوا مناصرة الاتجاهات السياسية والتوسيعية، التي سار فيها خلفاء المكابيين بعد ذلك. واليك بعض من تلك الطوائف: