|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يعتبر دير سيدة صيدنايا في سوريا واحدا من أعرق مؤسسات الرهبنة الأرثوذوكسية في الشرق العربي بل وفي العالم المسيحي، وفيه تتواصل حياة الراهبات دونما انقطاع منذ القرن الخامس الميلادي. يتربع الدير التاريخي في أعلى قمم قرية صيدنايا شمال دمشق في سلسلة أقبية وقاعات حجرية عتيقة تعلوها ثلاثة أبراج تزدان بأجراس الكنيسة. ومع توالي الأيام تحول الدير إلى متحف كبير يضم عددا كبيرا من الأيقونات والرسومات الجدارية في منتهى الروعة والبهاء مستوحاة من معتقدات المسيحية وتاريخ المكان. أما أبواب الحجيرات والقاعات فهي الأخرى تبدو لوحات خشبية فنية تزدان بأعمال نثر ونحت أنجزت بدقة فائقة وببراعة. ويخال الزائر أنه عاد في قطار الماضي إلى قرون غابرة لا توقظه سوى رنات الهواتف المحمولة المباغتة. الدير يعود إلى القرن الخامس الميلادي لكن الأيقونة الأهم والتي كانت سببا في تشييد الدير محجوبة عن أنظار الراهبات والزائرين بعدما أودعت في صندوق خشبي مغلق يسمح بمشاهدته عن بعد والتبرك منه والصلاة بجواره. وهذه هي، كما تؤكد التقاليد، أيقونة السيدة العذراء، واحدة من النسخ الأربع الأصلية للأيقونات التي رسمت بيد الرسول لوقا البشير وتعرف في السريانية بـ"الشاهورة" أو "الشاغورة" ومعناها "ذائعة الصيت". وفي جنبات الدير أودعت كؤوس حجرية وأجاجين فخارية كبيرة كانت تستخدم مخازن للزيت والمؤن. سكان الدير وتعيش في الدير الذي يؤمه عشرات الآلاف من الحجاج والزائرين من جميع أنحاء العالم، نحو مائة راهبة وعشرات الطالبات اليتيمات اللواتي يدرسن في مدرسة تنفق عليهن وترعاهن من أموال التبرعات. وفي الدير المشرف على قرية صيدنايا مكتبة تضم مئات الكتب والمخطوطات الثمينة التي تبين أنه بني في عام 547 على يد الأمبراطور البيزنطي يوستنيانوس الأول. وبموجب الرواية الأسطورية كان القائد البيزنطي المذكور قد خرج بجيوشه لمهاجمة الفرس عبر سوريا فعسكر في صحرائها. وخلال الاستراحة خرج الأمبراطور للصيد فوقع ناظراه على غزالة وبعد مطاردتها وقفت على رأس رابية بجوار ينبوع ماء متدفق رقراق. هناك لم تترك الظبية للصياد أي فرصة ليسدد سهامه نحوها إذ تحولت فجأة لأيقونة للسيدة العذراء يشع منها نور عظيم وخاطبت الملك داعية إياه لبناء كنيسة لها في الموقع وما لبث أن غاب شبح الغزالة. وبعد عودته أمر الملك ببناء الكنيسة. الشاغورة أما الأيقونة المقدسة (الشاغورة) فقد أدخلت لاحقا ويعتقد أنها جلبت من القدس على يد راهب نجا خلال عودته من الوحوش وقطاع الطرق وتحظى منذ ذلك الوقت بتكريم وإجلال كبيرين. وقالت رئيسة الدير الأخت كريستينة باز إنها تمكث في الدير منذ دخلته تلميذة قبل 61 عاما لافتة إلى أن الراهبات يحافظن على نمط حياة تقشفي موروث ويكرسن جل أوقاتهن للصلاة والتأمل الروحي. وأشارت باز للجزيرة نت إلى أن راهبات الدير جيلا بعد جيل دأبن على الانقطاع التام عن الزوار وعلى التزهد، وأضافت "لكننا اليوم صرنا أكثر انفتاحا لاسيما أن المكان بات محجا شهيرا يأتي بالمرتبة الثانية بعد القدس". ونوهت رئيسة الدير بأن الراهبات يعتشن من تربية الأبقار وزراعة الكروم موضحة أنهن يقمن بإعداد الخبز والطعام المتواضع في كل يوم، ويستهل يومهن بالصلاة فجرا. وأضافت "يختص بعضهن في تربية وتعليم طالبات يتيمات يفدن من سوريا ولبنان والأردن وإثيوبيا" مشيرة إلى أن أشخاصا يأتون من مختلف بقاع الأرض للتبرك من الدير القديم ومنهم من يقيم بغرض الاستشفاء. وأوضحت باز أنه في منطقة جبال القلمون هناك بعض القرى كمعلولا وبخعة وجبعدين المجاورة لا يزال سكانها يتحدثون السريانية القديمة، فيما بقي عدد قليل جدا من أهالي صيدنايا ممن يجيدون لغة الإنجيل القديم. دير سيدة صيدنايا: ويحتل الدير اليوم المركز الثاني في الشرق بعد القدس و بيت لحم في فلسطين ، ولعل أهم ما في هذا الدير مقام الشاغورة لما يحتويه من أيقونات أهمها أيقونة والدة الإله مريم المرسومة بيد لوقا البشير الذي رسم أربع صور للعذراء إحداها في روما و الثانية في البندقية والثالثة في طور سيناء و الرابعة في صيدنايا. ومن أسماء هذا الدير فيما سلف"الحصن" إشارة إلى بناءه فوق الصخر في ذروة الجبل كالقلعة المنيعة ، فقد كان أهل صيدنايا دائماً ممتنعين على أعدائهم عندما كانوا يعتصمون بالدير ، ولاشك أن الزلازل والنوازل بدلت قوام الدير وشوهت نظامه وجعلته خليطاً من طبقات متداخلة ، ويحوي الدير ثلاث دوائر: الأولى للبطريرك، والثانية للراهبات ، والثالثة للزوار والمتنزهين وهذه الدائرة هي أوسعها، و يبلغ عدد غرفها حوالي 300 غرفة لكثرة عدد الزائرين ، ولا يزال الدير يحتفظ بمدخله الضيق أي الباب المنخفض ، وممراته في قلب الصخر وبسلالمه، فبعد أن يعبر الزائر الباب يجد نفسه في دهليز صغير يؤدي صعوداً بدرج إلى ساحة صغيرة وعلى يمينه باب كنيسة الدير وهو من خشب الأرز الأصفر مدهوناً باللون الأحمر الداكن فإذا دخل الكنيسة وجد المقاعد المصفوفة على الجانبين و الثريات الجميلة منثورة فوقها وعلى الجدران النقوش البديعة وصور القديسين وقد قال الأسقف بورفير اسبانسكي في جولته سنة 1843 عندما زار الكنيسة : " إن وراء الهيكل الأوسط وأمامه فرش من الفسيفساء الملونة وخلف المذبح مصلى جدرانه وأرضه مزوقة بالقيشاني و الرخام وفيه أيقونة الإنجيلي لوقا البشير، ولكن لا تظهر هذه الأيقونة للعيان بل هي مخبأة في صندوق حديدي موضوع في الحائط وراء مشبك من الفضة و أمامه صلبان صغيرة وصور العذراء القديسة وفوق هذه الكنوز الأثرية توجد عدة مصابيح من الفضة وفي الوسط فوق المائدة إناء يوقد فيه الزيت المقدس ، كما أشار بارسكي وبوكوك إلى أن في الكنيسة خمسة صحون في كل صحن منها مذبح ، أكبرها في الوسط وقال بارسكي إنه لم يرى ما يقارب هذا الجمال في كل الأديرة التي زارها , كما ذكر الحاج روكتا أنه شاهد في الكنيسة حين زارها في نهاية القرن السابع عشر عدد من الصور القديمة بديعة الرسم فائقة الحسن ولاشك أنها فقدت من الدير كما فقد منه الكثير من ذخائره و مخطوطاته و كتبه ، وفي سنة 1759 قوّض سقف الكنيسة بسبب الزلزال الذي ضرب صيدنايا ، ولكن تم إعادة بناء ما هدّم ، وللكنيسة اليوم قبة ضخمة مرتفعة ومتينة وبجانبها قبة للناقوس و من الزاوية الجنوبية الغربية قبة ثالثة تحمل ساعة كبيرة الحجم ظاهرة على الجهات الأربع تسمع دقاتها إلى مسافة كبيرة ، وجميع هذه القباب من الحجر الأبيض المنحوت ماعدا سقف القبة الوسطى الكبيرة فغطاؤها من صفائح التوتياء والرصاص لتثبيتها ، ويعلو كل من هذه القباب الثلاث صليب مضاء. ويحوي الدير على عدد من الكنائس الصغيرة بالإضافة إلى الكنيسة الرئيسية , وإلى جانب هذه الكنائس فإن أهم أقسام الدير هي: - حارة الراهبات: تقع إلى جوار كنيسة الدير ، إذ لكل راهبة من راهبات الدير غرفة خاصة بها تمضي فيها الساعات الطوال في الصلاة والابتهال والتأمل . - المتحف والمكتبة: يحوي متحف الدير الواقع إلى جوار مقام الشاغورة على الكثير من الوثائق التاريخية والمخطوطات وكلها من المصاحف الدينية كالأناجيل و المزامير ورسائل الرسل والقديسين والصلوات والنبؤات، وهي في الغالب إما كتبت بيد الرهبان المقيمين في صيدنايا، وإما من وقف حجاج الدير وزواره ، وهي بالسريانية واليونانية والعربية، وهذه الكتب النفيسة والقديمة معظمها من المخطوطات السريانية لكونها لغة السيد المسيح ولغة الإنجيل القديمة ، والبعض كان باللغة اليونانية باعتبارها لغة الروم ، والبعض وهو الأحدث مكتوب باللغة العربية ، ومنها ما ترجم من اللاتينية واليونانية والسريانية. |
06 - 09 - 2012, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: دير سيدة صيدنايا بسوريا.. 15 قرنا من التزهد
ميرسي كتير ياحبي ربنا يعوض تعبك
|
|||
06 - 09 - 2012, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: دير سيدة صيدنايا بسوريا.. 15 قرنا من التزهد
ميرسى يامرمر على مرورك الجميل
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
معجزة سيدة صيدنايا** **مع ابنة الأميرة كاثرين آغا خان |
العذراء تنقذ ديرها في صيدنايا بسوريا من عملية إرهابية |
هناك أنبت قرنا لداود |
معجزة دير صيدنايا بسوريا |
ايقونة سيدة صيدنايا العجائبية |