|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مقدمة كتاب المدخل إلى سفريّ المكابيين يستمد سفرًا المكابيين أهمية كبيرة في التقليد الكتابي، ليس فقط لكونهما وثيقة تاريخية بالغة الأهمية، وإنما أيضًا بسبب ثرائهما الشديد بالكثير من القيم الروحية والليتورجية وغيرها مما سنعرض له في حينه، وهما كذلك خلفية ضرورية وجيّدة للعهد الجديد. فقد تصارع كل البطالمة والسلوقيين -خلفاء الإسكندر الأكبر- على إخضاع منطقة اليهودية، وتعرّض اليهود لاضطهاد عقيدي وثني شديد، من قبل السلوقيين، والذين نشروا الثقافة الهيلينية وألغوا العمل بالشريعة، فتوقّفت العبادة في الهيكل وأُهملت كافة الطقوس، وانحرفت الأمة بكاملها عن طريق الرب. ومن ثمَ قام بعض الغيورين بالجهاد من أجل إصلاح شأن الأمة واستدرار مراحم الله. فبعد أن خاضوا عدة معارك نجحوا أخيرًا في خلع نير الوثنية وإعادة تدشين الهيكل واستئناف العبادة فيه، وهو ما سُمى بعيد التجديد (يوحنا 20: 22). ويلاحظ أنه وبينما وقف الله إلى جوار المكابيين في جهادهم في البداية، فإنهم لم يجدوا مثل هذا العون بعدما انحرفوا عن غايتهم النبيلة، إذ لم يكتفوا بما حققوه من مكاسب دينية ووطنية، بل داخلتهم الأطماع فانتهجوا سياسة توسَعيّة، جرّت عليهم الكثير من المتاعب، وازدادت حدّة الشقاق بين خلفائهم بسبب الصراع على السلطة، حتى وصل الأمر بهم إلى أن يستعدى بعضهم: الحكّام السلوقيين على البعض الآخر!! وانتهى الأمر باليهودية أن أصبحت ولاية رومانية. هذا وقد أفرزت لنا حقبة المكابيين: النواة الأولى للرهبنة، وذلك من خلال جماعة الأسينيين المنبثقة عن الحسيديين، والذين آثروا الاعتزال - في حياة ديرية بمغائر قمران - احتجاجا على انحراف المكابيين عن هدفهم المقدّس (وكانوا حلفاؤهم في البداية). كما قدَم سفر المكابيين الثاني كوكبة رائعة من الشهداء، ضمّت أطفال ونساء وشيوخ، وهم الذين اعتبرتهم الكنيسة: شهداءً مسيحيين قبل المسيحية!! وأقامت لهم الكنائس وعيّدت لهم واحتفلت بذكراهم في أول أغسطس من كل عام، لاسيّما في إنطاكية. وقد رأيت أن أفرد للمدخل كتابًا مستقلًا نظرًا لضخامة الموضوع، والذي حظى من الكتاب والمهتمين بهذه الحقبة بعشرات الكتب والمراجع، وإن كان عملي هذا في الواقع أقل بكثير مما كان يجب، غير أنى أترك الاستفاضة والدراسة الأكثر اتساعًا لآخرين جديرين بذلك، وحسبى بهذا العمل المتواضع إلقاء بعض الضوء على هذا القسم من الكتاب المقدس، وتلك الحقبة من التاريخ الكتابي. وفتح الطريق فقط أمام المعنيين والمهتميّن بها. أشكر الأخوة الذين اشتركوا معي في هذا العمل من جلب للمراجع والصور إلى مراجعة النصوص، وأخص بالذكر الأستاذ الدكتور مجدي فهيم بالإسكندرية، والذي قام بترجمة بعض المراجع عن السفرين. وأكرر من جديد: ليت هذه الأسفار - التي حذفها البروتستانت - تنال اهتمامًا أكبر في خريطة الخدمة والتعليم، والأنشطة والمهرجانات. بصلوات قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث، وشريكه في الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الأنبا إيسوزورس رئيس الدير، والذي تفضّل بمراجعة الكتاب. ولإلهنا المجد دائمًا أبديًا آمين. دير البرموس العامر صوم السيدة العذراء / 2002م الأنبا مكاريوس الأسقف العام |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|