الفرق بين العصر الرسولي والعصور التالية له
لأن الإنجيل كان قد انتشر في العالم كله، فلم تعد هناك حاجة لهذه الموهبة. وفى يومنا هذا.. الكتاب المقدس مكتوب في 1500 لغة، فما الإحتياج للألسنة. في الكنيسة الأولى كانوا يجتمعون ولم تكن الأناجيل أو الرسائل قد كتبت بعد، وكيف كانوا سيعرفون السيد المسيح؟ فيقول لهم معلمنا بولس "متى اجتمعتم فكل واحد له مزمور" لكن هل ستظل الكنيسة في ظلال العهد القديم؟ فقط في المزامير؟! لذلك أكمل القديس بولس وقال: "لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ" (1كو 26:14).
لذلك فلعدم وجود الأناجيل والرسائل مكتوبة في العصر الرسولي، قام الروح القدس بإعطاء هذه المواهب، فمثلًا يعطى واحدًا إعلانًا فيحل عليه الروح القدس، ويقف ليقول "كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن الله... الخ" وآخر يقول: "أما ولادة يسوع فكانت هكذا..." وهكذا... لذلك يقول لهم كنوع من التنظيم عندما يعطى إعلانًا لواحد يسكت من كان يتكلم بإعلان قبله. وهذا يعنى أن الروح القدس يريد أن ينقل الإلهام بطريقة لطيفة وهادئة، والمتكلم يستطيع أن يدركها بنفسه.
أما الآن فالروح القدس نفسه الذي يعطى هذه الإعلانات في الكنيسة الأولى، أوحى إلى القديس متى فكتب إنجيله، كما أوحى إلى القديس مرقس، وإلى القديس لوقا وإلى القديس يوحنا، وإلى سائر الآباء الرسل فكتبت الأناجيل وسفر الرؤيا، وقبلتها الكنيسة الرسولية كإعلان من الروح القدس.
وفى سفر الرؤيا مثلًا قال "إعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله ليرى عبيده ما لابد أن يكون عن قريب... طوبى للذى يقرأ والذين يسمعون أقوال النبوة" (رؤ 1:1،3). فما معنى أن يقف في الكنيسة الآن من يقول: أن لديه رسالة أو إعلان؟... هل ستأتى لنا بما هو أعظم مما كتب في الأناجيل والرسائل والرؤيا؟! هل سيبشر أفضل من بشارة الآباء الرسل؟! هل هناك من كتب مثلما كتب القديس بولس رسالة العبرانيين وفسر فيها بوحى إلهى علاقة العهد القديم بالعهد الجديد بأسلوب رائع؟!
من أجل هذا.. بدأ الروح القدس في بلورة الموقف، فيقال لنا في الكنيسة "قفوا بخوف من الله وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس" وفى وقت قراءة الإنجيل في الكنيسة، نشعر أن الله نفسه هو الذي يتكلم لأن الكتاب المقدس هو أنفاس الله.
لذلك.. بدأت مواهب معينة تستمر في الكنيسة، ومواهب أخرى تنحسر بالتدريج، وقد انتشرت الكرازة في العالم كله.. فمثلًا لو أردت أن أعظ في ألمانيا أو في أي دوله أخرى لا أعرف لسانها سأجد الكثيرين يمكن أن يترجموا ما أقول، فما الداعى لموهبة الألسنة إذن؟ لهذا قال الكتاب "الألسنة فستنتهى" قد يتساءل البعض قائلًا إن المواهب تبنى الروح من الداخل وتبنى الكنيسة في التعليم، فكيف يتمتع الإنسان بالحياة مع الله بدون موهبة الألسنة؟ وللإجابة على ذلك نقول أن الإنسان يتمتع بسماعه للإنجيل الذي يقرأ في الكنيسة وأن يعيش القداس ويرفع قلبه نحو السماويات بقوة الروح القدس العامل في الأسرار.
أصبحت الكنيسة مرتبة ومؤسسة على صخر الدهور، وكل شئ فيها أصبح بلياقة وبحسب ترتيب. علينا الآن أن ننتفع بهذه النعم والخيرات الموجودة في الكتب المقدسة التي سطرها الروح القدس. ولسنا في إحتياج لأن يقول أحد بإعلان "قال الرب يسوع كذا وكذا...".
فهل ستظل إلى المنتهى كل مجموعة من المؤمنين إذا اجتمعت تخرج لنا بكلام من عندياتهم وينسبونه إلى الله؟ وماذا في النهاية؟!.