|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ظهور السيد المسيح لأبينا إبراهيم أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي قال السيد المسيح لليهود: "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي، فرأى وفرح" (يو8: 56). وقد تعجب اليهود وقالوا له: "ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم" (يو8: 57). فرد عليهم السيد المسيح قائلًا: "الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو8: 58). وقد أثار هذا القول اليهود وحاولوا وقتها أن يقتلوا السيد المسيح ولم يتمكنوا، لأن ساعة موته الخلاصي لم تكن قد حانت بعد. ويهمنا في هذا المجال أن نبحث: متى رأى إبراهيم يوم السيد المسيح؟ لم يقل السيد المسيح أن إبراهيم قد اشتهى فقط أن يراه.. بل أن يرى يومه. وهنا نتساءل: ما هو يوم الرب؟ يقول المزمور "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، فلنبتهج ونفرح فيه" (مز117: 24). ويقول يوئيل النبي: "تتحول الشمس إلى ظلمة، والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم الشهير (المخوف)" (أع2: 20، يؤ 2: 31). ويقول ملاخي النبي: "ويأتي بغتةً إلى هيكله السيد الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تُسرُّون به، هوذا يأتي قال رب الجنود. ومن يحتمل يوم مجيئه" (ملا 3: 1، 2). كما يقول أيضًا: "هأنذا أُرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" (ملا 4: 5). إن يوم الرب في معناه الشامل هو يوم الخلاص. سواء يوم صلب السيد المسيح، أو يوم قيامته من الأموات، أو يوم إرسال الروح القدس المعزى لتوصيل مفاعيل الخلاص إلى الكنيسة، أو يوم استعلان ملكوت الله في مجيء السيد المسيح الثاني للدينونة، ولخلاص القديسين من متاعب هذا العالم الحاضر ومن جسد الفساد. هناك علاقة وثيقة تربط بين يوم الصليب وإدانة الخطية بذبيحة الفداء، وبين يوم الدينونة في نهاية العالم، أي اليوم الأخير.. ففي يوم الصليب استوفى العدل الإلهي حقه. وفى يوم الدينونة سيُطالب السيد المسيح بحقه فيما أوفاه من دين على الصليب من الذين استخفوا بدمه المسفوك لأجل خلاصهم، ومن الذين طعنوه. فمعنى قول السيد المسيح "أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي" (يو8: 56)، أن إبراهيم قد اشتهى أن يرى يوم الفداء.. يوم الرب العظيم. متى رأى إبراهيم يوم الفداء؟ عن هذا يخبرنا سفر التكوين أن إبراهيم حينما أطاع الأمر الإلهي وأوشك أن يقدّم ابنه إسحق ذبيحة "ناداه ملاك الرب من السماء وقال: إبراهيم إبراهيم.. الآن علمت أنك خائف الله؛ فلم تُمسِك ابنك وحيدك عنى" (تك22: 11، 12). وهذا يعنى أن ملاك الرب (في النص العبري "ملاخ يهوه" بمعنى "سفير يهوه") الذي ناداه هو السيد المسيح -الابن الوحيد- وليس ملاكًا من الملائكة المخلوقين مثل ميخائيل وجبرائيل وغيرهم من الملائكة. فكلمة "ملاك" تعنى "مفوّض" أو "سفير" أو "مُرسل". ولاشك أن السيد المسيح هو مُرسل من الآب إلى العالم مثلما قال مرارًا أن الآب قد أرسله (انظر يو5: 37، يو6: 39، 44). والدليل أن الذي نادى إبراهيم هو الابن الوحيد؛ هو قوله لإبراهيم "فلم تُمسك ابنك وحيدك عنى" (تك22: 12)،ولا يمكن أن يكون إبراهيم قد أوشك أن يقدّم ابنه الوحيد لملاك من الملائكة العاديين، بل ليقدّمه قربانًا لله. في هذا التوقيت رأى إبراهيم يوم الرب؛ أي أبصر بروح النبوة المسيح المصلوب القائم من الأموات. لذلك فقد أطلق على المكان الذي قدّم فيه الكبش عوضًا عن إسحق ابنه "يهوه يِرأَه" كما هو مكتوب: "فدعا إبراهيم ذلك الموضع يهوه يِرأَه. حتى إنه يُقال اليوم في جبل الرب يُرى" (تك22: 14) أي أنه قد رأى الرب. لقد رأى إبراهيم الرب عند تقديم ابنه إسحق، وهذا ما اشتهاه وألح في طلبه كقول السيد المسيح عنه "تهلل بأن يرى يومي؛ فرأى وفرح" (يو8: 56). فما أروع ما رآه إبراهيم حينما سلك في طريق الطاعة للرب الذي وعد: "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني. والذي يحبني؛ يحبه أبى، وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي" (يو14: 21). قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن وقد رأينا كيف اشتهى أب الآباء إبراهيم أن يرى يوم الرب، ورأى وفرح حسبما ذكر السيد المسيح في كلامه مع اليهود. ولكن هل كان ظهور السيد المسيح لإبراهيم قبل التجسد الإلهي هو لإبراهيم فقط؟ أم ظهر لكثير من الشخصيات المذكورة في الكتاب المقدس؟ إن ظهورات السيد المسيح قبل تجسده وولادته من السيدة العذراء لها أهمية ومدلولات كثيرة وتؤكّد فكرة التجسد الإلهي، كما تؤكّد رسالة المسيح الخلاصية التي صنعها بنفسه في ملء الزمان. وقد اقترنت هذه الظهورات الإلهية بأحداث عجيبة، ومواقف مصيرية. كما أنها تحمل بُعدًا نبويًا يشير إلى المستقبل. وكما ظهر السيد المسيح لأنبياء، هكذا أيضًا ظهر لأشخاص آخرين بعضهم قديسين وبعضهم ليسوا قديسين، ولكن كان لهم دورهم البارز في أحداث تاريخ البشرية. وهذا ما سوف نحاول أن نتناوله بالشرح إن سمحت عناية الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|