دم يتكلم أفضل من هابيل
هابيل هذا كان رمزًا للسيد المسيح، ولهذا يقول الكتاب نحن نأتي الآن ليس إلى أحداث العهد القديم المرعبة، بل إلى كنيسة الأبكار المقدسة "وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ: يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ" (عب12: 24). ماذا يعنى دم رش يتكلم أفضل من هابيل؟ بمعنى أنه إذا كان دم هابيل الصديق قد تكلم صارخًا أمام الله، فإن دم السيد المسيح أيضًا يتكلم. وماذا يقول هذا الدم؟
إنه يشفع في المذنبين التائبين الذين يطلبون غفران الله بالصليب. لأول مرة نسمع أن الدم يتكلم إذ يقول الرب لقايين "صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ" (تك4: 10). هكذا يستطيع دم السيد المسيح أن يتكلم، سوف يكون شفيعًا من أجل خطايا التائبين، ومن الناحية الأخرى سوف يكون شاهدًا على قساوة صالبيه غير التائبين. لذلك في المزمور الخمسين الذي نصليه باستمرار نقول "نَجِّنِي مِنَ الدِّمَاءِ يَا اللهُ إِلَهَ خَلاَصِي فَيُسَبِّحَ لِسَانِي بِرَّكَ" (مز51: 14). ما معنى ذلك؟
أي يا رب لا أريد أن تكون يداي ملطخة بدمائك المقدسة. نجنى من الدماء يا الله إله خلاصي فيبتهج لساني بعدلك، أو يبتهج لساني ببرك. فأنا أريد عدلك يا رب يكون لصالحي وليس ضدي؛ عدلك عندما يُحسب لصالحي أي أنك توفى دين خطاياي بدمك،وعندما يكون ضدي فإن دمك يُحسب علىَّ كما قال الكتاب "فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقّاً مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟" (عب10: 29).
أي أن الدم الذي نتقدس به نحن؛ الذي هو دم المسيح ممكن يعتبرنا العدل الإلهي إننا قد دسنا على ابن الله وحسبنا أن هذا الدم دم دنس، لأننا دنسنا كياننا الذي اغتسل بدم المسيح المقدس. أي أن الدم الذي اغتسلنا به صيَّرناه أو حسبناه دنسًا بخطايانا. طبعًا هذا الدم لا يتنجس على الإطلاق، ولكن حسبناه هكذا حينما استخففنا بقداسة المسيح التي خلعها علينا في المعمودية "لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ" (غل3: 27).