كان المسيح قويًا أثناء القبض عليه
* كان المسيح قويًا عندما قبض عليه، أن الجنود الذين خرجوا عليه بالسيوف والعصي كانوا خائفين منه وهذا الأمر يشرحه معلمنا يوحنا الإنجيلي الحبيب الذي تبع المسيح حتي الصليب. فيقول "خرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه. وقال لهم من تطلبون. أجابوه: يسوع الناصري. فأجبهم قائلا أني أنا هو. فلما قال أني أنا هو، رجعوا إلي الوراء وسقطوا علي الأرض" (يو 18: 5، 6).
وقعوا علي الأرض من هيبته ومن قوته ومن عدم استطاعتهم أن يواجهوه. كانت قوته العزلاء أقوي من هجومه المسلح.
ولو أراد أن يذهب وقتذاك لأمكنه ذلك. ولكنه بقي في مكانه في شجاعة ورصانة. وانتظر عليهم حتى قاموا من سقطتهم وقال لهم للمرة الثانية من تطلبون فقالوا يسوع الناصري. فأجابهم "قد قلت لكم أني أنا هو. فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون" (يو 18: 7-9) وهكذا كان المسيح قويًا وقت القبض عليه. هناك أشخاص عندما يقبض عليهم يرتعشون ويخافون. أما وقت القبض علي المسيح، فقط ظهر العكس،. كان القابضون عليه خائفين منه، واقعين علي الأرض أمامه. لا يستطيعون أن يتقدموا إلي هيبته، حتى أذن لهم وهو يقول أنا هو)..
* مثال آخر عن قوة المسيح وقت القبض عليه وهو شفاؤه لأذن ملخس عبد رئيس الكهنة.
و ذلك أن بطرس الرسول تحمس وقت القبض علي المسيح، واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمني (يو 18: 10). أما ربنا الوديع فلم يكن العنف طريقته. لذلك أمر بطرس أن يضع سيفه في غمده. ورفض أن يدافع عن نفسه. أو يدافع أحد عنه وقال لبطرس موبخًا "رد سيفك إلي مكانه.. أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلي أبي فيقدم لي أكثر من أثني عشر جيشًا من الملائكة؟!" (متي 26: 53). نعم كان يستطيع، ولكنه رفض أن يفعل. لأنه بشجاعة إلي الموت ليخلصنا نحن.. أما عن العبد الذي قطعت أذنه، فيقول الكتاب أن هذا القوي الذي أتوا للقبض عليه "لمس أذنه وأبرأها" (لو 22: 51"، صانعا الرحمة مع أعدائه، حتى في أحرج الأوقات.
و نحن نقف جوار المسيح المقبوض عليه وهو يشفي أذن العبد، ونقول له في أذنه الطاهرة "ثوك تاتي جوم".
كان عمله هذا إخجالا للجنود، وليهوذا، ولرؤساء الكهنة، وشهادة عليهم جميعًا، أو دعوة لهم جميعًا أن يؤمنوا، فيما بعد.. ولقد سار المسيح بينهم وهو مقبوض عليه، كما يسير الملك وسط عبيده، أو الخالق وسط مخلوقاته.. كان يقدر أن يفنيهم جميعها لو أراد. ولكنه لم يرد ليخلصنا..
* كان يستطيع أن يفعل مثل إيليا النبي مع رئيس الخمسين الذي جاء يطلب إليه النزول لمقابلة الملك.
فأجاب إيليا وقال لرئيس الخمسين: أن كنت رجل الله، فلينزل نار من السماء وتأكلك أنت والخمسين الذين لك. فنزلت نار وآكلته هو والخمسين الذين له" (2مل 1:10" كما أمره فنزلت نار للمرة الثانية وأكلت الخمسين الأخرى مع رئيسها.. أما المسيا الذي جاء ليموت عن البشر، فلم يفعل هكذا. ما كان أسهل عليه أن يفعل مثلما فعل إيليا، ولكنه لم يفعل. أن قوته في إمساك نفسه عن أبادتهم، هي القوة التي خلصنا بها. وهكذا أسلم الرب ذاته عنا بكل شجاعة دون خوف من الموت..