|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تاريخ هذه البدعة الكنيسة طوال القرون الخمسة عشر الأولى في اعتقادها بالكهنوت والأسرار الكنسية والتقاليد، ما كانت تؤمن مطلقًا بأن الخلاص يتم في لحظة فالخلاص يتم بدم المسيح، ولكن عن طريق الأسرار المقدسة التي وضعها الله في كنيسته بالروح القدس العامل فيها، والتي يمارسها رجال الكهنوت. واستمر الأمر هكذا، إلى قيام البروتستانتية بقيادة لوثر، في بداية القرن السادس عشر للميلاد. مارتن لوثر كان راهبًا كاثوليكيا، وكان كاهنا. ثم اصطدم بالكنيسة الكاثوليكية، رغبة في إصلاح الأخطاء التي كانت سائدة وقتذاك. فحرمته الكنيسة وقطعته من الكهنوت. وهنا بدأت المشكلة في دورها الخطير.. الذي ينبني أساسًا وقبل كل شيء، على كيف تعيش البروتستانتية بدون كهنوت، وبالتالي في موضوعنا هذا كيف ينال الناس الخلاص، بعيدا عن عمل الكهنوت؟ لوثر وجماعته في حياته ومن بعده ما كانوا يستطيعون أن يمارسوا أي عمل من أعمال الكهنوت. الكنيسة قطعتهم من الكهنوت، فليقطعوا هم أيضا الكهنوت من كل أعمال الكنيسة! وهكذا أنكروا الكهنوت، وأنكروا سلطة الكهنوت، ونادوا بأنه لا يوجد سوى كاهن واحد في السماء وعلى الأرض هو يسوع المسيح. وقد قمنا بالرد على هذه النقطة في كتابنا (الكهنوت) المنشور هنا في موقع الأنبا تكلا. كذلك قامت البروتستانتية بإلغاء كل ما وضعه رجال الكهنوت بسلطانهم الكهنوتي. وقالوا إنهم يعتمدون على الإنجيل وحده: لا قوانين كنسية، ولا قرارات مجامع مقدسة، ولا تقاليد كنسية، ولا أقوال آباء.. ولم توافق البروتستانتية أن تكون الكنيسة وسيطة في نوال الخلاص، ولا في أية علاقة بين المؤمن وإلهه واعتبرت هذه العلاقة مجرد علاقة فردية، ولا دخل للكنيسة ولا للكهنوت فيها..! وكما ألغت هذه الوساطة على الأرض، ألغت أيضا في عقيدتها كل وساطة أخرى في السماء، أعنى كل شفاعة القديسين الذين انتقلوا، وعلمت أبناءها أنه لا فرق بينهم وبين هؤلاء القديسين، فكل المؤمنين قديسون حسب تسميتهم في العصر الرسولي. وخلطت بين الشفاعة الكفارية والشفاعة التوسلية، حسب فهمها للآية التي تتحدث عن الفداء قائلة إنه لا يوجد سوى وسيط واحد وشفيع واحد بين الله والناس هو يسوع المسيح (1تى 2: 5 ) ولم يعد في البروتستانتية إكرام للقديسين ولا للملائكة ولا للعذراء، ولم تعد الكنيسة تبنى بأسمائهم. ومع إنكار الكهنوت وكرامة القديسين، ومع إنكار القوانين والتقاليد، تطور الأمر إلى إنكار تعليم الكنيسة، فلم يعد ملزما لأحد. وأصبح لكل أحد الحق في أن يفسر الكتاب كما يشاء!! بلا ضابط من سلطة كنسية. ومع أن بعض العقلانيين ظنوا أن هذا الأمر كان تحريرًا للعقل البشرى من كل سلطة كنسية، ليفكر كما يشاء، حتى أسموا قيام البروتستانتية بحركة التحرير! وإلا أنه كان من نتيجة هذه (الحرية) قيام عشرات المذاهب البروتستانتية، ويقول البعض بل مئات. ويوجد في مصر منها 28 مذهبا.. والسبب في ذلك هو عدم التقيد بضوابط من التقاليد الكنسية أو التعليم الكنسي، وعدم وجود سلطة كنسية تؤاخذ أو تقوم من ينحرف في تفكيره اللاهوتي.. ونفس خلفاء لوثر لم يلتزموا بكل تعليمه، ووجد من هو أشد منه إنكارًا للتعليم الكنسي، مثل كلفن وزوينجل وآخرين. إنه أخرجهم من الخضوع للكنيسة ورؤسائها، فلما كان يستطيع أن يلزمهم بالخضوع له ولكل تعليمه. ويوجد حاليًا من البروتستانت من يعارض لوثر في بعض الأفكار اللاهوتية. وأصبحت الكنيسة اللوثرية مجرد واحدة من الكنائس البروتستانتية المتعددة، تختلف عن بعضها في الفكر. المهم أن هيبة الكنيسة كقيادة، زالت في الفكر البروتستانتي. وبدأت العقلانية في الكنيسة تناقش كل شيء. وتقبل ما تقبله، وترفض ما يعن لها رفضه. وبالتالي أخذت البروتستانتية تتدرج حتى أنكرت الأسرار. أخذت تناقش أولا ما هو تعريف السر؟ ثم ما عدد الأسرار؟ إلى أن انتهت إلى إنكار الأسرار. ومادام الكهنوت هو الذي يمارس خدمة الأسرار، ولا كهنوت في البروتستانتية، اذن ما معنى وجود الأسرار ما لزومها؟! ولعل البعض يقول: هناك معمودية في البروتستانتية.. نعم، هناك معمودية. ولكنها ليست سرًا كنسيا، ولا يمارسها كهنوت. وليست لها الفاعلية التي نعتقدها فيها..! هذه خلافات ثلاثة جوهرية.. كان المسيحيون في الكاثوليكية قبل لوثر معتادين أن يعمدهم رجال الكهنوت في الكنيسة. والإيمان بالمعمودية أصبح راسخا في النفوس مدى خمسة عشر قرنًا، ولا يمكنه نزعه، وتسنده آيات من الإنجيل.. فما العمل مع عدم وجود كهنوت في البروتستانتية؟ الحل هو وضع الشيخ محل الكاهن. وفي ترجمة الكتاب، تترجم كلمة كاهن بشيخ. ويمكن للشيوخ أن يعمدوا. ولا مانع من أن يأخذوا لقب (قس)، دون أن يعنى هذا اللقب أية صفة أو اختصاصات كهنوتية! ولكن هل يخلص الناس في المعمودية في التفكير البروتستانتي؟ كلا، فالبروتستانتية تنادى بأن الخلاص بالإيمان وحده. وهذا خلاف رابع بيننا وبينهم في المعمودية. وأخذ البروتستانت يشدون جدا على موضوع الإيمان. وأصبحوا يرددون في اجتماعاتهم عبارة (آمن فتخلص) كما لو كانت هذه هي الآية الوحيدة المتعلقة بالخلاص في الكتاب المقدس!! بل ركزوا على الإيمان، حتى أصبحوا يقولون: (آمن فقط.. فتخلص). والإيمان شعور في القلب، يرون أنه يمكن أن يتم في لحظة. وبالتالي يمكن للإنسان أن يخلص في لحظة، طبعًا بدون كنسية، ولا أسرار، ولا معمودية، ولا كهنوت!! وهنا تحولت الفكرة إلى بدعة، نحاول الآن مناقشتها، لنرى ما مدى خطورتها على إيمان الكنيسة كله.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|