|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" ولكن ما كانَ لي من ربح، حسبتهُ خسارة من أجل المسيح، بل أحسبُ كلَّ شيء خسارة من أجل الربح الأعظم، وهوَ معرفة المسيح يسوع ربــي... ولا أدّعي أنـي فزت بذلكَ أو بلغتُ الكمال، بل أسعى لعلي أفوزُ بما لأجلهِ فازَ بي المسيح يسوع " (رسالة فيليبي 3 : 7 – 12). " وهوَ الذي أعطى بعضهم أن يكونوا رسلاً وبعضهم أنبياء وبعضهم رعاة ومعلمين، وبذلكَ يُهيىء الإخوة القديسين للخدمة في سبيل بناء جسد المسيح... حتى إذا قامَ كل جزء بعمله الخاص به، نما الجسد كلهُ وتكاملَ بُنيانه بالمحبة " (رسالة أفسس 4 : 11 – 16). " هكذا نحنُ في كثرتنا جسدٌ واحدٌ في المسيح، وكلنا أعضاءٌ بعضنا لبعض، ولنا مواهب تختلف باختلاف ما نلنا من النعمة: فمن لهُ موهبة النبوءة فليتنبأ وفقاً للإيمان، ومن لهُ موهبة الخدمة فليخدم، ومن لهُ موهبة الوعظ فليعظ، ومن يُعطي فليعطِ بسخاء، ومن يرئس فليرئس باجتهاد، ومن يرحم فليرحم بسرور ". (رسالة رومية 12 : 5 – 8). " فلو كانَ الجسد كلهُ عيناً، فأينَ السمع ؟ ولو كانَ الجسد كلهُ أذناً، فأينَ الشمّ ؟ ولكنَّ الله جعلَ كل عضو في الجسد كما شاءَ... والله أقامَ في الكنيسة الرسل أولاً والأنبياء ثانياً والمعلمين ثالثاً، ثمَّ منحَ آخرين القدرة على صنع المعجزات ومواهب الشفاء والإسعاف وحسن الإدارة والتكلم بلغات متنوعة، فهل كلهم رسل وكلهم أنبياء وكلهم معلمون وكلهم يصنعون المعجزات وكلهم يملكون موهبة الشفاء وكلهم يتكلمون بلغات وكلهم يترجمون ؟ ". (رسالة كورنثوس الأولى 12 : 17 – 31). تعالوا لنرتفع معاً في هذا الصباح إلى التعليم الكامل، كما يوصي كاتب الرسالة إلى العبرانيين، تعالوا لنصبح مؤمنين متخصصين، يُتقن كل واحد منَّا عملهُ الخاص به، والذي نالهُ بالنعمة كما قسمهُ الله لـه، حتى – وكما يقول بولس لأهل أفسس – إذا قامَ كل واحد منَّا بعمله الخاص به - فقط الخاص به - دون الإنشغال بأمور أخرى ليست في خطة الرب لحياته، نما عندها الجسد كلهُ !!! لن نسمح لأهل العالم أن يكونوا ناجحين أكثر منَّا أبداً. لن نسمح للشركات والمؤسسات التي تعرف كيفَ توزع أصحاب الإختصاصات والكفاءات، كلٌ في المكان المناسب له، مما يُنجح أعمالها بطريقة ملفتة للنظر، نعم لن نسمح لهم بأن يكونوا أذكى منَّا !!! يبدأ بولس كلامهُ في رسالة فيليبي، مُعلناً أنهُ قررَ أن يخسر كل شيء ليربح المسيح، وهذه هيَ البداية لكل إنسان على وجه الأرض لكي ينتمي إلى عائلة الله، وينال الولادة الجديدة، ويُصبح ابناً، ولكن ليسَ هذا موضوع تأملنا واهتمامنا في هذا الصباح بعد أن نلنا جميعنا الولادة الجديدة وأصبحنا أبناء، لكن ما شغلني فيه الروح القدس هوَ المقطع الأخير من هذه الرسالة وهوَ قول بولس: " بل أسعى لعلي أفوزُ بما لأجلهِ فازَ بي المسيح يسوع ". يتكلم بولس هنا عن أمر عميق ومهم للغاية، فتعالوا نتأمل به، لكي نتعلم معاً العبرة التي أراد الروح القدس أن يوصلها لكل واحد فينا. نعم إنَّ الهدف الأساسي للرب يسوع المسيح للفوز بكل واحد منَّا، هو خلاصنا بالطبع، وهوَ هدف عام لكل البشرية، لأنَّ الله يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يُقبلون. لكــــن... لم يكن هذا ما يقصدهُ بولس هنا، لأنهُ ذكر سابقاً أنهُ قرر خسارة كل شيء لربح خلاص المسيح، لكنهُ يُكمل ليقول: بل... أسعى لمعرفة المهمة الأساسية التي دعاني إليها الرب بالتحديد، حتى لا يكون خارج الخطة رقم 1 التي أعدها الله له، لا يُريد بولس إطلاقاً أن يكـون فـي الخطـة رقم 2 أو رقم 3 أو رقم... بل بالتحديد: بما لأجلهِ فازَ بهِ المسيح يسوع... وما يُثبت هذا الكلام هوَ ما ذَكَرَتهُ لنا كلمة الله، في ثلاثة مواضع على الأقل والتي أدرجناها في بداية هذا التأمل: رسائل رومية، أفسس وكورنثوس. وهذا ما يؤكد أهمية الموضوع بالنسبة للرب لكي يتناولهُ على الأقل في هذه المواضع الثلاثة. هدفي الوحيد في هذا الصباح أن أساعدك لكي تتوقف للحظة في الموقع الذي أنتَ فيه الآن، ومهما كانت خدمتك، لأنَّ هذه اللحظة ثمينة جداً في عيني الرب، وذلكَ لكي تجري جردة كاملة ودقيقة بقيادة الروح القدس على ما تقوم به، يُرافقك هذا السؤال: " هل أنا في المكان الذي فازَ لأجله بي المسيح يسوع ؟ ". ولكي تنجح لحظة التوقف هذه وتأتي بثمارها الحقيقية، تعالَ نتأمل قليلاً في المقاطع التي أوردناها في تأملنا هذا. الجسد واحد، نعم، وبكل تأكيد، لكن كلمة الله تؤكد لنا أننا أعضاء ولنا مواهب تختلف باختلاف ما نلنا من النعمة، وتحدد الكلمة جملة من الدعوات والمواهب التي أعطاها الله لنا، رسل، أنبياء، رعاة ومعلمين، موهبة الخدمة، موهبة الوعظ، موهبة العطاء، موهبة الرئاسة، موهبة الرحمة، موهبة الشفاء، موهبة حسن الإدارة، موهبة التكلم بلغات.... نعم مواهب كثيرة، لكن الله قسمها علينا كما شاء. وتكمل الكلمة لتؤكد بما لا يقبل الشك، أنَّهُ، ليسَ الكل رسل، وليسَ الكل معلمين، وليسَ الكل وعاظ، وليسَ الكل يُحسنون الإدارة، وليسَ الكل عين، وليسَ الكل أذن... وتوصينا هذه الكلمة بأنهُ ينبغي على كل واحد منَّا أن يقوم بعمله الخاص به. لأنَّ من يرحم ينبغي عليه أن يرحم بسرور، ومن يُعطي ينبغي عليه أن يُعطي بسخاء، ومن يرئس فليرئس باجتهاد. وبالتالي نحنُ نعلم أنهُ ولكي نرئس باجتهاد أو نُعطي بسخاء أو نرحم بسرور، ينبغي أن يتوفر شرطين أساسيين لذلكَ: أولاً: أن تكون هذه هيَ موهبتنا التي حددها لنا الله، وأيَّدها بمسحته وبقوته المميزتين. ثانياً: أن نعطيها حقها اللازم من وقتنا وجهدنا وتعبنا واهتمامنا لكي نكون على المستوى المطلوب لمتطلباتها وإلاَّ فلن تنجح. لكن لو انشغلنا بخدمة أو بخدمات أخرى، لم يدعنا الرب لها، فعندها لن تؤيدنا مسحتهُ وقوته كما ينبغي، وستستنزف طاقتنا بعدة خدمات ونفقد التركيز على المهمة الخاصة بنا والتي أوكلها الرب إلينا، أو ربما نترك الموهبة الأساسية لنجري وراء مواهب أخرى نحبها لكنها ليست التي أرادها الرب لنا، وبالتالي لن نكون أبداً، نسعى بما لأجله فاز بنا الرب يسوع المسيح بالتحديد، كما فعلَ بولس !!! أتمنى أن أكون قد أوصلت لكَ ولو بشكل عام هدف رسالة الرب لنا في هذا الصباح !!! أحبائي: إلهنا إله تدقيق، كما تخبرنا الكلمة عنهُ، وهوَ يعرف تماماً طاقة وقدرة، ووزنات ومواهب كـل واحد منَّا، وهوَ يعرف احتياجات كل كنيسة وكل إرسالية، وكل جماعة، وكل بلد، وكل ظرف وزمن وتوقيت، فهوَ لا يخفى عليه شيء إطلاقاً، ولا ننسى أنهُ رأس الجسد، هوَ من يُخطط وليسَ نحن، هوَ القائد وليسَ نحن، هوَ الذي يوزع علينا المهمات والمواهب، وليسَ نحن من يختار ما نحبهُ ونرفض ما لا نحبه، وما علينا سوى طاعته وتنفيذ رغباته وتوجيهاته، هذا إن كنَّا نريد أن نكون في ملء مشيئته، وأن نأتي بثمر يدوم !!! أحبائي: كثر منَّا اختارَ لنفسه الخدمة التي يُحبها، والتي تتناسب مع تطلعاته، وتخلى عن الدعوة الأساسية والموهبة الرئيسية التي نالها من الرب، ولذلكَ هوَ اليوم لا يرى الثمر الكثير في خدمته هذه، ولا يخدم بسرور وفرح ومتعة وانتصار، إنهُ خارج الخطة رقم 1 التي أراده الرب أن يكون فيها، قد تنجح هذه الخدمة البديلة التي اخترتها أحياناً وذلكَ بسبب نعمة الرب ومحبتهُ لكَ، لكنها ليست الملء، ملء قامة المسيح، ليست الثمر الكثير الذي وعدَ الرب بهِ، ليسَ الجزء الخاص بكَ كما يقول بولس لأهل أفسس، ليسَ العمل الذي يُنمِّي الجسد كلهُ، كما تقول الكلمة، بل هوَ العمل الذي يرضي طموحاتك والتي قد لا تكون في خطة الرب لكَ. وكثر منَّا أيضاً، أبقوا على الجزء الخاص بهم من الدعوة، لكنهم لم يُعطوه الوقت الكافي، والتعب الكافي، والإتقان الكافي، والإهتمام الكافي، لأنهم انشغلوا في الوقت نفسه بخدمات أخرى كثيرة استنزفت طاقتهم، ومنعتهم من الإنشغال في الخطة رقم 1، ولهذا تراهم متعبين، مرهقين، القليل من الجهد في كل خدمة من الخدمات التي شغلوا أنفسهم فيها، وأضحوا مشتتي الجهد والعمل، والثمر قليل أو نادر الوجود، ولا يوجد متعة في الخدمة وفرح وانتصار، لأنَّ المسحة والقوة غائبتين، فالله لا يُناقض نفسهُ أبداً، وها هوَ يدعوك في هذا الصباح، أن تتوقف للحظة بقيادة الروح القدس وتفتش على ما لأجله فازَ المسيح يسوع بكَ بالتحديد. لستُ أدعو أحداً أن يتوقف عن الخدمة التي يقوم بها، ولستُ أدعو أحداً أن يُخفف عدد الخدمات التي يقوم بها والتي قد تكون أكثر من خدمة، بل أنا أدعو أن تجري جردة بقيادة الروح القدس على كل ما تقوم به، وتتأكد أنَّ ما تقوم به، إن كانَ خدمة واحدة أو أكثر، هوَ ما لأجله فاز بكَ المسيح يسوع. تسأل نفسك في هذا الصباح هل خدمتي أو خدماتي مثمرة مقارنة بمقاييس الله ؟ هل تتمتع بالفرح والسلام والنصرة وأنتَ تقوم بهذه الخدمة أو هذه الخدمات ؟ هل يُلح الروح القدس عليك منذ مدة لكي تقوم بعمل محدد وأنت تعاند وتتمسك بما تقوم به لأنكَ تفضله ؟ لأنَّ الإجابة الصادقة تحتَ قيادة الروح القدس، وحدها ستوفر لكَ الحلول السليمة والنجاح فيما بعد !!! أحبائي: لا تنبهر عيوننا بالخدمات الكبيرة المظهر، ولا بالخدمات المريحة، فكم من تعب يأتي بالراحة الحقيقية، وكم من راحة مزيفة تأتي بالتعب الحقيقي !!! لم ينبهر داود بثياب الحرب التي ألبسوه إياها لكي يواجه جوليات العملاق الجبار، لأنها أعاقتهُ عن السير، لم تكن ثيابهُ التي خصصهُ بها الرب، كانت ثياب برّاقة، ثياب الملك المغرية، والتي تجعلهُ يظهر بمظهر الملك العظيم، لكنها أعاقتهُ عن السير لأنها لم تكن لهُ، ففضّلَ أن يُواجه هذا العملاق بثيابهِ الخاصة، باسم رب الجنود، وانتصرَ عليه بالمقلاع والحجر، فقط لأنَّ الرب أيَّدَهُ بالقوة اللازمة، وهذا ما علينا أن نقوم به نحنُ أيضاً، فلا ننبهر بالخدمات البراقة المظهر، والتي قد تمنعنا عن السير وتعيقنا، بل لنفضل خدمة الرب ولو كانت بسيطة، لأنها وحدها التي ستنجح وتأتي بالثمر الكثير، وكل ما نتمناه، وكل ما يُفرح قلب الرب، لأنها الخدمة التي خصصنا بها، وأيَّدها بمسحته وبقوته، ولأنها ستكون " ما لأجلهِ فازَ بنا المسيح يسوع ". أحبائي : لا يُمكن أن نكون كلنا عيون، وإلاَّ سيكون جسدنا أصمّ على الأقل. ولا يُمكن أن نكون كلنا آذان لأنَّ جسدنا سيكون أعمى على الأقل. هذا إن كنَّا نفتش على مصلحة الجسد ككل، وليسَ على مصلحتنا الشخصية. فإن كانت دعوتك للعطاء، أعطِ بسخاء ولا تنشغل بالوعظ. وإن كانت دعوتك الخدمة البسيطة، قم بها بكل طاقتك وقوتك، ولا تنشغل بالرئاسة والرحمة. وإن كانت دعوتك أن ترحم، فارحم بسرور، ولا تنشغل بالتعليم. لأنَّ الكلمة تؤكد أنهُ إن لم يقم كل عضو بعمله الخاص به، لن ينمو الجسد ويتكامل، بل سننمو نحن لكن بطريقة مشوهة، وكذلكَ الجسد عندها. ليست العين أفضل من الأذن أبداً، وليست اليد أفضل من الرجل أبداً، بل إصبع الرجل الصغير والذي لا يراه أحد غيرك، ولا يظهر للعلن، هو الأفضل عندما يكون الله قد أيدهُ بالمسحة والقوة اللازمتين، وإن لم يراه أحد، أو لم يعرف أحد بدوره، إنهُ الجندي المجهول الذي سينال إكراماً أفضل، لأن الخدمة التي تقوم بها في الخفاء كما يقول الرب ستنال عليها مجازاة علنية. اكتشف في هذا الصباح ما لإجله فاز بكَ المسيح، اكتشف الخدمة الأساسية التي أعدها لكَ الرب، وأيَّدَها بالمسحة والقوة اللازمتين، وتخلى عن كل الخدمات الأخرى بعد أن يؤكد لكَ الرب ذلك، وتمسك بهذه الخدمة أو ربما خدمتين، وأعطها حقها من التعب والكد والصلاة والسهر والمجهود، لكي تتقنها كما يجب، ولكي تأتي لكَ بالفرح والمتعة والسلام وأخيراً الثمر الكثير. وكن حساساً بصورة دائمة لصوت الروح القدس، الذي قد يُغيِّر خدمتك أو يزيد خدماتك، لكن في وقته، وعلى طريقته. وليكن لسان حالنا من الآن وصاعداً: " سأسعى دوماً لعلي أفوزُ بما لأجلهِ فازَ بي المسيح يسوع " |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|