|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: سفر التكوين 3 : 1 – 7. " وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة. فقالت المرأة للحية من ثمر الجنة نأكل. وأمَّا ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة لن تموتا. بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر. فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر. فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل. فأنفتحت أعينهما وعلما أنهما عريأنان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر ". المقطع الثاني: إنجيل لوقا 22 : 39 – 46. " وخرج ومضى كالعادة إلى جبل الزيتون. وتبعه أيضاً تلاميذه. ولما صار إلى المكان قال لهم صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة. وأنفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى قائلاً يا أبتاه إن شئتَ أن تجيز عني هذه الكأس. ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك. وظهر له ملاكٌ من السماء يقويه. وإذ كان في جهادٍ كان يصلي وصار عرقه كقطرات دمٍ نازلة على الأرض. ثم قام من الصلاة وجاءَ إلى تلاميذه فوجدهم نياماً من الحزن. فقال لهم لماذا أنتم نيامٌ. قوموا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة ". بستانان، الأول في عدن أو جنة عدن والثاني في جتسماني، وأبطالهما إثنان أيضاً، الأول " آدم الأول " والثاني " آدم الثاني "، ومعركتان حاسمتان، الأولى كان عنوانها الرئيسي " لا مشيئتك بل مشيئتي " قالها آدم الأول للآب السماوي بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، عن سابق تصور وتصميم أو تحتَ وطأة التجربة، لكنه بالنهاية قالها، والمعركة الثانية عنوانها الرئيسي " لا مشيئتي بل مشيئتك " قالها آدم الثاني للآب السماوي بطريقة مباشرة طبعاً وعن سابق تصور وتصميم. كيف بدأت المعركة الأولى وكيف أنتهت وماذا كانت نتائجها ؟ وكيف بدأت المعركة الثانية وكيف أنتهت وماذا كانت نتائجها ؟ تعالوا نتأمل معاً في هذا الصباح. منذ نعومة أظافرنا وكنا ما زلنا أطفالاً، أخبرنا أهلنا ومعلموا المدارس والمسؤولين الروحيين في قرانا قصصاً كثيرة عن قصة السقوط: حواء أكلت التفاحة وأطعمت آدم وحصل السقوط، أو آدم وقع في الخطيئة الأصلية، أو آدم وحواء خالفا أوامر الله فطردهما من الجنة وحصل السقوط، بالإضافة إلى قصص وقصص أخرى كثيرة، وحتى اليوم ما زالت قصصاً كثيرة تُروى عن موضوع السقوط، وحتى في وسطنا نحن المؤمنين وأغلبها يدور حول عصيان آدم لأوامر الله أو عدم ثقته فيه أو تعاونه مع إبليس وليس مع الله، وأنا أثق أن إبليس يعزز كل هذه الأفكار والتفسيرات لكي يبعدنا عن السبب الحقيقي الذي أدَّى إلى السقوط، لكن شكراً للروح القدس الذي يقودنا معاً في هذا الصباح للتأمل في السبب الحقيقي الذي أدَّى إلى السقوط، والذي يمكن أن نختصره بجملة واحدة قالها آدم لله: " لا مشيئتك بل مشيئتي ". فكيف بدأت المعركة الأولى ؟ إبليس يتنكر بشكل حية ويبدأ حواراً مع حواء، والمقطع الأهم في هذا الحوار كان التالي " لن تموتا، بل الله عالمٌ أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر " ولاحظ معي فمباشرةً بعد هذه الجملة رأت المرأة أن الشجرة: جيدة للأكل – بهجة للعيون – شهية للنظر، فأكلت وأطعمت آدم. لستُ أعلم كم استغرق الوقت على وجود هذه الشجرة دون أن تراها حواء: جيدة للأكل وبهجة للعيون وشهية للنظر، لكن المهم أنه في اللحظة التي همسَ إبليس في أذنها أن الله ليسَ صادقاً وهو يحرمكما من أن تصبحا مثله عارفين الخير والشر بدأت حواء ترى في الشجرة ما ذكرناه، الله كان يعرف خطورة أن يكون آدم عارفاً للخير والشر من تلقاء نفسه، لذا قال له لا تأكل من ثمر هذه الشجرة لأنك موتاً تموت، بالطبع لم يكن الله يريد أن يكون آدم غبياً غير عارف الخير والشر لكنه كان يريد أن يكون آدم عارفاً ومدركاً لكل شيء، لكن من خلال الله فقط وليس من خلال ذاته، وهو وحده كان وما زالَ يدرك خطورة استقلالية الإنسان عنه وإختيار مشيئته الخاصة وليسَ مشيئة الله وتأمل معي في كلمة الله ماذا تقول: " فأنفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان "، أحبائي لم يؤدِ انفتاح عيون آدم وحواء سوى إلى إكتشاف واحد أنهما " عريانان ". نعم إن انفتاح العيون خارج مشيئة الله لن يؤدي إلاَّ إلى هذه النتيجة، لأنه انفتاح العيون على حب الإنسان أن يكون كالله، أن يكون مستقلاً عنه بقراراته وليسَ معتمداً عليه كما خطط الله منذ البدء، وكما تخبرنا الكلمة في عدة مقاطع من الكتاب المقدس، أن لا نكون حكماء في أعين أنفسنا بل أن نسلم أمرنا لله وهو يجري. نعم لم يكن أكل الثمر هو المشكل، ولا العصيان ولا التمرد، بل شيئاً واحداً: وهو أن آدم أراد أن يكون عارفاً كالله وليس من خلال الله. أرادَ أن يستقل عنه ويتخذ قراراته بنفسه، أراد أن يكون حكيماً في عين نفسه، أراد أن يقول له: " لا مشيئتك بل مشيئتي "، فلماذا كل أموري من خلالك، لماذا كل اعتمادي عليك، فأنا أستطيع أن أقرر بنفسي، ولن أموت كما قلتَ لي، بل سأصبح مثلك عارفاً للخير والشر، لكن النتيجة كانت الموت، نعم الموت الروحي والعري. وأتى النسل البشري من آدم الأول حاملاً نفس صفاته، كل هذا النسل يصرخ صوتاً واحداً " لا مشيئتك بل مشيئتي " واستمرت البشرية على هذه الحال إلى أن جاء ملء الزمان وأرسلَ الله ابنه الوحيد ملك الملوك ورب الأرباب يسوع المسيح " آدم الثاني " وها هي المعركة الثانية تبدأ في البستان الثاني، بستان استرداد الهزيمة وتحويلها إلى نصرة، بستان جتسماني. قصة معروفة من الجميع، فيسوع وفي جبل الزيتون، وفي بستان جتسماني بالتحديد يصلـي ثـلاث مـرات " لتكن مشيئتك وليسَ مشيئتي " ويجاهد في الصلاة، حتى أن الآب السماوي يرسل ملاكاً لكي يقويه. ما هي هذه المعركة التي كان يخوضها يسوع ؟ هل حقاً أن يسوع قد ضعفَ قبل الصليب وسألَ الآب إذا كان ممكناً أن يبعد عنه هذه الكأس ؟ وما هي هذه الكأس، هل هي الصليب ؟ أم أن يسوع كان يواجه معركة أخرى أيضاً ً؟ أسئلة كثيرة وربما ينتج عنها أجوبة كثيرة، فربما كانت معركة الصليب، وربما معركة أخرى معها أيضاً، وكل ذلك سنعرفه عندما نذهب إلى السماء، ولكنني في هذا الصباح أريد أن أتأمل معكم في معنى رمزي وروحي عميق لهذه المعركة التي خاضها يسوع في بستان جتسماني، والتي كانت أعنف معركة دون أدنى شك. يقول " طوم مارشيل " أحد خدام الله المعروفين والذي كتب الكتاب الشهير " free indeed " " بالحقيقة أحرار " أن يسوع لم يكن يقصد بالكأس الصليب فهو أتى من أجل ذلك، وها هو يسوع وفي المقاطع التي تسبق هذه المعركة يخبر تلاميذه عن سروره بالذهاب إلى الصليب، لكن " طوم مارشيل " يعتقد بأن هذه الكأس والمعركة التي خاضها يسوع، كانت معركة إعادة إخضاع مشيئة الإنسان إلى مشيئة الله، هذه المشيئة التي تمردت عليه في جنة عدن، عندما قال آدم الأول لله " لا مشيئتك بل مشيئتي " فأتى آدم الثاني وأسترد المسلوب ليقول من جديد كممثل للجنس البشري كله، يقول للآب السماوي: " لا مشيئتي بل مشيئتك ". ووحده الرب يعرف كم كانت قاسية وشرسة تلك المعركة، ثلاث مرات صلى يسوع بهذه الكلمات: " لا مشيئتي بل مشيئتك " وقد أصبح عرقه كقطرات دم، وأرسلَ الآب ملاكاً لكي يشدده، لكنه بالنتيجة أنتصرَ. كم كان سهلاً على آدم الأول أن يقول: " لا مشيئتك بل مشيئتي " وكم كان قاسياً ومكلفاً على آدم الثاني أن يقول: " لا مشيئتي بل مشيئتك ". لكنه قالها كممثل عني وعنكَ، ولأنه حسمَ المعركة وربحها وقالها، أصبح كل واحد منا يستطيع قولها وعيشها بمعونة الروح القدس، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصباح هو: " اين أنتَ الآن، هل أنتَ في بستان عدن أم في بستان جتسماني ؟ " حتى لو كنتَ مؤمناً وابناً، أسألكَ أين أنتَ الآن في أي بستان ؟ أحبائي السبب الأساسي للسقوط والذي تأملنا فيه كان وما زالَ وسيبقى يلاحق كل البشرية سواء غير المؤمنين أو المؤمنين حتى مجيء يسوع ثانيةً !!! والمعركة الحقيقية والأساسية هي معركة واحدة فقط، أن أُخضع مشيئتي إلى مشيئة الآب السماوي بمعونة الروح القدس، لو لم يربح يسوع المعركة ولو لم يرسل لنا الروح القدس، لكان كل واحد منا يستطيع القـول: " لا أستطيع " لكننا اليوم مُطالبون بأن نحيا حياة التكريس والخضوع الكاملتين، مرددين مع يسوع: " لا مشيئتي بل مشيئتك ". انتقل من بستان عدن إلى بستان جتسماني. أحبائي: لا تسمحوا لإبليس أن يلهيكم ويشغلكم ويستنزف وقتكم وحياتكم بمعارك جانبية، ويشتكي عليكم بأنكم ترتكبون خطايا كثيرة، فالمعركة واحدة فقط، هي أن تستطيع القول وأن تحيا ما تقوله: " لتكن مشيئتك وليسَ مشيئتي ". المطلوب حياة التسليم الكامل، حياة العبد الذي لا مشيئة له سوى مشيئة سيده، وليسَ عن اضطرار بل عن اقتناع كلي، لكن لا تحاول بقوتك ولا تتكل على نفسك، بل سلم أمرك لله وللروح القدس المعين والمساعد الذي أتى لكي نستطيع أن نحيا الحياة التي ترضي الله. هلمَّ ننتقل معاً في هذا الصباح من البستان الأول إلى البستان الثاني، وهلمَّ نقاتل معاً في هذا الصباح المعركة الثانية ونصرخ بأعلى أصواتنا: " لا مشيئتي بل مشيئتك " و لا تنسى أبداً أن مشيئته صالحة ومرضية وكاملة وتحمل لنا كل خير وبركة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
صليب وبستان |
لعن شجرة التين وبستان حثسيمانى |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
جبل الزيتون وبستان جسيماني ووادي قدرون |
صليب وبستان |