|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العاطفة المسيطرة إن كانت المشغوليات تملك الوقت، ولا تعطى فرصة لله.. فالعاطفة تملك القلب والفكر أيضا، بعيدا عن الله... الشيطان لا يكشف أوراقه على الدوام، فهو لا يمنع الإنسان صراحة من الوجود مع الله إنما قد يقدم له عاطفة ما تشغل كل قلبه وفكره وأحساسيه ومشاعره، وتخدره تماما، وتستحوذ على كل اهتماماته، ومعها لا يكون لله مجالا في داخله. ومع هذه العاطفة تظل الكرة تتدحرج وتتدحرج، وهى لا تدرى ما هى فيه، أو إلى أين هى سالكة.. تماما كما معنا طفل، نخشى أن يعطلنا بصراخه وضجيجه وكلامه، فنقدم له لعبة يلهو بها فينشغل بها عنا ويهدأ.. كذلك يقدم الشيطان مثل هذه العاطفة كلعبة يلهو بها القلب بعيدا عن العمل الروحى.. ويبحث الله عنك فلا يجدك، ويناديك فلا تسمعه، لأنك مشغول أو مخدر بهذه العاطفة التي تسربت إلى قلبك. أنها محبة معينة، من أي نوع كانت.. لا يشترط أن تكون محبة من النوع الذي بين فتى وفتاه، أو تعلق قلب بقلب، إنما هى عاطفة من أي نوع، والمهم أنها تملك المشاعر كلها وتوجهها في مسارها. مثل هواية معينة تسيطر على الإنسان، وتملك كل وقته واهتمامه.. هواية كالكرة، أو العوم، أو التجديف أو السباق ، أو كالرسم، أو الكتابة، أو التمثيل، أو أي فن من الفنون.. أو محبة للعبة من اللعب، أو تسلية من التسليات، أو قراءة خاصة في الفلسفة أو علم النفس مثلا أو قد تكون هذه المحبة محبة الإنسان لعمله، تحولت إلى هواية تملك كل وقته وكل فكره لا يتحدث مع أحد، حتى في بيته، إلا عن هذا العمل وأخباره وتفاصيله ومدى نجاحه أو المشاكل التي تعترضه. هو عنده كل شيء.. أو قد تكون محبة للشهرة أو للظهور أو للعظمة، تجعله حتى في وقت فراغه يسبح في أحلام اليقظة، أو يؤلف حول نفسه قصصا خيالية يعيش فيها، ويترجم رغباته إلى حكايات وتصورات.. أو قد تكون هذه العاطفة التي تشغله هى ثورة لتغيير الأوضاع، أو ما يسميه برغبة في الإصلاح حسب مفهومه الخاص طبعا، تجعله ينتقد كل شيء، ويغضب، ويدين، ويقترح أقتراحات جديدة، ويتصور أوضاعا جديدة للجو الذي يريد أن يصلحه، ويقضى الوقت إقناعا لغيره بوجهة نظره. أو قد تكون هذه المحبة إنتماء لجمعية إن هيئة معينة، أو فكر ما المهم أن تيارا جارفا يكتسح قلبه ويوجهه في حماس وفي نار داخلية تتقد، وتظل الكرة تتدحرج في عنف، وهو يعلم بذلك، بل ويسر به، لان محبة هذه الدحرجة قد دخلت قلبه وملكت عليه. ويبحث الله عن مكان في قلبه، فلا يجد.. قلبه مشغول، على الدوام، بهذه العاطفة التي استولت عليه، والتي يصحو ويبيت مفكرا فيها والتي التهمت كل محبة أخرى، تجدها في طريقها، حتى محبة الله.. إنها كالعثاء (العته) التي تلتهم الملابس، أو كالسوس الذي يأكل الحبوب، أو كسرطان الدم الذي يأكل الكرات الحمراء.. تظل تلتهم كل شيء، حتى تبقى وحدها. ويشعر هذا الإنسان أن هذه العاطفة هى الوحيدة التي تشبعه! وتسأل عن مركز الله في قلبه، أو مركز الروح أو الأبدية، فلا تجد إلا هذه الحقيقة المرة: لقد طردنا صاحب البيت، وأسكنا فى مكانه الغرباء... ! الله، الذي هو المالك الحقيقى لقلبك، أصبح لا يجد له مكانا فيه. إنشغل القلب تماما بعاطفة غريبة، خدرت كل عواطفه الروحية، فنامت وغرقت في النوم.. والعجيب أنه ليس من السهل أن توقظ مثل هذا الإنسان، لأنه سعيد بنومه. اليقظة قد تتعبه، لأنها تحرمه من (محبته)!! لذلك ما أجمل حياة الرهبان القديسين، الذين قطعوا من قلوبهم كل محبة أخرى غير الله، وجعلوا شعارهم: الإنحلال من الكل ، لٍلارتباط بالواحد (الذى هو الله). هؤلاء أحبوا الله أكثر من كل محبة أخرى مهما كانت بريئة، أحبوه أكثر من الأب والأم والأهل والأقارب، بل حتى أكثر من أنفسهم، حسب الوصية الإلهية (مت 10: 27 – 39) وكأن كل واحد منهم يقول لله: لا أريد محبة أخرى تشغلنى عن التفرغ لك. فليس لي سواك. أنت الذي تشغل فكرى وقلبى، وتشغل حياتى ووقتى وتشغل حواسى وعواطفى. أنت شغلى الشاغل. قلبى ملآن بك وفرحان بك، ولا يعوزه أحد غيرك. لا يوجد فيه فراغ يتسع لأحد غيرك. هذه مشاعر القديسين سكان البرارى ولكن الكل ليسوا هكذا دوامة العالم تجذبهم، وتلفهم داخلها. حتى إن جلسوا مع الله، لا يكون ذلك بكل قلوبهم، لأن عواطف أخرى كثيرة تنافس الله في القلب.. ولكن هل العواطف والمشغوليات هى الوحيدة التي تخدر الإنسان، وتجذبه بعيدا عن الله؟ كلا، فهناك أيضا البيئة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العاطفة نعمة |
ايه الفكرة المسيطرة عليك وشايف انها بتتحكم في شوفانك لبكرة ؟ |
تعرف بالترتيب على أكثر الدول المصدّرة للمهاجرين |
ما هى العاطفة ؟ |
العاطفة المسيطرة |