الزهد وعدم التنعم
الإنسان الذي يهتم بذاته وشهواتها يقول كما قال سليمان من قبل: "بنيت لنفسي بيوتًا، غرست لنفسي كرومًا، عملت لنفسي جنات وفراديس... ومهما اشتهته عيناي. لم أمسكه عنها..." (جا2: 4-10).
هنا التنعمات المادية والجسدية للذات والتي ينطبق عليها قول الرب: "من وجد حياته يضيعها" (مت10: 39).
وعكس ذلك الزهد، في الأكل، في الملبس، في كل شيء.
الذين تنعموا استوفوا خيراتهم على الأرض. كما قيل لغني لعازر (لو16: 25) أما الزاهدون فأجرهم فوق مع الله في السماء.
كل قصص الآباء الرهبان والمتوحدون والسواح، إنما هي أمثلة رائعة عجيبة في حياة الزهد التي يتجحد الذات وكل شهواتها.
وهناك أمثلة في الزهد، حتى لأشخاص عاشوا في قصور الملوك مثل دانيال النبي لذي قيل عنه: "وأما دانيال، فجعل في قلبه أنه لا يتنجس في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه " (دا1: 8). وقال هو عن نفسه في صومه:
"لم آكل طعامًا شهيًا. ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر. ولم أدهن. حتى تمت ثلاثة أسابيع أيام" (دا10: 3).
أين الذات هنا، بالنسبة إلى إنسان يعيش في قصر ملك، ويرفض كل أطايبه ويكتفي بالقطاني؟! ومع أنه كان رئيسًا للولاة، لا يضع في فمه شيئًا شهيًا...