|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عناصر القوة 1- قوة الحب والبذل تحدث سفر النشيد عن قوة الحب فقال "المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها" (نش 8: 6، 7). وقال القديس بولس الرسول "المحبة لا تسقط أبدًا" (1كو 13: 8). هذه هي المحبة الحقيقية، التي ليست بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق (1يو 3: 18). ولعل من أعمقها محبة الأم لرضيعها، ومحبة داود ليوناثان (2صم 1: 26). بل محبته لابنه أبشالوم الذي خانة، وكيف بكى عليه بمرارة لما سمع بموته (2صم 18: 33). وتظهر قوة المحبة في البذل. وأقوى بذل هو بذل الذات. ظهر هذا الأمر واضحا في سيرة الشهداء، وكيف بذلوا كل شيء حتى الحياة، من أجل محبتهم لله. وكذلك ظهرت قوة هذه المحبة في حياة الآباء الرهبان والسواح، الذين تركوا العالم وكل ما فيه. "وسكنوا الجبال والبراري من أجل عظم محبتهم للملك المسيح". كذلك محبة الآباء الرسل الذين من أجل محبتهم للرب وملكوته، احتملوا الجلد والسجن والرجم والتشريد والموت أيضًا.. وقالوا للرب أيضًا "تركنا كل شيء وتبعناك" (مت 19: 27). وفي ذلك يقول بولس الرسول أيضًا "خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح" (فى 3: 8). وقوة المحبة تظهر إن كانت من كل القلب. وفى ذلك قال الكتاب "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك". (تث 6: 5) (مت 22: 37). وعبارة "كل "تعنى أنه لا توجد محبة أخرى تنافس محبة الله في قلبك. وفي ذلك قال السيد الرب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقنى. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى" (مت 10: 37). بل من أحب حياته أكثر من الرب، لا يستحقه. وفي ذلك قال "من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته لأجلى يجدها" (مت 10: 39). المحبة تقود إلى البذل، وقوة البذل لها أسباب. يوجد بذل سببه الحب كما قيل "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). وكما بذل الشهداء لأجل محبتهم للرب. وهناك قوة في البذل سببها الطاعة، كما رفع أبونا ابراهيم السكين ليبذل ابنه وحيده ذبيحة للرب. توجد قوة في البذل سببها الزهد، كآبائنا الرهبان. *ننتقل إلى قوة الإيمان: قوة الإيمان تظهر في أنه يصدق كل شيء. يؤمن أن الرب يمكن أن يشق طريقا في البحر، وأن يفجر من الصخرة ماء، وأن يصنع المعجزات والعجائب.. الإيمان الذي جعل بطرس يمشى على الماء (مت 14: 29). الإيمان بأن الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون (خر 14: 14).. الإيمان الذي يجعلك تقدم الحياة لأجل الرب، وتقدم عشورك وأنت تدفع من أعوازك.. الإيمان الذي يقول "إن سرت في وداى ظل الموت، لا أخاف شرأ لأنك أنت معى" (مز 23).. الإيمان بأن كل لأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الرب" (رو 8: 28).. الإيمان القوى بالأبدية الذي يجعل الإنسان يستعد لها بكل قوته.. *من عناصر القوة أيضًا قوة الصلاة: الإنسان الروحي إذا أخطأ وتاب، تظهر قوة توبته في انسحاقه العميق، وندمه ودموعه، كما حدث مع داود النبي الذي قال "تعبت في تنهدى. أعوم في كل ليلة سريرى، وبدموعى أبل فراشى" (مز6). وتوبة الإنسان الروحي تظهر قوتها في استمرارها، وعدم عودته مطلقا إلى حياة الخطية بل أكثر من هذا يظل ينمو في الحياة الروحية سائرا نحو الكمال. ومن أمثلة ذلك توبة أوغسطينوس وموسى الأسود، ومريم القبطية وبيلاجية. توبة تحولوا بها من خطاة إلى قديسين. *قوة الإنسان الروحي تظهر في انتصاره على المحاربات الروحية وعلى الإغراءات. كما ظهرت قوة يوسف الصديق في انتصاره العجيب على اغراءات زوجة فوطيفار (تك 39: 9) قوله في حزم عملى "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!" الإنسان الروحي لا تظهر قوته في انتصاره على غيره، إنما في انتصاره على الخطية، مهما كانت الحروب شديدة، سواء من الشيطان، أو من الناس الأشرار، أو من أخوة كذبة (2كو 11: 26) أما الذي يضعف ويسقط فينطبق عليه قول الكتاب "وزنت بالموازين، فوجدت ناقصًا" (دا 5: 27). الإنسان الروحي إذا أخطأ، له القوة على الاعتراف بخطئه. كثيرون يجدون صعوبة بالغة في الاعتراف بأخطائهم.. أما القديس أو غسطينوس، فقد نشر اعترافاته في كتاب قرأه كل أهل جيله. وما تلته من أجيال.. والإنسان الروحي ايضًا، إذا أحس أنه آساء إلى أحد، تكون له القوة على الاعتذار إليه والاعتراف بإساءته، دون محاولة للتبرير أو المجادلة.. وإذا أحس أن رأيه مخطئ، يكون قادرا بسهولة أن يتنازل عن راية، بغير عناد كما يفعل البعض. *القوة في ضبط النفس: الإنسان الروحي قوى من الداخل. يستطيع أن يضبط نفسه، كما قال الكتاب "مالك نفسه خير ممن يملك مدينة" (أم 16: 22). فهو يضبط أفكاره فلا تسرح فيما لا يليق، متبعا قول الرسول "مستأثرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 10: 5). يضبط أيضًا حواسه، فلا يخطئ بالنظر ولا بالسمع ولا باللمس. كذلك يضبط مشاعر قلبه وعواطفه. ويضبط لسانه أيضًا، فلا تخرج من فمه كلمة خاطئة، ولا كلمة زائدة،وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول "إن كان أحد لا يعثر في الكلام، فذاك رجل كامل قادر أن يلجم كل الجسد أيضًا" (يع 3: 2) هنا القوة الداخلية في ضبط النفس، وضبط الفكر والحواس والمشاعر، وضبط اللسان ايضًا. الإنسان الروحي يضبط أيضًا غرائزه وانفعالاته، ويرفع فوق مستوى الإثارة.. الإثارة الخارجية لا تثيره من الداخل، بل يكون أقوى منها. لا ينفعل مثلا إذا تعرض لإساءة ما، ولا يقاوم الشر بالشر (رو 12: 17). ولا يرد على الكلمة الخاطئة بمثلها. لا يغلبه الشر، بل يغلب الشر بالخير (رو 12: 21). ويستطيع أن يسيطر على الغضب. ويكون قويا في أعصابه، لا تفلت منه. *الإنسان الروحي يتميز بقوة الاحتمال: يستطيع أن يحتمل الشدائد والضيقات. وإن أصابته تجربة، لا تهزه من الداخل، بل يصمد. ويمكنه أن يحتملها، كما فعل أيوب الصديق. كما يحتمل أيضًا أخطاء الآخرين. إن المخطئ هو الضعيف الذي لم يضبط نفسه. والمحتمل هو القوى. لأجل هذا قال الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء، ولا نرضى أنفسنا" (رو 15: 1).. الشخص القوى من الداخل، يستطيع أن يغفر للمسيء أي له القدرة – ليس فقط على الاحتمال بل على المغفرة، وعلى الإحسان إلى المسيئين (مت 5: 44). الإنسان الضعيف يحتاج إلى من يحتمله. أما القوى فيحتمل غيره، يحتمل طباعه السيئة وأخطاءه، وألفاظه وتصرفاته.. هنا تظهر القوة الروحية، في القدرة على تحويل الخد الآخر، ومشى الميل الثانى، والصبر على كل شيء.. *الإنسان الروحي يتميز بقوة لشخصية: إنه إنسان قوى في عقله، فهمه، في قدرته على الاستيعاب وعلى الاستنتاج، قوى في ذاكرته، في سرعة بديهته، في حكمته وحسن تصرفه. هو أيضًا قوى الإرادة، قوى العزيمة، قوى في حكمة تصرفه، حسن إراداته للأمور. وقوى أيضًا في أنه لا يهتز أمام أي تهديد أو تخويف. ينطبق عليه قول الكتاب "من أنت أيها الجبل العظيم؟! أمام زربابل تصير سهلا" (زك 4: 7). تظهر قوته أيضًا في كل عمل يعمله، وكل مسئولية يحملها. هو إنسان قادر على تحمل المسئوليات، مهما بدت كبيرة أو خطيرة، ويقوم بعمله بكل جدية، وبكل أمانة ودقة والتزام، ويأتى بالنتائج المرجوة في انجاز سليم. وهو أيضًا حازم، ولا يتردد. ومهما حدثت من عوائق، ولا يلق ولا يضطرب ولا يخاف.. بل يقف كالجبل الراسخ، واثقًا بأن كل مشكلة لها حل. وواثقا بالله يعمل معه ويعمل به.. له تأثير المجتمع الذي يعيش فيه، ربما يمتد إلى أجيال. إن الروحيين الأقوياء لا يتأثرون باخطاء البيئة التي يعيشون فيها "ولا يشاكلون أهل هذا الدهر" (رو 12: 2). بل لهم القدرة التأثير في المجتمع، في فكره. واتجاهه وروحياته، كما فعل الآباء الأول، حتى ليقال: عصر أثناسيوس، عصر أنطونيوس.. يؤثرون بقدوتهم، أو بكتاباتهم التي يمتد تأثيرها إلى أجيال وأجيال.. ننتقل إلى نقطة أخرى وهى: *القوة في الكلمة والخدمة والكرازة: الإنسان الروحي، كل كلمة تخرج منى فمه تكون قوية وفعالة، ولا ترجع فارغة، بل تعمل عمل الرب (أش 55: 11). كلماته قوية في تأثيرها على الآخرين، وخدمته ملتهبة ومثمرة. بولس الرسول، وهو أسير في سلاسل أمام فيلكس الوالى، حينما تحدث عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس (أع 24: 25). ولما تحدث أمام أغريباس "بقليل تقنعنى أن أصير مسيحيا" (أع 26: 28). ويعوزنا الوقت أن تحدثنا عن خدمة القديس بولس فو قوتها وانتشارها. وكذلك قوة الخدمة في ايام الآباء الرسل.. في قوة خدمة الآباء، وقفت المسيحية العزلاء أمام الإمبراطورية الرومانية بكل سلطتها وقسوتها. وأمام اليهود بكل دسائسهم ومؤامرتهم. ووقفت أمام فلسفات العصر. وبعظة واحدة من القديس بطرس إنضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف، نالوا نعمة العماد في نفس اليوم (أع 2: 41). وإنها قوة الروح القدس العاملة في الكلمة. وبقوة (كو1: 29). إنه قوى في شهادته للرب، يقول مع داود النبي "تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز" (مز 119). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|