|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 30 (29 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير · وهو مزمور شكر لداود، ويقول البابا أثناسيوس الرسولي أنه قاله لما عرف أن الرب قد غفر إثمه، وتجددت بالتوبة نفسه الكائنة في بيت الرب والتي هي ذاتها بيت الله وبعد أن كان نتيجة الخطية (امرأة أوريا) مستوجبًا الموت والجب (آية 3) ، شفاه الله بتوبته وقَبِله ثانية. وقد يكون عنوان المزمور "تدشين البيت" قد أضيف لاحقًا بعد أن انتهى سليمان من بناء الهيكل. · هذا المزمور مناسب جدًا وضعه هنا بعد المزمور السابق، الذي يحدثنا عن عمل الروح القدس في تجديد الإنسان وبناء إنسانًا جديدًا كهيكل لله، يملك الله عليه فالإنسان عمومًا كان بسبب خطيته هالكًا، وبعمل المسيح وتجديد الروح القدس صار له خلاص. فداود بسقوطه يرمز لسقوط الإنسان وفي توبته وقبول الله له ثانية يرمز لعدم هلاك الإنسان نهائيًا بل هناك رجاء في شفاء الإنسان من مرض الموت. · وترنم الكنيسة هذا المزمور في صلاة الساعة الثالثة لتذكر الأعداء الذين كانوا محيطين بالمسيح وحكموا عليه بالموت والله لم يجعلهم يشمتوا فيه بل أقامه وأصعد نفسه من الهاوية، وأصعد معه نفوس البشر الذين فداهم. وأقام منهم الروح القدس كنيسة مسبحة مرتلة تحيا في سلام، لقد شفاها الله. لقد فقدنا صورتنا الأولى، صورة الله، ولكن كان عمل المخلص أن يقيم منا مسكنًا له دشنه الروح القدس. · وهناك رأى بأن أفكار المزمور مأخوذة من حادثة نقل التابوت فى أيام داود وموت عُزَّة حينما لمس التابوت ،فخيَّم الحزن على داود وعلى الشعب . ووضعوا التابوت فى بيت عوبيد أدوم الجتى . فبارك الله بيت عوبيد ففرح داود إذ أخبروه ببركة الرب لبيت عوبيد ،وفهم من هذا أن الرب قد عاد للرضا عليهم . فعادونقل التابوت فى إحتفال عظيم إلى مدينة داود . وكان داود يرقص أمام التابوت فرحا. (القصة كلها موجودة فى 2صم6) . الآيات (1، 2): "أعظمك يا رب لأنك نشلتني ولم تشمت بي أعدائي. يا رب إلهي استغثت بك فشفيتني." هذه صلاة شكر من داود لله الذي قبل توبته. وصلاة شكر ترفعها الكنيسة والطبيعة البشرية التي خلصت من الموت ولم تعد الشياطين تشمت فيها. والشفاء هنا هو شفاء من وباء يصعب وقفه (2صم16:24).. إني أنا الرب شافيك (خر26:15) وكم من أمراض جسدية ونفسية بل الموت نفسه قد لحقت البشرية بسبب الخطية. الشفاء المقصود هو شفاء كامل للنفس والجسد والروح ، فيكون لن حياة أبدية بجسد نوراني ممجد. آية (3): "يا رب أصعدت من الهاوية نفسي أحييتني من بين الهابطين في الجب." نزل المسيح إلى الجحيم لينقذ من كان فيه ساكنًا على الرجاء (أف6:2). والآن فالفردوس مفتوح لكل من ينتقل من أولاد الله. بل لهم حياة أبدية ومجد أبدي عِوَضًا عن الجحيم = الجب. الآيات (4، 5): "رنموا للرب يا أتقياءه واحمدوا ذكر قدسه. لأن للحظة غضبه حيوة في رضاه. عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنم." هنا يسأل المرتل كل من آمن بخلاص الله أن يسبح الله معه، ودعاهم داود قديسين أو أتقياء، فالله قدسهم، ومن تقدس يسبح الله فلا انفصال بين حياة القداسة وحياة التسبيح، فالروح القدس الذي حل علينا هو يقدس (أي يكرس قلوبنا لله) ومن ثماره أيضا الفرح(غل 5: 22) ، ونتيجة الفرح الطبيعية هي أن نسبح (وهذا ما حدث مع زكريا واليصابات لو 1). ونرى هنا مراحم الله، فغضبه لا يمتد طويلًا= لأن للحظة غضبه= فالله يغضب ليؤدب لا لينتقم. أما السبعينية فترجمتها لأن سخطًا في غضبه وهما متكاملان. فالله في غضبه سخط على الإنسان فمات، ولكن في رحمته لم يتركه طويلًا فى الموت بل دبر فداءه سريعًا. وهذا هو ما قاله الله (اش 54: 7) وحياة في رضاه= أعطانا قيامة مع المسيح. فبموت المسيح عنا جلب علينا رضا الله ووهبنا حياة أبدية برضاه وليس باستحقاقنا. وهذا المزمور هو تسبحة البشرية التي كان محكوما عليها بالموت، وأحياها المسيح بفدائه ، وتسبحة كل خاطئ تائب حتى الآن فبخطيتنا نستحق الهلاك في الجب وبتوبتنا يرضى الله علينا فننجو من الجب، ونسبح الله على قبوله لنا. والتسبيح هو عمل الروح القدس فينا الذي يدفعنا لنسبح كما عَلَّم داود المرتل لغة التسبيح. عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح الترنم= ففي المساء دفن المسيح وبكي أحباءه وفي باكر الأحد قام فرنموا. وفي مساء هذا العالم يكون لنا ضيق وحزن وفي فجر الحياة الأبدية يحل السرور والترنم. فالعالم مساء والأبدية صباح لأن شمس البر ضياؤها. وفي مساء المسيحي (سقوطه في الخطية) بكاء وحزن وفي صباح توبته سرور وفرح. ولاحظ أن الحزن الذى يتكلم عنه حدث فى حادثة موت عُزَّة ، والترنم عاد والفرح عاد حينما بارك الله بيت عوبيد فقام داود بنقل التابوت فى إحتفال عظيم . الآيات (6، 7): "وأنا قلت في طمأنينتي لا أتزعزع إلى الأبد. يا رب برضاك ثبت لجبلي عزًا حجبت وجهك فصرت مرتاعًا." هنا يحدثنا المرتل عن حالته قبل الخطية إذ ظن نفسه أنهلن يتَزَعْزَعُ وكان مطمئناً لذلك، وإذ إتكل على ذاته أخطأ فحَجَبْ الله وَجْهَه عنه، فصار محروماً من نعمة الله ورحمته. وكان موت عُزَّة إشارة لحجب الله وجهه عن داود وعن الشعب . ولقد حدث مع داود هذا فعلاً إذ في كبرياء قلبه أراد إحصاء الشعب فسقط سقطة عظيمة. وهنا يعترف أن كل ما كان جميلاً وعظيماً فيه إنما هو برضاء الله وليس لبر فيه= يَا رَبُّ، بِرِضَاكَ ثَبَّتَّ لِجَبَلِي (لبهائي) عِزًّا والعكس حين صرف الله وجهه عنه تحوَّل الجمال والقوة إلى قلق واضطراب. وهذا ما حدث للبشرية إذ بسقوطها فقدت سلامها وقوتها وسلطانها. جَبَلِي = في المسيح صرنا جبالا أي نحيا في السماويات وثابتين في إيماننا وراسخين فيه كالجبال الثابتة ، والمسيح "جبل في رأس الجبال" (إش 2 :2) . والروح القدس هو يثبتنا في المسيح فنستمر جبالا ( 2كو 1 :21-22) وهذا الثبات في المسيح هو ما يعطينا العز والمجد فالمسيح مجدنا ( زك 2 : 5) والمسيح وسط كنيسته للأبد يعطيها مجدا وعزا وبهاء. والآية مترجمة وبنفس المفهوم في السبعينية "يا رب بمسرتك أعطيت جمالي قوة" فجمالنا راجع لثباتنا في المسيح. الآيات (8، 9): "إليك يا رب أصرخ وإلى السيد أتضرع." "ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة. هل يحمدك التراب. هل يخبر بحقك." إذ شعر داود بحالة فقدان السلام والقلق لم يكن أمامه سوى أن يصرخ إلى الله. هذا صراخ من كان قبل مجيء المسيح محكوما عليه بالموت ويتضرع لله ، وهو صراخنا الآن حتى يحفظنا الله ثابتين في المسيح فتكون لنا حياة. ونجد داود في صراحة الحب يصرخ لله، ما المنفعة في هلاكي وفي أن تفقد يا رب أحد محبيك. هنا نجد عتاب الحب، فهو يستجدي بدالة مراحم الله ويطلب تحقيق مواعيده الإلهية. آية (10): "استمع يا رب وارحمني يا رب كن معينًا لي." جاءت في السبعينية بصيغة الماضي. أي الله استجاب لتضرعاته وهذه لثقته فى مراحمه. آية (11): "حولت نوحي إلى رقص لي حللت مسحي ومنطقتني فرحًا." حول الله حزنه إلى فرح [1] حينما قبل توبته شخصيًا [2] بفداء المسيح للبشرية كلها. لقد أبدل داود ثوب التوبة الذي يحيط بجسده مثل مسوح، بثوب عرس يتمنطق به. صارت له ثياب عيد ليشترك في احتفال بهيج ورقص روحي. فتغيير الملابس يكشف عن تغيير داخلي في نفس المرتل حيث أستجيبت صلاته (لذلك في كنيستنا القبطية نرتل هذا المزمور أثناء ارتداء ملابس الخدمة البيضاء قبل صلاة القداس) والمسيح ارتدى جسدنا الخاطئ ليكون قابلًا للموت عنا ليعطينا أن نرتدي بهاءه = ألبسنا المسيح (رو13 : 14) فهو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له (تسبحة يوم الجمعة). حولت نَوْحِي إِلَى رَقْصٍ لِي. حَلَلْتَ مِسْحِي وَمَنْطَقْتَنِي فَرَحًا = هذا ما حدث فعلا فى يوم نقل التابوت إلى مدينة داود ، إذ خلع داود جبته الملكية وصار يرقص بفرح أمام التابوت. آية (12): "لكي تترنم لك روحي ولا تسكت. يا رب إلهي إلى الأبد أحمدك." "لكي يرتل لك مجدي" ومجد داود ليس هو ملكه وتاجه .....الخ بل هو الله قوته وخلاصه، وهذا قد عبر عنه داود في معظم مزاميره. ولخص بولس الرسول الخلاص في المسيحية في قوله أننا في المسيح والسيد المسيح طلب منا أن نثبت فيه "اثبتوا فيَّ وانا فيكم" فنحن في المسيح نموت بحياتنا القديمة التي أخذناها من آدم ونحيا بحياة المسيح فينا حياة أبدية . فكل ما نعمله الآن نعمله في المسيح ، وهذا تعلمناه من بولس الرسول الذي كان يحب الاخوة والكنيسة في المسيح ويسلم عليهم في المسيح (1كو 16 : 19،24). فاذا كان الله هو مجدنا ( زك 2 : 5) وهو مجد داود ، فتسبيح داود وتسبيحنا هو في المسيح مجدنا. وحين يقول داود يرتل لك مجدي= فهذا معناه أنني في المسيح ثابتا وفي ثباتي هذا لي المجد. وفي ثباتي هذا وفي المسيح أسبح وأرتل . ولنفهم أن كل سلام وكل محبة وكل تسبيح وكل مجد ليس في المسيح هو باطل. ويمكن فهمها أيضا فى ضوء قول المرنم "السموات تحدث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 19) والمرنم جعل الجبال ترنم والأنهار تصفق (مز98) والمعنى أن الجبال بعظمتها وهكذا الأنهار والسموات والفلك بخلقتهم يشهدون بدون كلمة عن عظمة خالقهم وصانعهم. وهكذا حين يتمجد الإنسان فهو سيكون شهادة لعظمة عمل الله كأنها ترتيل. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|