09 - 01 - 2014, 03:28 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
كتاب حياة التواضع والوداعة قداسة البابا شنودة الثالث قصة هذا الكتاب فكرت في هذا الكتاب في أواخر الخمسينات، منذ أكثر من أربعين عامًا، قبل أن أنزل إلى عمل الأسقفية. وقرأت له كل ما استطعت قراءته من كتب الآباء، وترجمت الكثير منها، وأعددت كارتات عديدة لكافة نقاط الموضوع. ثم أعلنت عنه في الستينات بعد أن صرت أسقفًا.
الفكرة بدأت في حياتي الرهبانية، والتفكير في النشر كان في حياتي الرعوية.
وواجهتني مشكلة أساسية، وهو أن التواضع والوداعة في المفهوم الرهباني أصعب من احتمال العلمانيين الذين سيُنشر الكتاب بينهم..
فكيف أوفق بين المثالية في عمقها، وبين الإمكانية العملية للناس في التنفيذ؟!
ومع ذلك فحياة التواضع والوداعة مُطالب بها الكل. الراهب الذي مات عن العالم وعن كل ما فيه من كرامة، وكذلك الذي يعيش في العالم، ويجاهد أن يكون له مركز، وطموح، وتدرج في الترقي.. وفي نفس الوقت يود أن يمارس هذه الفضيلة التي اتصف بها السيد المسيح نفسه، وأوصانا أن نتعلمها منه (مت 11: 29). ودعا إليها الجموع في أول عظته على الجبل (مت5: 3، 5).
وظللت أتصفح أوراقي العديدة الخاصة بالموضوع، والتي ملأت حقيبة بأكملها. وأخذت أصوغ الفكر بحيث يكون مقبولًا وممكنًا، مع الاحتفاظ بمثاليته. وتخليصه بقدر الإمكان من الدرجات التي لا تقوى عليها سوى الرهبنة.
وحان الوقت أن أنشر عن حياة التواضع والوداعة في 34 مقالًا في جريدة وطني (من منتصف عام 2000م).
إننا لا نستطيع أن نحجب المثالية عن الناس. وإنما نعرضها بأسلوب ممكن التنفيذ. وليأخذ كل إنسان منها حسب طاقته. حسب قامته الروحية، ودرجة نموه، وحسب مقدار ما يعطيه الله من نعمة ومن قدرة على شركة الروح القدس (2كو 13: 14).
إنهما كتابان كنت مشتاقًا إلى إصدارهما، مهما كان اشتياق البعض إلى عكسهما: كتاب مخافة الله .
كتاب (المخافة) بينما يشتاق الناس أن أحدثهم عن محبة الله أكثر من مخافته. وقد تكلمت كثيرًا عن المحبة، ونشرت فيها كتابًا باعتبارهما قمة الفضائل. ولكن كان لابد أن أنشر أيضًا عن مخافة الله، لأنها نقطة البدء في الحياة الروحية، كما يقول الكتاب "بدء الحكمة مخافة الله" (أم9: 10).
وقد كان. وصدر كتاب مخافة الله، وتقبله الناس، وأعيد طبعه..
وهأنذا أصدر لكم كتاب التواضع والوداعة اللازمين للحياة الروحية. وبدونهما لا تثبت أية فضيلة، بل تصير طعامًا للمجد الباطل.
وقد وضعته لكم في سبعة أبواب تحدثت فيها عن أهمية التواضع، وبعض أقوال الآباء فيه. وعن تواضع الله ووداعته. وعن خطورة الكبرياء التي هي أول خطية عرفها العالم وبها سقط الشيطان والإنسان. وعن البر الذاتي، والعظمة، ومحبة المديح والكرامة.
كل ذلك مع تداريب كثيرة عن اقتناء التواضع والوداعة، وتفاصيل صفات كل منهما، وكيفية اقتنائهما.
واترك الكتاب بين يديك، فيه العديد من التفاصيل.
وليساعدك الرب على اقتناء هاتين الفضيلتين، بنعمته وروحه القدوس.
البابا شنودة الثالث أبريل 2001
|
09 - 01 - 2014, 03:30 PM
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الفضيلة الكبرى
أود أن أبدأ معكم اليوم سلسلة عن موضوع هام هو التواضع والوداعة: ما هو التواضع وما معناه؟ وماذا قال الآباء في مدحه وتطويبه؟ بل ماذا قال الكتاب المقدس؟ وما مركز التواضع بين الفضائل؟ وما علاقته بالمواهب العليا؟ وما علاقته بالنعمة والتجارب؟ وكيف يكون الإنسان متضعًا..؟ هذا كله وغيره، هو ما نود أن نحدثك عنه بمشيئة الله في هذا الكتاب، لكي تدرك ما هي هذه الفضيلة الكبرى، وما تحويه داخلها من فضائل متعددة.. -
الاتضاع بين الفضائل
-
تطويب التواضع
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:31 PM
|
رقم المشاركة : ( 3 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
الاتضاع بين الفضائل
الاتضاع هو الأساس الذي تبنى عليه جميع الفضائل. وهو السور الذي يحمي جميع الفضائل وجميع المواهب. ومن هنا يمكن أن نعتبره الفضيلة الأولى في الحياة الروحية. الأولى من حيث ترتيب البناء الروحي، الذي تجلس في قمته المحبة من نحو الله والناس. هو إذن نقطة البدء. ورب المجد في العظة على الجبل، بدأ التطويبات بقوله: "طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السموات" (مت5: 3). ثم طوّب الودعاء (مت5: 5).
إن كل فضيلة خالية من الاتضاع، عرضة أن يختطفها شيطان المجد الباطل، ويبددها الزهو والفخر والإعجاب بالنفس. لذلك إذا منحتك النعمة أن تسلك حسنًا في إحدى الفضائل، اطلب من الرب أن يمنحك اتضاعًا حتى تنسى أنك سالك في فضيلة، أو حتى تدرك أنها لا شيء إذا قورنت بفضائل القديسين.. كذلك إن منحك الله موهبة من المواهب السامية، ابتهل إليه أن يعطيك معها اتضاع قلب، أو أن يأخذها منك، لئلا تقع بسببها في الكبرياء وتهلك.. وحسنًا، يعمل الله، إذ يعطي مواهبه للمتواضعين.. لأنه يعرف أنها لا تؤذيهم. وقد اختار للتجسد الإلهي فتاة متواضعة تنسحق أمام ذلك المجد العظيم.. وهكذا "نظر إلى اتضاع أمته" (لو1: 48)، هذه التي تستمر في اتضاعها مهما كانت جميع الأجيال تطوبها (لو1: 48)، .ويقول الكتاب إن الله يكشف أسراره للمتضعين، وأنه يعطيهم نعمة (يع 4: 6) (1بط 5: 5) (أم3: 34). هؤلاء الذين كلما زادهم الله مجدًا، زادوا هم اتضاعًا وانسحاق نفس قدامه. والاتضاع ليس فقط فضيلة قائمة بذاتها، إنما هو أيضًا متداخل في باقي الفضائل. إنه كالخيط الذي يدخل في كل حبات المسبحة.. بحيث لا يكون قيام لأية حبة منها، ما لم يدخل هذا الخيط فيها.. فكل فضيلة لا اتضاع فيها، لا تعتبر فضيلة، ولا يقبلها الله. لذلك قلنا إن الاتضاع أساس لكل الفضائل. كما قلنا أيضًا إنه سور لها يحميها من المجد الباطل.
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:33 PM
|
رقم المشاركة : ( 4 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
تطويب التواضع
إن السيد المسيح الذي تتكامل فيه جميع الفضائل، حينما أراد أن يوجه تلاميذه القديسين إلى الاقتداء به، قال لهم: "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب" (مت11: 29). قال هذا على الرغم من أن كل فضيلة يمكننا أن نتعلمها منه.. كان يمكن أن يقول: تعلموا مني الحكمة، المحبة، الحنو، الهدوء، الخدمة، التعليم، قوة الشخصية.. فلماذا إذن ركّز على التواضع والوداعة..؟ أليس من أجل الأهمية القصوى لهاتين الفضيلتين؟ وهكذا نرى التواضع بارزًا في أقوال الآباء وفي حياتهم.. قال ماراسحق: "أريد أن أتكلم عن التواضع ولكنني خائف، كمن يريد أن يتكلم عن الله.. ذلك لأن التواضع هو الحلة التي لبسها اللاهوت لما ظهر بيننا.. ولهذا فإن الشياطين حينما ترى شخصًا متواضعًا، تخاف. لأنها ترى فيه صورة خالقه الذي قهرها.. حقًا، ما أعجب هذا الكلام عن التواضع! التواضع يستطيع أن يقهر الشياطين: وهذا واضح جدًا في قصة أبا مقار الكبير، الذي ظهر له الشيطان وقال له: "ويلاه منك يا مقاره. أي شيء أنت تفعله، ونحن لا نفعله؟؟ أنت تصوم، ونحن لا نأكل. أنت تسهر، ونحن لا ننام. أنت تسكن البراري والقفار، ونحن كذلك. ولكن بشيء واحد تغلبنا". فسأله القديس عن هذا الشيء، فأجاب: "بتواضعك وحده تغلبنا". وهذا واضح طبعًا. لأن الشيطان لا يستطيع أن يكون متواضعًا. فهو باستمرار متكبر وعنيد. لذلك يقدر المتواضع أن يقهره. فهو يملك التواضع الذي لم يقدر أن يملكه الشيطان. وتظهر قيمة التواضع في حياة القديس الأنبا أنطونيوس: أبصر هذا القديس العظيم فخاخ الشيطان مبسوطة على الأرض كلها. فألقى نفسه أمام الله صارخًا: "يا رب، من يفلت منها؟". فأتاه صوت من السماء يقول "المتضعون يفلتون منها". وهنا لعل البعض يسأل: "ولماذا المتضع بالذات هو الذي يفلت من فخاخ الشياطين؟". ونجيبه: المتضع إذ يشعر بضعفه، يعتمد على قوة الله. فتسنده قوة الله، وتحميه من فخاخ الشياطين. وذلك على عكس (الحكيم) المعتمد على حكمته. وعكس (القوي) المعتمد على قوته، و(البار) الواثق ببره.، أما المتواضع المتأكد تمامًا والمعترف، إنه لا قوة له ولا حكمة ولا برّ، فإن الله يسند ضعفه ويحارب عنه. وهذا هو أخشى ما يخشاه الشيطان.. ولذلك فإن إخراج الشياطين يحتاج قبل كل شيء إلى اتضاع. وإن كان الرب قد قال: "هذا الجنس لا يخرج بشيء إلا بالصلاة والصوم" (مت17: 21).. فذلك لأن الصلاة والصوم يظهر فيهما الاتضاع بكل وضوح. فالذي يصلي، يعترف ضمنًا أنه ليست له قوة ذاتية، لذلك يطلب القوة من فوق بالصلاة. وإذا خرج الشيطان لا يفتخر بإخراجه. لأن ذلك ينسحق فيه الإنسان ويتذلل أمام الله بالاتضاع، ويشعر بضعفه.. والشياطين كانت بالاتضاع، تهرب أمام القديس أنطونيوس. القديس أنطونيوس أبو الرهبنة كلها، عندما كان الشياطين يحاربونه بعنف، كان يرد عليهم باتضاع قائلًا: "أيها الأقوياء، ماذا تريدون مني أن الضعيف؟ أنا عاجز عن مقاتلة أصغركم". وكان يصلي إلى الله ويقول: "أنقذني يا رب من هؤلاء الذين يظنون أنني شيء، وأنا تراب ورماد". فعندما كان الشياطين يسمعون هذه الصلاة الممتلئة اتضاعًا، كانوا ينقشعون كالدخان. حقًا لقد أتقن القديسون الاتضاع بمثل هذه الصورة العجيبة.. ولم يتضعوا فقط أمام الله والناس، بل حتى أمام الشياطين. وهزموهم باتضاعهم. كما رأينا في سيرة القديس الأنبا أنطونيوس، وفي سيرة القديس مقاريوس الكبير، وكما نرى في سير باقي القديسين. ولعل عظمة الاتضاع تظهر جلية. عندما نتأمل بشاعة الرذيلة المضادة له، أعني الكبرياء والعظمة: الكبرياء أحدرت من السماء ملاكًا بهيًا، وحوّلته إلى شيطان. حقًا، إن أول خطية عرفها العالم هي الكبرياء، التي سقط بها الشيطان. وقصة سقوطه سجلها إشعياء النبي، في قول الوحي الإلهي لهذا الملاك الساقط: "وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السموات. أرفع كرسيّ فوق كواكب الله.. أصير مثل العليّ. لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسفل الجب" (اش 14: 13، 14). وبنفس سقطه الكبرياء، أغوى أبوينا الأولين. كما قال في قلبه "أصير مثل العليّ"، هكذا قال لأبوينا الأولين "تصيران مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 3: 5). من هنا يبدو أن الكبرياء لا تكتفي مطلقًا، بل تريد أن تعلو باستمرار، مهما كانت درجتها عالية.. حتى إن كان الواحد ملاكًا في درجة الكاروب، مملوءًا حكمة وكامل الجمال (حز 28: 14، 12)، أو كان صورة الله في شبهه (تك1: 26، 27). يريد أيضًا أن يعلو ويرتفع. ولكنه في هذه الكبرياء يهبط إلى أسفل حسبما قال الرب. "كل من يرفع نفسه يتضع. ومن يضع نفسه يرتفع" (لو14: 11). الملاك لما أراد أن يرتفع، انحدر إلى الهاوية إلى أسافل الجب، وفقد مكانته كملاك، وصار شيطانًا.. والإنسان -وهو صورة الله- لما أراد أن يرتفع، فقد صورته الإلهية، وطُرد من الجنة، وعانى ما عانى.. ولعل أصعب شيء يتعرض له المتكبر، ان الله نفسه يقف ضده. لذلك ما أخطر قول الكتاب: "يقاوم الله المستكبرين" (يع4: 6). في نفس الوقت الذي أشفق فيه الله على الخطاة والعشارين، وقادهم إلى التوبة، يقول الرسول إن الله يقاوم المستكبرين.. وهؤلاء الذين يقاومهم الله، ما مصيرهم؟! فهل تريد أن تعرض نفسك إلى مقاومة الله نفسه لك؟! يعزينا النصف الثاني من نفس الآية، حيث يقول: "وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة". ليتنا نخاف من قول الوحي الإلهي في سفر إشعياء: "إن لرب الجنود يومًا على كل متعظم وعالِ، وعلى كل مرتفع فيوضع.. وعلى كل أرز لبنان العالي، وعلى كل بلوط باشان.. وعلى كل الجبال العالية - وعلى كل التلال المرتفعة.. فيخفض تشامخ الإنسان، وتوضع رفعة الناس. ويسمو الرب وحده في ذلك اليوم" (إش2: 12 - 17).
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:34 PM
|
رقم المشاركة : ( 5 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
ما هو التواضع؟
ليس التواضع أن تنزل من علوك, أو تتنازل إلى مستوى غيرك.
ليس التواضع أن تشعر أنك على الرغم من عظمتك, فإنك تتصاغر أو تخفى هذه العظمة. فشعورك أنك كبير أو عظيم, فيه شيء من الكبرياء. وشعورك أنك في علو تنزل منه, ليس من التواضع في شيء. وشعورك بأنك تخفى عظمتك, فيه إحساس بالعظمة, إحساس بعظمة تخفيها عن الناس. ولكنها واضحة أمام عينيك..
إن الله هو وحده العالى, وهو وحده الذي يتنازل من علوه. هو الخالق. أما الباقون فهم تراب ورماد..
إنما التواضع بالحقيقة كما قال الآباء. فهو معرفة الإنسان لنفسه.
فتعرف من أنت؟ إنك من تراب الأرض. بل التراب أقدم منك. كان قبل أن تكون. خلقه الله أولًا, ثم خلقك من تراب.
أتذكر أننى ناجيت هذا التراب ذات مرة, في أبيات قلت فيها:
يا تراب الأرض يا جدى وجدّ الناس طرا
أنت أصلى أنت يا أقدم من آدم عمرا
ومصيرى أنت في القبرِ، إذا وُسدت قبرا
بل أنك يا أخى إذا فكرت في الأمر باتضاع. تجد أن هذا التراب لم يغضب الله, كما أغضبته أنت بخطاياك.
إعرف أنك لست فقط ترابًا. بل أنت أيضًا خاطئ وضعيف.
على أن تكون هذه المعرفة يقينية, بشعور حقيقي غير زائف داخل نفسك.. حتى وأنت في عمق قوتك, تدرك أن هذه القوة ليست منك. بل هي منحة سماوية لك من الله الذي يسند ضعفك. ولو تخلت عنك نعمته لحظة واحدة, لكنت تسقط كما سبق لك أن سقطت.
نقول ذلك, لأن كثيرين لهم مظهرية الإتضاع, بينما قلوبهم في الداخل ليست متضعة..
كثيرون يتحدثون بألفاظ متضعة.. وهذه الألفاظ ربما تزيدهم علوًا في نظر الناس. وهم يعرفون ذلك وربما يريدونه! وقد يقول الشخص منهم إنه خاطئ وضعيف. ولكن إن قال له أحد إنه خاطئ وضعيف, يثور ويغضب. ولا يحسبه من أحبائه, بل يتغير قلبه من نحوه..!
إذن التواضع الحقيقي, هو تواضع من داخل النفس أولًا..
باقتناع قلب. لا عن تظاهر أو رياء. وليس لأن هذا هو الثوب الذي ترتديه لتبدو أمام الناس بارًا. إنما لأنك تدرك تمامًا عن نفسك ببراهين وأدلة عملية أنك خاطئ وضعيف بحسب خبرات حياتك من قبل.
ولا يقتصر الأمر على معرفتك لنفسك أنك هكذا, إنما أيضًا:
تعامل نفسك حسب ما تعرفه عنها من خطأ ونقص وضعف:
تعرف عن نفسك أنك خاطئ, وتعامل نفسك كخاطئ. وإن عاملك الناس كخاطئ, تقبل ذلك, ولا تغضب ولا تتذمر, ولا ترد بالمثل, شاعرًا أنك تستحق ذلك، . وإن لم يعاملوك بحسب خطاياك بسبب أنهم لا يعرفونها, فعليك أن تنسحق من الداخل, وتشكر الله بقلبك على معاملة أنت لا تستحقها منهم, ولا منه لأنه سترك ولم يكشفك لهم..
إن كان الأمر هكذا, فالمتواضع لا يجرؤ مطلقًا على أن يمدح نفسه.
إنه لا يرى فقط أنه خاطئ وضعيف, بل انه أكثر الناس خطأً وضعفاَ, على الأقل بالنسبة إلى الإمكانيات التي أتيحت له ولم يستغلها. لذلك فهو لا يرى مطلقًا أنه أفضل من أحد, وإن بدا أنه الأفضل في نقطة معينة, فهو الأضعف في نقاط أخرى كثيرة يعرفها عن نفسه. ولهذا فهو لا يدين أحدًا.
بل إنه باستمرار يتخذ المتكأ الأخير, حسب وصية الرب (لو 14: 10).
وليس المقصود هو المتكأ الأخير من جهة المكان, إنما من جهة المكانة. وكما قال الشيخ الروحاني: "فى أي موضع حللت فيه, كن صغير أخوتك وخديمهم". وقيل "كن آخر المتكلمين, ولا تقطع كلمة من يتكلم لكي تتحدث أنت".."وحاول أن تتعلم, لا أن تعلّم غيرك وتظهر معارفك".
والإنسان المتضع يجب أن يعمل الفضيلة في الخفاء.
وذلك حسبما أمر الرب (مت 6). ولذلك لا يوافق الاتضاع مطلقًا, أن يتحدث أحد عما يقوم به من أعمال فاضلة, أو ما يحدث له من رفعة.
إن بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة, وسمع كلمات لا يُنطق بها, لم يقل إن ذلك قد حدث له, إنما قال "أعرف إنسانًا في المسيح يسوع.. أفي الجسد لست أعلم, أم خارج الجسد لست أعلم, الله يعلم.. أُختطف هذا إلى السماء الثالثة.. أُختطف إلى الفردوس. وسمع كلمات لا يُنطق بها" (2كو 12: 2 4).
إن الفضيلة في المتضع, مثل كنز مخفي في حقل.
وما أكثر القصص التي يحكيها لنا تاريخ القديسين عن أولئك المتواضعين الذين أخفوا فضائلهم, وأخفوا معرفتهم, بل أخفوا ذواتهم أيضًا. وعاشوا مجهولين من الناس, ويكفى أنهم كانوا معروفين عند الله. وكان ينطبق عليهم قول الرب في سفر النشيد "أختى العروس جنة مغلقة, عين مقفلة, ينبوع مختوم" (نش 4: 12).. كالقديسة العذراء مريم: كانت كنزًا للرؤى والاستعلانات. ومع ذلك ظلت صامتة "تحفظ كل تلك الأمور, متأملة بها في قلبها" (لو 2: 51).
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:35 PM
|
رقم المشاركة : ( 6 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
تطويب الآباء والقديسين للتواضع
-
بعض أقوال الآباء
-
أقوال عن التواضع (2)
-
بعض الأقوال عن الاتضاع (3)
-
من أقوال القديسين عن الاتضاع (4)
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:37 PM
|
رقم المشاركة : ( 7 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
بعض أقوال الآباء
* لما سئل القديس مقاريوس "أى الفضائل أعظم؟" أجاب "كما أن التكبر أسقط ملاكًا من علوه وأسقط الإنسان الأول, كذلك الإتضاع يرفع صاحبه من الأعماق". أليس هو المقيم المسكين من التراب ليجلس رؤساء شعبه" (مز 113) "أنزل الأعزاء عن الكراسى, ورفع المتضعين" (لو 1: 52).
* قال القديس أغسطينوس: المتواضعون كالصخرة, تنزل إلى أسفل, ولكنها ثابتة وراسخة.. أما المتكبرون فإنهم كالدخان يعلو إلى فوق ويتسع. وفيما هو يعلو ويتسع, يضمحل ويتبدد..
* وقد قدّم القديسون مثالًا آخر عن التواضع والكبرياء, فقالوا:
إن غصن الشجرة المحمل بالثمار, يكون منحنيًا من ثقل ما يحمل. أما الغصن الفارغ فيكون مرتفعًا!
وهناك تشبيه آخر وهو الأساس والبناء: فالأساس يعمل في اختفاء, وهو غير ظاهر, تحت الأرض لا يراه أحد. ولكنه يحمل البناء كله في إنكار ذات.. وفي نفس الوقت يقدّم البناء في كرامة. فيمدح الناس البناء لأنه ظاهر أمامهم. ويندر أن يفكر أحد في مدح الأساس المخفى.
* قال الأنبا موسى: تواضع القلب يتقدم الفضائل كلها. كما أن الكبرياء أساس الشرور كلها.
* وقال مار اسحق: الذي يعرف خطاياه, خير له من نفعه الخليقة كلها بمنظره. والذي يتنهد كل يوم على نفسه بسبب خطاياه, خير من أن يقيم الموتى.. والذي استحق أن يبصر خطاياه, خير له من أن يبصر ملائكة.
* وقال أحد القديسين: تشبه بالعشار لئلا تُدان مع الفريسى.
* وقال قديس آخر: إنى أفضل أن أكون مهزومًا باتضاع, على أن أكون منتصرًا بافتخار.
* وفي إحدى المرات قال أخ للقديس تيموثاوس "إنى أرى فكرى مع الله دائمًا". فأجابه: الأفضل من ذلك أن ترى نفسك تحت كل الخليقة.
* قال شيخ: الإتضاع خلّص كثيرين بلا تعب. وتعب الإنسان بدون اتضاع يذهب باطلًا. لأن كثيرين تعبوا فاستكبروا وهلكوا.
* وقال آخر: إن نزل الاتضاع إلى الجحيم, فإنه يصعد حتى إلى السماء. وإن صعدت العظمة إلى السماء, فإنها تنزل إلى الجحيم.
* وقال أنبا بيمن: "كما أن الأرض لا تسقط لأنها كائنة إلى أسفل, هكذا من يضع نفسه لا يسقط".
* قال مارأوغريس: إن الشياطين تخاف من المتواضع لأنهم يعرفون أنه قد صار مسكنًا للرب"،. وقال أيضًا "كما أن كثرة الأثمار تضع أغصان الأشجار, كذلك كثرة الفضائل تضع قلب الإنسان".
* سئل شيخ: "كيف أنه يوجد أناس يقولون إننا نرى ملائكة؟" فأجاب: طوباه الذي يرى خطاياه كل حين.
قال سمعان العمودى: "الاتضاع هو مسكن الروح وموضع راحته. والمتواضع لا يسقط أبدًا. إذ كيف يسقط, وضميره وفكره تحت جميع الناس..؟! سقوط عظيم هو الكبرياء. وعلو عظيم هو الاتضاع. فلنعوّد نفوسنا من الآن أن نتمسك بالإتضاع ونجعله لنا عادة, حتى إن كان قلبنا لا يشاء.
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:37 PM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
أقوال عن التواضع (2)
* قال القديس دوروثيئوس: في الواقع لا يوجد أقوى من التواضع, لأنه لا شيء يمكن أن يقهره.
* قال ماراسحق: الشجرة الكثيرة الأثمار, تنحنى أغصانها من كثرة أثمارها, ولا تتحرك مع كل ريح. والشجرة العادمة الثمر تتشامخ أغصانها, ومع كل ريح تتحرك.
* وقال أيضًا: مقبول عند الله سقوط باتضاع وندامة, أكثر من القيام بافتخار.
* قال أحد الآباء: لما اشتهى الإنسان الأول مجد الألوهية حسب قول الشيطان تصيران مثل الله (تك 3: 5), حينئذ فقد الإنسان مجد البشرية كما خُلقت على صورة الله (تك 1: 27).
* في إحدى المرات قال القديس يوحنا القصير للأخوة "من الذي باع يوسف الصديق؟" فقالوا له "أخوته". فقال "ليس أخوته الذين باعوه, لأن تواضعه هو الذي باعه. لأنه كان قادرًا أن يقول للذي اشتراه إنه أخوهم, ولكنه سكت, وباتضاعه بيع, وصار مدبرًا لمملكة مصر".
* قال القديس برصنوفيوس: إن هذه الفضائل الثلاث الآتية جليلة جدًا. ومن يقتنيها يستطيع أن يسكن في وسط الناس وفي البرارى وحيثما أراد. وهى: أن يلوم الإنسان نفسه, ويقطع هواه, ويصير تحت كل الخليقة.
* وقال أيضًا: إن المتضع كائن في أسفل. والذي هو في أسفل, لا يسقط. أما المتعالى فهو الذي يسقط بسرعة.
* وقال ماراسحق: من سعى وراء الكرامة, هربت منه. ومن هرب منها بمعرفة, سعت إليه.
* وقال أيضًا: كلما يحقّر المتواضع نفسه ويرذل ذاته, كلما تتوافر كرامته عند سائر الخليقة.
* وقال أيضًا: المتواضع لا يبغضه أحد, ولا يحزنه بكلمة, ولا يزدرى به. لأن سيده جعله محبوبًا عند الكل. كل أحد يحبه. وكل موضع يوجد فيه, فمثل ملاك الله ينظرون إليه, ويفرزون له الكرامة.
يتكلم الحكيم أو المتفلسف ويسكتونه. ويعطون فرصة للمتواضع أن يتكلم،. وآذان الجميع منصتة إلى منطق فمه, يفتشون على معنى فهمه. وكلامه حلو في مسامع الحكماء أشهى من الشهد لذوق آكله.
إن كان الإتضاع يعلى شأن الأمى والذي لا علم له, فالقوم الأجلاء الأماثل, كم كرامة تظن الإتضاع يسببها لهم!
* سئل القديس يوحنا الأسيوطى "من هو الإنسان الكامل في المعرفة؟" فأجاب: هو الذي يحسب جميع الناس أفضل منه.
* وقال أيضًا "إن عاملنا أنفسنا كخطاة, لا ندان كخطاةً.
وقال أحد الآباء: إن قال أحد لرفيقه "اغفر لى" وهو متضع في قلبه, فإن الشياطين تحترق.
* وقال القديس أوغسطينوس: على قدر ضخامة البناء الذي يُشيد, ينبغى أن يكون عمق الأساس الذي يُحفر إلى أسفل. وكلما يرتفع البناء, هكذا ينبغى أن ينخفض الأساس. فإذا كانت القمة عالية جدًا, وهي رؤية الله وملكوته وسمائه, يجب إذن أن نعمّق الأساس, ننزل إلى تحت بالإتضاع.. وهكذا ترى البناء أولًا تحت, قبل أن يكون فوق. والقمة لا ترتفع إلا بعد الإتضاع.
* وقال أيضًا: إن الاتضاع هو الفضيلة المعتبرة بوجه خاص في مدينة الله, إذ كانت بوجه خاص من مميزات المسيح ملكها. وهو أوصى بها سكانها أثناء غربتهم الحالية على الأرض. وبنفس الوضع تكون الكبرياء التي هي الرذيلة المضادة لهذه الفضيلة, وهي المسيطرة بوجه خاص على الشيطان مقاوم المسيح, هي المميزة لمدينة الشيطان.
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:39 PM
|
رقم المشاركة : ( 9 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
بعض الأقوال عن الاتضاع (3)
* وقال القديس بلاديوس عن إيمان أحد كهنة الأوثان: "وذهب وصار راهبًا. ومن بداية حياته تمسك جدًا بالاتضاع. وكان يقول: إن التواضع يستطيع أن يبطل كل قوة المعاند. كما سمعت من الشياطين الذين كانوا يقولون: كلما نثير الرهبان يتحولون إلى التواضع, ويعتذرون بعضهم لبعض. وهكذا يبطلون كل قوتنا. * وقال الشيخ الروحاني: ذخيرة المتضع داخله, أي الرب. وقال أيضًا: من لا يحبك أيها المتضع الطيب, إلا المفتخر والمتقمقم الذي أنت غريب عن عمله؟! تأملوا أولئك الجبابرة آبائنا: كيف طرقوا لنا الطريق, إذ لبسوا التواضع الذي هو رداء المسيح. وبه رفضوا الشيطان وربطوه بقيود الظلمة. * أنبا تادرس الذي كان بقيود صلاته يربط الشياطين خارج قلايته, كان يجعل نفسه آخر جميع الناس. ومن الخدمة الكريمة كان يهرب. * حقًا إن مسكن الله هو نفس المتواضع, كما قال القديس مار أوغريس: "يطأطئ المتواضع رأسه بروح منسحقة, ويصير مسكنًا للثالوث القدوس". * وقال القديس سمعان العمودي: الاتضاع هو مسكن الروح وموضع راحته.
* وقال مارافرام: نجاح عظيم وشرف مجيد هو الاتضاع, وليست فيه سقطة. * وقال ماراسحق: الاتضاع يتقدم النعمة. والعظمة تتقدم التأديب. أما عبارته الأولى, فتوافق قول القديس يعقوب الرسول "يقاوم الله المستكبرين. أما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع 4: 6). ذلك لأن المتواضعين إذا عملت فيهم النعمة ونجحوا, لا ترتفع قلوبهم بسبب نجاحهم, بل يقول كل منهم مع القديس بولس الرسول "ولكن لا أنا, بل نعمة الله التي معى" (1كو 15: 10). ويذكرون باستمرار قول الرب "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا" (يو 15: 5). بعكس ذلك المتكبر: فإنه كلما عملت فيه النعمة عملًا, ينسبه إلى نفسه فيزداد كبرياءً! أما قول ماراسحق "إن العظمة تتقدم التأديب, فلعله اعتمد فيها على ما قيل في سفر الأمثال: "قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18). ذلك لأن المتكبر حينما ينتفخ قلبه, تتخلى عنه النعمة فيسقط, حتى يشعر بضعفه فيتضع, ولا يعود ينسب كل نجاح إلى قدرته وكفاءته وذكائه.. ناسيًا عمل الله فيه! وأيضًا يسقط هذا المتكبر, لأن الله يقاوم المستكبرين كما قال الرسول (يع 4: 6)،.ولأن المستكبرين لا يضعون الله أمامهم, ولا يعطون مجدًا لله, كما فعل هيرودس الملك "فضربه ملاك الرب وصار يأكله الدود ومات" (أع 12: 23). هكذا تكون نهاية المتكبرين. * وللقديس أوغسطينوس تأملات في بعض المزامير الخاصة بالاتضاع: * مثل "قريب هو الرب من المنكسري القلوب, ويخلص المنسحقي الروح" (مز 34: 18). وأيضًا " الرب عالٍ ويعاين المتواضعين" (مز 38: 6), وكذلك "من مثل الرب إلهنا الساكن في الأعالي والناظر إلى المتواضعات في السماء وعلى الأرض. المقيم المسكين من التراب, والرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع رؤساء شعبه" (مز 113: 5 8). * فيقول القديس أوغسطينوس: سرّ عظيم يا أخوتي: الله هو فوق الكل. ترفع نفسك فلا تلمسه. تضع ذاتك فينزل إليك.. إن الله يسكن في الأعالي في السماء. هل تريد أن يقترب إليك؟ اتضع. لأنه على قدر ما ترتفع نفسك, على قدر ما يرتفع هو عنك. أنت تعلم أن الله عالٍ. فإن جعلت ذاتك عاليًا مثله, فسيبعد عنك.. الله عالٍ, ويعاين الأشياء المتواضعة في السماء وعلى الأرض. فهل هذه الأشياء المتواضعة التي يعاينها, هي ذات مسكنه العالي, لأنه هكذا يرفع المتواضعين. لذلك فهو يسكن في أولئك الذين يرفعهم إلى الأعالي, ويجعلهم سموات لنفسه.. إنه الرب العالي الساكن في قديسيه. فإن كان الرب إلهنا يعاين متواضعات أخرى في السماء غير التي يعاينها على الأرض, فإني أفترض أنه يعاين في السموات المتواضعين الذين دعاهم والذين يسكن فيهم. بينما على الأرض يعاين الذين يدعوهم لكي يسكن فيهم.
|
|
|
|
09 - 01 - 2014, 03:41 PM
|
رقم المشاركة : ( 10 )
|
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة التواضع والوداعة - قداسة البابا شنودة الثالث
من أقوال القديسين عن الاتضاع (4)
قال القديس دوروثيئوس: "الذي يبنى بيتًا, لابد أن يضع ملاطًا (مونة) على كل حجر. لأنه إن وضع حجرًا على حجر بدون ملاط, فإن الحجارة تسقط والبيت ينهار. فإن كانت الحجارة في بناء النفس هي الفضائل, فإن الملاط يكون هو التواضع. حيث أنه يؤخذ من الأرض, وهو تحت قدمي كل أحد.. وكل فضيلة تمارس بدون تواضع, ليست هي فضيلة". * وصدق القديس دوروثيئوس. لأن الآباء قد قالوا: كل فضيلة يعملها الإنسان بدون اتضاع, تكون طعامًا لشيطان المجد الباطل. * وفي ذلك قال ماراسحق أيضًا: كما أن الملح يصلح لجميع المآكل, هكذا هو الاتضاع لكل الفضائل. لأن بدونه باطل هو كل عمل وكل فضيلة. * قال القديس باسيليوس الكبير: التواضع هو الكنز الذي يحفظ جميع الفضائل.. * وقال القديس مارأوغريس:
"التواضع هو عطية من الثالوث القدوس. هو طريق الملائكة, ونار على الشياطين.. وهو غنى لا يُسرقْ. * ويتفق ماراسحق مع مارأوغريس في أن الاتضاع عطية من الله. فيقول "التواضع هو موهبة عظيمة. هل يمكن أن يكون إنسان هكذا "مرذولًا في عيني نفسه"؟! هل يستطيع الطبع أن يغير ذاته هكذا؟! لأجل هذا لا تشك أن التواضع قوة سرّية, حيث لا يتحايل إنسان أن يكون هكذا, بغير تغصب من كل قلبه. * وقال القديس أوغسطينوس: .. فلنتمسك بالاتضاع. إن لم يكن لنا حتى الآن. فلنتعلمه. وإن كان لنا, فلا نفقده.. ولنقبل في هذا العالم وصية الاتضاع, لكي نستحق في العالم الآخر أن نقبل الرفعة التي وُعد بها المتضعين. * قال مارأوغريس: الاتضاع سياج يحفظ الصاعد.. وهكذا إذا ارتفعت إلى علو الفضائل, فأنت تحتاج إلى تحفظ كثير. لأن الذي على الأرض إن سقط, فإنه يقْوم سريعًا. وأما الذي يسقط من العلو, فإنه يعذب إلى الموت. * قال مارافرام السرياني: فليؤدبك رسم الذي يكنس بيته: إذا يطأطئ إلى الأرض وينظفه. فكم بالأكثر يحتاج الإنسان أن يطأطئ باهتمام كثير ويتضع من أجل تنظيف النفس, ولا يترك فيها الأشياء التي يمقتها الله. * وقال أيضًا: في النفس المتواضعة يسكن الآب والابن والروح القدس.، وفي الكبرياء يسكن القائل "لأصعدن إلى السماء وأجلس في الجبل الشامخ, وأرتقي فوق الغيوم, وأصير مثل العلى" (أش 14). * وقال ماراسحق: * الذي يتكلم على المتواضع بالازدراء والاستهزاء, لا يحسبونه من الأحياء, بل كإنسان قد أطلق لسانه على الله. * وقال أيضًا: حتى الشياطين مع جميع شرورها وافتخار قلوبها إذا دنت من المتواضع, صارت مثل التراب, وبطُل شرها جميعه وكل حيلها وأعمالها. * وقال أيضًا: من ذا الذي لا يستحى من رؤية المتواضع؟! * قبل أن يظهر مجد التواضع, كان منظره المملوء قدسًا محتقرًا من كل أحد. أما وقد ظهرت عظمة الاتضاع في العالم كله, فإن كل أحد يوقر ويكرم هذا الشبه.
|
|
|
|
أدوات الموضوع |
|
انواع عرض الموضوع |
العرض المتطور
|
الساعة الآن 12:40 PM
|